آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-08:59م

ملفات وتحقيقات


تقرير :هل يؤثر الصراع السياسي في الشمال على مستقبل القضية الجنوبية ؟

الخميس - 17 يوليه 2014 - 03:13 ص بتوقيت عدن

تقرير :هل يؤثر الصراع السياسي في الشمال على مستقبل القضية الجنوبية ؟
جنوبيون يرفعون علم الجنوب خلال مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء العام 2013

كتب / غـــــــــازي العلــــــــــــــــــوي

صراع الزعامات في الشمال قديم جداً ويزيد عن الألف ومائتين سنة , وخاصة شمال الشمال حيث كان الصراع القبلي المرتبط بالزعامة ومختلطاً بالسياسة خاصة بين أقوى قبيلتين في اليمن وهما تجمع قبائل بكيل وهي الأكثر وتجمع حاشد وهي الأقل عدداً ولكنها الأكثر تماسكاً وتنظيماً , وكلاها تنتمي الى همدان بن زيد , وعندما اشتد التناحر بينهما اضطروا في القرن الثالث الهجري الى استقدام السيد يحى بن الحسين ابن القاسم الرسي ،من الرس في نجد وليس الرس بإيران , في البداية كمصلح ثم إماماً وحاكماً لهم ولقب نفسه بالهادي الى الحق , وسميت الدولة بالهادوية ومقرها صعده .


دولة الأئمة الزيدية اعتمدت في القوه العسكرية القتالية على قوة قبائل ذو محمد وذ وحسين البكيلية , وعوضاً عن التناحر الداخلي في شمال الشمال صغير المساحة وجهتهم دولة الأئمة للتوسع خارج حدود حاشد وبكيل الضيقة , ونتيجة لذلك تم تشكيل دولة قوامها حاشد وبكيل ورأسها الأئمة وبعدها نشأت الخبرة والمطابخ السياسية وخلال اكثر من الف عام تكونت الخبرات والحنكة السياسية .


- كيف جاءت زعامة آلا الأحمر القبلية ؟


زعامة آل الأحمر القبلية جاءت متأخرة وبعد انهيار دولة الامام إسماعيل بن القاسم وأحفاده التي
انهارت وتفككت بسبب تعدد الأئمة الداعين لأنفسهم وذلك في أواخر القرن السابع عشر رغم انها هي التي أجلت الاتراك عن اليمن في 1661م ورغم توسعها أي الدولة القاسمية ،نسبة إلى إسماعيل بن القاسم وقد شملت آنذاك كل اليمن وعمان وأجزاء من السعودية , وكانت الرياسة القبلية قبل آل الاحمر في أسرتي آل الدعام وآل الضحاك ثم آل ابوفطيمة .


- تأسيس الهوية اليمنية !


في عهد آل حميد الدين وهم الحوثة حاليآ أجلى الإمام يحى الأتراك بعد عودتهم الثانية التي جاءت في أواخر القرن الثامن عشر , بينما كان دخولهم الاول في 1538م بعد طرد الاتراك الطرد الثاني في 1918م من قبل الامام يحى توسع جنوباً وغرباً نحو تعز وتهامة وهو أول من أسس للهوية اليمنية بعد أن كانت المملكة المتوكلية وطالب بريطانيا بتسليمه الجنوب في حين انه لم يطالب باسترجاع نجران وجازان وعسير من السعودية بعد هزيمته في 1934م قلص الامام يحى نفوذ آل الاحمر والذي سبق التقديم انهم انما تزعموا حاشد في نهاية القرن السابع عشر فقط بعد قيام حركة سبتمبر 1962م وبعد قتال ملكي جمهوري دام ثمان سنوات أي ضعف الحرب العالمية الاولى توصل الطرفان الى اتفاق بالمناصفة في الحكم والاكتفاء بخروج السلال ومحمد البدر خارج البلاد .


- صالح والأحمر وبداية اللعبة السياسية في إقصاء خصومهم !


استمرت المناصفة بين مشا ئخ الجمهورية المزيفين ومشائخ الملكية مع الإقصاء للشوافع وهم معظم قوى الثورة الحقيقيين من البيضاء ومأرب وتعز ولما جاءت فترة صالح بدأ الإعداد لمرحلة جديدة من الإقصاء أولاً للمذهب والفكر الزيدي بالاتفاق بين رجال المملكة والمملكة وتحت حجة محاربة المد الشيوعي من الجنوب ترافق ذلك تدفق المال والسلاح وبسخاء وتم التغاضي عن تأسيس معهد دماج بصعدة وهي معقل الزيدية وفتح فروع له في محافظات الشمال وفي ذمار بالذات وهي كرسي الزيدية وتبع ذلك بالتدريج توهيب قبائل زيديه .نسبة الى الفكر الوهابي , وكانت تلك هي مقدمة زرع بؤر التكفير والإرهاب سنحت الفرصة لعلي صالح وعبدالله الاحمر فأخلوا بشراكة الملكي الجمهوري .


- صراع الشريكين !


