آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:48ص

فن


بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيلة .. وداعاً فيلسوف الاغنية اليمنية

الخميس - 18 سبتمبر 2014 - 04:37 م بتوقيت عدن

بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيلة .. وداعاً فيلسوف الاغنية اليمنية
الفنان طه فارع

عدن ((عدن الغد)) كتب / د.محمد فرحان بن عون:

هذا هو حال الدنيا ما اجملها وما اروعها في وقت السعد والهناء، وما اقبحها واشمتها في وقت الحزن، واليأس ، وهكذا ايضاً حال من عليها ، فالمرء الصحيح المتعافي تجده يفكر ويخطط.. سأعمل كذا وكذا .. متناسياً انه عليه مار مرور الكرام.

وللدنيا ميزة خاصة أنها لا يخلد فيها وعليها احد ، فهي دنيا دانية فانية وبذلك وصفها السيد د. ابوبكر سالم بالفقيه حين غنى هكذا الانسان.. يحسب الدنيا .. وهي ادنى من الحسبان..

ليه يا دنيا.. على من يشتكي الانسان ..منك يا دنيه

من زمن هابيل .. وانتي تقرعي لطبول حقدك يا رذيلة

كم تذرتي ودرتي .. كم على المظلم جرتي.

 

وأما الموت .. كما هي الحياة ــ فهو سنه الخالق في خلقه  واحدى النعم التي انعم الله بها على عبادة، ففي كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم هناك اسر وعائلات تعمها الفرحة لان الله رزقها بمولود أو شفاء مريضها أو اعاد غائباً ، واخرى تبكي حزناً على فراقها غالياً ، وها هي مدينة الشيخ عثمان وبعد ان نامت ليلتها وهي  تدعو الله العزيز القدير ان يشفي مريضها ويعيده الى اهله وداره اذا بها تستيقظ صباحاً حزينة باكية على فراق ابنها الغالي والذي حمل وحفظ اسمها ورفع رأسها في كل المحافل العربية والدولية انه الفنان المثقف الراحل طع فارع.

 

ولد الفنان والمثقف الراحل بتاريخ 6/4/1914م في مدينة الشيخ عثمان حافة دبع محافظة عدن وتربى وترعرع في حضنها الدفء وتلقى تعليمه الاولي وهو طفل في كتاتيب الشيخ عثمان فحفظ القرآن ثم واصل دراسته في مدرسة النهضة حتى حصوله على الثانوية العامة ثم التحق بالمعهد الفني قسم الكهرباء ونال الدبلوم وبحكم حبه لهذه لمدينة الجميلة وعشقه لأهلها ووفائه لها لم يفكر في الابتعاد او الخروج منها فآثر العيش فيها وتزوج ورزقه الله بخمسة من الابناء (ثلاثة ذكور وابنتان) ولم يغادرها الى يوم وفاته.

 

ففي مطلع الستينات من القرن الماضي بداء الفنان الراحل مشواره الفني، فذاع صيته وتألق كملحن ومطرب ، وكواحد من ابرز فرسان الاغنية اليمنية في عصرها الذهبي في عدن ، وكان ذلك من خلال احيائه للحفلات العامة والتسجيلات الاذاعية والتلفزيونية وتغنى بألحانه الشجية مجموعة من المطربين والمطربات ولقد اثرى الساحة الفنية بالعديد من الاغاني والالحان العذبة والاصيلة.

 

اما حياته العملية فقد بدأها في مصافي عدن ثم الخزينة العامة ، ولحبه وشغفه بالموسيقى انتقل عام1976 م للعمل كمشرف للقسم الموسيقي في  معهد الفنون الجميلة ومثلما كان مبدع اً في الغناء وماهراً في التلحين فقد كان مبدعاً ايضاً في هندسة الصوت بتلفزيون عدن.

 

وبما ان الفقيد كان يتمتع بثقافة فنية عالية ، وبحرص واهتمام بالفن والتراث اليمني فقد ساهم كثيراً في التوثيق الفني وخاصة في مجال التراث والتاريخ المعاصر للأغنية اليمنية وله مؤلفات قيمة في هذا المجال أهمها (لمحات من تاريخ الاغنية اليمنية الحديثة ).

 

وتقديراً لجهوده في تطوير الغناء اليمني وكتاباته الراصدة والتوثيق في الثقافة والفن ، تحصل الفقيد على العديد من الاوسمة والميداليات منها الميدالية الذهبية عام 1984م من الرئيس الاسبق على ناصر محمد والميدالية الذهبية عام 1985م في مهرجان بابل في العراق وشهادة تقدير ووسام نوفمبر عام 1977م من الرئيس علي عبد الله صالح وذلك تقديراً لدوره البارز في تحقيق الاستقلال الوطني والوحدة اليمنية كما نال العديد من الشهادات التقديرية من المؤسسات الثقافية والابداعية وكان نم ابرز المكرمين من قبل وزارة الثقافة السياحة اليمنية عام 2004م ضمن فعاليات (صنعاء عاصمة الثقافة العربية).

 

وفي صباح يوم الثلاثاء 30/8/2005م وبعد صراع طويل ومرير مع المرض وفي احدى المستشفيات الاهلية بعدن، توقف قلب الفنان المثقف طه فارع عن النبض لينتقل الى جوار ربه ، ولسان حاله يقول :

وصيتي نفذا  عهدي   واوفوا الكيل والميزان

وصونوا حبيبي ومحبوبي   ولا تحسبوه في عالم النسيان

 

تغمدك الله بواسع رحمته ، واسكنك فسيح جناته، والهم اهلك وذويك وصحبك الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.