آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-12:15م

ملفات وتحقيقات


تحقيق :صروح علم تتهاوى وأجيال بلا تعليم مدراس البريقة جسد التربية المسموم (( 1))

الأحد - 21 ديسمبر 2014 - 07:50 م بتوقيت عدن

تحقيق :صروح علم تتهاوى وأجيال بلا تعليم  مدراس البريقة جسد  التربية المسموم (( 1))
أحدى مدارس التعليم الثانوي بمديرية البريقة

عدن((عدن الغد))خاص:

استطلاع / علي الصبيحي 

 

يشهد التعليم في المحافظات الجنوبية تراجعا مستمرا بعد أن أفرغت المدارس من المحتوى التعليمي ليتهاوى معها مئات الطلاب والطالبات إلى منحدر  الجهل والأمية ،  جملة من الاختلالات تبدأ  بإدارات التربية في المحافظات مروراَ بالكادر التربوي والإدارات المدرسية وصولاَ إلى ولي الأمر ،مع انقطاع الصلة بين الأسرة والمدرسة لمتابعة شؤون الطلاب وتأتي قبلها تعمد سياسة الدولة لمسخ عقلية أجيال الجنوب وعلى مقاييس الشمال صارت معايير الأخير تفرض نفسها كي لا يختلف الشعبان بحال ..إنها محاولات ذكية  في المآل .. لتمييع التعليم وتجهيل شعب الجنوب حسب تعبير نخبة من المثقفين والتربويين.

 

وقال مديرو عدد من المدارس في مديرية البريقة محافظة عدن إن الأجيال اليوم تضيع بسبب انهيار منظومة التربية والتعليم جراء تهاوي صروح العلم على يد الإهمال بعد أن فقدت التربية والتعليم قيمتها وأضحت فارغة المضمون حسب تعبير تربويون وصفوا حال التعليم بقولهم :

معلم يكتب بطبشور مكسور, وطالب يقرأ بشبه كتاب ,تعليم معلول وصروح علم تتهاوى على يد الإهمال  مدير مشغول بجباية الرسوم, ومعلم لا يتذكر متى أحضر معه كراسة إعداد الدروس ,وآخر منقطع ينوب عنه بديل وذاك مخصص له يوم أو يومين في الأسبوع ومثله متفرغ للأنشطة والبقية منهم معذور لانشغاله بالدورات ,وفي المسح التربوي يحسب الكل معلما لكي لا يحرمون العلاوات ثم يأتي الموجه التربوي ليسطر في كراسته (( العملية التعليمية تسير على أكمل وجه)) وبين هذا وذاك مدارس تفتقر لأدنى المقومات  مواد شاغرة ليس لها معلم  وطلاب يتيهون بين الجهل والغش والرسوب ومن ثم تكون المحصلة في نهاية العام الكل يستحق النجاح بجدارة .

شاهد من أهلها

أ ـ جميلة محمد صالح ـ مدير ثانوية الوحدة للبنات صلاح الدين تحدثت عن جملة من الهموم والإشكاليات المصاحبة للعملية التعليمية في ثانوية البنات منها ضيق الفصول الدراسية وكثافة الطالبات مشيرة إلى أن

عدد الطالبات في الفصول تكاد تكون متقاربة و في كل شعبة من شعب  الصف الأول ثانوي 95 طالبة ومثل ذلك في الصف التاسع أما في الفترة المسائية توجد 70 طالبة في كل شعبة من الفصول الدراسية  وقالت مدير ثانوية الوحدة للبنات :

زاد الضغط علينا بعد أن تم نقل طالبات منطقة فقم ـ  التاسع وأولى ثانوي عقب فصل الأولاد عن البنات حسب رغبة أولياء الأمور وهذا زاد الطين بله  تحدثنا مع مكتب التربية والتعليم في المديرية وتلقينا ردا منهم بأنه لا يوجد بديل بينما مدرسة فقم تم إضافة فصول إضافية فيها ونصاب المعلمين من الحصص قليل في الوقت الذي لا يوجد استيعاب لدينا  فهذه مدرسة وليست تاكسي فنسبة الرسوب تزيد وهناك نسبة في تسرب الفتاة وعزوفها عن التعليم وهو ما انعكس سلبا حيث أن 30  طالبة من أصل 93 رسبن في مادة اللغة العربية هذا غير المواد الأخرى كالرياضيات والعلوم إضافة إلى ما يحدثه كثافة العدد من إرباك أثناء الاختبارات نظرا لتقسيم الفصل إلى مجموعتين .

