آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:20م

اليمن في الصحافة


اليمن: الريشة والألوان لأجل المفقودين ومحاربة الفقر

الجمعة - 18 أبريل 2014 - 11:16 ص بتوقيت عدن

اليمن: الريشة والألوان لأجل المفقودين ومحاربة الفقر
انطلقت الحملة منتصف مارس من العام 2012 واستمرت حتى منتصف يونيو من نفس العام.

صنعاء((عدن الغد))هنا صوتك :

 

إذا زرت صنعاء فتمعن في جدرانها، وإذا كنت من سكانها فقد تساعد في العثور على أحد المخفيين قسراً، والذين أصبحوا ضحايا لموجات الصراع الطويلة بين القوى اليمنية، ولم يبق من ذكرهم سوى صور كربونية. تمتلئ جدران المدينة القديمة والحديثة على السواء برسومات مختلفة ضمن حملات متلاحقة انتعشت عقب الاحتجاجات التي اندلعت مطلع العام 2011 ضمن ما عرف بالربيع العربي، والتي انتهت في اليمن بصفقة لتقاسم السلطة، دعمتها قرارات من مجلس الأمن الدولي لتثبيت التسوية.

 

ضد الحروب:

 

ظهرت أولى الحملات الجدارية بعنوان "لون جدار شارعك"، وجاءت عقب الحرب التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء بين أنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والشيخ القبلي البارز صادق الأحمر، والتي خلفت دماراً في عدد من أحياء صنعاء كان أبرزها حي الحصبة.

 

انطلقت الحملة منتصف مارس من العام 2012 واستمرت حتى منتصف يونيو من نفس العام، واعتمدت الرسم بألوان زاهية على الأغلب، يفتخر مطلق الحملة الفنان التشكيلي مراد سبيع إن الحملة التي استهدفت الجدران التي تضررت من الحرب "تميزت بمشاركة جماعية من فئات عمرية مختلفة بينها الشباب والأطفال، والنساء، وحتى الجنود".

 

"فكرة الحملة امتدت لاحقاً إلى المدن اليمنية الأخرى، على الرغم من بساطتها إلا أنها أحدثت تأثيراً لاحقاً عندما بدأت الفكرة تتناسل هنا وهناك في المدن اليمنية الأخرى"، يقول سبيع مضيفا: "شهدت المدن اليمنية الكبرى حملات فنية على غرار لون جدار شارعك، وهذا الأمر أسعدني كثيراً". أنهت الحملة الأولى نشاطها بعد ثلاثة أشهر من الرسم المتواصل على جدران مدينة صنعاء، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة، وبعد أشهر بدأ سبيع ورفاقه في استثمار نجاح الفكرة لتدشين حملات أخرى.

 

بحثاً عن مفقودين:

 

نجحت إحدى هذه الحملات الجدارية في إعادة شخص على الأقل إلى أسرته بعد أن عثروا عليه مريضاً وفاقداً لجزء من ذاكرته التي امتلأت بأنشطة سياسية شارك بها حين كان معارضاً يسارياً في سبعينات القرن الماضي، كانت الحملة هذه المرة بعنوان "الجدران تتذكر وجوههم"، واستهدفت 102 من المفقودين والمختفين قسرياً، وإضافة إلى نجاحها في الوصول إلى أحد المفقودين، قلصت المسافة بين أسرتين وشخصين مفقودين آخرين.

 

يقول الفنان التشكيلي مراد سبيع لـ"هنا صوتك": "استمرت الحملة سبعة أشهر عبر فريق رائع، بعض الوجوه تكرر رسمها حوالي عشر مرات، وامتدت الحملة من جدران صنعاء إلى جدران مدينة إب، وتعز، والحديدة"، وشملت الحملة صور مختفين أو مفقودين من الشمال منذ العام 1978، وآخرين من الجنوب عقب حرب العام 1994 التي انتهت بدخول قوات الشمال إلى عدن. وكانت حملة المفقودين قد ابتدأت في سبتمبر من العام 2012، ويعتبر سبيع أن "قضية المختفين قسراً وجع دائم إلى أن يتم إيجاد حلول لهذه القضية الموجعة".

 

سلسلة حملات:

 

خلال تسع ساعات موزعة على تسعة أشهر رسم فنانون تشكيليون في العاصمة اليمنية صنعاء رسوماً للتعبير عن تسع قضايا مختلفة ضمن حملة جديدة أطلقوا عليها اسم "12 ساعة" وتتبنى 12 قضية مختلفة، لاتزال مستمرة. يقول سبيع، وهو مطلق هذه الحملة الثالثة في الرابع من يوليو من العام 2013 إن "حملة 12 ساعة تناولت في التسع الساعات الماضية قضايا السلاح، الطائفية، الاختطاف، العبث بالوطن، طائرات الدرونز، الفقر، الحروب، ضحايا مجزرة العرضي، و تجنيد الأطفال"، ويضيف: "تناولنا هذه القضايا عبر الرسم الجماعي لكل قضية ونشارف على الانتهاء منها في ظرف عام، يتم التجهيز بشكل جيد للعمل لكي ينقل إلى الناس بشكل جيد أيضاً".

 

نجاح جماعي:

 

يعود نجاح الحملات رغم تعرضها أحياناً للقمع الأمني، أو المضايقات، إلى الاحتضان الشعبي لها، خصوصاً بعد النجاح الذي حققته الحملة الأم "لون جدار شارعك"، والتي أنجبت لاحقاً الحملتين التاليتين.

 

يعتبر سبيع أن "فضل نجاح فن الرسم على الجدران في اليمن يعود إلى المشاركة الجماعية لليمنيين، وللرائعين من الشباب والشابات الذين عملت معهم خلال الحملات الثلاث"، ويضيف: "الحملات ساهمت في جعل الفن عام وللجميع، فهو في الأول والأخير من الناس وإليهم"، مؤكدا أن "للفن رسالة واحدة هي السلام".

 

من: انيس البارق