آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-12:11ص

أخبار وتقارير


ترجمة خاصة لـ(عدن الغد) عن مركز مكافحة الإرهاب (بوست بوينت).. هل القاعدة مسؤولة عن سلسلة الاغتيالات في اليمن ؟

الخميس - 18 ديسمبر 2014 - 10:38 م بتوقيت عدن

ترجمة خاصة لـ(عدن الغد) عن مركز مكافحة الإرهاب (بوست بوينت)..  هل القاعدة مسؤولة عن سلسلة الاغتيالات في اليمن ؟
صحيفة عدن الغد

ترجمة: عوض القيسي

*الانفصاليون الجنوبيون يؤكدون أن الشماليين متورطون في بعض اغتيالات الموظفين الأمنيين الجنوبيين, أو أنهم على اتفاق مع القاعدة للوصول إلى المآل نفسه
*نسبت معظم أعمال العنف السياسي ضد موظفي الأمن الشماليين عام 2010 إلى عناصر حراكية, لكن بعض قادة الحراك حاولوا أن يثبتوا أن حالات القتل كانت عمليات تمويه قام بها موالون للحكومة لتشويه سمعة الحركة الانفصالية
*الناس الذين لديهم معلومات عن الصلات بين القاعدة والنظام القديم خائفون من الحديث الآن, فحملة الاغتيالات تضاعف من مخاوفهم , وهذا هدفها
 *الرئيس السابق صالح وحليفه لزمن طويل الفريق علي محسن الأحمر, الفاعلان الأكثر قوة لعقود في اليمن, هما الأبرز إن لم يكونا المشبوهين الأكثر احتمالاً.
*الاغتيالات ليست عشوائية  إنها جزء من خطة, وليس هناك طرف واحد ـ أي القاعدة ـ  بل أطراف أخرى في صنعاء متورطة بعمق
*عزوا الهجمات إلى القاعدة دون دليل يمكن إثباته  يجعل الأمر أكثر ضرراً ,  فتطلق مثل هذه الفرضيات يد الحكومة المركزية للقيام بعمليات  ردود  في مناطق تشكل فيها تكتيكات اليد الحديدية بعضاً من أسباب تأجيج الانفصال.

 

نفذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سلسلة من الهجمات المعقدة في الأسبوعين الأخيرين من شهر أيلول 2013 على مواقع للجيش اليمني. وقد ادعت القاعدة مسؤوليتها عن هذه العمليات في سيل من إصداراتها الإعلامية على الشبكة, أحدها يصور أمير القاعدة في منطقة أبين, جلال محسن بلعيدي المرقشي (المكنى بأبي حمزة),وهو يحذر جنوداً من قوات الأمن الخاصة قد أسروا في إغارة يحذرهم من التعاون مع تحالف صنعاء ضد الإرهاب المؤيد أمريكيا. وقد قال المرقشي: "إن قضيتنا ليست مع العسكر إلا أن العسكري نصب نفسه هو الدرع الواقي لهذه الحكومة العميلة الطاغية". وأردف قائلا: " العسكري هذا هو الذي حط نفسه حزام واقي للطواغيت".

 

لكن القاعدة لم تدَّعِ في هذه الرسائل الدعائية المسهبة مسؤوليتها المباشرة عن الأعداد المتضاعفة من الاغتيالات  المستهدفة  للموظفين الأمنيين والعسكريين منذ أن تولى الرئيس عبدربه منصور هادي السلطة مطلع العام 2012 وسحق مشروع إمارة القاعدة الوليدة في منطقة أبين ومنطقة شبوة المجاورة. لكن الإعلام العالمي والتغطيات الإخبارية الرسمية, مع افتقار الحكومة لأدلة ترشدها إلى القتلة, قد تنبأت بتوسع بأن تكتيكات اضرب واهرب من صنع القاعدة.  هذه الحكاية تخفق في أن تفسر أنماطاً تاريخية من العنف السياسي بين الحكومة المركزية والجماعات المسلحة في المناطق التي تقع فيها الاغتيالات اليوم, وتغفل العنف الكامن للتحول السياسي اليمني المتنازع فيه الجاري الآن.

بهذه الاعتبارات في الذهن, تختبر هذه المقالة مجموعة بيانات من 117 حالة اغتيال مثبتة  منذ حزيران 2012, حين استأصلت الشراكة اليمنية الأمريكية إمارة القاعدة الإسلامية, إلى 15 كانون الأول 2013.  وتميز عددا من الاتجاهات في الاغتيال, ومن ثم تحذر من مغبة تحميل المسؤولية العام للقاعدة. وتزودنا بصورة أكثر توضّعا في سياقها ضمن حملة الاغتيالات وتبرز المخاطر الكامنة للتركيز الشديد القرب على القاعدة في ظهورها المعقد والنشط على الأرض.

