آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-08:10م

أخبار وتقارير


قيل أن الرئيس صالح عرض عليه مليون ريال .. جنوبي مسن يطوف شوارع عدن مناديا : هذه هويتي

الخميس - 27 نوفمبر 2014 - 10:23 م بتوقيت عدن

قيل أن الرئيس صالح عرض عليه مليون ريال  .. جنوبي مسن يطوف شوارع عدن مناديا : هذه هويتي
المسن الجنوبي باحد شوارع عدن

كتب: علي الصبيحي

صنع مما تبقى من ذكريات وطنه المطموس قلادة زين بها عنقه يطوف بها  أرجاء شوارع عدن مذكرا من على قلبه غشاوة أو من في عينيه قذى قائلا : هذه هويتي أنا جنوبي .. عفوا كنت يوما كذلك أما اليوم فأنا بقايا ذكريات .. وردد الرجل المسن كلمات الشاعر الوطني سيف أحمد صلوح أشتكي من طول هجرك أشتكي فيك العذاب والمواعيد السراب أشتكي فيك اصطباري .. يا أمل يا عمر ضايع  يا بقايا ذكريات .. كنت بدري كنت شمسي كنت لي حلم الشباب...هذه ليست رواية من نسج خيالي بل واقعة حقيقة تشهد عليها شوارع عدن .

 

هكذا كان لسان لحاله حين التقينا به أنا وزملاء لي  في حي القطيع بكريتر عدن لتتوقف بنا سيارة الزميل عرفان رستم أمام ذاك الرجل المسن فباشرنا أنا والزميل زكي اليوسفي لنلتقط له صورا وهو يرتدي على عنقه قلادة لكنها ليست كأي قلادة فهي مرصعة بما هو أغلى من الذهب وأثمن من الدر ر النفيسة .. . إنها بقايا بطاقات قديمة تحمل شعار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بينها أوسمة عسكرية وعملات نقدية وصور لعلم جمهوريته المفقودة وكان قد كتب عليها ( نورت أيامي ) لم ذلك المشهد ما أثار دهشتنا فحسب بل ما بدا عليه الرجل الطاعن في السن من انشراح وطرب وكأنه يستمع لأغنية فيروز ردي إلى بلادي مع نسائم الغوادي ... كان يقول : هذه هويتي أنا جنوبي وبلادي في قلبي وهذا رمزها أحمله على صدري .

دنونا من الرجل المسن الذي لم يفصح لنا عن اسمه واكتفى بقوله : أنا جنوبي .. فسألناه : لماذا تعلق هذا على صدرك ؟ فقهقه ضاحكا متعجبا من سؤالنا ! ليردف تلك الضحكة الطويلة قائلا : هذا وطني وهو في صدري .. تلكم هي حكاية الجنوبي المسن ... انطلقنا وتركناه خلفنا ولم نسأله أين يقيم ؟ ولا ما ذا يأكل ويشرب ؟ ولم نسأله حتى إن كان له مأوى ؟ لكن مثله مأواه في قلبه حيث يقيم وطنه ساكنا في أعماقه .. عندها أخبرنا أحد الزملاء أن هذا المسن له سنوات وهو على هذا الحال وأنه حدث ذات مرة في عهد المخلوع صالح أن  ألقي القبض عليه وأثناء تواجد صالح في عدن اقتاده زبانيته إليه بعد أن أنكروا عليه ما يفعل وكما قيل لنا ( والعهدة على من روى ) أن صالح سأله : ماذا تريد ؟ فأجاب المسن : أريد وطني فقال صالح أتنزل عن وطنك وأعطيك مليون ريال تصلح بها هيئتك وتتدبر بها معاشك .. فقال الجنوبي المسن : وطني ليس للبيع وإن كان كذلك فليس له ثمن )

فقال المخلوع : أطلقوا سراحه فقد يسبقنا الأجل إليه .

واليوم ونحن في العام 2014م  والجنوبي المسن لا يزال على قيد الحياة يبحث عن وطنه ولعله أول ثائر جهر بصوت الحرية والوطن المسلوب ... ونحن نسأل : ألا يستحق هذا المسن أن يكرم ويرصع بأوسمة النضال ؟ أم التكريم محصور فقط على من يتغنى بالوطن أمام وسائل الإعلام وربما هو قد الوطن بثمن بخس ويهتف بشعارات قد لا تتجاوز حنجرته ؟؟