آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:24م

أدب وثقافة


الوطن كمكان غريب

الجمعة - 25 يوليه 2014 - 10:38 ص بتوقيت عدن

الوطن كمكان غريب
عالم السحر في روايات هاري بوتر.

لندن((عدن الغد))الحياة:

 

كتب: مودي بيطار

 

خمسة وعشرون قصة في مجموعة غراهام سويفت الأولى منذ ثلاثة عقود. يكتب الحب، الخسارة، المرض، الموت، الغدر والخيبة في «إنكلترا وقصص أخرى» الصادرة عن دار سايمن وشوستر. تخبو هالته اليوم مقارنة برفاق الثمانينات اللامعين، إيان ماكيوان وجوليان بارنز ووليم بويد، لكن براعته في التقاط العادي واليومي تحفظ مكانه في الصف الأول. قال لـ «غارديان» إنه يكتب غالباً عن لحظات الأزمة في حياة الناس العاديين، ويتماهى معها بقوة مع أنه رجل محظوظ لأنه اكتشف ما يريده من حياته ولا يزال يمارسه. ليس كاتباً يبحث عن قضايا في العالم الخارجي، بل يحوّل نظره إلى الداخل. يبدأ من لا شيء، أو ما يشبهه، وبعض القصص يلمع أو يخز. يحب كل شخصياته بمن فيها تلك التي لا تحَب، ويرى ذلك شرطاً للكتابة. ولئن شعر أنه على جزيرة حين يقرأ، فإن الكتاب يعارض العزلة ويقوده إلى لقاء الآخرين. لقاء حقيقي لا سخيف. القراءة تتعلّق بالمشاركة أساساً، كأن الكاتب يقول لقرائه إنه معهم في القارب نفسه.

 

القصص نُتف من إنكلترات مختلفة، يقول سويفت، الذي يحب عنوان مجموعته لأن كثيرين قد يرون البلاد اليوم مجرد قصة. على رغم تعلّقه بوطنه، وكونه لندنياً جنوبياً حتى العظم، يقارب إنكلترا ككاتب كأنها مكان غريب. إنكلترا هي آخر قصص المجموعة، وفيها يتوقف حارس الساحل كِن الخامسة صباحاً لكي يساعد سائق سيارة بي أم دبليو متعبة سقطت في القناة على جانب الطريق في إكسمور. كان كوميدياً أفريقياً كاريبياً من غرب يوركشير في طريقه الى أداء في شمال ديفون، على الساحل الغربي. تدور القصة حول لقاء سريع، مشوّش بين غريبين، والفاصل الرفيع بين الحقيقة والوهم في وعينا. هل كذب الرجل حين قال إنه انعطف لكي لا يدهس غزالاً، وهل هو خطر؟ بعد متابعة طريقه فجراً يتساءل ما إذا كان لقاؤه مع الكوميدي حقيقياً أو هلوسة. يقرّر كتم الأمر عن الجميع والامتناع عن حضور الحفلة التي دعاه الكوميدي اليها لكي لا يروي هذا القصة بطريقة تسخر منه. انجرف سويفت مع غرابة القصة المتعددة الوجوه التي تحدث في أحد أقل الأمكنة احتمالاً.

 

في «فوزيلي» يلعب سويفت على التشابه اللفظي بين نوع من المعجنات وجندي المشاة. يتلقى رجل اتصالاً من ابنه المقاتل في أفغانستان وهو أمام قسم المعجنات الإيطالية في سوبرماركت. يقول الابن إن الأنواع الطازجة خديعة وإن تلك الجافة تدوم إلى الأبد. يموت الجندي بعد الاتصال، فيتمسّك الوالد بآخر لحظة جمعته بابنه. يتجه نحو السوبرماركت ليشتري نوع المعجنات الذي كان في يده عند الاتصال كعزاء صغير سيبقيه سراً حتى عن زوجته. في قصة أخرى ينوي عريس سعيد كتابة رسالة إلى عروسه للتعبير عن شعوره، ثم يفكر أن إعطاء رسالة إلى شخص نعيش معه أمر غريب. لا يستطيع في الوقت نفسه تمزيق الرسالة فيحتفظ بها سراً وتذكاراً. طبيب هندي الأصل انفصل عن جذوره يقارن بين رِجل والده المقطوعة وخريطة بلاده الأصلية. طبيب عظام أرمل يقتنع أن زوجته المتوفاة تراقبه حين ينام مع صديقته الشابة، ويشبّه إنهاءها العلاقة الذي يخشاه بطقطقة العظم في ظهرها.

 

في «أول الواصلين» يمارس رجل أرمل مصاب بباركنسن رياضة المشي، وحين يعثر على جثة يخشى أن يثير ارتجافه شك رجال الشرطة إذا اتصل بهم. عامل البناء تشارلي يحتمل الارتفاع حين يعمل في برج «كناري وورف». يفكر في المال الذي يمكن أن يجنيه من تنظيف زجاجه، و «يرتفع في العالم» جسدياً ومجازياً. آرون الذي يركض خلف النساء يتزوج بطلة في العدو يدرّبها ويركض خلفها بطريقة مختلفة. لا يفسّر الكاتب لماذا يعرقل الدم الأنبوب في حديقة رجل يمارس الرياضة بثيابه الداخلية. يُعيره جاره الفتى عبوة «أجاكس» لتنظيف الأنبوب فيحكي له الرجل قصة أجاكس، البطل الإغريقي في حرب طروادة، ويبثّ فيه حب التراث الكلاسيكي الذي يدرسه لاحقاً.

