آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-09:52م

أخبار وتقارير


مشاهدات من داخل اعتصام المكلا.. هل تتحقق آمال العودة لحضن الجنوب؟

الثلاثاء - 25 نوفمبر 2014 - 09:28 م بتوقيت عدن

مشاهدات من داخل اعتصام المكلا.. هل تتحقق آمال العودة لحضن الجنوب؟

المكلا ((عدن الغد)) خاص:

تقرير: عارف بامؤمن

على الضفة الغربية من خور المكلا السياحي تصطف 95 خيمة على خطين متقابلين في اعتصام للحراك الجنوبي المطالب باستقلال الجنوب عن شماله.

 

في ساحة الاعتصام تتصدر كل خيمة لافتات انضمام لا تتعدى أربعة خيارات " مؤسسة حكومية أو قبيلة أو منطقة أو فريق رياضي " فيما تغيب تماما أي اشارات على وجود كيانات سياسية أو أحزاب في الساحة سوى لوحة ترحيبية بحزب الرابطة بقياد الجفري.

 

تعمل عدد من اللجان في الساحة، فهناك لجنة أمنية  لكنها غير فعّالة تماما ومهمتها تبدوا تنظيمية أكثر منها أمنية، إذ لا يخضع الزوار للتفتيش بتاتا، فيما تقوم اللجنة الاعلامية بعكس النشاطات الثورية اعلاميا والتواصل مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية ، علاوة على لجنة مالية مهمتها جمع التبرعات وصرفها وأخرى للاستقبال بينما تعمل اللجنة الإشرافية كمراقبة لعمل اللجان وخدمة المعتصمين الدائمين الذين يتراوح عددهم بين 130 ـ 150 شخصا.

 

يبدو المخيم شبه خاليا صباحا فيما يعج بالحياة ابتداء من ساعات الظهيرة استعدادا للبرنامج اليومي الذي يقام عصرا. أما الخيام فيخلو أغلبها من المعتصمين الدائمين إذ ينصب المنضمون غالبا خيمتهم كرمز للانضمام فقط.

 

في قطعة كرتون معلقة على عمود انارة كتب أحدهم ويبدوا أنه مواطن بسيط تظهر بساطته من شكل خطه " قف عند حدك 30 نوفمبر خط أحمر" لم أجد تفسيرا للعبارة لكن ما فهمته أن الرجل يحلم بتحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر المقبل.

 

" هاذيك فلوس العز شوف من شكلها تفتح النفس" هكذا يتحدث ثلاثيني بصوت عال لأقرانه عن صورة لعملة الجنوب سابقا، ولا تخلوا لهجته من نبرة للأمل بيوم يصبح فيه على دولة جنوبية.

 

على يمين وشمال منصة الساحة تنتصب صورتان عملاقتان أحدها لعلي سالم البيض وبجواره شعار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في اشارة لشرعية رئاسته، والأخرى للزعيم حسن باعوم بدت خالية من أي شعار، ولا يستبعد أن تكون هذه الخطوة لخلق نوع من التوازن ومنع أي احتكاك بين قطبي الحراك في المكلا .

 

تتناثر صور أخرى لرئيس حزب الرابطة عبدالرحمن الجفري الذي زار الساحة منذ أيام فيما غابت صور العطاس وعلي ناصر تماماً.

 

تعلو كثير من الخيام صورا لشهداء الحراك وأخرى لعملة الجنوب، وثالثة للمنتخب الكروي سابقا ومجموعة صور تجسد وحي الحياة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا.

 

وعلى غرار ساحة عدن نصب المعتصمون عدادا للمهلة المحددة لرحيل "الشماليين" ويحدثونها يوميا بحسب ماتبقي من شهر نوفمبر الجاري.

 

وأثناء ماكنت أسجل ملاحظاتي في الساحة فجأة ظهر أمامي القيادي في الحراك الشيخ أحمد بامعلم بزيه الحضرمي محتزما "معوزه التراثي" واضعاً "غطرته" على كتفه بعيدا عن الأضواء وعدسات الكاميرا، يبدو الرجل بسيطا وملتحما بالجماهير.

 

تشير الساعة إلى الرابعة والنصف عصرا، قدم وفد من منطقتي "بروم وحلة" يتراقص على أنغام لعبة الشبواني باتجاه منصة الساحة.

 

تصدر كبير في السن وخلفه 10 من الوجهاء ليتلو بيان الانضمام للساحة من على المنصة، يتحدث الرجل بلغة المنتظر للنصر مطالبا باستقلال الجنوب وبلهجة حادة عن من يسميه "الاحتلال اليمني".

 

يطالب الرجل أيضا بتوثيق وكتابة تاريخ نضال الجنوب وتعليمه للأجيال القادمة بل وترجمته إلى لغات أخرى لتعريف العالم به.

 

يبدو البرنامج فقيرا للغاية ذلك اليوم، فبعد تلاوة موجز لأهم ما تداولته الصحافة المحلية والعربية عن الجنوب، بدأ المقدم بتحفيز الجمهور وفتح الباب أمامهم للمشاركات.

 

وبعد الحاح شديد ،تقدمت عجوز من على شمال المنصة تحمل في يديها ورقة وبالكاد صعدت للمنصة، ألقت العجوز قصيدة شعرية بحماسة لا يقطعها إلا صوت أنفاسها حينما تخرج ـ تبدوا متعبة من صعودها للمسرح ـ. اختتمت القصيدة لتعرّف عن نفسها فيما بعد قائلة "أني من محافظة أبين لدي ثلاثة شهداء، زوجي واثنين من الأولاد استشهدوا في أحداث أبين " لا أدري أي أحداث تعني" لكن قدومها من أبين إلى المكلا بحد ذاته يحمل خلفه قصة حلم بدولة تعشم فيها تعويض فقدان زوجها وفلذات أكبادها.

 

مع خروج العجوز من المسرح أسدل الغروب ستاره عن مدينة المكلا، انفض الجمع باتجاه مسجد قريب فيما فضل البعض الصلاة بالساحة في انتظار برنامج سياسي يقام كل مساء.

 

من خلال تجولنا في الساحة لا يبدو هناك حراكا ثقافيا أو أدبيا أو حتى حقوقيا إلا من أغاني ثورية تصدح بها سماعات الساحة في المساء.

 

يتخذ كثير من المعتصمين موقفا مناهضا لتناول القات واعتباره دخيلا على المحافظة لكن ذلك لا يمنع من تناول العديد من المعتصمين للقات.

 

اختيار مكان الساحة لا يبدو عفويا فقبل أن يكون ساحة لمهرجاناتهم السابقة فهو يتوسط مناطق المدينة وتحيط به مجموعة من المؤسسات الحكومية والبوفيات التي ستسهل معها توفير وجبات المعتصمين كما لا يخلو من مراكز للعب " البلاستيشن" المفضلة للشباب .

 

 وعلى أية حال فلن يكون الـ 30 من نوفمبر نهاية القصة وختام النضال، إذ أعلن القيادي "بامعلم" عن استمرار الاعتصام حتى ما بعد هذا التاريخ، خوفا من أن يستشري الاحباط وتصاب عزائم الثوار بالوهن، في انتظار أدوات نضال أخرى .

 

ويبقى التحدي الأبرز أمام الجنوبيين في كيفية اقناع الخارج بمطالبهم، أم أن خيام 2014م لم تعد مزعجة للخارج كسابقاتها في 2011م.