معلم مفقود ومنهج مبتور

أوضحت مدير ثانوية الوحدة للبنات بأن لديهم  37 معلما ومعلمة  12منهم  ذكور ويأتي  من خارج المديرية 8 منهم  يباشروا العمل  ثلاثة أيام في الأسبوع منوهة إلى أن ذلك يعد إشكالية  حيث وأن الطالبات في أغلب الأيام  خارج الفصول لافتة إلى أن مادة التاريخ لا تدرس وتم إحضار بديل عن معلم المادة الذي اضطرت الإدارة الاستغناء عنه لإصابته باضطراب عقلي وبقت المادة شاغر على مدى  عامين بينما يوجد  معلم واحد لمادة التاريخ يقوم بتغطية  ثاني وثالث ثانوي إضافة إلى أنه أمين مستودع  أما مادة الجغرافيا لثالث ثانوي شاغر منذ بداية العام نظرا لتعيين أحد معلمي المادة في ثانوية الأولاد مديرا لمدرسة فقم الأمر الذي زاد عبء المعلم الذي كان يأتي من ثانوية الأولاد إلى ثانوية البنات ولم يستطع تغطية المادة .

وأضافت أ ـ جميلة : مادة الانجليزي شاغر معلمة موجودة لكنها متفرغة للدراسة هناك معلمة تم تعيينها في 2011م لم تباشر العمل منذ تعينت وكانت الإدارات السابقة تأتي ببديل عنها بعشرة ألف تخاطبنا مع التربية أتوا لنا بمتطوعة أيضا العلوم والأحياء المعلمة طالبت بالتحويل ولم تحظر فطالبنا بتوقيف مرتبها لكننا لا نعلم إذا كانت تستلم مرتبها من التربية ونغطي المادة بمتطوعة للأسف التربية تضع حلول مؤقتة لا تجدي نفعا كذلك مادة الإنجليزي للصف الأول والثاني ثانوي لدينا معلمة متعاقدة أما الصف التاسع لا يتم تدريس مادتي الإنجليزي والعلوم ولا أدري  كيف سيدخلن الامتحان الوزارية وخذ أيضا مادة  القرآن الكريم لدينا معلم للصفوف الأول والثاني والثالث ثانوي أما الفترة المسائية فعندنا معلمة متخصصة حاسوب تعلم قرآن وإسلامية .

هدم سور الثانوية

بين ثانوية الأولاد وثانوية البنات كان هناك سور يفصل بينهما ومؤخرا تم هدم السور الفاصل لبناء روضة للأطفال مما تسبب في كشف حرم ثانوية البنات حسب تعبير مدير الثانوية التي أردفت:

هدم السور هو معضلة  وبسبب الكشف ألغينا الطابور الصباحي ناهيك عن أن البنات لا يستخدمن الساحة ـ وقد  تم هدم السور الفاصل بين ثانوية الأولاد والبنات لبناء روضة في وسط المساحة ولم يتم عمل حاجز وأصبح حرم الثانوية مكشوفا للعمال الذين يمتصوا الطاقة الكهربائية التي حصلنا عليها بشق الأنفس يستخدمونها لمعدات العمل  ولم يكتفوا بذلك بل  يستخدمون  الماء الخاص بالثانوية الموجود في الخزان بدون استئذان حيث أن  المقاول لم يوفر الماء للعمل وخاطبنا التربية ولم تضع حدا لتلك الممارسات .

