آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-07:13ص

ملفات وتحقيقات


قياديات يمنيات ينتصرن لحقوق للمرأة

الخميس - 18 سبتمبر 2014 - 06:48 م بتوقيت عدن

قياديات يمنيات ينتصرن لحقوق للمرأة
قياديات يمنيات ينتصرن لحقوق للمرأة

((عدن الغد)) خاص:

كتب / ناصر مطهر

 

عندما تنضوي امرأة يمنية للعمل تحت مسمى المساواة وتمكين المرأة وإلغاء التمييز بين الأنواع الاجتماعية فحينها لا بد أن تتميز بعدة صفات وتتسم بمجموعة من السمات التي تميزها عن غيرها لأنها بهذا العمل تتحدى مجتمعاً ذكورياً بحتاً بالنسبة لما تهدف إليه.

 

ومن أبرز هذه الصفات أن تكون صبورة جداً، فأن تناضل من أجل هذه القضية في المجتمع اليمني المنغلق تماماً عن كل الأفكار التقدمية فذلك أشبه بمن يحفر بئراً بإبرة.

 

كما أنها يجب أن تتحلى بإيمان راسخ بهذه القضية ينازع الجبال شموخاً ويطاولها رفعة، فالمشكلة الكبرى ليس بالرجل اليمني فحسب، ولكنها تكمن أيضاً بثقافة بعض النساء اليمنيات اللاتي لا يؤمن بتلك الحقوق و لا يدركن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " النساء شقائق الرجال ".

 

وينبغي لها أيضاً أن تصل إلى أعلى المراحل التعليمية حتى تثبت أن المرأة اليمنية قادرة على النجاح، واصلة إليه بكل ما يحيطها من المعوقات والصعاب مدللة على أن نقص عقلها ودينها ليس سوى تهم تساق ضدها فحسب.

 

وبذلك ستصل المرأة إلى مبتغاها حينما تسعى إليه بصدق، والتاريخ اليمني قديماً وحاضراً يعج بآلاف القصص الناجحة للكثير من النساء اليمنيات اللاتي كسرن حاجز المألوف ووصلن إلى مرحلة لم يكن يتوقعها الرجل اليمني.

 

وكان لزاماً على مشروع تحديد وإبراز القيادات النسائية اليمنية الذي ينفذه منتدى القرن الواحد والعشرين بدعم من السفارة الهولندية أن يسلط الضوء على مثل هؤلاء النساء اللاتي يعملن ليل نهار من أجل الانتصار لحقوق المرأة.

 

 

رازقي سعيد:

(تستهدف عمال المصانع وتقنعهم بفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في العمل)

إيماناً منها بمبدأ المساواة ونبذاً للتمييز بين العمال والعاملات في المنشآت الحكومية والخاصة في محافظة الحديدة تقوم رازقي سعيد (44) عاماً بتقديم العديد من الدورات للعمال والعاملات تنشر فيها مبدأ المساواة بين الذكور والإناث في العمل.

 

في بداية مشوارها، قوبلت فكرة سعيد بالرفض القاطع من قبل المجتمع الذي اعتبرها تحمل أفكاراً غربية بعيدة كل البعد عن المجتمع اليمني، ولكن إصرارها الذي لا يضاهي لم يمنعها من تكرار المحاولة لأكثر من مرة حتى استطاعت إقناع مالكي المصانع بالسماح لها بعمل دورات تثقيفه عن النوع الاجتماعي للعمال في مصانعهم.

 

بعدها بدأ العمال والعاملات بتقبل فكرة المساواة في العمل بين الرجل والمرأة، وقامت سعيد بإعطاء مالكي المصانع الذين سمحوا لها بتنفيذ دوراتها، شهائد تقديرية حتى تستطيع كسبهم إلى صفها، وبالفعل تمكنت سعيد من ذلك وأصبح مالكي المصانع هم الذين يطلبون من سعيد عمل دورات لعمال المصانع.

 

كان العمال هم الفئة الأهم بالنسبة لسعيد الذي جعلت إعطاؤهم الدورات من أولوياتها، كونهم أكثر الناس الذين يحتاجون إلى التوعية بعدة جوانب فيما يخص النوع الاجتماعي والتي منها قانون العمل والمساواة بين الرجل والمرأة في العمل والقضاء على التمييز بين الرجل والمرأة في العمل.

 

نفذت سعيد معظم برامجها بتعاون من مكتب محافظة الحديدة ولكن على الرغم من توقف دعم المحافظة في هذا العام إلا أن الرسالة التي تحملها لم تتوقف بتوقف الدعم فهي تحاول بكل جهدها أن تستمر بعملية التوعية معتمدةً على الخبرة التي تملكها في هذا المجال.

 

وتوجه سعيد لومها للمجتمع الذكوري قائلةً: "بعض الرجال غير قادرين على استيعاب المساواة مع المرأة ومازالوا ينظروا إلى المرأة بنظرة دونية بينما المرأة لا تريد شيئاً سوى المساواة." مشيرةً إلى أنها أقنعت العديد من الرجال بفكرة النوع الاجتماعي والذين تحولوا إلى مساعدين لها في عملية التوعية.

