آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

أخبار وتقارير


سياسيون ومثقفون يناقشون مستقبل العرب ويحذرون من تفكك الدول العربية.. السفير اليمني لدى إسبانيا: المنظومة العربية لم تكن ناجحة وفاعلة وإيجابية ولم تقدم شيئا مفيدا للمواطن

السبت - 23 أغسطس 2014 - 10:21 ص بتوقيت عدن

سياسيون ومثقفون يناقشون مستقبل العرب ويحذرون من تفكك الدول العربية.. السفير اليمني لدى إسبانيا: المنظومة العربية لم تكن ناجحة وفاعلة وإيجابية ولم تقدم شيئا مفيدا للمواطن
الثورات لها قوانين علمية، فلو نجحت الثورة في سوريا، لزحفت الثورات إلى الخليج العربي

أصيلة(عدن الغد)خاص:

عرفت آخر ندوات منتدى أصيلة حول موضوع «العرب غدا.. التوقعات والمآل» نقاشا حادا وممتعا بين المشاركين في الندوة والجمهور الحاضر لتشخيص وقراءة ما يقع في المنطقة العربية من أزمات وصراعات، في كل دولة على حدة.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة (الشرق الاوسط) السبت وكتبته الزميلة (صفاء الصبري)" دامت أشغال الندوة يومين، شارك فيها عدد من الباحثين والمثقفين من 14 دولة عربية، ناقشوا أربعة محاور تتعلق بتشخيص حالة العرب اليوم، وسبل تأسيس التنمية والديمقراطية، ثم تقديم صورة عن مستقبل المنطقة، وأخيرا دور المثقف في إيجاد مخرج آمن من الصراعات الحالية".

 

وقال إدريس الكراوي الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي إن الوضع الذي يعيشه العالم العربي له ما يبرره تاريخيا وماديا، مشيرا إلى أن الأمر راجع لفترة الثمانينات من خلال ظهور أزمة في المرجعيات آنذاك، حيث إنه في تلك المرحلة دخلت القوى العظمى في استعمال المد الديني في تدبير واقع النظام العالمي الجديد، وراجع كذلك لانعكاسات الثورة الإيرانية على المجتمعات العربية، وتدوين المرجعيات الدينية واختراقها للمجتمعات، ثم شعور المجتمعات العربية بالحيف عند طرح قضاياه لدى المجتمع الدولي، الذي خذله خاصة في القضية الفلسطينية.

 

بدورها، قالت سناء العالول رئيسة تحرير صحيفة «القدس العربي» ورئيسة رابطة الجالية الفلسطينية ببريطانيا، إن العالم العربي في حالة تفكك نتيجة للبنية العشوائية التي بُنيت عليها الدول العربية، وهو ما تجلى عام 2011 حيث انهارت الأنظمة السياسية، وهنا انقسم العالم العربي لثلاثة أقسام، ويكمن في دول ظلت تتفرج على ما يجري دون تحريك ساكن، ودول اختارت أن تقوم ببعض الإصلاحات، ومحاولات لا تزال بحاجة للمتابعة، وأخيرا دول استسلمت للتطرف الذي كان لا بد أن يتجلى لنستطيع أن نعالجه.

 

وأضافت العالول أن الدول العربية تعاني من عدم الجدية في بناء دول حديثة وبناء اقتصاد قوي وتحقيق التنمية، وتعاني كذلك من سوء التعليم واستبعاد دور المرأة، وإنتاج أجيال من الشباب المحبط والتائه.

 

وعزت العالول مسؤولية كل ذلك للحكام والنخب وإلى رجال الدين، فالحكام جاءوا من ثكناتهم العسكرية، والنخب تستطيع رؤية المشكلة، لكنها لا تفعل شيئا، أما رجال الدين، حسب قولها، فكونوا نخبة جديدة، وتمكنوا من استقطاب الشباب، وأصبحوا إما مناوئين للحكم أو سلطة موازية أو عاملا لنشر التطرف.

