آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-12:22م

ملفات وتحقيقات


من ذكريات الجنوب: "الطبل" الذي كاد ان يعطٌل مساراً حضاريًا

الأحد - 28 سبتمبر 2014 - 07:36 م بتوقيت عدن

من ذكريات الجنوب:   "الطبل" الذي كاد ان يعطٌل مساراً حضاريًا

عدن ((عدن الغد)) اص:

كان لجيش الجنوب العربي الأول ( كان اسمه "جيش محمية عدن" من 1927 إلى 1961 ثم أصبح "جيش الاتحاد النظامي" بين عامي 1961 و1967)  كانت لديه فرقة موسيقية معتبرة تصول وتجول في شوارع عدن في المناسبات بما في ذلك الاحتفاء بميلاد رسول الله صلى الله علية الذي كانت تقوم به الطريقة الاحمدية في الشيخ عثمان

قرأت قصة ممتعه عن انشاء هذه الفرقة في كتاب باللغة الانجليزية " الجيش – تاريخ جيش محميات عدن 1927-1961 و جيش الاتحاد النطامي 1961-1967"  والذي الفه فرانك ادواردز وهو كتاب اقتنيته عبر برنامج "امازون"

 

ولدهشتي اكتشفت ان قاص هذه الحكاية هو والدي يرحمه الله الذي أصبح لاحقا أول قائد عربي ل"جيش محمية عدن"  وكان يرحمه الله يكتب عمودا في جريده " الجنبية" عن تاريخ ذلك الجيش العظيم الذي كانت مهامه تتعدى الجنوب العربي إلى مناطق عده في الخليج العربي واجزم ان كاتب هذا الكتاب اقتبس ما جاء فيه عن فرقه الموسيقى تلك من احد اعمدة ابي في "الجنبيه".

 

يذكر الكاتب في صفحتي 85 و86   "في 13 يناير أقيم عرض عسكري بمناسبة عيد ميلاد الملك شاركت فيه فرقه من الجيش تعدادها 150 شخص وفيه عزفت فرقه  "جيش محمية عدن"  "موسيقى المرور على القائد". وكانت هذه المرة الأولى يأتي فيها ذكر إي فرقه موسيقية   تابعه "لجيش محمية عدن"

ثم يضيف الكاتب:" وقد حكى احمد الخضر (السياري) قصة بداية هذه الفرقة بالقول " عند تأسيس الجيش في عام    1928 عُين نافخا بوق  ليقوما بالتبويق في الصباح والمساء وهما صالح سالم يافعي وصالح يحي يا فعي"

" في العام 1936 امر الكولونل روبنسن بالحصول على طبل ومزمار فاحضرنا طبلا  محلي  الصنع مصنوع من جذع شجر تم تجويفه ووضع جلد ماعز  تم صقله وتمديده  على فتحتي الجذع المجوف واحضرنا "مزمارا"   محلي الصنع أيضا مصنوعا من رجل نسر حجمه لا يزيد عن حجم سيجارة. وبذا فالفرقة بدأت بالفعل بنافخي بوق وطبال وعازف مزمار"

 واستطرد احمد الخضر:" وعند الحاجة لاستعمال اكثر من طبل واجهتنا معضلة وهي رفض الجنود الطبالة للنظرة الدونية القبلية للطبالين واعتبار مهنة الطبالة على انها  مهنة فيها "عيب" وقد هددت هذه المعضلة استمرارية الفرقة الموسيقية فاجتمع الكولونيل ليك بالضباط العرب وكان  الخضر محسن واحمد ناصر وانا من بينهم.

" كان رأي الخضر محسن واحمد ناصر بان الطبالة " عيب" ولم اوافق انا على ذلك مبنيا رايي على ان كثير من التقاليد القبلية غير عقلانية وان نحن تبعناها دون تفكير ورؤية لقررنا ان التجارة هي أيضا "عيب" حسب تقاليدهم "

" اتصل الكولونل روبنسون باللورد هاملتون الذي كان قائد "القوات المتحركة" ( والتي سميت لاحقا الحرس الوطني) الذي بدوره استفسر من ضباطه احمد صالح مقطري ومبارك عبدالله عولقي عن الموضوع واللذان وافقاني الراي في عدم وجود عيب ضمني  في الطبالة بل ان احمد صالح مقطري – الذي هو من قبيله من اليمن – أضاف بان شيخ قبيلته يقوم بالتطبيل هو نفسه عندما يعلن حربا على قبيلة اخرى."

" بعد ذلك اجتمع الكولونيل روبنسون واللورد هاملتون وضباط الجيش الثلاثة وضابطا الحرس الوطني فأصر الخضر محسن على رأيه بان الطباله عيب بينما اقترح  احمد ناصر بان "التطبيل بطبل واحد عيب لكن التطبيل بطلبين ليس بعيب" مما اضحكنا جميعا"

واكمل احمد الخضر  القصة بالقول " وكنتيجة لذلك كُونت فرقة صغيره مكونه من  أربعة طبالين وأربعة عازفي أبواق واثنين من لاعبي المزامير" وكان أول قائد لها صالح سالم يافعي

" وفي عام 1941 طلب القائد مساهمه ماليه من تجار عدن مكنت من إضافة قسم الآلات النحاسية إلى الفرقة الذي تم التدريب عليها من قبل شخص عمل قبل ذلك مع الفرقة الموسيقية القعيطيه وقد تبعه في التدريب بين عامي 1943 و1946 موسيقي من لحج. وكان أول قائد بريطاني للفرقة هو الرقيب باني الذي أصبح في ما بعد ضابطا في الجيش الاتحادي"

( انتهت قصة احمد الخضر)

ثم أضاف الكاتب" انه لمن الملفت ويثير الإعجاب فعلا  هو ان هولاء الموسيقيين  تمكنوا – ليس فقط من قراءة  نوته الموسيقى الغربية -فقط وعزفها في فهم هارموني مدهش ولكن أيضا من استعمال هذه الأدوات الموسيقية في عزف مقطوعات عربيه لأول مرها

وفي 29/11/ 1965 في "عرض يوم الجيش" كان كل أعضاء الفرقة الموسيقية من العرب"

الملفت في هذه القصة أشياء منها:

اهتمام الانجليز بعدم اهانة التقاليد القائمة في المجتمع

اهتمام الانجليز إلى الوصول إلى حلول بالإجماع

إمكانية الجمع بين القبلية والبراغماتية

*من عبدالله احمد السياري