آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-06:46ص

صفحات من تاريخ عدن


محازي رمضان 8 : المُسحراتي العدني والحجة فطوم

السبت - 05 يوليه 2014 - 02:02 ص بتوقيت عدن

محازي رمضان 8 :  المُسحراتي العدني والحجة فطوم
المسحراتي الأول في تريم حضرموت العم (فرج عنكيز) رحمه الله .

عدن((عدن الغد))خاص:

 

كتب : محمد أحمد البيضاني


قالت الحجة فطوم كان الناس في عدن في الأربعينات يناموا بدري حوالي الساعة 11 مساء ولم يكن هناك راديو أو تلفزيون - ينام الناس ويأتي المسحر بالطبل وصوته الجميل ينطلق في الحافه يصحي الناس للسحور - اليوم الوقت تغير تسهر الناس إلى الفجر - ولكن المسحر ما زال يطوف الحوافي . نقول : هنا العظمة في المحافظة على التراث .. مودتي



المُسحراتي العدني .. والحجة فطوم : 



يا حجة فطوم هناك في الشرق عادات وتقاليد في غاية الأهمية وبقاء هذه العادات هي النبراس المضئ في حياة الشعوب ، كانت عدن بلادي فيها فيض من العادات والتقاليد وها أنا أقترب أكثر من 7 سنوات أكتب كل ما مر بي في طفولتي وشبابي وهذه آخر مهمة لي في حياتي ، أكتب كل هذا من الذاكرة واليوم كل ما أكتب ينشر ويوثق وأشعر بالسعادة أن بعض الأخوة الكرام يقوموا بإرسال هذه المقالات إلى الكثير وأنا أعمل ذلك وأرسل إلى ما يقارب 300 قارئ – إخواننا وأصدقائنا في المهجر ، نحاول نجد الفرصة لكي يطبع ذلك في كتب قريبآ . كانت عدن بلادي تتحول إلى كرنفالات - إنها عدن بلد العيد ، كان الناس ينتظروا رمضان لأنه شهر الخير والمحبة ويحقق أمنية كل إنسان ، وتختلف الأماني بإختلاف المكان والزمان ، ولكن تبقى فرحة الطفولة في قلب كل طفل . لقد تحول ليل القاهرة إلى شموع وفوانيس رمضان ، والبهجة في كل مكان .

 

قيل لي قديمآ إن رمضان في مصر رائع –إنه الجمال والفرحة والبهجة .. حقيقة وفعلآ .

 


قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري ، وبا أجيب لك حُولايه لبنيه مع الفروت وبعدين حازيني من محازي رمضان. قلت لها سمعت الليلة صوت المُسحراتي في الحارة - في القاهرة وشعرت بالسعادة بالرغم إن الحارة تبقى ساهرة إلى بعد الفجر ولكنه البقاء على التقاليد سبب عظمة الشعوب.

 

كان عندنا في عدن يقال له "المُسحر" وقد سمعت المُسحراتي في دمشق أيضآ، ولم أسمع المسحراتي في السعودية أو الخليج. ويمر المُسحراتي على الحواري كل ليلة ، وفي يوم العيد يلبس المُسحر الثياب الجديدة والعمامة ويحضر إلى البيوت ونقوم عيال الحارة في زفه مرافقة المُسحر إلى بيوت الحارة وهو يغني أغنية جميلة لم تنمحي من ذاكرتي 60 سنة : الأغنية تقول : أعطوا للمُسحر عادته .. با يلحق أمه وخالته. وتقوم أمهاتنا بإعطاء المُسحر هدية العيد من حلوى وملابس ونقود فيفرح بها المُسحر ويدعو لأهل الحارة بدعاء جميل : من العايدين .. من العايدين .. إن شاء الله بخير وفائزين.

 


يا حجة فطوم منذ أيام كنت أسير في شوارع القاهرة ورأيت محل يبيع الساعات القديمة ومنها الساعة المنبه المشهورة " بيج بن " وهي أبشع منبه في تاريخ الساعات ، فضحكت كثيرآ . يا حجة فطوم كان لها جرس زي سيارات الحريق .. المطافي ، كان جرس تلك الساعة الرهيبة ممكن أن يصحي من النوم ثور قد نام 3 أيام متواصلة ، كان يصحي جميع أهل المنزل ونصف سكان الحارة . قالت الحجة فطوم ايش من ساعة فشعه هاده خلت نص أصحاب الحافه مجانين وهي تفشعهم من النوم.

 

يا حجة فطوم بالرغم إن الناس في عدن في أواخر الأيام قد أشتروا هذه الساعة الفاشعه إلا أن عادة المسحراتي أستمرت في التواصل مع الناس ، صوت المسحراتي يدخل البهجة إلى القلوب وكثير من الأغاني والقصص الشعبية قد أشارت إلى شخصية المسحراتي التي ستبقى في الحواري إلى الأبد . كنت أشعر بالسعادة عند كل فجر في دمشق وحتى في الليالي الباردة والمسحراتي يطوف في الحواري .. يذكرني ببلادي عدن الجميلة وأهلي وأصدقائي وحارتي - حارة القاضي وطفولتي.

 


قالت الحجة فطوم ايش من سحور تشتي يا محمد . قلت لها خمير موفى وفول مُكشن.

 


 كاتب عدني ومؤرخ سياسي  - القاهرة