آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-03:40ص

في وداع الأب الثوري لشبوة .

الأربعاء - 01 مايو 2024 - الساعة 07:52 م

عمر الحار
بقلم: عمر الحار
- ارشيف الكاتب


ودعت شبوة وفي موكب جنائزي مهيب الأب الثوري لها ، و عراب نظامها الجمهوري الاول والثاني المناضل اللواء احمد مساعد حسين رحمة الله تغشاه الى يوم الدين .
لا ادري كيف اهتديت لهذه المقدمة الخبرية المعبرة التي يستحقها الفقيد الخالد ، ورمز شبوة النضالي والجمهوري حتى النخاع ، وهي بنت اللحظة ووليدة الفكرة وثمرتها ، وانفتاح اخيله الذاكرة على افق من الابداع السماوي في جباة الكافرة المعجب بكنيتها الشهيرة ، ورجالها الابطال .
وكانت مراسيم تشييع القائد البطل الشهير  احمد مساعد اليوم في مسقط رأسه بلدة جباة  بمثابة استفتاء وطني ومحلي مباشر وكبير قل نظيره في تشييع العديد من اقرانه من قادة الثورة اليمنية ورموزها على المستوى الوطني ، ولم تحفل الذاكرة بصورة بهذا الحجم لحشدها المليوني المذهل ، التي لم ولن اصدقها ان لم اراها اليوم بام عيني على صعيد الوداع ، وعناقها لوجوه القادمين من مختلف محافظات الجمهورية و تميز محافظة ابين من بينها بموكبها المشارك و اللافت للنظر ، وبرمزية تظهر تكامل مواقفهما في كل المراحل والمحافل و الملمات . دون اغفال تكريس مشهد وداعه الكبير و المهيب لحقيقة و مكانة هذه الشخصية الوطنية الاستثنائية في التاريخ السياسي و الثوري الحديث لشبوة والوطن على الرغم من الدعاية المضادة له و بعمر نضاله الثوري الطويل ، واجتهاد البعض منها في ربطها بصورة الخالدين في تاريخ المشاهير من مجرمي الانظمة الدكتاتورية و سفاحييها و ايغالهم في تشويها و محاولة  ترسيخها في الاذهان وتشبيهها بصورة ستالين تارة ، وحجاج العرب تارة اخرى .
ولعمري ماتلك الا فرية كبرى و ظلم شديد تدحضها صورة وداعه اليوم و هي على العكس تماما مما يزعمون ، فقد كرمه الله بهذا الوداع المليوني المذهل الذي يمثل حجة قاطعة عند جمهور السلف الصالحين عليهم صلوات و سلام رب العالمين ، وخلقه اجمعين في سجالهم و استدلالهم بمستوى حضور الجموع يوم الوداع كحقيقة آلهية مجردة و خالية من كل مظاهر الزيف و التملق لاي منهم ، ترتقي ببراهين اليقين على ماجاء في حديث الصادق الامين ، من حبه الله فقد احبه اهل السماء والارض ، بشهادة جبريل عليه السلام .
وسبق ان كتبت عن جدلية السلف الخالدة في عدة مقالات ومنها مرثاتي في الفقيد بالامس ، وان جأت بمقام النثر والادب السياسي المعروف بمفرداته الوجدانية الخاصة ، والذي لايجيد قراءته الا الخاصة ايضا .
وقد لايصدق القارئ الكريم بان معرفتي بالخالد الفقيد ، و الشجاع العنيد ، الذي شغل الناس والدنيا على مدار خمسين عامٍ او تزيد لا تتعدى ثلاثة اعوام فقط ، فيما لم تتجاوز لقاءاتي به عدد اصابع اليد الواحدة ، استطعت من خلالها التغلغل بسرعة البرق الى اعماق اعماق الرجل وتجوال بحرية فكرية فيها ، واتمكن من فتح مغاليق  قلبه الابيض الناصع البياض  و الابوي بكل ماتعني الكلمة من معنى ، لدرجة تأمين حصولي على ما اريد معرفته عن شخصيته القيادية المهابة والعذبة الغامضة في عيون الناس  ، وبالفعل تمكنت من  تكوين رؤية عميقة عنها مجافية ومناقضة لمخزونها في الذاكرة ، ولا اغالي في كشفها و مصارحة الناس بها بعد لقائنا الثالث على التوالي ، في مقال انطباعي  كتبته  بطريقة تحليلة ، اولية مقاربة للحقيقة ، وكان له تأثيرا سحريا على نفسية الاب الفقيد ، مما سارع باستدعائي في ذات اللحظة الفارقة من وجهة نظري لانبهاره واعجابه بما كتبت ، و تقديم عرضه الذهبي الثمين بضرورة الترتيب لكتابة مذكراته . لكنها الاقدار سهام ليل لاتخطئ رميتها ، غادر المحافظة ، ودخوله في سلسة من المتاعب الصحية الدالة على رحمة الرحمن الذي وجدته يسكن قلبه الابوي الكبير ، وان بطريقة ثورية يحبها الله كثيرا ، خذها بقوة ، وقد اخذ  هذا القائد الوطني والاستثنائي  امانة المسؤولية بقوة ، وربما استشفيت سر محبة الله الخفية له والتي لم تظهر الا في وداعه الكبير اليوم ، لسابقة عملها في حياته يحبها الرب ، و اكسبه محبة عباده بصورة لا تقبل الشك . وربما عمل الرجل بشجاعته المعروفة ، وفراسته المبكرة في دفع الكثير من مساوي وماساي النظام الماركسي المتطرف عن شبوة ، متحكما في حصتها من جرعات العذاب التي نالتها الى حد المعقول ، وكتبت له شفاعة عند رب العالمين الى يوم الدين .
ولا اجاف الحقيقة بالقول مجددا  باني وجدت الله في قلب المناضل احمد مساعد حسين ، و يسقي جنباته بفيض من النور الالهي الخفي و الحب و الجمال و الشعر المجسد لروح انسانيته السامية في اعلى مراتبها وان ظلت مجهولة من الناس .

