آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:01م

أدب وثقافة


قراءه نقدية في رواية (ذاكرة الجسد)

الثلاثاء - 15 يوليه 2014 - 03:16 ص بتوقيت عدن

قراءه نقدية في رواية (ذاكرة الجسد)
رواية (ذاكرة الجسد)

عدن(عدن الغد)خاص:

كتبت : نوال باقطيان

اثارت رواية ذاكره الجسد الكثير من الجدل فور نشرها عام الفين ويعود هذا الجدل حول هوية كاتب الرواية والتشكيك بهويه الكاتبة والمكتوبة على غلاف الرواية فتارة تنسب الرواية الى الشاعر السوري نزار قباني وتارة اخرى تنسب الى الشاعر العراقي سعدى يوسف وعلى الرغم من هذا التأرجح بهويه الكاتب استطاعت احلام مستغانمي ايجاد ارضية صلبة لروايتها بين الروايات العربية الاخرى.

 

 واثبات جدارتها كروائية موهوبة حيث تعد الرواية من اشهر الروايات العربية المعاصرة والتي تسلط الضوء على الواقع الجزائري ابتداء من الثورة الجزائرية وبعد الاستقلال.

 

 وقد تميزت الرواية بعد ه مميزات اهمها كون اول الروايات الجزائرية والنسائية والتي حرصت الكاتبة على كتابتها باللغة العربية الفصحى الى جانب تعبيرها عن الهوية العربية لتجتاز العقدة الجزائرية من اللغة العربية وتسليط الضوء على الارث البطولي لبلد سمي ببلد المليون شهيد وآخرها تعبيرها عن انفعالات وطموحات بطل الرواية خالد في حرب تحرير الجزائر والتي تدور حوله القصة فاستطاعت الكاتبة على الرغم من كونها امراْه التعبير عن شخصيه الرجل العربي بسماته الشخصية بدقه متناهية.

 

 

وتروي القصة احداث حرب التحرير وبعد التحرير من خلال تسليط الضوء على بطل الرواية خالد والذي يفقد ذراعه اليسرى اثناء مواجهته مع الاحتلال الفرنسي ليكرم بعد فتره وجيزة بإعطائه منصب اداره احدى دور النشر في الجزائر ليصبح بعدها الى شرطي يتجسس مابين الاسطر حتى يلتقي بزياد خليل شاعر فلسطيني الذي يقلب حياه خالد رأسا على عقب خاصة بعد موقف زياد الرافض لحذف بعض الابيات الشعرية من قصائده والتي تنال من بعض الحكومات العربية والذي يصبح بعد هذا الموقف صديقا حميما لخالد ليترك بعدها دور النشر وينتقل الى فرنسا بعد احترافه الرسم وزجه بالسجن في الجزائر بتهمه الخيانة ليعود بعدها الى احضان محتله بالأمس ليتعرف هناك على بطله الرواية احلام ابنة صديقه المناضل سي طاهر والذي تولى مسئوليه تسجيلها بهذا الاسم الذي اوصاه به سي طاهر قبيل وفاته في العركة الاخيرة والذي ظل خالد يلهج لسانه بالاسم فيخال من يسمعه انها اخر عمليه كلف بها .

تكبر هذه الفتاه ويتعرف عليها فيقع في غرامها منذ اول زيارة لها لمعرضه وهي الطالبة والكاتبة التي قدمت الى فرنسا لإكمال دراستها تكريما لأبيها الشهيد سي طاهر .

 

 يقع خالد في دائرة الشك بعد تعرف احلام على زياد ويشك في حبها له وذلك لإبداء اعجابها الدائم لزياد وتقربها له.

