بعد صلاة الجمعة تلقيت اتصالاً هاتفياً من صديقي العزيز ناصر الهاشمي ابلغني فيه نبأ وفاة صديقنا العزيز العقيد مهندس/ صالح شيخ مصهب, ولكني لم استطع أن استوعب النبأ لهول الكارثة, فقد كنت في اتصال هاتفي مع صديقي صالح شيخ مساء يوم الأربعاء 20 أغسطس 2014م وابلغته فيه انني انجزت الجزء الأول من تاريخ الجنوب, والذي كان طلبه الدائم لي بان أكرس كل جهدي لكتابة تاريخ الجنوب, وابلغته في الاتصال بأن الجزء الثاني من تاريخ الجنوب الآن في المطبعة, وأنني ذكرت اسمه في مقدمة الجزء الأول الذي اصبح يباع في المكتبات.
لم اقدر استوعب هذا النبأ المفجع ليس لأن صالح شيخ صديقي المقرب, وإنما لأن ثورة شعب الجنوب فقدت مناضلاً فذاً قام بأعمال نضالية جبارة في سبيل خدمة وطنه وثورة شعبه دون ضجيج ونكران للذات .. قام بأعمال نضالية لم يقم بها مناضل جنوبي آخر منذ انطلاقة الثورة الجنوبية عام 2007م, ولكن مع الأسف لا يعلم بها إلا القليل من مناضلي شعبنا.. فقد كان هذا الرجل يقدم كل عون للسجناء الجنوبيين في السجن المركزي في صنعاء وذلك على حساب قوت اولاده, وعلى سبيل المثال ضلت زوجته وزوجة أخيه طوال شهر رمضان تعد وجبة الافطار للسجناء الجنوبيين والبالغ عددهم 30 سجين, ومنهم احمد بامعلم وحسين العاقل واحمد الربيزي وعيدروس حقيس وغيرهم. وعند خروجهم من السجن قام بنقلهم إلى بيوتهم على سيارته الخاصة, وكذا فعل مع المناضل حسن احمد باعوم أثناء خروجه من السجن, حيث قام بنقله إلى مدينة المكلا في حضرموت.. قام بذلك على حسابه الخاص رغم ظروفه المادية الصعبة.
إن صالح شيخ مناضل جنوبي قلما وجدت مناضل جنوبي خدم قضية شعبه كما فعل , فقد لا يصدق القارئ العزيز أنه سخر سيارته الخاصة لصالح قضية شعبه حتى توقفت عن الحركة, فقد كان ينقل بها المناضلين الجنوبيين إلى كل مناطق الجنوب بغرض المشاركة في الفعاليات النضالية, وهذا أمر يدركه كثير من الجنوبيين وفي المقدمة الدكتور ناصر الخبجي والاستاذ صلاح الشنفرة والاستاذ لطفي شطارة وغيرهم. وبسبب نشاطه النضالي تم توقيفه عن العمل كمهندس اجهزة طبية وتم توقيف مرتبه أكثر من مرة فعاني الكثير, ولكنه كان يجابه كل ذلك بصمت ونكران للذات حباً لوطنه العظيم الجنوب.
بهذه الفاجعة في يوم الخميس 21 أغسطس 2014م ترجل فارس جنوبي مقدام اسمه صالح شيخ مصهب.. فارس لم يتجاوز العقد الخامس من عمره.. فارس ظل يجوب أرض وطنه شبراً شبراً في سبيل خدمة قضية شعبه.. فارس قدم ما يفوق امكاناته المحدودة.
اخي وصديقي (ابو عبدالله) أعذرني أرجوك خانتني الذاكرة.. خانتني اناملي في التعبير عنك.. فأنت اكبر من اتمكن من ذكر كل الحقائق عنك.. تحية لأم انتجبتك .. تحية لأب رباك.. تحية لزوجة عاشت معك.. اعذرني يا أبو عبدالله فقد منعتني دموع عيني عن مواصلة الكتابة, ومع ذلك ستظل خالداً في ذاكرتي وذاكرة شعبك.. رحمك الله واسكنك جنة الفردوس.
اخوك المخلص/ محمد عباس ناجي.
يوم الجمعة 22 أغسطس 2014م
—