              ( عتاب )

ولقد اشتعل صعيد وداعه اليوم بصب جام غضب الجموع المليونية  الغفيرة على قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي ، الذي اعلم مقدار احترامه لشخصية الراحل الفقيد رحمة الله عليه ، ولا اعلم باسباب تقاعسه عن ارسال طائرة تقل جثمانه من دولة عمان الشقيقة الى ارض الوطن ، كشهادة وفاء وطني و فرض واجب لواحدٍ من ابرز قادة الثورة وحماة نظامها الجمهوري الاول والثاني ومات  عليها ولم يتبدل تبديلا .
فياليت فخامته بادر بارسال طائرته الخاصة لنقلها بدلا من اتهامه بنكران جميل رجلا بحجم هذا الثائر الوطني الغيور اللواء احمد مساعد ، والتطاول على شخص فخامته ومقامه الوطني والعلمي الكريم  ، ووصفه باقذع عبارات سادية حادة ، وتوجيه اصابع الاتهام الجمعي له  باستمتاعه  بطول رحله وداع المناضل احمد مساعد حسين في فيافي وبراري وصحاري عمان ، و اكبر ثلاث محافظات شرقية من اليمن والممتدة لقرابة 48 ساعة ، لدرجة مقارنتها بطول رحلة عذابه في خدمة الوطن بجهل وتجاهل مبين لها .
واكدوا بلسانٍ  و طنيٍ مبين  الموت السريري  للشرعية على الارض بصورة مغايرة لوجودها في كشوفات المرتبات ، و تداولاتها البينية للاوراق الرسمية .
ونتطلع ان يبادر مكتب فخامة الرئيس حفظه الله بالعمل على ازالة هذا البس والاحتقان من  نفوس الجموع الغفيرة من ابناء اليمن بكل اتجاهاته الجهوية  المشاركة اليوم في وداع فقيد شبوة والوطن ، المناضل اللواء احمد مساعد حسين ، رحمة الله عليه .

             (خاطرة )

حجت جموع الشعب حجت
لقبره اليوم ، وصلت
ودعت اله العالمين
يغفر لقائدنا الامين
احمد مساعد بن حسين