آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:58م

ملفات وتحقيقات


تحليل : جزء من تظاهرات الشمال ضد الحوثي لها إرث تاريخي

الإثنين - 26 يناير 2015 - 11:56 ص بتوقيت عدن

تحليل : جزء من تظاهرات الشمال ضد الحوثي لها إرث تاريخي
مصادمات في صنعاء يوم السبت بين محتجين معارضين ومؤيدين لجماعة الحوثي

القسم السياسي بصحيفة عدن الغد-فتحي بن لزرق

 كانت الشمس وسط السماء حينما سار الآلاف من المتظاهرين وسط شارع عام بمدينة تعز وسط اليمن ورفعوا شعارات مناوئة لجماعة الحوثي المتمردة التي باتت تسيطر على أجزاء واسعة من محافظات الشمال بما فيها العاصمة اليمنية صنعاء.

ارتفعت حدة التظاهرات في مدن وسط اليمن وفي العاصمة اليمنية صنعاء حيث تظاهر يوم الجمعة المئات من سكان المدينة .

على خلاف نمط قديم يبدو ان التظاهرات المؤيدة لجماعة الحوثي والمعارضة لها في شمال اليمن باتت تستمد  عوامل تاريخية للتظاهرة .

ظهر يوم الجمعة والسبت والأحد تظاهر المئات من النشطاء وسط ساحة التغيير بالعاصمة اليمنية صنعاء للتنديد بجماعة الحوثي وللتعبير عن رفض تدخلاتها السياسية وبعدها بساعات فقط تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص دعما لنفس الجماعة وفي شوارع قريبة من الشوارع التي شهدت التظاهرات المناوئة .

لا يبدو المشهد السياسي اليوم في شمال اليمن واضحا لكن يمكن للمتابعين رسم ابرز ملامح التحركات الشعبية المناهضة والمؤيدة لجماعة الحوثي.

لسنوات طويلة ظلت شمال اليمن مسرحا للتجاذبات السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية ممثلة بنظام الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح وأحزاب المعارضة اليمنية لكن جميع هذه التجاذبات السياسية والتظاهرات كنت تأخذ طابعا سياسيا .

بعكس التظاهرات والتجاذبات السياسية في شمال اليمن قبل عقود باتت حركة  التغييرات السياسية اليمنية الحالية تشير إلى ان مخاوف من اضطهاد تاريخي يخشاه سكان وسط اليمن من سكان أقصى شمال الشمال تعود إلى الواجهة .

لقرون طويلة ظل سكان وسط الشمال وغربه يشكون حالة من التمييز والاضطهاد مارسها سكان أقصى الشمال وهم أتباع الطائفة الزيدية لكن ثورة شعبية اندلعت في اليمن العام 1962 قالت أنها سعت لتذويب كل هذه التناقضات ووقف وإنهاء كافة عوامل الصراع السياسية المناطقية في شمال اليمن.

 

مابعد ثورة 1962

تمكنت ثورة 1962 من إنهاء حالة التمييز التي كان يتعرض لها سكان وسط وغرب شمال اليمن لكن حالة التمييز والاضطهاد ظلت على الأرض موجودة ولكن بنسب متفاوتة .

سارت الأمور على طبيعتها رغم كل الأحداث السياسية التي شهدها شمال اليمن وبينها حرب الجبهة في السبعينات ومحاولات الانقلاب التي قادها ضد صالح قيادات عسكرية شافعية .

ورغم ان أطراف مجتمعية كانت تتحدث لكن بصمت عن السيطرة الزيدية المطلقة على مناطق وسط وغرب اليمن حيث كانت جميع القيادات العسكرية والأمنية والسلطوية تنتسب إلى مناطق "أقصى الشمال" .

ظلت مناطق أقصى شمال الشمال تحكم وسط وغرب الشمال ولكن بصورة هادئة تمكنت وسط اليمن من دفع أول رئيس يمني شافعي هو "إبراهيم الحمدي" لكن فترة حكم الرجل انتهت بشكل مأسوي عقب 3 سنوات من توليه الحكم .

عزز اغتيال "الحمدي" على أيدي قيادات شمالية زيدية الشعور في وسط اليمن وغربه بان الصراع السياسي مع "الزيود" سيستمر طويلا .

تمكن "علي عبدالله صالح" القادم من أقصى شمال الشمال ومن الطائفة الزيدية من تثبيت حكم سياسي في شمال اليمن استمرت لعقود .

عزز صالح هيمنة "الزيود" على الحكم وباتوا القوة السياسية الأولى المتحكمة في الشأن اليمني الشمالي.

 

 

 

 

 

 


 

 

حرب صيف 1994

مثلت حرب صيف 1994 ضد الجنوب مناسبة هامة  وفرصة للتوحد بين طوائف الشمال المختلفة وقادت جميع الأحزاب والمكونات إلى التوحد تحت راية وطنية ودينية واحدة خاضت فيها جميع الأطراف حربها ضد الجنوب .

تمكنت القوى السياسية الشمالية من تحقيق انتصار ضد الجنوب وعقب حرب صيف 1994 بدأ ان الجنوب هو الأخر قد دخل ضمن خارطة الهيمنة الزيدية المطلقة .

ظلت السيطرة الزيدية المطلقة على اليمن شماله وجنوبه حتى العام 2007حينما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في الجنوب .