 

بطلة «هل كانت الوحيدة؟» زوجة شابة تمتنع عن غسل قميص زوجها الجندي المقاتل في الحرب العالمية الأولى لاعتقادها أن غسله شؤم تتبعه رسالة تنبئها بموته. تشتاق إليه وتختلط رائحتها برائحته لكثرة ما تشمّ القميص، وتفكر أن معظم زواجها القصير انفصال. يغضبه القميص الوسخ خلال إجازته، فيتّهمها بأنها تسمح لرجل آخر بارتدائه. يقف قربها وهي تغسله ثم تكويه، وتظن أنه سيعود ألبرت المحب حين تنتهي. ترغب فيه لكنه لا يلمسها، ويقول إنه يعاني من صدمة القتال. في نزهة في القارب أحسّت أنه يريد العودة والموت. حين يغادر تحرق القميص، وتتلقى بعد يومين البرقية المخيفة عن مقتله. تتزوج دنكن، الضابط في مخابرات الجيش، وبعد ثلاثة عقود تعيش معه حرباً ثانية. ترزق ابنتين، وتتمنى لو استطاعت القول لحفيداتها المراهقات اللواتي يكدن لا يرتدين شيئاً، إنها اعتقدت يوماً أن قمة الإغراء كمنت في الاستلقاء الكسول في قارب، في تنورة بيضاء طويلة، تحت مظلة شمس.

 

مجاز الكاتب

 

> هو الكتاب البوليسي الثاني لكاتبة هاري بوتر، وتتبنّى فيه مجدداً اسم روبرت غولبريث على رغم انكشاف السرّ. تفضح ج ك رولينغ في «دودة الحرير» عالم النشر كأنها تنتقم منه بعدما هجت حياة المشاهير في «الكوكو ينادي». ناقد «نيويورك تايمز» تسلّى للغاية وهو يقرأ الرواية، ورأى الكاتبة السكوتلندية «معلّمة في الحكاية». اعتمدت رولينغ دودة الحرير التي تلقى حيّة في ماء مغلي مجازاً للكاتب الذي يقاسي قبل بلوغ الجودة.

 

بطلها تحرٍّ بريطاني مارد يفقد ساقه في الحرب في أفغانستان، ويربح وساماً. يشتهر مع سكرتيرته - مساعدته حين يكتشف قاتل عارضة الأزياء لولا لاندري. تموت صديقته، ويشرف على الإفلاس، لكن قلبه يغلب عقله أحياناً فيقبل قضايا لا يكسب منها شيئاً. هذه المرة أيضاً تحكم العاطفة كورموران سترايك، ويشفق على ليونورا كواين حين تطلب منه البحث عن زوجها. كان أوين كواين كتب رواية جيدة يتيمة ثم تحوّل كاتباً من الدرجة الثالثة واتخذ عشيقة يطلب منها التظاهر بأنها صحافية تجري مقابلة معه. اختفى أخيراً بعد انتهائه من فضح أصدقائه في الوسط الأدبي في كتاب جديد، وظنّته زوجته يستريح في خلوة للكُتاب. يُعثر عليه مقتولاً بطريقة وحشية تعتمد جريمة وصفها في كتاب. يحقّق سترايك مع مساعده الوسيم روبن إيلاكوت، ويكتشف خفايا عالم النشر المشبوه.

 

يشكّ سترايك في كل من يقابلهم. المنقّح جيري وولدغريف المدمن على الكحول الذي لم يلتقِ مرة كاتباً جيداً سويّ العقل. الوكيلة الأدبية إليزابث تاسل التي تخرّجت بتفوق في الأدب الإنكليزي من أكسفورد ولم تمتهن الكتابة. الناشر دانييل شارد النافذ الذي رفض مخطوطة كواين الأخيرة، ورأى العالم في حاجة الى كُتاب أقل وقراء أكثر، وقصد الريف ليرسم الفتيان عراة. الكاتب مايكل فانكورث المبجّل الذي يحب الأبّهة ويكره النساء، ويرى معظم الكاتبات عاجزات عن التركيز الضروري لكتابة الأدب الحقيقي لرغبتهن في الأمومة. في المقابل تشكّ الشرطة في ليونورا التي لا تهتمّ بعمل زوجها إلا حين تصدر المخطوطات في كتاب، فيجهد سترايك لتبرئتها والعثور على القاتل.

 

دخلت «الكوكو ينادي» لائحة الأفضل مبيعاً بعد كشف اسم الكاتبة الحقيقي، وتزاوج رولينغ عناصر القصة البوليسية التقليدية والمعاصرة. ينتهي التحقيق بجمع التحرّي الشخصيّات ليكشف القاتل بينهم. يعاني من علاقة خرقاء مع النساء، وهذه سمة أميركية في الأدب البوليسي الأميركي منذ الثلاثينات. ومن الصفات المعاصرة خصوصية الميول الجنسية والفتيش.