آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:02م

عالم المرأة والأسرة


فوائد الاغتسال بالماء البارد, ومضار الاغتسال بالماء الساخن

الثلاثاء - 27 يناير 2015 - 10:24 م بتوقيت عدن

فوائد الاغتسال بالماء البارد, ومضار الاغتسال بالماء الساخن
فوائد الاغتسال بالماء البارد

كتب / همدان حميد الحيدري

فوائد الاغتسال البارد

قال الله تعالى لسيدنا أيوب أثناء الضر{ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} سورة ص آية 42, والرسول صلى الله عليه وسلم من أدعية استفتاحه للصلاة ( اللهم أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ), وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء ) رواه البخاري.

الاغتسال بالماء البارد من درجة إلى (15) درجة مئوية لبضع دقائق ينشط القلب ويحرك الدم بقوة ونشاط لإدفاء الجسم ولإبقاء حرارة الدم على درجة 37م, واستفزاز الدم ودورانه بقوة يُمزق الجلطات (تتمزق ولا تخرج نهائياً من الجسم إلاّ بالحجامة) ويحصل نشاط رهيب، ويقل أي ألم بالبدن بإطلاق هرمون الأندر وفين, وتستقر النفس وترتفع معنوياتها وتذهب عنها الكآبة واليأس, وتزداد الشجاعة, وتنشط الدورة الدموية بالدماغ فتقوى قُدراته وذاكرته, ويزيد نشاط الغدة الدرقية التي تسرع بالتمثيل الغذائي وإنتاج الطاقة البديلة المستنزفة في النشاط مما يؤخر ظاهرة التعب والشعور به, ويُنشط غدة البنكرياس لتفرز هرمون الأنسولين في الدم فيحترق السكر, ويمنع نشوء دوالي الخصية والأطراف, ويشد الجلد ويمنع رهولته وشيخوخته ويُعطيه النضارة, ويقوي البصر وأربطة ومفاصل العظام والعضلات, ويشفي مِن الهم والمس والسحر, ويُعين على السهر بسبب تبريده للجلد عند خروج الحرارة من جوف البدن للظاهر والجلد, ويعالج سرطان الثدي بحسب دراسة ألمانية بالعلاج بالاغتسال بالمياه الباردة لمدة أربعة أسابيع مع التوقف عن تناول حليب الأبقار والسُكر المكرر وتجنُب النوم بالضوء وتجنُب الأكل والشُرب بالأوعية البلاستيكية.

والاغتسال بالماء البارد يساعد على النحافة بسبب إحراقه لكم هائل مِن السعرات الحرارية عند دوران الدم بقوة للإدفاء, فإذا كانت البدانة في منطقة البطن والمؤخرة والأرداف فيُكثف فيها الحمام البارد, ولعلاج البواسير توضع قطعة من الثلج بالخارج على منطقة الباسور وتكرر لعدة أيام بدقائق معدودة، ورش الماء البارد على رأس الدائخ والسكران يُفيقهم بسبب تحفيز الدم ودورانه بالدماغ .

أهل حضرموت ينزلون بحر العرب في نجم البلدة (برج السرطان – يوليو) باكراً حيث يأتي تيار بارد من المحيط الهندي تكون برودته (15) درجة مئوية ويغتسلون للوقاية وطرد كثير من الأمراض كالروماتيزم, فيقولون نجم البلدة يرد الشيبة ولده (أي المرأة العجوز تعود شابةً)، وكبار السن الأصحاء في روسيا والصين يسبحون في بحيرات باردة شبه متجمدة, ولاعبي كرة القدم بعد إصاباتهُم مُباشرةً يضعون على أماكن الإصابة قطع الثلج مع تدليكها لِمنع نشوء الجلطات ولسُرعة التعافي, وكذلك الأُمهات الحاذقات يدلكين بالبرد أماكن السقوط والرضوض لأطفالهن.

 

الاغتسال البارد منهي عنه بعد الأكل والمجهود العضلي فلابد أن يكون الجسم بارد ومغلق المسامات، فإذا كان الجسم ساخن ومتعرِّق تحدث جلطات صغرى أو كبرى وقد يؤدي للوفاة, وينهى عنه من ضغطه مرتفع ومن عنده تصلب بالشرايين, إلَّا أن يغتسل فقط في أطرافه, وإن أحتجم صاحب الضغط المرتفع وتصلُب الشرايين فيمكنه بعدها بالاغتسال البارد الكامل لكُل الجسد. يبدءا الاغتسال بالقدمين ثم اليدين ثم الوجه والرأس ثم أمام الجسد ثم الظهر, وفرك قطعة ثلج على باطن يدك بين إبهامك وسبابتك يساهم في علاج ألم الأسنان بسبب وجود ممرات الأعصاب المحفزة للدماغ فتمنع إشارات الألم, فاغتسلوا بالبارد ولا تشربوه أو تأكلوه, فالألم الذي تشعر بهِ في رأسك عندما تشرب أو تأكل شيئًا باردًا سببه تجمع الدم في دماغك للمحافظة على حرارته, فشرب الماء البارد قبل الطعام يفلج المعدة الفارغة ويضر الكبد ويكوُّن جلطات صغيرة تصل الدماغ , وشربه مع الطعام وبعده يُجمِد الزيوت والدهون التي استهلكتها ويبطئ الهضم ويتفاعل هذا الراسب مع الحامض ويتكسَر وتمتصه الأمعاء أسرع من الطعام الصلب, ويُبطِّن الأمعاء ويتحول إلى دهون تؤدي للسرطان, وتتضخم المعدة والبطن حتى تصبح كرشاً كبيراً.

