آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:34م

ملفات وتحقيقات


قراءة في إعلان عودة هادي

الإثنين - 23 فبراير 2015 - 10:40 ص بتوقيت عدن

قراءة في إعلان عودة هادي

كتب / صالح احمد المحوري

بالتزامن مع انبعاث ملامح جدية لطبيعة وديكور دولة (الانقلاب الحوثعفاشية) بإعلان دستوري مفصل بإحكام على عقلية وفكر معديه، وبتشكيل مجلس ثوري مكون من بعض لصوص الشمال ومطعم ببعض فهلوات ومهرولي الجنوب!! سيطرت عبارة (هادي في عدن)على مقدمة محطات التلفزة ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.. هادي في عدن !!هذا هراء ،ربما يكون هذا حال الحوثيين الذي وقع الخبر عليهم كالصاعقة فأجهزوا من بعد ذلك على منزل هادي نهباً وسلباً حتى نوافذ البيت وادوات المطبخ لم تسلم من نشلهم!! اصطدم الحوثيون بواقع فقدان الرئيس القابع تحت إياديهم شهراً كاملاً، فبدأ كل منهم بسرد قصة الهروب الهوليودية، غير ان خواتم قصصهم تنتهي بحقيقة وجود هادي في عدن المدينة التي شهدت بزوغ نجم هادي العسكري والنصف الاول من مرحلة حياته السياسية ،عاد هادي إلى عدن وعادت معه آمال نسجها الجنوبيون على ابنهم المخطوف بتحقيق الخلاص من وهم الوحدة الفاشلة، غير إن هادي اصدر بياناً وضح فيه بشكل دبلوماسي ما حدث منذ ال21 من سبتمبر ودعا لاجتماع للهيئة الوطنية للحوار وهو بذلك انهى شعرة الوصل ما بينه وبين جنوبيو فك الارتباط على الاقل في المنظور الحالي:

واخيراً خرج هادي الرئيس الجنوبي الاول في دولة الوحدة و الجنوبي الثالث الذي يغادر صنعاء مع اختلاف سبب ودافع كلً منهم في المغادرة ،غادر هادي صنعاء بعد انقلاب ال21 من سبتمبر المنفذ حوثياً والمدعوم عفاشياً بشكل لا غبار عليه، وكما هو الحال في وضع رئيس تحت الاقامة الجبرية وعودته إلى مدينة خارج إطار الإنقلاب، انتظر (الوحدويون) من بين 25 مليون يمني خطاب هادي لكي يوضح لهم ماجرى في ليلة ال21 من سبتمبر المشؤوم ويعود عن الاستقالة ويعلن صنعاء عاصمة محتلة من الحوثيون ،بينما كان الجنوبيون المؤيدون لفك الإرتباط ينتظرون من هادي إعلان دولة الجنوب وهو الامر الذي كان مستبعداً عند الاغلبية!!بُث بيان هادي مقروءً وتضمن التمسك بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة بالإضافة لمخرجات الحوار الوطني الشامل ومسودة الدستور لليمن الاتحادي بينما استبعد تماماً ذكر إتفاق السلم والشراكة وهو إشارة واضحة إلى إن الرجل فقد شرعيته منذ ال21 من سبتمبر رغم انه ظهر في بعض المرات ملوحاً بإن صنعاء لم تسقط وهو مايعني بإنه لازال يمسك الشرعية المنبثقة من مبادرة مجلس التعاون لكن يبدوا إن الرجل تماشى مع الظروف المحيطة به آنذاك وتعرض لضغوط اجبرته على الإتيان بما لايقتنع ويرضى به.

إستبعاد هادي ذكر اتفاق السلم والشراكة في بيانة يرفع غطاء الشرعية عن القرارات والتعيينات الصادرة من بعد ذلك اليوم وهو ما أكده في فقرة اخرى من البيان التي اشارت لبطلان وعدم شرعية القرارات والتعيينات الصادرة من بعد 21 سبتمبر!!إعتقد ان هذا البيان في نظر المتابعين الجيدين يأتي تأكيداً وتعميداً لقناعاتهم ورؤيتهم في إن الرجل منزوع القرار والكلمة منذ إنقلاب أواخر سبتمبر الماضي، ومن جهة اخرى فهو يؤكد ويُزيح عن هادي صِبغة الخيانة والتؤاطؤ مع الحوثيون لدخول صنعاء بدليل وضعه في الاقامة الجبرية لمدة شهر وقتل عدد من افراد اسرته وحراسته وايضاً طبيعة التعامل معه سياسياً وإنسانياً واخلاقياً ..

