آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-03:20م

أخبار وتقارير


قالت انهم حجر عثرة في طريق استقرار اليمن.. صحيفة لندنية: الحوثيون يسعون للسيطرة على كل المناطق الزيدية

الجمعة - 19 سبتمبر 2014 - 04:13 ص بتوقيت عدن

قالت انهم حجر عثرة في طريق استقرار اليمن.. صحيفة لندنية: الحوثيون يسعون للسيطرة على كل المناطق الزيدية
صور بثها ناشطون للاشتباكات الليلة التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء - عن موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك

لندن(عدن الغد) العرب الدولية:

 قالت صحيفة لندنية ان " الحوثيين يقوضون أركان الدولة بقوة السلاح من أجل بسط سيطرتهم عليها"..

وأوضحت صحيفة العرب الدولية في تقرير نشرته (الخميس) انه " يبدو جليا، في الآونة الأخيرة، أنّ الحوثيين أصبحوا يستغلون الوضع الأمني الهشّ في اليمن، من أجل تحقيق مكاسب سياسية لهم ولحليفهم الإيراني على الأرض، في ظلّ تواجد حراك انفصالي متشدّد في الجنوب".

وقالت " ما أضحى يُنبئ بتواصل الأزمة التي تعيشها البلاد واستحالة تطبيق حلّ التقسيم سداسي الأقاليم الذي تم اقتراحه، حسب دراسة للباحث عبدالوهاب بدرخان، صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية".

 

واضافت الصحيفة " رغم وجود رعاية خليجية ودولية للحل السياسي في اليمن، ومتابعة دقيقة من مجلس الأمن الدولي لمجريات هذا الحل، وكذلك وجود مشاركة عسكرية ثابتة من الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم "القاعدة"، فإن اليمن يواجه صعوبات كبيرة، بعضها ذاتي داخلي وبعضها الآخر خارجي، وهي صعوبات تحول دون استرجاعه لاستقرار كان هشّاً في أساسه, بل إنّ اليمن يُعتبر من بين الدول الواقعة تحت مخاطر متفاعلة لا تزال تهدد وجود دولته ونسيجه الاجتماعي".

 

وفي هذا السياق تشير دراسة عبدالوهاب بدرخان إلى أنّ العمليات الإرهابية التي تمّ تنفيذها في عدد من مناطق الجنوب، مؤخراً، وخصوصاً حضرموت، وكذلك المواجهات الدامية في محافظة الجوف، بالإضافة إلى فشل المفاوضات مع الحوثيين، كلها عوامل تؤكّد وُجود واقعين في اليمن، أحدهما افتراضي عنوانه “العملية السياسية”، والآخر فعلي له عناوين كثيرة تتمثّل في الحروب الدائرة مع الحوثيين وتنظيم “القاعدة”، وبدرجة أقل مع “الحراك الجنوبي” الطامح إلى الانفصال.

 

وقالت ان " هذه الحروب هي التي جعلت العملية السياسية “افتراضية”، بمعنى أنها لا تزال جارية مبدئيا ونظريا لكن التطورات الميدانية تُظهرها كما لو أنها معطّلة، إذ ليس واضحا مقدار تقدُّمها أو المدى الزمني المطلوب لإنجاز الدستور الجديد، ومن ثمّ للشروع في تنفيذ ما يسمّى “مخرجات” الحوار الوطني".

 

ما الذي يريده الحوثيون؟

 

جاء الحراك الحوثي الأخير على خلفية رفع الدعم عن أسعار الوقود، ليستغل الضائقة الاقتصادية والمعيشية لأغراضه السياسية. فالحوثيون الذين توسعوا عسكرياً خارج منطقتهم، محافظة صعدة في الشمال، ووصلوا إلى مشارف العاصمة صنعاء، باشروا بشنّ حملة عمدوا فيها إلى تقليد انتفاضة العام 2011 بإقامة خيام الاعتصام للضغط من أجل إسقاط الحكومة الحالية. وهدفهم الظاهر هو الاحتجاج على إجراءات اقتصادية تعتزمها هذه الحكومة، أما الغاية الحقيقية فهي استثمار سيطرتهم على محافظة عمران التي أدّت إلى إضعاف حزب الإصلاح، الواجهة السياسية للإسلاميين عموماً وجماعة “الإخوان المسلمين” خصوصاً، وهذا الحزب بات في نظرهم مستحوذاً على عدد من الحقائب الوزارية التي لا تتناسب مع نفوذه الواقعي. وبالتالي فإن الحوثيين يريدون وجوداً لهم في التركيبة الحكومية.

