آخر تحديث :الأربعاء-22 مايو 2024-01:03ص

أخبار وتقارير


قراءة في مسودة الدستور اليمني (1) :

الأربعاء - 14 يناير 2015 - 11:24 م بتوقيت عدن

قراءة في مسودة الدستور اليمني  (1) :

كتب / قاض - امين ناصر قنان

قامت نصوص الدستور المقترح على أساس تصور سطحي تخيل بناء الدولة بسذاجة منقطعة النظير .. فهناك بنى فيدرالية تعيش في بينونة وعدم تماس مع سلطات الإقليم .. وبالمقابل هناك إقليم يعيش كجزيرة في بحر من الهلام ..

 في الحقيقة أكاد اقول أن بناء الدستور قد اعتنق نزعة تنافر جاءت كسياج ينتظم العلاقات المفترضة بين بنى دولة واحدة .. فجاءت مؤسسات الدولة في انعزال كامل ترجم امزجة انية سيطرت على لحظات إقرار المسودة وحول هواجس ومخاوف إلى آليات ونصوص .. فكانت النتيجة هي خلق مؤسسات دستورية متنافرة دون فضاء تنسيقي أو تبويب تعاوني .

وببساطة فقد تم صناعة سلطات فيدرالية دون تخيل فضاء جغرافي يستوعب صلاحيات تلك السلطات .. فغلق السلطات الإقليمية تم بإحكام في مواجهة سلطات مفترضة للسلطة الاتحادية .. ولم تضع المسودة كيفية مفهومة لضمان سريان الصلاحيات الاتحادية في الأقاليم التي ستتوزع في شكل الدولة ..

وبالتالي صار شكل العلاقة بين الأجهزة الاتحادية والأجهزة الإقليمية انعزالي بامتياز وخالي من قواطع مشتركة تضمن اضطراد التنسيق بينهما في المسائل المتداخلة .. ويزيد في التعقيد أن تلك المسودة لم تشر إلى هيمنة النصوص الفيدرالية على النصوص الإقليمية عند تعارضهما وحتى لو أشارت فإنها لم توفر آليات دستورية ومنافذ تنفيذية تضمن سريان الاختصاص الفيدرالي في إقليم الولايات التي ستنقسم إليها البلد .

 وببساطة شديدة نقول أن لجنة الصياغة كأنها تخيلت السلطات الاتحادية كقوة ناعمة سترعوي لها الأقاليم بمحض إرادتها وستقبل أن تتحول تلك الأقاليم متحدة إلى إقليم واحد لأجل تمرير قرار السلم والحرب مثلا الذي ستعلنه السلطة الاتحادية .. أو أن أقاليم النفط ستستمر في ضخ نسب العائد المخصص للاتحاد أو أنها لن تستعمل نسب الإنتاج نفسها للضغط على الاتحاد لأجل تلبية ماتريد منه من مطالب .

 للحقيقة يتبين بشكل مؤسف انه ليس هناك سلسلة مترابطة من الأفكار أنتجت دلالتها في نصوص المسودة .. وان الملابسات التي رافقت تدوين المسودة ضغطت باتجاه تمرير مقاصد معينة من خلال القانون الأول في الدولة.. لذلك تحولت المسودة إلى برتوكول لنوايا دنيئة بدلا من أن تكون شرعة مصطفاه وحكما يتمثل القيم الاساسية للشعب التي تهدف إلى استحصارها الآليات والمؤسسات الدستورية .

 وبمعنى آخر أرادت المسودة أن توظف الهيبة الدستورية كوعاء لمشاريع صغيرة واستهداف اغراض مرحلية لتمرير نوايا انتقالية وتدويم الانتقالي كمشروع أزمة مؤبدة بموجب وثيقة دستورية .. هذه عينات فقط من غياب تصور قويم قام بذهن لجنة الصياغة وهي تسن نصوص المسودة .. ولا يعني بحال ان تكوين قوام لجنة الصياغة من رجال القانون أن هناك ضمانات مصداقية او توفيق من أي نوع خاصة إذا علمنا أن كل رجالات "النظام الإنتقالي" هي مثل "الترزي" الذي يصيغ وفقاً لطلبات الزبائن .. وطبيعي في وضع سيكلوجي عانى فيه الصف الخلفي من كبار القياديين والإداريين وذوي التخصص من تغييب مقصود من الطبيعي أن يهتبلوا ذاك الثقب الزمني الذي انفتح عليهم وان يعرضوا خدماتهم عليه كمادة خام مشبعة بكل شوائب التجيير والمطاوعة .

 هذا ما تثبته الاداءات المنبطحة في كل اللجان والهيئات والمجالس التي تكونت منذ فبراير 2011م .. وفي الاخير ننوه إلى أن نقدنا لتلك المسودة لا يعني انحيازا لأي شيء ولايصنع موقف بقدر ما يقوم على نظرة فنية تحليلية للاعطال الظاهرة في منتوج تركيبي فني يفترض أنه طوق نجاة من موجة الأزمات التي تنتاب اليمن مرة بعد مرة ..

يتبع ،،،

 

عضو مجلس إدارة نادي قضاة اليمن مسئول دائرة الاتصال والعلاقات العامة بالنادي