آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-05:10م

أخبار وتقارير


قصة الاعلام الرسمي في اليمن من سيطرة صالح الى قبضة الحوثيين

الأحد - 01 فبراير 2015 - 12:56 ص بتوقيت عدن

قصة الاعلام الرسمي في اليمن من سيطرة صالح الى قبضة الحوثيين
صحيفة الثورة اليمنية

تقرير- احمد الضحياني

خضع الاعلام الرسمي للجمهورية اليمنية خلال العقدين الاخيرين لتوجهات الانظمة التي حكمت يخدم سياستها ويبث وينشر ما يتوافق معها .. وغابت عنه الاستراتيجيات الوطنية الواسعة والجامعة.. وخلال العقد الثاني من الوحدة اليمنية اصبح الاعلام الرسمي ينفذ توجهات نظام علي عبدالله صالح وسخر كافة المؤسسات الاعلامية لخدمته .

المؤسسات الاعلامية الرسمية

تصدر اليمن ما يقارب ( 20 )صحيفة ومجلة رسمية ومدارة منها(3)صحف يومية و(5)صحف ومجلات اسبوعية و(4)مجلات وصحف شهرية و(7)مجلات وصحفة فصلية.
ويملك اليمن شبكة تلفزيونية واحدة (المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون) (4)قنوات رسمية هي الفضائية اليمنية الرسمية وقناة عدن وقناة الايمان وسبأ.

وتشمل محطات الاذاعة التي تملكها الدولة محطتين ذات تغطية شاملة وحوالي(10)محطات اذاعية محلية.
كما تملك الدولة وكالة واحدة هي وكالة سبأ الرسمية وثلاث مؤسسات للصحافة هي(الثورة و14اكتوبر والجمهورية).

استخدم صالح الاعلام الرسمي كأحد الشقائق الخمس التي هي (الاعلام ،والجيش والامن، والوظيفة العامة ،واللجنة العليا للانتخابات، والمال العام) كأدوات للاستمرار في الحكم و التغلب على الخصوم والمنافسين السياسيين. وعمل الاعلام الرسمي على تضليل الناس بإنجازات صالح اعتبرها كثير من المراقبين بانها انجازات وهمية لا نراها الى على التلفزيون.

واصبح الاعلام الرسمي أداة للنيل من الخصوم وتوجيه التهم للأشخاص والاطراف المناوئة لتوجهات نظام صالح ،خاصة بعد التوجه نحو “تأبيد السلطة “و “التوريث”.

كما عمل على تغييب العقل اليمني من خلال ممارسته للتضليل والتسليع الذائقي وبث الدعاية لعائلة صالح واسرته .كما مارس الاعلام الرسمي سياسة إعلامية تمس غريزتا (الخوف والجوع)..واعتبر أي تغيير سياسي ياتي بوجوه جديده عبر الانتخابات يعني اختلال الامن والاستقرار ليكرس فكرة الاستقرار والامن بالاستبداد.

كما تم ربط الاستقرار الاقتصادي من خلال استمرار الفساد في مؤسسات الدولة وتمكين الفاسدين واي تغيير قد يطال صالح ونظامه يعني الدخول في أزمة اقتصادية للمشتقات النفطية والمواد الغذائية وغيرها.

على هذه السياسة الاعلامية كان اﻻعلام الرسمي يدندن ،وخلف تركة ثقيلة في عقول “العوام” حيث اخضعوا حياتهم المعيشية اليومية وخيارتهم المستقبلية وفقا لما تطرحه هذه الالة الاعلامية.. خلافا لقناعتهم ورغباتهم الشخصية .
إبان الثورة الشعبية في 2011م كان الاعلام الرسمي الاكثر إيلاما واستهدافا لشباب الثورة حيث مارس ابشع انواع التهم والتضليل والقذف لشباب وحرائر الثورة.. وحينما كان قوى القهر المدججة بالسلاح تواجه شباب الثورة بالرصاص الحي وسقط العديد قتلى وجرحى كانت الفضائية اليمنية تبرر لمثل هذا القتل العمد وتبث الدعايات والشائعات وتقوم بفبركات اعلامية تنال من كرامة الشعب اليمني.

كما مثل 18مارس 2011م مجزرة جمعة الكرامة التي قام بها النظام السابق السقوط المدوي للإعلام الرسمي اخلاقيا ومهنيا وموضوعيا حينما حاول تبرير الجريمة ومحاولة الصاقها بقوى اخرى..
وقام علي عبدالله صالح بتعيين عبده الجندي ناطقا رسميا للحكومة يدلي بتصريحات يومية بطريقة كوميدية ..ومهمته الاساسية وضع حواجز وشائعات تقلص مدد الانضمام الشعبي للثورة.. واخطر ما تم طرحه وتسويقه عبر الجندي (سرقة ثورة الشباب) “كانت ثورة شبابية ولكن سرقوها”.. معلقاً على انضمام الجيش المناصر للثورة وللقبائل المنضمة.
مارس الجندي عبر برنامجه الكوميدي ابشع صور التضليل والكذب على الهوى مباشرة حيث صار بمثابة استراحة فكاهية لمراسلي الصحف والقنوات المحلية والدولية.