بالنسبة للموروث الشعبي والأمثال القائلة : البرد مفتاح العلل والبرد بقدر الدفاء, والبرد أصل كُل علة, فهو صحيح والمقصود به نشوء المرض بالتعرُض للهواء البارد لفترات طويلة نسبياً مع عدم الوقاية بالتدفئة بالملابس الثقيلة, وبالتالي يبرد الدم ويتخثر ويتجلط, وورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير. وليس المقصود مِما سبق الاغتسال البارد القصير للثواني والدقائق المعدودة الذي يؤدي للفوائد المذكورة.

 

مضار الاغتسال الساخن

قال أبن سيناء: إن الماء الحار ينفذ قوى الجسم, أي يضعف الجسد ويتعبه ويزيد حموضة الدم فيساعد على نشوء الأمراض, لأن البكتيريا والفيروسات تنشاء في وسط حمضي. والماء الساخن يرخي البشرة ويمُطهاَ ويجعِّدها, ويُمدد الخصية ويضعف الحويمنات ويضرُ بالبأة ويؤدي للعقم, وللنعاس والكسل, ويؤثر على الحمل برفع حرارة الجسم، ما يعّرض الجنين لتشوّهات خلقيّة. وتعرُض البدن لأبسط برد أو ريح بعد الحمام الساخن تنشاء جلطات صغيرة وقد تؤدي للصداع والشقيقة والزُكام والسُعال لأن مسامات الجلد تكون مفتوحة ويخترقها الهواء البارد والريح. وبحسب دراسةً يابانية إن الاستحمام بالماء الساخن في يوم بارد يسبب مشاكل للقلب مع ارتفاع معدل الإصابة بالسكتة القلبية أثناء الاستحمام لعشرة أمثاله في الشتاء عنه في الصيف, ووجدنا أن في منطقة دمت والقبائل المجاورة لها مِمَن يذهبون للاغتسال بالحمامات الكبريتية الساخنة يُصابون في الروماتيزم بالأقدام.

نردُ على مَن يقولون بأن الحمام الساخن يخرج السموم الجوفية عبر المسامات, نقول صحيح إن هُناك كثير مِن سموم الجوف تخرج عبر مسامات الجلد أثناء العرق, ولكِن الأفضل إخراجها عبر مسامات الجلد بفتحها بخروج العرق أثناء وبعد الرياضة حتى وإن كانت رياضةً بسيطة كالمشي السريع لمدة 20 دقيقة يومياً, فنجمع فائدة الرياضة في صحة البدن وزيادة نشاطه وارتفاع الروح المعنوية, وفائدة إخراج السموم عبر المسامات, والجو الحار كذلك له أضراره كأضرار الاغتسال بالماء الحار, فأهل المناطق المنخفضة الحارة الرطبة تكون جلودهُم وظواهرهُم حارة وبواطنهُم ودمائهُم وقلوبهُم وأدمغتهُم باردة, فيسوء الهضم والنبض والعقل, وأهل المرتفعات والجبال الباردة أشجع لأن الحرارة الغريزية تكمن في بواطنهم ودمائهُم وقلوبهُم وأدمغتهُم, فيصح الهضم والنبض والعقل, وتكون جلودهُم وأطرافهُم باردة.

العلامة أبن خلدون الكندي ذكر في مقدمته في باب علاقة الغذاء والماء والهواء وتشكيل أمزجة أبن أدم, بأن أهل المناطق الحارة يستولي الحر على أمزجتهم وأصل تكوينهم, فيكونون أسرع فرحاً وسروراً وأكثر انبساطاً وطيشاً وطرباً ورقصاً لضعف أدمغتهم وما نشأ عنه من ضعف عقولهم, وأهل المناطق الباردة يمتازون بالشجاعة والجفاء ويُحسِبون بإفراط لعواقب الأمور حتى أنهم يدخرون قوت سنتين من حبوب الحنطة ويباكرون الأسواق لشراء القوت اليومي مخافة أن يرزأ شيئاً, ويرى أن الأقاليم ذات المناخ المعتدل يكون فيها كل شيء معتدلاً بما في ذلك الفكر والتدين وتعج أرضها بالخيرات, ونفس الشيء وافقه أرسطو باعتدال أهل اليونان بسبب اعتدال مناخهُم.

...........................

7 ربيع ثاني 1436ه 27\01\2015م

المصادر: مقدمة ابن خلدون , مُتفرقات مِن الموروث الشعبي, موقع معلومات طبية.

اللهم يا معلم إبراهيم علمني, يا من علمت داوود وفهمت سليمان واتيت لقمان الحكمة علمني وفهمني وارزقني الحكمة. اللهم إنا نعوذ بك من كتمان العلم والرياء, ونعوذ بكَ مِنِ شرور مَن يكتمونه.