آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-06:18ص

أخبار وتقارير


قراءة أولية في التوافقات الجنوبية وكيفية إنجازها

الأربعاء - 17 سبتمبر 2014 - 02:17 م بتوقيت عدن

قراءة أولية في التوافقات الجنوبية وكيفية إنجازها

عدن ((عدن الغد)) خاص:

ضمن جهود الاكاديميين الجنوبيين لتقديم روئ سياسية يمكن لها ان تدفع بالحالة السياسية في الجنوب قدما ، يقدم الاستاذ جمال مطلق رؤية سياسية بخصوص التحركات الاخيرة لاحداث حالة توافق سياسية في الجنوب .

ولاهمية هذه الرؤية تنفرد" عدن الغد" بنشرها 

  لقد احدثت المستجدات في مسرح الاحداث في صنعاء هزة عنيفة في بنية النظام المتفكك والمتعدد السلطات ألقت بظلالها على كل المساحات التي تقع ضمن هيمنة وتأثير هذه السلطات ومن ضمن ذلك الرقعة الجغرافية للجنوب المحتل وهذا الامر استدعى ان تستشعر جميع القوى والتيارات الثورية والوطنية الجنوبية مقدار الخطورة من احتمالات انهيار الدولة ودخولها في حرب او انهيار مفاجىء سيكون الجنوب فيه الحلقة الاضعف وربما يستباح من قبل عصابات او مجموعات ارهابية او حزبية معينة وهذا الامر يجعل الجميع بصرف النظر عن إنتماءاتهم الحزبية او خياراتهم الثورية في موقف يستحضر أهمية التلاحم الجنوبي في سبيل الحفاظ على الحق العام والحفاظ على السكينة العامة لمصلحة الجميع من المنظور الوطني الجنوبي ولهذا نشأت دعوة للقاء والتشاور بين مختلف تيارات الحراك الجنوبي السلمي لغرض تدارس الوضع الراهن والتنسيق لتحقيق الهدف المطلوب الذي يتمثل في العمل على البعد الوطني الجنوبي العام والمساعدة في تحقيق امن وسلامة الارض والعرض وتحقيق السكينة العامة في عموم الجنوب وعليه تم اعلان قيام جبهة الانقاذ او مجلس الانقاذ .

         

 وفي الوقت نفسه ونتيجة لهذا القلق كانت هناك دعوة من قبل مجموعة 33 لمكونات الحراك السلمي التي تحدد خيارها الثوري تحت شعار التحرير والاستقلال لتشكيل نوع من التنسيق المشترك للحفاظ على تحييد الجنوب من أي صراعا سياسي أو طائفي في الشمال والحفاظ على بقاء الهدف واضحاًُ جلياً  للعالم بإعتبار ان الجنوب ليس طرفاً في الصراع في صنعاء وأن الحراك الجنوبي يسعى للتعبير عن ارادة الشعب الجنوبي في التحرر والاستقلال واستعادة السيادة كاملة غير منقوصة ولامشروطة على كامل التراب الجنوبي وبناء على ذلك فقد تم عقد لقاء حضرته مختلف قوى ومكونات الحراك لتدارس الامر ومحاولة النهوض بالمهمة وتم اعلان قيام المجلس الانتقالي .

       

  ومن جهة أخرى كانت هناك جهود طيبة أثمرت فيس حضرموت بالاعلان عن تنسيقية حضرموت بين مختلف قوى ومكونات الحراك السلمي الجنوبي والاحزاب الجنوبية للحفاظ على السلم الاهلي والتعبير عن الارادة الحرة للجماهير .

        

  ومن واقع ماحدث من ردود الفعل المتسارعة التي ترتبت عليها تلك التنسيقات المشار إليها آنفاً فأن تلك التنسيقات وطريقة   إنشائها أو الدعوة لها قد أثارت لغطاً وتبايناً بين أوساط واسعة من الناشطين والمهتمين وحتى في إطار المكونات نفسها وبناء على ذلك سيتم إستعراض وتحليل كل من ردود الفعل تلك على النحو التالي  :

 

اولاً : المجلس الانتقالي

قامت مجموعة 33 بدعوة العديد من القوى والمكونات في الحراك الجنوبي الى قاعة القمة يوم الثلاثاء الموافق 9/9/2014م بهدف الحوار والتنسيق لخلق موقف مشترك لاسيما في ظل المستجدات الاخيرة وأهمية التنسيق على القواسم المشتركة لتلك القوى والقيام بدور ايجابي على الصعيد المجتمعي في عموم الجنوب وقد تم النقل المباشر على الهواء عبر قناة عدن لايف وتم على اثر ذلك اعلان قيام المجلس الانتقالي وهو لم يزل فكرة في طور التداول .

ثانياً : مجلس الانقاذ

تداعت بعض الشخصيات قبل أيام من يوما للقاء الذيس تم في الاربعاء الموافق 10/10/2014م في مقر مؤتمر شعب الجنوب على اساس ضرورة تشكيل موقف وطني جنوبي مشترك لمجابهة أية تطورات أو إنهيارات محتملة والتأكيد على ضرورة القيام بدور ايجابي بالتعاون مع العناصر الجنوبية في السلطات القئمة لتحقيق الامن المجتمعي في عموم الجنوب واقامة غرفة عمليات في مقر مؤتمر شعب الجنوب لهذا الغرض وحضرت في هذا اللقاء بعض الشخصيات التي شاركت في لقاء المجلس الانتقالي قبل يسوم واحد فقط وتم تصوير واعلان تشكيل مجلس الانقاذ وهو لم يزل فكرة في طور التداول .