وتم اعفائه من منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة بعد تشكيل حكومة الوفاق.. واصبح ناطقا رسميا للمؤتمر الشعبي العام.

بعد سقوط صالح

تغير الخطاب الاعلامي الرسمي بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق وفقا لتوجهات مرحلة التوافق.. وحدثت تغييرات في بعض المؤسسات الرسمية مثل تغيير رئيس قطاع الاعلام والتلفزيون في صنعاء وتعيين عبدالرحمن بجاش رئيسا لمؤسسة الثورة الرسمية خلقا للرعوي لكنه واجه جملة من الصعوبات التي خلفها النظام السابق فاضطر للاستقالة وعين خلفا له فيصل مكرم وهو محسوب على نظام صالح ،ايضا مؤسسة الثورة تعتبر بؤرة وملاذ اغلب من يتواجد فيها النظام السابق.

حدث تنفس بطيء للإعلام الرسمي في هذه الفترة وبدت بعض الصحف الحكومية تشيد بثورة الشباب سبقها اشادات الرئيس هادي الذي سرعان ما وصفها في خطاب له نهاية العام 2014م بانها الازمة الكارثة على اليمن.

ولم يحدث تغيير على مستوى الكادر الاداري واستمر النظام السابق هو من يدير الاعلام الرسمي خاصة المقروء من بنفس الوجوه ووكالة سبأ للأنباء خير مثال ويمثل رئيسها طارق الشامي رئيس للدائرة الاعلامية للمؤتمر الشعبي العام.

مُجمل القول ان سيطرة حزب المؤتمر على الاعلام الرسمي جعل مبدأ الحياد الاعلامي والموضوعية والمهنية وهماً و بعيد التحقق وعرض وعي المواطنين للتضليل ..ولم تخرج من عباءة الاعلام الموجه لحساب حزب صالح..

ومن اغلب ما يؤخذ على الاعلام الر سمي اليمني(المرئي والمسموع والمقروء) ارتباطه وانقياده للسلطة الحاكمة وطغيان انقياده لعدم المصداقية والانحياز التام للشخص والحزب الحاكم او السلطة الحاكمة وتبرير جميع سياساتها.
وبالتالي اصبح هذا الامر منهجية تعود عليها الاعلام الرسمي تتعاقب بتعاقب السلطات الحاكمة.

سيطرة الحوثيين على المؤسسات الاعلامية الرسمية

تمكنت جماعة الحوثيين المسلحة في 20سبتمبر بعد مواجهات مسلحة مع كتيبة الجيش المكلفة بحماية التلفزيون قضت بتوجيهات من وزير الدفاع السابق محمد ناصر احمد بالتسليم وتمكينهم من السيطرة على مبنى التلفزيون الذي يضم اربع فضائيات رسمية .والتي انطلقت بدورها الى التسليم والاستلام لمؤسسات الدولة الاخرى في 21سبتمبر المشئؤم بتواطئ الرئيس هادي ووزير دفاعه.

وامتدّت سيطرة الحوثيين إلى قنوات فضائية خاصة مثل قناة “سهيل” ” حيث سيطر مسلحو الحوثي على مقرها في الثاني والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري، وما تزال أجهزتها منهوبة، حتى الان حد تصريحات مسئؤولين في القناة .

واضطرت قناة “يمن شباب” الخاصة إلى نقل مقرها إلى مكان مجهول، كنوع من عملية التخفي، التي لجأت إليها وسائل إعلام عديدة وصحفيون، خوفاً من أن تطالهم يد الجماعة المسلحة.

وفي تقرير صادر عن المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون كشفت ان 2مليار ريال حجم المنهوبات التي نهبها الحوثيين لخمسة مواقع اذاعية.

ويشير التقرير إلى المفقودات من أجهزة ومعدات و وسائل نقل و أجهزة ومباني تابعه للمؤسسة الحكومية في خمسة مواقع: أربعة في العاصمة صنعاء و إذاعة إب المحلية وقد تصل تقديرات ذلك النهب والأضرار إلى اكثر من ملياري ريال

وفي 13سبتمبر تم تعيين شخصيا ت حوثية في قناة اليمن الفضائية وتناقلت وسائل اعلامية ان المسؤولين المقالين، لم يتمكنوا من العودة إلى مقر التلفزيون بسبب تهديدات تعرضوا لها من قبل الحوثيين.

وضم التعيين عدد من الإعلاميين الذين اعلنوا انضمامهم للمظاهرات التي نظمها الحوثيين قبل سيطرتهم على صنعاء.