وفيما بعد قام علي صالح بإزاحة وتقليص الاحمر منذ عاك19970م بعد استفادته من ثروة الجنوب ثم اتجه لتكثيف دور سنحان وآنس في مفاصل الدولة وخاصة في الجيش والأمن محاولاً التخلص من عبء حاشد ثقيل الكلفة , وجاءت فكرة انشاء حركة الشباب المؤمن وهي الحركة الزيدية الشابة والتي كان صالح يريدها قوة تصارع شيوخ السلفية الكبار وكذلك مرجعيات الزيدية الكبار, وجاءت النهاية للطرفين هما صالح والإخوان وبينما كان هدفه القضاء على السلفية ومرجعيات الزيدية من خلال الفتنة بين الطرفين ثم يأتي بعد انهاكهما كوسيط ومصلح ثم يسهل له التوريث بعد تأسيس المملكة الصالحية بثوب جمهوري مزيف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن , وحققت الحركة الحوثية تقدم وذهب صالح والسلفية والحوثي اليوم يفرضن شراكته المستقبلية من خلال السيطرة على اقليم أزال وتوسيعه .


الاصلاح رفض توسعة الحكومة بإدخال الحوثيين والحراك بموجب المخرجات وإقرارها وتعميدها من قبل المجتمع الدولي وكان يريد ان يتفرد بصنع اليمن الاتحادي بمزاجه فتم إزاحته من مركز ثقله وقوته في عمران وأرحب .


- كيف كسب الحوثيون الرهان في الإطاحة بخصومهم !


ويرى مراقبون ومتابعون لما يدور في الساحة من صراع بين الحوثيين وخصومه بأن الحوثي استطاع ان يدير اللعبة السياسية والميدانية بامتياز بينما عجز خصومه عن التعامل معها رغم انه أي الحوثي لم يكن شريك في مبادرة صالح ومحسن ولم تعبره المبادرة حتى بفقرة واحدة الا انه سياسي ورجل دوله او من يخطط له فدخل الحوار لانه يعرف ان الحوار تحت العين الدولية وإشرافها فأثبت بالدليل عدم جدية قطبي الصراع في شيء لانها فعلاً رفضت شراكته ولانه استعد عسكرياً وكذلك سياسياً أغمض المجتمع الدولي عينه على فرض الشراكة بل واحتكار إقليم أزال بعد تعديله وتوسيعه وهذه اللعبة التي لم تفهمها عقلية محسن وصالح الذين يتحكمون باحزاب هم المسيرين لها بعقلية الرعوي لا السياسي , الذين ظنوا ان المبادرة صك ملكية وجهلوا انه بعد المبادرة قرارات دولية وحوار أصبحت مخرجاته هي الحاكم والفيصل بعد تعميدها وهذا ماتنبه له الحوثي واستفاد منه بقوة .


- هل استفاد الحراك الجنوبي من الصراع الدائر في الشمال ؟


يرى مراقبون وسياسيون بان قوى الحراك الجنوبي ومكوناته قد أخفقت في استقلال الصراع الدائر في الشمال بين قوى النفوذ وتسخير ذالك الصراع إلى لخدمة القضية الجنوبية وتحقيق ما لم تستطع تحقيقه خلال السبع السنوات الماضية من عمر الثورة الجنوبية وذالك من خلال ابرام تحالفات مع بعض القوى السياسية الفاعلة على الساحة الجنوبية وتوحيد الصف القيادي للحراك في الداخل والخارج .


حيث يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد عمر حسين بأن قوى الحراك الجنوبي كافة وموحدة للأسف لم تتنبه فقط لتقيم الحجة على الواقع كما فعل ويفعل الحوثي الان , ويضيف بالقول : ( صحيح تنبهت بعض قوى الحراك للعملية الا ان التنسيق مع بعض القوى الحراكية ومع الرئيس هادي يجب ان يتم وبأسرع وقت وذلك لمصلحة قوى الحراك ان فهمت أن الصراع لا يزال ومثلما خسرت القوى النافذة السابقة في شمال الشمال معركتها الوجودية حيث لم يتبق لديها سوى اموالها ونصيبها في الشركات , تم إيقاف مخططها للسيطرة على موقع النفوذ البديل والذي تم التخطيط له بعد الوحدة مباشرة بواسطة تمكين السلفية المتطرفة من السيطرة على ابين وشبوة وحضرموت ولاحقاً عدن ولحج , وهذه هي منطقة النفوذ البديلة حال خسرانها شمال الشمال على اعتبار أن الجنوب جزء منه التحق بالتنافس السياسي في الشمال وخاصة مايسمى بجناح علي ناصر ولعبها بذكاء عندما انقسمت اطراف الصراع الحاشدية لتبتلع الثورة ، فلعبها جناح علي ناصر وانقسم ثلاثة اقسام فأصبحوا شركاء ويخدمون الجنوب واليمن كافة ) .


كثير من الأمور لاتتضح معالمها ونتائجها الا لذوي العقول الراجحة وأهل السياسة المتبحرين فيها مع إلمامهم بالتاريخ ودوراته المجتمعية والسنن الكونية وهم في الجنوب قليل .

نقلا عن (الأمناء)