 

وفي هذا السياق، يرى بعض المحللين أنّ استبعاد الحوثيين من الحكومة الانتقالية التي شُكّلت إثر تنحّي الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان خيارا تحف به العديد من الأخطار والتحديات، إذ كان هناك حرص على حضور جنوبي في هذه الحكومة لإبعاد أيّة شبهات بالتمييز، كما أن تمثيل الإسلاميين أريد منه أن يَرمز جزافا إلى “انتصارهم” في المواجهة مع نظام علي صالح، لكن جرت المحافظة على “تقليد” استبعاد الحوثيين.

 

    الحوثيون اعتمدوا معيارا خاصا بهم لـ"الإقليم الزيدي" الذي يناسب تطلعاتهم

 

ورغم أن هؤلاء أبدوا استياءهم، فقد شاركوا في الحوار الوطني وعزموا على معالجة الأمر ميدانياً أولاً بطرد جماعات السلف من صعدة، ثم بالتمدّد إلى عمران حيث طردوا آل الأحمر (زعماء حزب “الإصلاح”) من مسقط رأسهم ومعاقلهم التاريخية، بل مزّقوا عملياً تحالفاتهم التقليدية مع قبائل المنطقة التي استطاع الحوثيون استمالتها تمويلاً وتسليحاً. وهذا ما فعلوه في أكثر من منطقة منتهزين فرصة انهيار قدرات “الإصلاح” على رعاية القبائل، بعد تراجع الدعم السعودي بسبب الهيمنة “الإخوانية” على هذا الحزب.

 

ولعل التهديد الذي بات يشكّله الحوثيون لمجمل العملية السياسية هو ما دعا سفراء الدول العشر الراعية لهذه العملية (خمس دول من مجلس التعاون الخليجي والدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن) إلى توجيه تحذير إلى هؤلاء، بعدما أصبح تحرُّكهم مستمراً ومنسَّقاً، بل إنه في طريقه إلى تغيير طبيعة الأزمة ومآلاتها. لكن عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة “أنصار الله” المدعومة من إيران، تحدّى هذا التحذير بتحذير مضاد من أيّ تدخل عسكري خارجي.

 

هل تحل استقالة الحكومة الأزمة؟

 

صحيح أن الحكومة الحالية عرضت استقالتها خلال شهر مع إعادة النظر في قرار خفض دعم أسعار الوقود وعرضت تسهيلاً لتشكيل حكومة جديدة، لكن مشاركة الحوثيين فيها لن تكون أمرا سهلا وسلساً، لأنها أولاً ستعني بداية استحواذ هؤلاء على الحكم، وثانياً لأنهم يريدون إنهاء الصيغة المتّبعة منذ عقود بالتحالف بين حزبي “المؤتمر الوطني” (الحاكم سابقاً) و”الإصلاح”، وثالثاً لأن الحوثيين يتطلعون إلى احتلال وزارات التربية والإعلام والأوقاف وغيرها، التي فضّل “الإصلاح” دائماً الاستئثار بها، مبتعداً عن الوزارات الخدمية التي تجتذب الكثير من الانتقادات بسبب ضعف الإمكانات وتخلف البنية التحتية.

 

وفي هذا السياق، فإن استقالة الحكومة قد تطرح حلا لأزمة وتكون شرارة لأزمة أخرى، قد يشتدّ معها الصراع ذو البعد الطائفي الآخذ في التصاعد، بعد وضوح سعي الحوثيين إلى السيطرة على كل المناطق التي كانت معروفة تاريخياً بأنها زيدية. فالملاحظ على المستوى الاجتماعي أن البيئات الزيدية التي لم تكن متعاطفة “مذهبياً” مع الحوثيين، وكانت داعمة لمطالبهم التنموية في صعدة، باتت الآن أكثر تفهّماً لتمدّدهم العسكري إلى “المناطق الزيدية” حتى لو لم تكن معنيّة بالانتماء الحوثي إلى الشيعة الاثني عشرية.

