آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:46ص

أدب وثقافة


خاطرة: رَحيلُكِ

الأربعاء - 01 أكتوبر 2014 - 08:43 ص بتوقيت عدن

خاطرة: رَحيلُكِ
وأبقى أنا وَهْمَ الشَّجَنِ والحبِّ والعشقِ والذكرى.

عدن((عدن الغد))خاص:

 


إلى تلك التي رَحَلَتْ، ولَـمْ يَبْقَ مِنها سِوى مِنديلٍ أحْمَرَ تَرَكَتْهُ بَعد أن كَفْكَفَتْ دَمْعَها. لستُ أنسى أني أعاني من تشوهات دَمعِي الحارقِ، أَيَّـمَّا توجهتُ اشتَمَمْتُ رائحةَ أَلَـمِ الذِكْرَى ، يزعُمُ كلُّ مَن يقابلني أنني مخمورٌ، وما دَرَوا أنَّ شرابَ عِشْقِها ما زالَ يُـخامِرُ لُبِّي، وأنَّ عَيناي فَضَّلَتْ لَونَ الاحْمِرارِ، واختارَ جَسَدي حالةَ الوَهَنِ تَسْكُنُه، وأنَّ آخِرَ ليلةٍ نامتْ فيها عيناي هي بين ثَدْيَيْكِ، وأنَّ أوتاراً مِن فَمِي أَبَتِ التَّقَوُّسَ وتَصَلَّبَتْ لِهذا الاغترابِ.

 

لا حديثَ داخلي، فقط لأنكِ كُنتِ داخلي، ومُـحاوِرِي الذي به لا أستوحش، حتى صَوتُ النايِ رَحَلَ بِرَحِيْلِها وذَبَلَتْ ضَحْكَةُ الأطفالِ وباتَتْ ابتسامةُ الـمُتَكَلِّفِ غايةُ ألوانِ الفَرَحِ لَدَيَّ. أَنْتَحِبَ أنا والليلُ، وتَتَنادَى لِنَحِيْبِنا كُلُّ الأرضِ وجزءٌ مِن سماء، وتُعاضِدُ هذا النحيبَ بعضٌ من مفردات الحزْن؛ ليَطْلُوَهُ ماءُ الدمعِ بكثيرٍ مِن عتيقِ الذِّكْرى، فيما الجرحُ يَتَرَقَّبُ مُكْتَفِياً بطَفِيفِ حُضُورٍ في بادئ النحيب. هنا ضَعِي يَدَكِ على صَدْرِي لِيَسْتَعِرَ طَرَفُ يَدِكِ مِن حُرْقَةِ رَحِيْلِكِ لأجْمَعَ كُلَّ رَهْبانِيَّتي في استحضارِ طَيفِ بَسْمَتِكِ، تَتْرُكُني في غيابِكِ كُلُّ غياهِبِ الحضور، وأبقى أنا وَهْمَ الشَّجَنِ والحبِّ والعشقِ والذكرى، نلعب لُعْبَةَ تركيب ذاتكِ بكل ما اكتسبنا مِن عَبَقٍ في حضورِك.


بقلم : رعد الريمي
صحفي وقاص