 

بناء الرواية يسلط بطل القصة خالد الضوء من خلال قصته بصوره با نو راميه لماضي ومآثر وحاضر الجزائر في فتره الثمانينيات وذلك بصوره نقدية للأوضاع بعد تحريرها من انتشار النزعة الاستهلاكية الى ابتعاد الحكومة عن روح مبادئ الثورة الى الاضمحلال الفكري والثقافي للشعب الجزائري ليصبح النقد فضفاضا يتسع لنقد سياسات الجرائد الى محدودية دخل الموظفين الحكوميين والتي يتجسد في شخصيه اخو خالد احسان والتي تشكو زوجته معتوقة في احدى الاتصالات مع خالد من تهالك اثاث المنزل وكثره الاطفال وهو المدرس ذوا لدخل المحدود والذي يفي راتبه الشهري بسد رمق اطفاله وكذا تسليط الضوء على الحركة الاسلامية المتنامية والذي يجسدها ناصر شقيق احلام والتي خذلته الحكومة بمنحه احنه ومتجر لبدء حياته التجاريها  عترافا بمناقب والده والذي ينتهي به المطاف باعتزاله الناس واعتكافه في المسجد .

 

 الرواية تعبر بشكل عام عن انحسار نفوذ اليسار الذين شاركوا في حربا لتحرير والتي عبرت عنه الكاتبة بفقدان خالد لذراعه اليسرى وبروز الطبقة البرجوازية والتي تتحكم بمقاليد الحكم وظهور التيار الاسلامي بأسلوب مركب من المذكرات الشخصية خاصة اذا علمنا ان احلام مستغانمي ابنه احد شهداء التحرير وبين المقال النقدي والسرد البانورامي بلغة تعبيرية دقيقة وقوي هو غزيرة وأحكام بمقاليد السرد بطريقه دائرية كابتداء احداث القصة خالد وهو يحاول ان يكتب في منزل شقيقه احسان المتوفي وانتهاء القصة به وذلك من خلال توظيف الفلاش باك وتوظيف ( المونولوج) الحديث الداخلي ليضفي عمقا لشخصيه بطل الرواية.

 

 

المرأة الرمز :

 

استعانت القاصة بروايتها بشخصيه مرآتين بارزتين من خلال سياق القصة للرمز للوطن من خلال شخصيه احلام الفتاه الجزائرية الفاتنة وتمثيلها للوطن جزائر في عده مواطن من خلال علاقة خالد بأحلام وتعلقه بها ذلك تعبيره للحنين للوطن وخوفه من سقوطه بأيدي اخرين لتسقط اخيرا عروس لأحد التجار الفاسدين لتمز القاصة سقوط الجزائر في ايدي الفاسدين .

 

 اما ثاني هاتين المرأتين علاقته بكاترين وبداية تعرفه عليها عندما لم يستطع رسم جسدها وهو الرجل الشرقي ليقدم لها اعتذار برسم وجهها وعرضه في معرضه والخوض بعلاقة حميميه معها لترمز القاصة علاقته بكاترين التي تنحسر بعد حبه لأحلام ليبرر ذلك انه عاجز عن حب كاترين المرأة التي تعتمد على الطعام الجاهز وذلك رمز العلاقة خالد بفرنسا المضطربة وان كانت فرنسا منفى اختياريا له.

 

نهاية القصة :

 تنتهي القصة عندما تتشابك العلاقات بين حياة وخالد وزياد ليدخل دائرة الشك فيقرر زياد العودة الى لبنان ومواصلة نضاله هناك فينتهي به المطاف باستشهاده فيأخذ خالد مسوداته التي تركها لديه ويعيد ترتيبها وبقوم بنشرها تخليدا لذكراه وتتزوج احلام من تاجر جزائري فاسد ليعيش خالد على بقايا حب تساقط مثل حبات الرمل من بين يديه وذكرى صديقة زياد الذي قدم نفسه فداء للوطن .

 

 تعد القصة من اجمل الروايات التي عبرت عن الآمال العريضة للشعوب العربية وذلك من خلال تركيزها على قصة حرب التحرير والحقبة التي بعدها لتصبح هذه القصة ذاكرة اجساد افنوا انفسهم فداء للوطن بل انها ذاكرة اوطان مازالت الى يومنا مثخنة بجراح الاحتلال والخيانة.

 فالرواية تستحق اعادة النظر في قراءتها والكتابة عنها والتمحيص في الصور التعبيرية التي ابدعت القاصة بتصوير احداثها.