واجهت قوات الأمن والجيش اليمنية التي كان يقودها قيادات عسكرية من أقصى شمال الشمال هذه الاحتجاجات بقسوة بالغة وقتلت وجرحت العشرات .

رغم ان الاحتجاجات ظلت مستمرة في الجنوب إلا أنها لم تتمكن إنهاء السيطرة الشمالية على الجنوب وظل الأمر مستمرا حتى العام 2011 حينما اندلعت الاحتجاجات المناوئة لنظام صالح .

 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 

ثورة 2011 في اليمن

اندلعت في فبراير 2011 ثورة شعبية في عموم المحافظات اليمنية وناوئت نظام الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح".

تقدم هذه الثورة أسماء كثيرة كان الأغلب فيها قيادات سياسية يمنية من تعز ومحافظات الوسط اليمنية .

وبعد عقود من المنع والاضطهاد وجد سكان وسط وغرب اليمن أنفسهم يشاركون في تظاهرات غاضبة تتحدى السطوة الزيدية التي فرضت نفسها لعقود.

بعد أشهر من الاحتجاجات تمكنت ثورة شعبية من إسقاط الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح " ودفعت تسوية سياسية قادتها دول الخليج إلى التوافق على تعيين "عبدربه منصور هادي".

كان تعيين هادي وسقوط الكثير من القيادات السياسية الموالية لصالح والمنحدرة من أقصى شمال اليمن حدثا نوعيا وتغيرا ضخما في خارطة السياسة اليمنية .

شعر قطاع واسع من أتباع الطائفة الزيدية بان سطوتهم التاريخية التي شكلوها على مدى قرون قد أصيبت في مقتل .

ورغم ان قطاع من أبناء الطائفة الزيدية شارك بقوة خلال احتجاجات 2011 ضد نظام صالح إلا ان القطاع الأكبر بدأ يشعر بالحسرة لما آلت إليه الأمور .

تدهور الأوضاع في اليمن وتحديدا في العاصمة اليمنية وإنتاج الوضع السياسي لحكومة يمنية رخوة بقيادة " محمد سالم باسندوة" دفع قطاع واسع من الناس في أقصى الشمال إلى البحث عن بدائل سابقة .

صالح الذي تهاوت أسهمه تحت ضغط قوة الاحتجاجات الشعبية انتعشت آماله وتمكنت جماعة الحوثي التي كانت منحصرة في أقصى شمال الشمال من التمدد صوب العاصمة اليمنية تحت ضغط المطالب الشعبية والإحباط الذي نال قطاع واسع من الناس بسبب تدهور الأوضاع في اليمن.

 

 

 


 

 

جماعة الحوثي تعيد السيطرة الزيدية إلى الواجهة

تمكنت جماعة الحوثي من اجتذاب اهتمام وتأييد قطاع واسع وكبير من الناس خصوصا من أتباع الطائفة الزيدية في شمال اليمن وعلى نحو غير متوقع تمكنت الجماعة من كسب تأييد غالبية أتباع الطائفة الزيدية في صنعاء وعمران ومناطق أخرى من شمال اليمن .

تمكنت جماعة الحوثي عقب دعوة قصيرة لاحتجاجات شعبية دامت لأسابيع من فرض سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء في الـ 21 من سبتمبر 2014 .

بدأ واضحا ان الجماعة في طريقها إلى السيطرة التامة والكاملة على الأوضاع السياسية في اليمن وهذا ماحدث خلال الأشهر اللاحقة لأحداث 21 سبتمبر التي باتت تصفها جماعة الحوثي بأنها "ثورة شعبية".

تسارعت التطورات السياسية في يناير 2015 بشكل كبير واندلعت الشرارة باختطاف جماعة الحوثي لمدير مكتب الرئيس هادي احمد عوض بن مبارك ومهاجمة معسكرات لقوات الحماية الرئاسية في صنعاء وسيطرتها على دار الرئاسة .

أنجزت جماعة الحوثي سيطرتها الكاملة على الأوضاع في صنعاء واستقال الرئيس عبدربه منصور هادي من منصبه .

بدأ واضحا ان الأمور في صنعاء تتجه صوب سيطرة جديدة لأتباع الطائفة الزيدية على الأوضاع في المدينة التي عرفت بالتعايش لعقود طويلة .

شعر قطاع واسع من الناس من محافظات وسط اليمن وغربه بالمخاطر الواقعة في حين التزم الجنوبيون في صنعاء أماكنهم وبدأ القطاع الواسع والأكبر من الجنوبيين يدرس خيارات العودة إلى مدن الجنوب .

اندلعت التظاهرات في صنعاء مابين مؤيدة ومعارضة لسيطرة جماعة الحوثي كان المؤيدون غالبيتهم من مناطق أقصى الشمال في حين كان المعارضون من مناطق وسط وغرب اليمن .

بدأ واضحا ان الفرز المناطقي لهذه التظاهرات في طريقها لتشكيلها بشكل واضح واندفع الآلاف من الأشخاص الغاضبين يوم السبت يصارعون بعضهم البعض في الطرقات .

يتخوف قطاع واسع من سكان صنعاء ممن ينحدرون من مناطق وسط وغرب اليمن من عودة هيمنة زيدية انحسرت خلال العقود الماضية فيما يرى الطرف الأخر بأنهم يستعيدون وضعهم السيادي الحقيقي الذي خسروه بثورة 2011 في اليمن .