 

   تصنيف الاغتيالات               

في صبيحة 24 من أيلول 2013 قتل مسلح يركب دراجة نارية العقيد علي الديلمي حينما كان في طريقه إلى عمله. وبخفة فر المهاجم الذي استعمل سلاحا مزودا بكاتم للصوت وفقا لبعض التقارير. وقد كان الضحية مديرا ماليا في المستشفى العسكري للمدينة. ولم يعلن أحد مسؤوليته عن الحادث. وكمقتل الديلمي, 93 في المائة من 73 حالة اغتيال مسجلة في مجموعة البيانات لعام 2013 تضمنت أسلحة نارية, أغلبها استعملها مسلحون يركبون دراجات نارية. وقد تراوح المعدل الشهري للاغتيالات منذ حزيران 2012 من حالتين إلى 14 حالة,وقد سجلت أعلى الأرقام في شهري أيلول وتشرين الأول .2013. ولقد حول الانتشار الجغرافي للهجمات وجهته تماما منذ 2012, حين وقعت معظم الحالات في صنعاء, إلى الأشهر القليلة الأخيرة من 2012 إلى 2013 حينما صارت منطقة حضرموت الجنوبية الأكثر تأثرا. التدهور الأوسع للأمن في حضرموت, المرتبط بضربات على دراجات نارية غير مرقمة وأسلحة  في صنعاء, ربما أسهم في هذا التحول.

الاتجاه الآخر الملحوظ كان دور العبوات الأقل أهمية, التي قدرت بـ 25% من 50 حالة اغتيال في 2012.  بينت هذه العمليات أن الاغتيالات الأكثر شهرة في العامين الأخيرين كانت بالعبوات, التي كانت الجماعات الإرهابية تستعملها غالبا ضد الأهداف الأعلى قيمة والأعسر منالاً, وقد يعكس اتجاه الهجمات بالأسلحة أكثر منه بالعبوات مكانة المستهدفين, الذين كانوا غالبا من بين المراتب الوسطى من الموظفين. يمكن لعدد من التفسيرات الأخرى أن توضح الاعتماد المتزايد على هجمات الأسلحة النارية, مثل نقص القدرة على إيجاد مهاجمين يصنعون العبوات ويزرعونها, أو مهاجمين جدد  يفتقرون لمهارات تصنيع العبوات. لكن لا دليل لتأكيد أي من هذه التفسيرات المحتملة.  

أشارت معلومات من التغطية الإخبارية للهجمات وتقارير غير موثقة إلى احتمال قيام  المهاجمين بمراقبة شاملة لضحاياهم. قرابة 40 % من المستهدفين في 2013 كانوا في طريق ذهابهم إلى العمل أو إيابهم منه, بينما قتل الباقون وهم يأكلون في المطاعم, أو وهم يخرجون من صلاة الجمعة. بالإشارة إلى أن قوات الأمن قد خبرت الاغتيالات في المدة السابقة, كتمرد القاعدة في 2010, تظهر أنماط تبرهن على مستوى متدن نسبيا من  الأمن الشخصي, توحي بأنهم لمّا يتكيفوا مع الظاهرة.

 

من المسؤول؟  

  أعلنت القاعدة مسؤوليتها عن مستهدفين في تمرد على الدولة في 2010, حين أطلق المحلل المتخصص بشؤون القاعدة غريغوري جونسون لقب "عام الاغتيال بالدراجات النارية". لاحظ جونسون تغيرا مماثلا في طريقة الهجوم إلى ذلك الذي لوحظ منذ 2012: من طريقة العبوات إلى تصاعد الاعتماد على مسلحي الدراجات النارية. الآن, كما في عام 2010, وبكلمات جونسون, "هذه الطريقة الأقل مهارة فنيا ... تحصد وفيات أكثر من الضباط ". هذا الأمر يوحي بأن اتجاه الاغتيال ليس بظاهرة جديدة وعوضا عن ذلك يكرر التاريخ نفسه. إن فترة 2012-2013, قد أشبهت عام 2010 بموجة الاغتيالات بالدراجات النارية التي تزامنت مع العمليات الأمريكية اليمنية المكثفة لمكافحة الإرهاب. مع ذلك مثل اليوم, أخذت اغتيالات عام 2010 مكانا بين التوترات السياسية المتصاعدة. وفي الوقت نفسه, كانت هذه التوترات بين منتسبي القوات المسلحة والأمن المرتبطين بسلطة الشمال وبين حركة المعارضة المعروفة بالحراك. نسبت معظم أعمال العنف السياسي ضد موظفي الأمن الشماليين عام 2010 إلى عناصر حراكية, لكن بعض قادة الحراك حاولوا أن يثبتوا أن حالات القتل كانت عمليات تمويه قام بها موالون للحكومة لتشويه سمعة الحركة الانفصالية.  غياب أي إعلان عن المسؤولية أو تحقيق عام في حالات القتل يعزز النظريات المجهولة ونظريات المؤامرة.