ثالثاً : تنسيقية حضرموت

بعد دعوة رئيس المجلس الاعلى للحراك السلمي لتشكيل لجان شعبية تم التنسيق لعمل لقاء موسع لجميع قوى ومكونات الحراك والاحزاب الجنوبية في حضرموت وحدث ان توافق الجميع في لقاء تم عقده في مقر حزب الرابطة بالمحافظة انبثقت عنه لجنة تنسيقية حضرموت وتم الاعلان عن ذلك ايضاً مباشرة واعلنت النوايا بأن تكون المحطة القادمة عدن لتشكيل تنسيقية مماثلة .

المشاهدات المشتركة :

  1. جميع تلك اللقاءات إرتبطت بعامل ردة الفعل على مايدور من احداث متسارعة ومن المخاوف المرتبطة بتلك الاحداث في صنعاء .
  2. كان العامل الحاسم في تلك اللقاءات هو العامل الخارجي فقط ولم تكن هناك تنسيقات حقيقية لقيام مشروع حقيقي قابل للديمومة والاستمرار .
  3. نتيجة لعدم التحضير الكافي لمثل هذه اللقاءات ونتيجة عدم وجود الارادة الحقيقية في اقامة مثل هذه التنسيقات المشتركة فقد كان الجانب المعنوي فقط هو الذي اخذ نصيب الاسد من الاهتمام ولهذا تم الاعلان عن تلك المشاريع حتى قبل ان تصل الاطراف المشاركة الى بلورة ماتم تناوله وبحثه من الأفكار لتحويلها الى مشروع حقيقي .
  4. تم إغفال حقيقة ان المكونات اصلاً تعاني من الناحية التنظيمية ويصعب الوصول الى توافق حتى في اطارنفس المكون وبالمقابل تم الاعلان عن تلك التنسيقات بمجرد لقاء واحد فقط وهذا يتنافى مع العقل والمنطق السليم .
  5. اعلان قيام تنسيقية حضرموت بمعزل عن قيادات مكونات وقوى الحراك أوضح الخلل الكبير في بنية تلك المكونات وولائها التنظيمي ووضع المكونات والاحزاب الجنوبية في تحدي كبير في تفسير ماحدث من منظور وطني جنوبي واحد .

الإستخلاصات الأولية :

  1. الميل الى الاعلان عن انجازات وتوافقات بدون أن تأخذ وقتها من الاعداد والتحضير بحيث تتحول الى مشاريع قابلة للتنفيذ يعبر عن حالة من الافلاس والاحباط العام الذي يتملك عناصر تلك التوافقات من واقع التجارب السابقة .
  2. عدم الوضوح في الهدف والعناصر المطلوبة لتحقيقه أدى ويؤدي الى ضبابية الرؤية وخلق سوء تفاهم أدى الى وجود تباينات واسعة لم تكن ستظهر لو أنه تم صياغة الهدف من وراء أي من اللقاءات المذكورة بشكل واضح وصريح .
  3. كان المجلس الانتقالي يحمل فكرة تقارب بين مكونات وقوى الحراك السلمي الجنوبي على اساس الهدف الثوري وتم استحضار جميع الاختلافات غيرالاساسية بين المكونات على توصيف الهدف ولم يستطع المنظمون تجاوز كل تلك الصيغ للاهداف المعلنة عن كل مكون ولم يتم التركيز على هدف ( المجلس الانتقالي) ذاته ولماذا تمت الدعوة الى قيامه .
  4. كان مجلس الانقاذ يحمل فكرة العمل الوطني الجنوبي لمختلف تيارات الحراك وعناصر السلطة ولكنه ضم بعض العناصر من المجلس الانتقالي وهنا حدث الخلط بين مرة اخرى في التعبير عن الهدف العام لأن الجهة المنظمة لم تعلن عن الهدف العام بكل وضوح وشفافية لقيام مجلس الانقاذ .
  5. كانت تنسيقية حضرموت تمثل حالة ايجابية في انتاج تقارب وتنسيق بين مختلف المكونات ولكنها عكست حالة إغتراب بين تلك المكونات والقوى والشخصيات  وقياداتها في العاصمة عدن ودقت ناقوس خطر في ولاء تلك المكونات لمكوناتها الرئيسية .
  6. أظهرت المستجدات الراهنة بشكل فاضح مدى هشاشة المكونات وعدم قدرتها على صياغة مواقف واضحة تستند على قيم واخلاقيات ثورية واثبتت بالملموس انها كما عبرت عنها ذات يوم بأنها هلامية الملامح عبثية الانتماء .

 

الخلاصة :

من اجل انجاز أي توافق او عمل تنسيقي مشترك فأن من يبادر بالعمل إنما يحمل هدف محدد يرتجي تحقيقه والتعبير عنه ولهذا فأنه من الطبيعي بل من الواجب أن يعمل على صياغة الهدف أو الاهداف لذلك التنسيق أو التوافق دون النظر للاختلافات في صيغة التعبير عن الهدف لعناصر ذلك التنسيق او التوافق .

ومعنى ذلك ان يحتفظ كل مكون بالصيغة الخاصة به في التعبير عن الهدف الخاص به ولايخضع لخيارات تعديل صيغته في اطار التوافق او التنسيق ويتم الاكتفاء بتوضيح الاهداف المطلوب تحقيقها او التعبير عنها في ذلك التوافق او التنسيق وبهذا الشكل  المكونات قد تجاوزت احد ابرز عوامل الاختلاف في التنسيق فيما بينها .

وفي الختام فأنه من الجدير بالإشارة إلى  أهمية إنجاز أسس أي توافق أو تنسيق قبل الإعلان عنه للجماهير لما من شانه تعزيز عوامل الثقة وضمان لنجاح أي مشروع في المستقبل .

 

م/ جمال مطلق

عدن - 15سبتمبر2014م