آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-09:40ص

أدب وثقافة


بعض الهوى لايقبل التأجيلَ ! - خاطرة

الجمعة - 19 ديسمبر 2014 - 01:23 ص بتوقيت عدن

بعض الهوى لايقبل التأجيلَ ! - خاطرة

كتب / محمد نائف شبوطي

الساعة الواحدة ليلاً تقريباً ، عند محطة القطار،  نصف دقيقة متبقية لمغادرة آخر قطار، أتأهب لصعود المقطورة ، لأنجو من لسعات البرد القارص ، واستلقي بلا وعي كالعادة على أحد المقاعد مهدود الجسد من يوم عمل شاق ريثما اصل للبيت. واذا بإمرأة من بعيد تركض بكل مالديها من قدرة حامله امتعتها قبل ان تغلق المقطورات ابوابها . وقفت معترضاً باب المقطورة مانعاً أياه ان يغلق اتوماتيكياً ، الأمر الذي جعل سائق القطار يخرج رأسه من عربة القيادة  صارخاً من فعلتي ويلوح لي بكلتا يديه مشتعلاً من الغضب مع بعض الكلمات الغاضبة ! ، وصلت المرأة أخيراً لباب القطار تكاد تلفظ انفاسها الأخيرة ، تحرك القطار بعدها مباشرة ،  تشكرني وهي تحاول استرجاع أنفاسها. قلت لها : لا عليك استريحي الان وتنفسي جيداً .

عبثاً لم تسترح ألقت باشياءها على المقعد واخذت تلفونها لتكمل المكالمة ، كانت تكلم أحداً وتركت الخط مفتوح لتركض .

- الو ، وصلت الان القطار الذي قلت لي عليه . ماذا تقول ؟ لا اسمع جيداً، اسم المحطة ماذا ؟ انتظر قليلاً . 

تحاول ان تفتش عن شي في امتعتها ، يسقط التلفون من يدها سهواً ويتبعثر هيكله على الأرض .

تصرخ اوووووو شت ، يالهي .

ننزل سوياً لنجمع اجزاء التلفون ، تحاول تركيب أجزاءه من جديد . كانت المرأة التي تجاوزت الثلاثين من العمر في وضع لايحسد عليه .

قلت لها : اعتقد اني سمعت اسم المحطة التي يقصدها ، تبعد ثلاث محطات من هنا .

ردت بتفائل : متأكد؟ ،.  - نعم 

شغّلت الجهاز بطمئنينة واتصلت بنفس الشخص تطمنه انها على بعد ثلاث محطات لكي تصل .

استراحت اخيراً وجلست بين امتعتها ، الأمر الذي  أتاح لي أن ألقي  نظرة عليها ، كانت بملابس بسيطه جداً ، لايبدو عليها انها مستعده للقاء مهم و تاريخي في حياتها  كما عرفت منها لاحقاً .  بدأت تتنفس بشكل جيد مستلقية تنظر لسقف القطار . وكأنها تقول الحمد لله أني سأصل أخيراً .

نظرت الي لتشكرني وتحدثني عن الشخص الذي ذاهبه له .  نعرف بعضنا من خمس سنوات عبر الانترنت واليوم هو اول  يوم سنلتقي  فيه !.

- سألت مستغرباً خمس سنوات تحبون بعضكم ؟!  لما لم تفكرون بان تلتقوا طوال هذه المدة ؟

ردت : لا ادري !، ربما لم نكن نملك الشجاعة الكافية .

بعدها سرحت تفكر ، ونسيت اننا نتكلم ، اخرجت من حقيبتها مشط تحاول على عجل تسريح شعرها الذي لم يكن هو الآخر جاهزاً للقاء حميم مثل الذي سيحدث بعد قليل. تسألني لتتأكد بينما هي تمشط : كيف يبدو شكلي ؟ جميل ؟ نعم جميل جميل ، بيرفكت ، فنتاستيك ،  أجبتها لأطمنها .  

 اخرجت مثبت للشعر أيضاً ، ورشت على شعرها بسرعه وعندما سمعت اسم المحطة التي ينتظرها فيها حبيبها . بدأ التوتر والقلق يسيطر على ملامحها الشاحبة .

قلت لها : لاتوتري،  هذي اللحظة التي تنتظرونها منذ سنوات . انت شجاعة حقاً ، ورائعة ، الان سيتوقف القطار ، حبيبك ينتظرك . اتمنى لكم التوفيق. 

ردت بتلعثم : نعم نعم ، شكراً ، شكراً ونزلت من القطار.

أخذْتُ لنفسي مكاناً يطل على زجاج النافذة لأراقب ماسيحدث ، كان بانتظارها شخص في منتصف الثلاثينات ، بسيط المظهر .

كانوا حائرين في أن يحضنون بعضهم او يبدأون اللقاء بالمصافحة . انتهت تلك الحيرة بعد ان مدّت يدها لتسلم عليه بكل استحياء ، وغادروا بعد ذلك المحطة .

انتهى المشهد الي استمر دقائق معدودة منذ بدايته .

جلست أتأمل وأقول دا ولا بأفلام السينما والروايات يامحمد !!  هههههههههه  عشنا وشفنا !.