 

وتحدث شبلي تلحمي خبير السياسات الأميركية في الشرق الأوسط في مريلاند كولج بارك، عن تقوية الفرد في المجتمع سياسيا واجتماعيا، وعدم الاستسلام للأمر الواقع، الأمر مرتبط، على حد قوله، بالدور الإعلامي في تعبئة الفرد، ورغم استغلال الإعلام في التوجيه، إلا أنه عنصر مهم وموجود دائما وقادر على تقوية الفرد في المجتمع العربي، وتعبئة الفرد لا تعني بالضرورة التوافق، لأن الشعب مختلف في الرأي في هذه المرحلة، ومن الطبيعي عدم التوافق، والمراحل الانتقالية تعني عدم الاستقرار وضعف الدولة على جميع المستويات.

 

من جهته، ركز صالح القلاب وزير الإعلام الأردني الأسبق على الدور المهم للشباب في التغيير، مؤكدا أن الشباب كان هو وقود الثورة والثورة المضادة وكل القوى الإرهابية الموجودة حاليا في المنطقة تستمد قوتها من الشباب. وتطرق كذلك لظاهرة انتحار الشباب وتفجير أنفسهم، وقال: إنه نتاج لشعور أبنائنا بالغربة والعزلة في مجتمعاتهم، خاصة تعلقهم بالعالم الخارجي وتواصلهم بعالم آخر خارج مجالهم ومحيطهم، مشيرا إلى «أننا إذا خسرنا جيل اليوم، كما خسرنا جيل الماضي، فسنخسر المستقبل بالتأكيد».

 

وعلى المستوى الاقتصادي، قال ذياب تميم، وهو كاتب وباحث اقتصادي، إن البلدان العربية لم تتمكن من توظيف إمكانياتها الاقتصادية بموجب معايير وأسس ناجعة، حيث أقدمت الدول المنتجة للنفط لتبني الحلول السهلة وتطبيق آليات اقتصاد الريع، ووظفت إيرادات النفط في آليات الأنفاق العام، وعززت دور الدولة التي تكفلت بدعم احتياجات المواطنين، وبالتالي همشت دور القطاع الخاص وعطلت دوره، وبعضها عمل على تهميش دور العمالة الوطنية، واعتمد بالأساس على عمالة وافدة، فعمل النفط على تحسين الأوضاع المعيشية، إلا أنه عطل دور المواطنين وهمش دور القطاع الخاص، وهيمنة الدولة على الحياة الاقتصادية بشكل أخطبوطي.

 

وأضاف أن توظيف الدول النفطية للأموال في مشاريع تنموية في مختلف الدول العربية رغم أهميتها وتحقيقها نتائج جيدة أحيانا، فإنها بعيدة عن تحقيق طموحات التنمية لتأسيس نهضة تنموية مستدامة، لذلك فإن توفر المال والنوايا الطيبة لا يكفي لرفع معدلات التنمية أو تحسين ظروف المعيشة أو خلق فرص عمل.

 

وأوضح التميمي أن الحكومات العربية قامت بتعديل كثير من القوانين من أجل تشجيع المبادرات الخاصة وتدفق الاستثمارات. لكن ما تحقق لا يزال بعيدا عن الطموحات، والمطلوب تفعيل تلك القوانين ودفع البيروقراطية الحاكمة للتناغم مع تلك القوانين المعدلة بدل تجميدها أو تعطيلها، وإجراء تعديلات جديدة لتحفيز المستثمرين.

 

بدوره، رصد محمد تاج الدين الحسيني أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط نائب رئيس مركز دراسات الأندلس، واقع العالم العربي، وقال إنه عانى من الوهن قبل الربيع العربي، ويعرف حاليا حالة من التحطيم والدمار لم يعرفها في أي فترة من الزمان؛ فالعرب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم، والتحطيم ليس فقط كميا بل كذلك كيفيا، على مستوى قتل المدنيين والأطفال والنساء من دون عقاب، ومن دون ردود فعل داخل المجتمع الدولي.

 

وظاهرة التجزئة والتشرذم الدولي، حسب الحسيني، بدأت قبل الربيع العربي من السودان، واستعان في هذا الطرح بتحليل جاء في جريدة «نيويورك تايمز» الذي يفيد بأن خمس دول عربية ستوزع إلى 14 دولة طبقا للعوامل الإثنية والعرقية، مضيفا أننا نلاحظ فعلا علامات هذه الدول الجديدة تظهر في الأفق.