وحيا هادي ابناء الشعب اليمني الرافضين للإنقلاب ولكل الاجراءات الباطلة التي حاولت مصادرة إرادتهم الحرة في بناء دولة النظام والقانون، وهنا هادي مستمد قوته وشرعيته من رفض وخروج تلك المجاميع الشعبية للشوارع رافضين للإنقلاب ومتمسكين بشرعيته كرئيس توافقي منتخب من 7 ملايين يمني ،على عكس الحوثيون الضعيفين شعبياً وجماهيرياً، هنا اعتقد ان هادي في موقف اقوى من ماسبقه حيث انه مدعوم شعبياً وجماهيرياً من السواد الاعظم وهو مادفعه للمواصله و الخروج بذلك البيان القوي ،،لااعتقد إن خطاب هادي سيكون بتلك القوة والشرعية إذا لم تقف تلك الجماهير معه وتؤيد شرعيته، لوكان كذلك بالفعل لما عاد عن إستقالته حتى لو كان قدمها عن ضغوط مورست عليه! !!هادي يستثمر الزخم الجماهيري الواقف في صفه منذ ال21 من سبتمبر وهذا عامل ودافع اكبر لإتخاذ الرجل إجراءات اكثر جرئة..

اجزم إن الدافع الرئيسي لإصدار بيان هادي القوي نوعاً ما هو التأييد الشعبي والجماهيري من دون اغفال التأييد الاقليمي والدولي لشرعيته المتمثلة بمواقف دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالإضافة للاصدقاء في العالم ومجلس الامن الدولي والذي طالبهم هادي بإتخاذ إجراءات وخطوات إحترازية لدعم العملية السياسية في اليمن ولدعم البلد إقتصادياً ورفض الإنقلاب ..لايتوانئ هادي في الإستفادة من الدعم الدولي والاقليمي لشرعيته وهو سبب من اسباب مواصلة قيادة الدولة المشتتة حفاظاً على وحدة اليمن المرهونة بطبيعة القوى الدولية والاقليمية ومنظماتهما وبالمقابل فإن تلك الدول تحافظ على مصالحها المرهونة بطبيعة الوضع الامني في اليمن،واعتقد ان اي تحرك سياسي او عسكري يقوم به هادي تجاه الحوثيون يستلزم معرفة وتنسيق بين الرجل وقيادات تلك الدول ويتطلب ايضاً دعم ومساندة نظراً لاهتراء وهشاشة مؤسسات الدولة اليمنية الشرعية..

دعا هادي ايضاً في بيانة المقتضب كل مؤسسات الدولة مدنية وعسكرية للإلتزام بقرارات الشرعية الدستورية وحمايتها وفي المقدمة ابناء القوات المسلحة والامن وعدم الإنجرار نحو خطوات تهدف لجر البلاد نحو الفتنة والفوضى.. خص هادي برسالته هذه ابناء القوات العسكرية والامنية وهو يلوح بإن الشرعية عادت إلى مكانها الطبيعي وفي إشارة إلى خطورة الوضع القائم وثقل مؤسستي الجيش والامن في تركيبة نظام البلد ،داعياً اياهم إلى عدم الإنجرار نحو الفوضى والمشاريع الطائفية والامتثال لشرعية التوافق والمبادرة الخليجية.. ليست الرسالة موجهة بشكل خاص إلى القوات التي تقف مع شرعيته رغم إن البعض قد يرون تنفيذها مقترناً بمن يؤمنون بشرعية هادي ويستثني منها القوات التي يسيطر عليها الحوثي!! اعتقد ان هادي وجه الرسالة بشكل عام، وهي تحمل ايضاً دلالات تحذيرية من الوقوف مع الإتقلابيين وفيها من الإشارة للقوات التي بيد الحوثي ان الميليشيا فاقدة للشرعية وان الوقوف معها سيكون ثمنه باهظاً جداً.. جدد هادي في بيان العوده الدعوة لكل ابناء الشعب بقواه السياسية والاجتماعية والسلطات المحلية في المحافظات إلى الإلتفاف حول هذه الخطوات وهنا يعي هادي جيداً أهمية التفاف قوى السياسة والمجتمع حول الخطوات المنبثقة من المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهي التي يستمد شرعيته منها ورسالة كتلك من شأنها تعزيز التلاحم والتعاضد ضد الإنقلاب ومركزه في صنعاء وأكد هادي على ضرورة رفع الاقامة الجبرية عن رئيس الوزراء خالد بحاح وكل رجالات الدولة وإطلاق كافة المختطفين من قبل ميليشيا الحوثي وهو الامر الذي يثبت إن هادي كان تحت الإقامة الجبرية والتي يواصل الإنقلابيون فرضها على بحاح وغيره من وزراء ومسؤولي الدولة..