 

 

رونزا أحمد :

(تنشر مفهوم النوع الاجتماعي عن طريق الأدلة من الكتاب والسنة)

عندما يتسلح الفرد بالإصرار فإنه لابد من أن يصل إلى غايته، وهذا ما تحلت به رونزا سعيد(30) عاماً التي تعمل سكرتيرة في مكتب الأشغال في المنصورة محافظة عدن عندما حاولت إيصال فكرة عمل المرأة إلى المجتمع المحيط بها.

 

 فلم تستسلم ولم تترك العمل في هذا الجانب بحجة عدم التجاوب من المجتمع، ولكنها جعلت من هذا المعوق فرصة للنجاح وهو الذي خلق لديها الحافز في إقناع المجتمع بفكرتها وعمل بكل ما أوتيت من قوه من أجل توصيل هذه الفكرة.

 

استخدمت أحمد مختلف الوسائل لإيصال فكرتها إلا أنها رأت أن الاستمالة العاطفية من خلال استخدام الدين هو الأقرب لعقول الناس وقلوبهم، وبدأت بفكرة استخدام الأدلة من الكتاب والسنة والتي من خلالها ستتمكن من إيصال فكرتها إلى المجتمع الذي يعد متحفظاً، على الرغم من أن عدن تعد الأكثر انفتاحا على مستوى المحافظات اليمنية ولكن المجتمع لا يزال غير قادر على تقبل فكرة جديدة تطرح عليه للمرة الأولى.

 

منذ قرابة أربع سنوات وحتى الآن وما تزال أحمد تعمل في هذا المجال من أجل الانتصار لحقوق المرأة التي تقول بأن حقوقها سلبت في كثير من الأحيان، وأقنعت الكثير بهذه الفكرة بالرغم من المعارضة التي تعرضت لها من قبل المتعصبين دينياً.

 

وليس فكرة المساواة في العمل بين الرجل والمرأة حديثة أو وليدة اليوم، ولكن المرأة تعمل منذ أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، والتي تقول أحمد بأن مشاركتها في الحروب كان أكبر دليلاً على عمل المرأة في مختلف المجالات وليس في مجال واحد فحسب.

 

ولكن المشكلة التي تراها أحمد هي الثقافة السائدة والموروثة لدى الناس والذي خلق عائق أمامها في تقبل فكرة المساواة في العمل بين الرجل والمرأة.

 

وتختتم سعيد حديثها بالقول: "كلاً من الرجل والمرأة يكمل الآخر في المجتمع ويجب أن لا يهمش أي طرف الآخر فالتنمية هي الشي الوحيد الذي يمكن أن يعمل الجميع لتحقيقه."

 

ريما عبدالله :

(تكسر مفهوم التبعية للرجل التي فرضتها التنشئة الاجتماعية)

من  العاصمة الاقتصادية عدن والتي تعد من أكثر المحافظات انفتاحا تبرز ريما عبدا لله (34) عاماً التي تحضر درجة الماجستير في النوع الاجتماعي، والتي تعتبر عملها في جانب التوعية بالنوع الاجتماعي خدمة مجتمعية تقدمها من أجل الأخذ بحق المرأة.

 

وأكثر ما يستفز عبدالله في مجال النوع الاجتماعي هي المناهج الدراسية التي تقول عنها بأنها لا تكرس لمفهوم النوع الاجتماعي وأنها دائماً ما تفضل الذكر على الأنثى وهذا على حد قولها دليلاً على عدم اعتراف السلطات اليمنية بمفهوم النوع الاجتماعي.

 

وأكثر ما دفع عبدالله للعمل في مجال النوع الاجتماعي والاهتمام به هو الانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها المرأة وعدم معرفتها لحقوقها، حيث أنها تواجه في بعض الأحيان نساء لا يعرفن حقوقهن.

 

وليست المناهج الدراسية وحدها هي التي تشير في مضمونها إلى أن مكان الذكر هو العمل ومكان المرأة هو المنزل، ولكن التنشئة الاجتماعية أيضاً جعلت من المرأة تابعة لعقلية الرجل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تخول للذكر يستحق مكانة أعلى من المرأة.

 

كل هذه الأسباب وغيرها جعلت من عبدالله تنخرط في مجال التوعية بالنوع الاجتماعي منذ أن كانت محامية وقامت بالعديد من حلقات التوعية في هذا الجانب وخصت دراستها فيه وشاركت في العديد من الأبحاث حول النوع الاجتماعي، كما نظمت أيضاً العديد من الدورات التدريبية من أجل أن تحقق العدل والإنصاف للمرأة اليمنية.

 

ومن الطبيعي أن يواجه مفهوم النوع الاجتماعي معارضة من قبل المجتمع الذكوري كونه لا يتقبل أن ترتفع المرأة إلى مكانته وتتمتع بما له من حقوق وما عليه من واجبات، ولكن الملفت للنظر هو أن تكون هناك معارضة من قبل النساء أنفسهن لمفهوم النوع الاجتماعي الذي يحقق لهن المساواة.

