آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-01:59م

أدب وثقافة


الرصاصة العجماء (قصة قصير)

الأحد - 23 نوفمبر 2014 - 11:34 ص بتوقيت عدن

الرصاصة العجماء (قصة قصير)

((عدن الغد)) كتب / بسام فاضل:

زخات .. زخات متقطعة تارة تسمع بوضوح, تارة أخرى تكتم وتصدر إيقاع يرتد مع تباطؤ وتزايد الرياح ,يسترق ابسط الهمسات ويحاول أن يبطئ من حركة تنفسه عله يجد مصدرا لصوت وناحيته.

 

 فيفاجئ بدوي انفـــــــجار يضاعف من صرير البناء فيهتز, وترن عمدان نافذة صدئه تخللها رياح يتماوج معها درع ابيض مخملي مطرز بلون كحلي يسمح لهواء النافذة بان يعانق جدران الغرفة ويلج إلى داخل المنزل المحاصر بأبنية خرسانية إلا من واجهه تطل على شارع ضيق نصف مساره يستخدم لركن السيارات التي تشكل موقفا جهة العمارة, وناحيته الأخرى تتوسطها مدرسة ابتدائية ذات السور المحشور في ضيق من أمره يعتليه أسلاك لولبية ,يشكل السور أمام ناضرة خط على امتداد الشارع ينتهي من طرفيه بشاهقتين لم تضفرا بنهاية استقامتهما وإتمامهما وخلفيته التي تشاهد من موضع النافذة تقلق أبوابها على حافة عشوائية تتناثر بيوتها مغطاة بصفيح يميل إلى اللون البني الداكن .

 

كانت ساحة المدرسة ترى بوضوح وتفاصيل حركات الطلاب واجمـــــة يلعبون بأنواع متعددة من الألعاب تتراوح بين لعب الصبيان والبنات ونوع يختلط فيه الأولاد مع البنات ,برهة تلاحظ  سكون تشاهد به فقط ذوات هامات سود يدورن في ممر المدرسة يتناقلن بين أبواب موصدة  تتخللها فسحة في بلكون يواجه باحة الفصول الدراسية ,معلمتين وأكثر يتبادلن نقاش  كلما يلاحظ اهتزاز الأيدي علوا وهبوطا يسرة ويمنة وغير ذلك يقطع الصمت نفير جرس يتثاقل في تردده ويبدوا أن حجمه يعوق طارقة ويسبب له متاعب جمة وتثقل كاهله توجيهه إلى أعلا حيث يمكن سماعه في الفصول الدراسية .

 

شوق طفلتي الصغيرة .. يتمتم بصوت مبحوح يرسل زفرات بعد أن قضى ليلا يقلب أفكاره ومخاوفه من انتشار أصوات الأعــــيرة النارية ,وتلك الدوريات التي تمخر الشارع المواجه للمدرسة والتي لا تتورع في إطلاق نيرانها صوب أدنى حركة تواجهها أو فيئة تلمحها حتى أن شكاوي وصلت إلى مسامعه من أن جدران ابنيه تم رشقها ورصاصات اخــــترقت شبابيك النوافذ ,تمدد قلقه إلى أن ينبه على أفراد أسرته أن لا ينظروا من خلال  البلكونة أو الشبابيك المواجهة لمصدر الخطورة وان يتنبهوا إلى مصادر الأعيرة وان يتقوقعوا أرضا فيما أذا شعروا بقلق .

 

كان أكثر خوفه على الشقية التي تضل تلعب في زوايا البيت وتمتطــــي كرسيا عاليا لرؤية اقرأنها في الشارع والنداء على رفاقها أثناء مرورهم أراد أن ينبهها إلى خطورة هذا الفعل  وعبور الشارع الرابط بين العمارة التي تقطن بها والمدرسة .

 

دق جرس المدرسة وسمع دبيب الصبية ينثرون من  صفوفهم بكثافة وكأنها خلايا نحل في ربيع صباح يوم ندي إلى أن تداخلوا في الساحة ومن ثم البوابة الرئيسية كان يترقب أن يرى شوق بين الطلاب واجتاحته رغـــبة شديدة لضمها إلى حجره وتقبيلها ,فجأة يدوي صوت لعلعة رصاصات وزخات متواصلة كان الطلاب قد وصلوا إلى خارج البوابة وبدأوا بولوج الخط متجاوزين جزء منه حين راء عربة تشق الطريق وتجتاحه بصوت مدو يصدر من محركها يقض مضاجع الحارة ومحيطها وتطلق النار بشكل عشوائي, تارة في الهواء وتارة ناحية سور المدرسة ,باتجاه واجهات المباني تفرق الطلاب وأصوات الخوف تكتم ضجيجهم وترقمهم على بلع ألسنتهم لم يسمع سوى هياج وبكاء متشنج وتنهدات متسارعة .

 

بسرعة اتجه إلى صوب الشارع مهرولا السلم في غمضة عين حين خرج كان أطفال ينتحبون بجانب الفناء يحيطون شيء ممددا يتجه صوبه فجأة رأى دماء تبلل وجه وتخضب البياض الفاقع للدريس المدرسي وتسيل من مؤخرة خصال شعر التصق بالأرض لم يسعفه وعيه كي يحدد ملامح الطفلة التي عرفها من لبسها وغطت الدماء عينيه وحجبت الروية اقترب أكثر صاح شوق.. ابنتي كانت جثة هامدة حاول أن يضمها إلى صدره كانت تنزف من مواطن كثيرة وثقوب متعددة تنخر جسدها في صدرها ورأسها وفي يدها التي خضبتها الحمرة كانت ممسكة علم اختلط بلون الدم كانت رايتها تخبئها في صدرها تخرجه ساعة الظهيرة وتلوح به وهي مـــــارة واجهة البنايات وأثناء لعبها وقت الفسحة .

 

علم فور وصوله البيت حاملا جسد ابنته وسط نحيب نسوه شكلن زحمة بالكاد استطاع أن يخترق الجمهرة والهيجان التي جلبتها أن شخص أراد أن يحمي ابنته أصيب وان حالته خطرة وما أن وصل بجسد شوق إلى سريرها حتى أكد خبر استشهاد الشاب الذي هم بحمايتها وتطويقها مـــــــــــــــن رصاصات غادرة اجتاحت براءتها .