 

من جانبه، لخص سفير اليمن لدى إسبانيا مصطفى أحمد النعمان تدخله حول المنظومة العربية التي لم يكن لديها تاريخ، لأن مفهوم المنظومة يستدعي في كل قطب أن تتوفر فيه مقومات الاستقرار، وليس الركود، وهي منظومة لم تكن ناجحة وفاعلة وإيجابية، ولم تقدم شيئا مفيدا للمواطن العربي.

 

في سياق آخر، انتقد النعمان ما يروج حول أن الشعب العربي ليس مهيأ لتبني الديمقراطية، وقال إن الديمقراطية لديها أعرافها وقوانينها الواضحة، ولا يمكن أن نقول إن الشعب العربي غير مهيأ لها، لأنها لا تستوجب التعامل مع خصوصيات كل بلد.

 

ومن جهته، قال محمود كارم سفير وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية في معرض حديثه عن الوضع في مصر بعد الربيع العربي، بأن بلاده بخير ما دام جيشها بخير، وأوضح أن علاقة الشعب المصري والجيش علاقة تاريخية قديمة ومتميزة، ليس فقط في إطار حماية الأمن القومي ورفض مشروع التوريث، بل كذلك في تقديم مشروعات الخدمة الوطنية.

 

وأكد كارم أن الرئيس المصري حقق إنجازات كبيرة في فترة قصيرة، ورسالته العمل ودعم الشعب المصري وتحقيق استقلالية القرار المصري، والحفاظ على هيبة الدولة وعلى مكاسب الثورة، مع ضرورة التعلم من الأخطاء ومن التوقعات التي لم تتحقق، والتعلم من الغير لمواجهة التحديات المقبلة.

 

وعلى المستوى الثقافي نفى الكاتب الجزائري واسيني الأعرج غياب المثقف في الحراك الاجتماعي.. «بل لعب دورا مهما في التنبؤ بهذا الحراك، لكننا أمة لا تقرأ»، وأوضح أنه في الـ20 سنة الأخيرة، فإن قرابة نصف الروايات المنشورة تناولت موضوع الديكتاتوريات والظلم، ونشرت نصوصا تتناول موضوع الانهيارات، فالمثقف حاضر، لكن لديه مجاله الذي يعمل فيه، وكل ما يحدث اليوم تناولته الروايات، ووضعته أمام القارئ حيث تنهار كل المسوخات الديكتاتورية العربية.

 

وأبرز الأعرج أن الغائب في الحقيقة هو المثقف التقليدي، الذي ارتكن إلى سلسلة من الأفكار الجامدة، ولم يعد يفهم ما يحدث، فإما أن ينسحب أو يندثر أو يكرر ما قيل في فترة الستينات والسبعينات، وظهر في المقابل مثقف من نوع آخر، وهو الشاب الذي يعمل بالوسائط الاجتماعية، فهو مثقف، لكن يحكم عليه مثقف تقليدي لا يزال نائما، بينما هو قديم، والمثقف التقليدي يجب أن ينتقد تقنياته التقليدية، ويفهم ما يقع قبل أن يطلق أحكاما.

 

وأضاف الأعرج أن الوطن العربي في أزمة تعود به إلى النظم البدائية القبلية، وكل العناصر والأحداث الحالية تشير إلى ذلك، في حين أن الروائي في وضع لا يُحسد عليه، لأنه إن كان لا يستطيع قراءة تاريخ المجتمع، في ظل الحراك المستمر.