الكهرباء

أشارت مدير ثانوية الوحدة للبنات إلى أنه منذ بداية الفصل الثاني العام الماضي وإدارة الثانوية  تطالب مكتب التربية بإصلاح الخلل المتعلق  بالكهرباء وبسببه تأخر بدء الدوام الدراسي لأكثر من شهر  حيث وعدت التربية  بإنزال مهندس ولم تفي  بوعدها وظلت المشكلة قائمة بسبب  خلل في الكيبل الرئيسي أتلفته الرطوبة ويمتد من المقصف إلى الممر الرئيسي ولفتت مدير الثانوية إلى أن التربية لم تكن متجاوبة ولم تحل الإشكالية متوجهة بالشكر إلى الأخ محمد حرباج رئيس اللجان الشعبية الذي تولى  متابعة الموضوع وبتنسيق مع إدارة الكهرباء تم وضع كيبل هوائي مؤقت وهو خطر على الطالبات اللاتي قضين فترة شهر لم يتعلمن ولم يبدأ  الدوام المدرسي إلا في  منتصف شهر أكتوبر .

 

المستودع والكتب والأثاث

أكدت مدير ثانوية الوحدة للبنات وجود نقص كبير في الأثاث المدرسي والكتب التي لا يوجد حتى مستودع للمتوفر منها كما أنه لا يوجد مكتب للمدير بعد أن تنازلت المدير عن مكتبها للعيادة الصحية على حد قولها منوهة إلى أن أجهزة الحاسوب في الثانوية منذ  عام 2003م غدت تالفة لا تصلح حتى كندم ولا توجد لها قطع غيار  وأن حاسوب واحد الذي يعمل فقط حسب تعبير مدير الثانوية التي لفتت إلى أن مختبر الثانوية شبه معطل وأن  أمين المختبر غير متخصص  مشيرة إلى أن ذلك أحد عيوب مكتب  التربية التي قالت إنها  عندما تريد إعفاء أي معلم من مهنة التعليم توكل إليه مهمة إضافية ليرتاح . منوهة إلى أنه لا يوجد حارس للثانوية ولا عاملة نظافة وأن مشكلة دورات المياه قائمة وتحاول إدارة الثانوية التغطية من ميزانية المدرسة التي هي مستنزفة حسب تعبيرها .

الأسرة والمدرسة

وعن صلة الأسرة بالمدرسة نوهت مدير ثانوية الوحدة إلى أنه يوجد مجلس آباء غير فعال ولا رئيس له وأن ولي الأمر يأتي إلى الثانوية أثناء موعد النتيجة النهائية ليعاتب الإدارة على رسوب ابنته ويبرر رسوبها  بينما لم يكلف نفسه متابعة الطالب  منذ بداية العام .

أولياء الأمور

 أولياء الأمور من جانبهم  أعزوا تردي أحوال التعليم إلى إهمال التربية وتقصير المعلم والإدارات المدرسية حيث شكا عدد من أولياء الأمور في منطقة صلاح الدين شكوا مما أسموه تساهل المعلم والإدارات المدرسية في ضبط العملية التعليمية والتربوية وعدم القيام بمسؤولياتهم تجاه الأمانة الملقاة على أعناقهم وأشار أولياء الأمور إلى المدرسة هي المتسببة في ضياع مستقبل أبنائهم منوهين إلى الطلاب يظلون فترة الدوام المدرسي بلا معلمين حسب تعبير أولياء الأمور الذين لفتوا إلى أن مدير ثانوية الوحدة أ ـ جميلة محمد صالح هي المتسبب الأول في تردي أحوال التعليم والمدرسة متهمين إياها بفرض رسوم شهرية على كل طالبة بذريعة الإصلاحات في الوقت الذي تتردى فيه الأحوال بما في ذلك دورات المياه التي قال الآباء إن منظمة دولية منحت المدرسة مبلغا ماليا لإتمام إصلاحات دورات المياه إلا أن الإدارة لم تقم بترميم دورات المياه حتى اللحظة .حسب تعبيرهم .