استعاد التحول السياسي اليمني المراقب عالميا ثقة العامة من خلال قرار إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية ومن خلال انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل, لكن لم يتبدل الحال في كثير من المناحي اليوم.  وتستمر القاعدة في زيادة أعداد قتلاها من العسكريين وقوات الأمن, لكن الجماعة لم تدّعِ حتى الآن مسؤوليتها عن أي من الاغتيالات بالدراجات النارية, ولم تقدم الحكومة أي دليل يربط  بين القاعدة وجرائم القتل مع استمرارها بإلقاء اللوم على الجماعة على ذلك. وقد فرَّخ هذا الجو القول بمؤامرات, لاسيما بين الانفصاليين الجنوبيين, وبأن الشماليين أيضا متورطون في بعض اغتيالات الموظفين الأمنيين الجنوبيين, أو أنهم على اتفاق مع القاعدة للوصول إلى المآل نفسه. الرئيس السابق صالح وحليفه لزمن طويل الفريق علي محسن الأحمر, اللذان عُدّا الفاعلان الأكثر قوة لعقود في اليمن, هما الأبرز إن لم يكونا المشبوهان الأكثر احتمالا.

ربما تثير حقيقةُ أن معظم الاغتيالات في حضرموت الجنوبية هذه الملاحظات. و"الاغتيالات ليست عشوائية. إنها جزء من خطة.  وليس هناك طرف واحد أي القاعدة, بل أطراف أخرى في صنعاء متورطة بعمق" كما حاول أن يبرهن عليها أحد المحللين السياسيين اليمنيين,.

بينما يظل غير واضح من وراء الاغتيالات, تظهر أثار الحملة أكثر وضوحا. ووفقا لما قال أحد موظفي وزارة الدفاع اليمنية, إن "الناس الذين لديهم معلومات عن الصلات بين القاعدة والنظام القديم خائفون من الحديث الآن. فحملة الاغتيالات تضاعف من مخاوفهم. وهذا هدفها".

ووفقا لما قال زعيم سياسي جنوبي مشارك في مؤتمر الحوار الوطني, تواجه الأحزاب اليمنية ما يماثل الحرب الأهلية تحت ظل الفوضى الأمنية. والإطار المعتاد الآخر أن الاغتيالات بالدراجات النارية تضعف حكم هادي الانتقالي وتبرز الاستقرار النسبي الذي وفره النظام السابق.

 

الخاتمة: المخاطر الارتدادية

النسبة الفضفاضة للهجمات إلى القاعدة لا تموه المشهد المعقد من الفاعلين فحسب, بل تعزز التصورات بالتهديد الذي يملكه التنظيم. وتوفر أيضا درجة من القدرة على الإنكار لأولئك المتورطين في قتل كثير من اليمنيين. هذا الغموض-  ثم التردد في إعلان المسؤولية عن الاغتيالات- ربما يقلل أيضا من ردود الفعل العدوانية المحتملة على المهاجمين من عامة السكان, وربما الأكثر أهمية تفادي الثأر القبلي في المناطق الجنوبية حيث أرادت القاعدة المأوى.

 حقا لقد كان أحد مفاتيح مرونة القاعدة في اليمن هو  قدرة الجماعة على التعايش مع السكان على هوامش شبكات رعاية الحكومة المركزية.   

   عزو الهجمات إلى القاعدة دون دليل يمكن إثباته  يجعل الأمر أكثر ضررا. فتطلق مثل هذه الفرضيات يد الحكومة المركزية للقيام بعمليات  ردود  في مناطق تشكل فيها تكتيكات اليد الحديدية بعضا من أسباب تأجيج الانفصال. وقد تجلت هذه المخاوف في كانون الأول 2013م حين قتل جنود يمنيون شيخا قبليا حضرميا حسن السمعة وعددا من حراسه, وأعلنت وزارة الدفاع في البدء أنهم من مقاتلي القاعدة. ألغي الإدعاء بعد ساعات, لكن صدر بيان عن حلف قبائل حضرموت يطالب بانسحاب قوات الجيش والأمن اليمني الفاسدة لتسكين الغضب المحلي المغلف في 10 كانون أول. تعثرت الجولات العديدة للمفاوضات واستمرت المعارك الدامية بين قوات الحكومة وحلف القبائل. وطالما استمرت هذه الاغتيالات الوقحة, فسيتجاوز العنف العملية السياسية قريبا في اليمن.

 

*كيسي لـ كومبز صحفية مستقلة تقيم في صنعاء منذ شباط 2012.

هنّة پوپَي محللة استخبارية تغطي منطقة الشرق الأوسط في مجموعة استشارات المخاطر. وقد عملت في صنعاء منذ أيلول 2011 حتى حزيران 2012.

  *ترجمة خاصة بـ(عدن الغد) يمنع نقلها