 

وفي السياق ذاته، قال مبارك ربيع وهو روائي وقاص إنه رغم القرب الجغرافي والتاريخي والحضاري للدول العربية بقارة التقدم والأنوار الحديثة؛ أوروبا، يستعصي عليها في الوقت ذاته تحقيق ما يفرضه الجوار والتفاعل معه في المجال الفكري والاجتماعي، ورغم أن المنطقة العربية تمثل أكبر مستهلك لمنتجات أوروبا، فإنها في مختلف ميادين العلم والتحديث المجتمعي تبقى عصية محافظة، بالمقارنة مع مناطق أخرى آسيوية وأميركية، وبالتالي فالقوى العربية الفاعلة في مساراتها حسب مبارك تتسم بالماضوية المعرفية والاجتماعية والإدارية بالتالي التدبيرية السياسية مما يحد من أفق الاختيارات، ويحصر التصورات بخصوص نمط الدولة ونظام الحكم، ويحصرها النظام الديني والعسكري بمختلف مستوياتهما في التسلط والمرونة، كما في التطرف والاعتدال، وقد يتحالف المظهران في نظام الحكم، لكن انعكاس هذا الوضع على الحياة العامة يجعلها خارج مفهوم العقد والتعاقد الاجتماعي بمضمونه الاتفاقي الموضوعي والوضعي.

 

وفي السياق الثقافي أيضا، قال الكاتب السوري محي الدين اللاذقاني إن المفكر المثقف يجب أن يكون شفافا ونزيها، حتى لو كانت الحقيقة ضد نفسه، وأن لا يكيل بمكيالين، فإما أن يكون ديمقراطيا، أو لا يتحدث عن الديمقراطية.

 

وأضاف أن الثورات لها قوانين علمية، فلو نجحت الثورة في سوريا، لزحفت الثورات إلى الخليج العربي، مشيرا إلى أن المؤامرة موجودة، و«نحن أفضل من نتآمر على أنفسنا»، مضيفا أنه ما كان ليتآمر علينا أحد لو كان لدينا نخب سياسية وثقافية سليمة.

 

من جانبه، قال جورج إسحاق جرجس عضو المجلس الوطني والائتلاف الوطني بمصر إن بلاده تعيش مرحلة نضالية، و«لا نندم على فساد أو استبداد»، مستطردا أن السياسية كانت دائما غائبة عن الشعب المصري على مدى عقود، وهذه أول مرة يرجع فيها الشعب المصري للسياسة فيصيب ويخطئ، إلى أن يصل إلى بر الأمان.

 

وشدد جرجس على ضرورة المشاركة، مشيرا إلى أن ما أسقط محمد مرسي ومن قبله هو عدم مشاركة كل الأطراف في صنع القرار، لأن الديمقراطية ليست فقط شعارات، بل هي مناخ سليم لممارستها، ومنح الشعب الحرية في خياراته.

 

وطرح عبد الناصر الجابي أستاذ علم الاجتماع بالجزائر مسألة ما إذا كان ممكنا أن يتحول الربيع العربي إلى ربيع أمازيغي، في ظل تنامي الحركات الأمازيغية في شمال أفريقيا؟ وكيف يمكن للمد الأمازيغي أن يُعبّر عنه بحركات اجتماعية فاعلة وتستفيد من الحراك العربي.

 

ولتحقيق هدف الربيع الأمازيغي، ركز الجابي على 3 نتائج أساسية: «أولها إعادة تعريف الدولة ثقافيا وسياسيا، حيث إننا لم نعد أمام دولة عربية فقط، ولا يمكن أن نتحدث عن وحدة، وذلك بإعادة تعريف الدولة الوطنية على المستوى السياسي، خاصة أن الأمازيغ لا يعدون أنفسهم أقلية، ثانيا إعادة بناء العلاقة بين المركز والجهة، حيث إن الدولة اليعقوبية لم تعد قادرة على تسيير التناقضات، ووجب الدعوة لجهوية أكثر، ثم ثالثا تسريع وحدة المغرب العربي، خاصة أن الحركات الأمازيغية ليست ضدها وتدعمها وتطالب بها».

 

وأضاف الجابي أن العرب يتجاهلون الطابع الديموغرافي لبلدانهم، وما حدث كان منطقيا، والتغيير مقبل، الإشكال يكمن في أننا لا نساير الاتجاهات الديموغرافية التي يمكن أن تصنع تحولات إيجابية، ومن ثم قيام الثورات واستبداد العنف.

 

*من صفاء الصبري (الشرق الاسط)