في الجهة المقابلة وقُبيل لحظات من إعلان بيان هادي المرتقب لازال بعض الجنوبيون يمنون النفس بإعلان جريء من هادي لفك الإرتباط عن الشمال الذي دخل الجنوب معه في وحدة 1990 التي اعيد تحقيقها في صيف 1994 بحرب مشؤومة قطعت آخر اوصآل الوحدة الاخوية وابدلتها بوحدة مكتوبة حبراً على ورق وفارغة من مضمونها الحقيقي وصار من بعدها الجنوب ساحة للنهب والفيد ومركز ضخ لعناصر الإرهاب والتطرف الممولة والمدعومة من إروقة القصر الجمهوري بصنعاء!!!في الحقيقة لم اتوقع كغيري إن يعلن هادي ذلك القرار الغير متوقع تماماً والذي يحتاج لاوراق وادوات سياسية اكثرمن كونه بياناً مكتوب!!في حقيقة الامر الجنوب غير مهيأ حالياً للإنفصال، بما ان هناك بوادر تحالف غير طبيعي قد ينبعث في إي وقت إذا ماطرأ اي تطور جدي بإتجاه الانفصال وهنا ستكون الخسارة كبيرة جداً ،بإعتقادي ان قرار الانفصال غير منطقي على الاقل حالياً وليس في مصلحة الجنوب سياسياً وإجتماعياً على الاقل،ربما يشهد نشؤ جماعات إرهابية من هنا او هناك وانا على يقين بإن القوى التي زرعت القاعدة في ابين وشبوة وحظرموت وفي فترة كانت افضل بكثير من الآن لن يكون من الصعب عليها صناعة داعش جديد في اليمن على غرار داعش سوريا والعراق في هذه الفترة الحرجة،هُناك امر مؤسف ايضاً وهو افتقاد الجنوب للمؤسسات السياسية والعسكرية والامنية رغم وجود الكوادر المؤهلة إلا انها لاتملك من الامر والقرار والسيطرة شيئاً،ليس من السهل إستعادة دولة فاقدة لمؤسسات الجيش والامن،فرضاً لو اعلن هادي انفصال الجنوب اجزم إن الجنوب سيُجتاح في اليوم التالي!!!تلك حقيقة يعززها سيطرة مراكز القوى في صنعاء وبالتحديد (صالح ) على اغلب مؤسسات الجيش والامن وهو نتاج 33عاماً في سدة الحكم غرس فيها الولاء والطاعة له،ربما تحمل متغيرات مايجري على الارض الجديد والغريب لكنني اعتقد إن الجنوبيون سيواصلون النضال في طريق إستعادة الدولة سلمياً في المنظور القريب وربما يتطور الامر لاحقاً لنشؤ ثورة شعبية مسلحة إذا تطورت مجريات الاحداث، الجنوب يحتاج لإعادة تكوين لبنيان مؤسساته السياسية والعسكرية والامنية ولن يحدث هذا إلا بنظام دولة فيدرالية يكون الجنوب فيها إقليمين او إقليم وهنا يمكن الحديث عن دولة بمؤسساتها وتكوينها السياسي المستقل والذي يساعد في إنشاء دولة مستقلة.. اعتقد ايضاً ان الجنوب معرض للخسارة في كِلا الحالتين حتى لو لم يعلن هادي الانفصال فقيادة المواجهة مع الحوثي من عدن ولو كانت سياسية إن لم تكن عسكرية فستكون لها سلبياتها على الجنوب والجنوبيين ،عمل كهذا قد ينشط من ادوار بعض مراكز القوى التي ستدخل على الخط بذريعة المواجهة مع الحوثي ناهيك عن اطراف خارجية ذات ولاء للحوثي ولن تدع هادي يعبث بالحوثيين من عدن..

الخطوات التي قد يتخذها هادي بعد البيان ستكون سياسية في البداية عن طريق فرض حصار سياسي على صنعاء وهذ قد يتم بنقل كافة السفارات من صنعاء إلى عدن وعودة بعض قيادات الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وإقامة مؤتمرات مناهضة للانقلاب وربما تُعلق بعض قيادات الاحزاب مفاوضاتها في الموفمبيك، لا اعتقد ان هادي سيستخدم القوة العسكرية على الاقل في الفترة الحالية وربما تأخذ طبيعة المواجهة مع الحوثي فترة ليست بالقصيرة..