 

ولا شك أنّ رعاة العملية السياسية يجدون أنفسهم أمام صراع لم يتحسّبوا له، بل لا يملكون له حلولاً ناجعة ودائمة، فالأزمة اليمنية برهنت أكثر من مرّة أنها أشبه بالرمال المتحركة، وأنّ اللاعبين الميدانيين أكثر إدراكاً لكيفية التعامل البراغماتي مع البيئات والجماعات التي تعاني الفاقة والعوز ونقصاً فادحاً في التنمية، ولذلك فهي تناصر عادةً أيّة جهات قادرة على تلبية حاجاتها المباشرة.

 

    الحوثيون مزقوا عمليا تحالفات الإخوان التقليدية مع قبائل منطقة صعدة واستطاعوا استمالتها تمويلا وتسليحا

 

ما الذي يمكن أن يسببه الحوثيون؟

 

في سياق آخر، يشير الباحث عبدالوهاب بدرخان في دراسته إلى أنّ عددا من المراقبين ذهبوا إلى فرضية مفادها أنّ جماعة الحوثي لا ترمي إلى السيطرة على مجمل البلاد، لكنها بالمقابل تعمل حالياً وبشكل رئيسي لتحقيق هدفين، أولهما استراتيجي وهو توطيد الهيمنة الحوثيّة على مناطق الزيود، والثاني تكتيكي يرمي إلى تحصيل حصة في الحكومة القادمة تتناسب مع نفوذه الجديد.

 

ورغم أنّ التطوّرات تجعل من هذين الهدفين نتيجة طبيعية للأمر الواقع، فإنّهما يطرحان بقوّة إعادة نظر في صيغة الأقاليم الستة المقترحة، والتي يُفترض أن تُعتمد في الدستور إعداده لليمن كـ “دولة اتحادية”.

 

وفي هذا الإطار، لم يُخْفِ الحوثيون اعتراضهم على التقسيم الذي ضمّ كلاّ من صعدة وصنعاء في إقليم واحد، كما انتقد آخرون المعايير التي اتُّبعت في رسم الأقاليم إما لعدم مراعاتها للاعتبارات الاجتماعية وإما لعدم تقديرها لمسألة الموارد الطبيعية والاقتصادية.

 

فالمعنيّون بالجنوب مثلاً لم يحبذوا تقسيمه إلى إقليمين، والمعنيّون بمستقبل صيغة اتحادية قابلة للعيش وجدوا في التقطيع الجغرافي تعزيزاً لأقاليم وإجحافاً لأخرى. أما الحوثيون فتبنّوا مقاربة مختلفة واعتمدوا معياراً خاصاً بهم لـ “الإقليم الزيدي” الذي يناسب تطلعاتهم، ويريدون ترسيمه على الأرض بمعزل عن مخرجات الحوار الوطني أو إرادة الرعاة الدوليين.

 

وبناء على ما سبق، يخلص عبدالوهاب بدرخان في دراسته الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إلى سؤال مفاده، هل يحمل “التمرّد” الحوثي، المعتمد على الضغط العسكري والسياسي و”المذهبي”، أطراف العملية السياسية إلى تعديل صيغة الأقاليم بحيث تتقلّص مثلاً من ستة إلى ثلاثة (زيدي وشافعي وجنوبي)، مع ما تنطوي عليه من احتمالات أزمات داخلية وإقليمية في المستقبل؟ ورغم أن مثل هذا التقسيم لا يزال مجرد كلام، فإن تعذّر مواجهته على الأرض، بسبب انشغال الجيش اليمني بأكثر من حرب داخلية، يعني أنه سيحفر معالمه واقعياً ليفرض مزيداً من التأخير لإنهاء المرحلة الانتقالية.

 

الأهم، حسب الباحث، أنه سيكرّس معطيين لا يمكن اعتبارهما في مصلحة أيّ استقرار منشود: فعدا أنه يُضعف إمكانات محاربة إرهاب “القاعدة”، فهو لا يتضمّن معالجة لوجود فريق مسلّح ينافس سلطة الدولة ويتحدّاها، ومن جهة أخرى يشكل اعترافاً غير مباشر بتدخل ووجود إيرانيين على طول الحدود اليمنية – السعودية.