آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-02:06ص

صلاة أخيرة

الثلاثاء - 27 فبراير 2024 - الساعة 12:07 م

خالد لحمدي
بقلم: خالد لحمدي
- ارشيف الكاتب


ما بينَ وعدٍ وحلمٍ وتشوّق لّلقاء .
ما بين جرحٍ وصمتٍ وفصول ملأى بغيوث البكاء ، يتزايد صقيعي وخوفي فأسعى لإحتوائك وقد رحلت القطارات والأرصفة وأنا واقفاً انتظر .
تشابهت مسالكي ولم أعد ادرك زمني فأعددت حقائب شتاتي حين ضاقت دروبي وتعثّرت خُطاي .
أُناديكِ بشغفٍ :
- حبيبتي .
إن اللذين حولي لا أُريدهم ولا أرغب سواكِ .
بداخلي فراشات تُسافر نحو ضيائك ، لا تخشى الموت وحرائق اللهب .
تتشهّى الأماني خلف خريف الضباب . يضطرم جنوني وتقف أسئلتي بين التخوّف والرجاء ، وقد أوشكتِ على مغادرة كهوف ليلي وعيناي ممسكة بخيوط الصباح .
تَمرُّ بذاكرتي تعرّجات جسدك التي توشك أن تغادرني فتزف حينها روحي جبالاً من المقتِ لا تعبأ بالصخب وهمهمات النساء .
أدعو بصوت منكسر :
- أنتِ لي .
دعي شيخك الهرم ينهشه الخرف والخواء .
كارثة حين تُقبّل الريح وجه الماء ، وينتهك الليل سدرة النجوى ويغتصب بكارة النرجس بجرم وازدراء .
كان يُمكنُكِ أن تعملي شيئاً لأجلي .
فقط ، تلفّعتي بالجبن وبعض النواح . وذئب الفحولة ينهشكك بعهر وانحدار . وزاد وجعي حين قلتِ لي ذات مساء :
أحبّكَ وسأكون لك واشتعلُ شوقاً إليكَ .
فلأجلك سأترك عالمي وأعيش عالمك ، سأكون ملكك تصنع بي ماتشاء .
وأؤكد لكَ أنني سأحرق عباءتي وأُحطّم هاتفي الخلوي في أول ليلة آتي فيها إليك .

كنت أُصدّقك ولكن ماذا حدث ..؟ لا تستطيع قوة أن تُجبرك في العودة اليه .
أبوك وأخوتك يفرشون لك مضايق الهزيمة والانكسار .
لم أنس حين قلتِ لي تعبت جداً ، حاولت بكل الطرق وفشلت في أن آتي إليك .
لم استطع أن أعمل شيئاً .
كان صغيري يأخذني نحو عوالمه ، وروحي تستحث الموت وتستجدي الخلاص .
أنتِ لا تدركين مدى وحشتك وفقدك ، وتزايد حُبكِ بداخلي .
فلأجلك أقلعت عن السجائر والسهر والفودكا ، حين رأيت فيكِ تباشير حُلمي وعمري المُخضّب بالنور والياسمين ، وهاأنا الآن أشعر بثقل الحياة وقسوتها ، وصار كل شيء حولي سراب وفراغ .

هاهي أوراق خريفي تودّع عواصفها ، فأُرتّل صلاتي الأخيرة ، واحتفل بكرنفال الحقيقة تحت شمس قاسية ، تشاركني تفاحة الغواية فتنة الاستجداء .