وفي 13نوفمبر الاحد اقتحم مسلحون حوثيون مكتب نائب وزير الإعلام فؤاد الحميري، بالعاصمة صنعاء، وأجبروه على مغادرته بعد إصرارهم على ذلك.وكان الحميري قد تعرض لتهديدات سابقة من قبل حوثيين، ومطالبات منهم بترك منصبه الذي صدر به قرار جمهوري من الرئيس عبدربه منصور هادي منتصف العام الجاري.

وفي16ديسمبر 2014م اقتحم مسلحين حوثيين مؤسسة الثورة للصحافة والنشر وفرضوا سياسة تحرير جديدة وليس تحت اشراف هيئة تحرير الصحيفة المعينة بقرارات رسمية.وقاموا بإصدار الصحيفة حسب ما يريدون هم بعيدا عن السياسة العامة للدولة.

وقامت بإصدار العدد اليومي لصحيفة الثورة الرسمية ليوم 17ديسمبر حيث تم حذف أهداف ثورة 26 سبتمبر من الصفحة الرئيسية، بالإضافة إلى حذف إضاءة الرئيس هادي، التي تحتوي عليها جميع الصحف الرسمية الصادرة في أعدادها اليومية، وذلك بعد تصاعد الخلافات بين الرئيس هادي وجماعة الحوثي.وكانت وزارة الاعلام العاملين الى التوقف عن العمل وعدم اصدار أي عدد للصحيفة.

وفي 7يناير من العام الجديد أقدمت مليشيات جماعة الحوثي على اقتحام منزل رئيس مجلس إدارة صحيفة “الثورة” فيصل مكرم، لإجباره على تقديم استقالته.

وعلى ضوء ذلك اصدرت وزارة الاعلام تعميماً “لكافة الجهات الحكومية الرسمية والخاصة بإيقاف تعاملها مع صحيفة الثورة التي تصدر عن مؤسسة الثورة للصحافة والنشر خلال هذه المرحلة وحتى إشعار آخر، نظرا لعدم قانونية وشرعية ما يصدر عنها نتيجة مصادرة ما يسمى باللجان الثورية لختم الصحيفة ورفضهم تسليمه لوزارة الإعلام”.

وعبرت “الوزارة عن ادانتها لاستمرار اصدار الصحيفة خارج إطار شرعية المؤسسة الرسمية، والدولة فأنها تؤكد على أن اي وثيقة أو ارسالية او اتفاق ممهور بختم صحيفة الثورة يعد وضع غير قانوني والوزارة غير مسئولة عن اي تبعات ويعد هذا بلاغ عام ورسمي بذلك”.

وفي 20 يناير صرحت وزيرة الاعلام الى عدم اخذ التصريحات والبيانات الرسمية من أي مؤسسة اعلامية رسمية كونها تحت سيطرة جماعة الحوثيين المسلحة واوضحت على حسابها في تويتر” انه بالإمكان اخذها من قناة عدن”.

تخضع المؤسسات الاعلامية الرسمية التي سيطرت عليها جماعة الحوثيين المسلحة لتوجهاتها واهدافها ومحاولة لتكريس وضعية تابعة لها ولتأييدها المطلق للكثير من سياساتها.. وتعمل من خلالها اقناع الرأي العام بها.
في صحيفة الثورة نرى اخبار جماعة الحوثيين ومستشارها السياسي صالح الصماد تتصدر الصفحة الرئيسية بالمانشيت العريض.
وتتجنب نشر الاخبار المتصلة بالمؤسسات الحكومية الرسمية الا بما يتوافق مع سياسة الجماعة ففي 18يناير رفضت وكالة سبأ الرسمية وصحيفة الثورة نشر بيان حكومة بحاح بشأن اختطاف احمد عوض بن مبارك وقاموا بنشر بيان توضيحي صادر جماعة الحوثيين تبنى رسميا عملية الاختطاف.
كما تقوم بنشر اخبار وتقارير الهدف منها تشوية المنافسين والمناوئين لها ..وترويج “ان مطارح قبائل مأرب للدفاع عن محافظتهم” مأوى للإرهاب.
كما تجاهلت وامتنعت جميع وسائل الاعلام التي تحت سيطرة الحوثيين من تغطية أحداث مهاجمة دار الرئاسة وما تبعها من استقالة الحكومة والر ئيس هادي.. والاكتفاء بنشر تصريحات خاصة بصالح الصماد مستشار هادي عن الجماعة .
ويقوم الحوثيين بهذه الممارسات والسيطرة والسطو على كافة مؤسسات الدولة بدون اي سند دستوري او قانوني ..وهو ما يعد هذه التصرفات غير شرعية اجهضت العملية السياسية والفترة الانتقالية واخرها محاصرة رئيس الجمهورية و اجباره على الاستقالة واستقالة الحكومة وتقود اليمن الى الهاوية .