آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-11:07م

أدب وثقافة


قصة : جيوب منتفخة

الأحد - 21 ديسمبر 2014 - 04:59 م بتوقيت عدن

قصة : جيوب منتفخة

كتب / محمد الخضر محم المحوري

تكورت ككرة منبعجة الوسط, طقطقة أضلاعي تنذر بتهشم وشيك, هواء الصالة كان شحيحا لدرجة أن أحدهم أغمي عليه, وترامت أطرافه رخوة بعد رعشة عنيفة هزت جسده الماحل, لندعه وشأنه فربما وافته منيته, وهجع فؤاده من غمامة البطالة المؤرقة 0 كان الباب الموارب مؤصدا, تطل من نافذة مستطيلة تتوسطه عينان بنيتان, تهتف صاحبتهما بأسماء المحظوظين فيلجون, كانت أشكالهم تتشابه الى حد يثير الغرابة المربكة, معاطف زاهية الألوان تكسي أجسادهم العملاقة كبالونات هيليومية, ومفاتيح براقة تقبع متكورة في أكفهم كجسدي المحشور بين القامات المتكدسة, كان هناك بون شاسع بيننا وبينهم, أو لنقل بدقة أعمق لا وجه للمقارنة 0

كان يرقد في حجري ملف وسدت بين دفتيه شهادات قيمة, شلع فمي ظمأ الهواجر وقرص جسدي زمهرير الشتاء, كما وبكل تأكيد لفح الجوع الحارق معدتي الصغيرة,  وان انس فلن أنسى ذاك السواد الحالك المطبق على حدقتي كحلقة صدئة , بالطبع منحت شهاداتي كل ما أملك وذقت في دربي أليها فوق ما يتصور, وهنا  الآن 00000  كما بالأمس 00لازالت تلك الغصة تخمش حلقي 00أسرد هذا لكي تدركوا أن دربها وعر كعقبة كئود تتلوى صاعدة في متاهات الفضاء اللامتناهي, لازالت الغصة تعتريني00 حين لاح في ذاكرتي  جسد أخي المسجى برقعة بيضاء من أخمص قدميه حتى مفرق رأسه, مع ذلك كما أذكر حزمت حقيبتي المهترئة, بحجة امتحانات الفصل الأخير, وبما أني قد منحتها كل شيء, فهذا أوان رد الجميل 0

أياديهم العملاقة كانت تتدلى الى الامام والى الخلف خاوية الا من مفاتيح سيارتهم اللامعة, على عكسي والبقية , كنا نحتضن مؤهلاتنا وعليها نعول 0

بعد شهر كنت أقف بجانب كشك بيع الصحف, فلمحت أحدهم000  بدأ نحيفا لم يكن بذاك السمن المفرط, حين دلف مكتب المدير العام, في الشهر السابق 0 دنوت منه كانت عيناه تلتهمان الأسطر فمد يده نحوي ــ وفرحة غامرة تكتنفه ـــ  قائلا :

بارك لي 000000لقد نزل اسمي ضمن الناجحين 0

نزعت الصحيفة من يده ورحت التهم الاسماء 0000هنيهة 000ومددت يدي نحوه وحزن عارم يغمرني فقلت له :

عزني فجمعكم الميمون خلا من اسمي 0

سكت ثم قلت له :

ألم تكن سمينا بدينا حين دلفت مكتب المدير 0

ردت وابتسامة ماكرة تلفه قائلا :

لا 000000 وإنما سأدلك  على السر الكامن وراء  نجاحي في الوظيفة  وتضخم جسدي ذلك اليوم 0أتريد ذلك 0000   ؟   سألني ورد مباشرة:

 السر وراء ذلك كله000000 أن جيوبي كانت منتفخة .