 

ظاهرة متفشية

أ ـ عارف علي عبدالرب ـ معلم منذ العام 95م من جهته تحدث قائلا :

نعاني من ظاهرة تفشت في السنوات الأخيرة في أروقة التربية والتعليم وأنا هنا أمثل المعلم القديم الذي أفنى عمره في خدمة التربية والأجيال ووجد نفسه اليوم لا قيمة له ولا حقوق ولا مطالب إما بتجاهل مقصود أو غير مقصود .. اليوم ظاهرة المعلم الجديد الذي وصل بسرعة إلى مدير أو وكيل ولم تتجاوز خدمته 3 سنوات وأنا أستطيع أن أحصيهم عددا في كل مدارس البريقة التي اليوم مديروها أحداث بينما المعيار لشغل منصب مدير أو وكيل مدرسة أو موجه  ما فوق 10 سنوات خدمة وحسب الأقدمين   كما هو في كل المؤسسات المدنية .

وأضاف عبد الرب : حزبية مناطقية  معرفة محسوبية وساطة بينما يبقى المعلم المخلص مدفونا لم يشفع له عمله وإخلاصه والطامة الكبرى في التربية والتعليم هي أن أي مدير لا يقوم بأداء مهامه باقتدار تتم تنحيته ويبقى في البيت يتسلم مرتبه وبهذا تكون خدمته لا تتجاوز بضع سنوات ومنها تأتي أزمة الشاغر وأنا معلم على مدى عشرين عاما وأقوم بتغطية أولى وثانية وثالث ثانوي بنات حرصا مني على أن يكملن تعليمهن بالإضافة إلى أني أمين مستودع  فالأعباء كبيرة أتحملها سيما وأن الكتب بلا مستودع ومرمية في الممرات وفي مكاتب المعلمين كما تشاهدون .

شماعة الأعذار

أـ  سعيد منصر .. معلم اللغة العربية .. ثانوية الوحدة بنات ـ من ناحيته  أكد أن  التعليم اليوم عقيم محذرا من خطورة الأمر باعتبار أن الإنسان طاقة وإذا لم تسخر الطاقة لدى الطلاب  في النفع فأنها ستسخر في غيره منوها إلى أن المعلم اليوم أصبح أشبه بشماعة  تعلق عليها كل أوجه القصور وأن كل المقصرين في العملية التعليمية يلقون باللائمة على المعلم  بينما السؤال الذي يجب أن يسأله الجميع : من  الذي وظف هذا المعلم المقصر ؟ ومن أين جاء ؟ معلقا على سؤاله :هو خريج الأمس ومعلم اليوم  لكنه بالأمس كان طالب يغش ونجح بالغش  حسب تعبيره.

وأردف منصر : المعلم القديم هو الصخرة الصلبة وأنا أذكر أنه في عام 97م في ثاوية سبأ جاء الوريث حينها وكان مدير التعليم في المحافظة  شاهد فصلا فوضويا فظن أنهم في حصة بدنية لكنه تفاجأ بان الحصة رياضيات والمعلم يشرح بينما الطلاب لا يبالون . ما معنى هذا ؟ معناه أن الطالب سيغش في نهاية العام سينقل درس من كتاب . وخلاصة القول أن الجميع مساهم في تردي أحوال التعليم ولا يتحمل ذلك فرد بعينه .

هموم الطلاب

أثناء مرورنا بطالبات الصف التاسع والثالث ثانوي بثانوية الوحدة تبين اكتظاظ الفصول بالطالبات حيث يجلسن على الطاولة الواحدة 8 طالبات من إجمالي 95 طالبة في حجرة الفصل التي لا تتجاوز مساحتها 8 في 8

الطالبة مريم هشام قادري  ـ الصف التاسع ثانوية الوحدة ـ تحدثت عن معاناتها وزميلاتها قائلة :

ثمان بنات على الطاولة وهذا يعني عدم قدرة على الاستيعاب  وضيق الحركة و عدم قدرة على الكتابة  وانتشار الأمراض والضغط على الكلى وفوق هذا نقص الكتب و في المعلمين إلى الآن بعض المواد لا تدرس والمختبر مغلق ولا يوجد مكتبة ولا معرض للرسم ولا وسائل تعليمية  ونحن سنخضع لامتحان وزاري  إضافة إلى أننا تحت  خطر الأسلاك الكهربائية ناهيك عن حرماننا من دورات المياه ومن ساحة المدرسة وعدم مزاولة الأنشطة  كما أن البيئة غير صحية ونفتقر إلى براميل القمامة في الوقت الذي لا يوجد عيادة صحية .