 

إلا أن عبدالله لا توجه اللوم للنساء بقدر ما توجهه للتنشئة الاجتماعية التي جعلت من المرأة مجرد تابعة للرجل والتي تقول عن ردة الفعل المعارضة : "النساء المعارضات لمفهوم النوع الاجتماعي هن اللاتي يسيطر عليهن عقل الرجل ولهذا فإنهن يقمن فقط بعملية إفراغ لعقله فقط."

 

وتطمح عبدالله لأن توصل فكرة النوع الاجتماعي لكل فرد في المجتمع اليمني وخصوصاً النساء ليعرفن مكانتهن في المجتمع كما تتمنى أن يتم تبني مفهوم النوع الاجتماعي من قبل الحكومة اليمنية.

 

هناء هويدي:

(تدافع عن حقوق المرأة الريفية التي تعتبر ركيزة العمل الريفي)

من محافظة تعز الحالمة نأخذ مثالاً للمرأة الريفية، هناء هويدي (51) التي تربت ونشأت في مجتمع قروي بحت وعملت في الزراعة والرعي ونقل الأحطاب وجلب الماء وغيرها من الأعمال الريفية التي يمارسها المجتمع القروي، ولكن عند خروجها إلى المدينة وضعت فكرة إنصاف المرأة الريفية من أولوياتها.

 

تعمل هويدي في اللجنة الوطنية للمرأة كمدربة في إدماج قضايا النوع الاجتماعي في السياسات العامة للدولة، وتحاول جاهدةً إيصال صوت المرأة الريفية التي تقبع على سفح الجبال وفي قيعان الأودية إلى صناع القرار.

 

ومن منطلق أن المرأة قادرة على العمل والإنتاج في مختلف الجوانب، كان لابد من أن تقوم هويدي بالدخول في خضم التوعية بالنوع الاجتماعي إيماناً منها بأنه لا يوجد هناك أي فرق بين عمل الرجل أو المرأة فكلاهما قادر على الإنتاج.

 

وربما تداخل مصطلح النوع الاجتماعي مع مصطلح الجنس وهو الأمر الذي أدى إلى خلق معارضة كبيرة واجهتها هويدي عند نشرها لفكرة النوع الاجتماعي، وأيضاً العنوان الذي يحمله مفهوم "تحرير المرأة" هو من الأشياء التي خلقت تحسس عند بعض القيادات خصوصاً الدينية.

 

ولعل هويدي أكثر حظاً من غيرها من العاملات في مجال التوعية بمفهوم النوع الاجتماعي، فرجال الدين الذين أيدوا فكرتها وأوضحوا أن النوع الاجتماعي يدعو إلى المشاركة الفاعلة لكلا الجنسيين في عملية التنمية، كان له أثر مباشر أدى إلى تقبل المجتمع لفكرة النوع الاجتماعي.

 

وتختلف التوعية عند هويدي  التي تتنقل بين المحافظات من منطقة إلى أخرى، ولكنها تركز على مفهوم المساواة التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف.

 

ولكن نقطة الخلاف بين رجال الدين حول النوع الاجتماعي هو تفسير الآيات القرآنية فبعضهم يقول بأن الله وضع الفرق بين الذكر والأنثى كفطرة إنسانية ولكل جنس مهمته الاجتماعية التي يقوم بها.

 

وترسل هويدي رسالتها لكل ناشطة في النوع الاجتماعي قائلة : "ضروري أن يتم النظر إلى المرأة الريفية فهذا استحقاق تنموي لكل النساء، فإذا لم يتكاتفن ستظل مسألة المساواة مستحيلة التنفيذ وستقابل بتحدي أكبر من قبل مجتمع يرفض مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة."

 

رجاء القدسي:

(تدرج التوعية بالنوع الاجتماعي ضمن دوراتها في مختلف المجالات)

من محافظة تعز أيضاً ولكن بطريقة أخرى لنشر التوعية بالنوع الاجتماعي، تقوم رجاء القدسي (33) عاماً بالتدريب في مجالات العمل التنموي كما تعطي أيضاً دورات في المناصرة، والتوعية بالنوع الاجتماعي لابد وأن تأخذ نصيباً من تدريبها.

 

تقول القدسي بأنها تتطرق لموضوع النوع الاجتماعي ضمن دوراتها حتى تقضي على التفرقة بين الرجل والمرأة، وتعمل القدسي جاهدةً لتنشر التوعية في هذا المجال ضمن دوراتها التدريبية إيماناً منها بمبدأ المساواة.

 

ومن الطبيعي أن تجد القدسي كغيرها من النساء العاملات في هذا المجال انتقادا ومعارضة من قبل المجتمع، ولكن في حال أن المرء مؤمناً بالفكرة التي يسعى لنشرها فإنه لا بد وأن يمضي قدماً في هذا المجال، وهو الامر الذي تقوم به القدسي.

 

وتقول القدسي بأن الأفراد يبدأ بتقبل فكرة النوع الاجتماعي عندما ينخرطون في العمل، وهذا يعد إحدى الحوافز التي يشجع القدسي على إكمال مسيرتها في هذا الجانب.