خمس وخمسون ساعة أمضاها ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف، في العاصمة البريطانية لندن، التقى خلالها أركان الدولة ومفاتيحها، عبر سلسلة اجتماعات متواصلة، وثلاث ولائم عشاء.

زيارة الأمير محمد بن نايف الخارجية، تصنف الأولى على مستوى الوفد الكبير ووفق موقعه السياسي الحديث في السعودية، إذ حضر إلى لندن بموقع الرجل الثالث في بلاده، ولياً لولي العهد، ورئيساً للمجلس السياسي والأمني، علاوة على أنه وزير للداخلية، لذا ضم وفده 4 وزراء، مثلوا مسارات مختلفة، واثنان من أكبر قادة الدولة عسكرياً وأمنياً. ففي الوفد وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة، ووزير الدولة الدكتور سعد الجبري، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار مدني، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول عبدالرحمن البنيان، ورئيس هيئة الاستخبارات العامة الفريق خالد الحميدان.

طوال الرحلة وطريق الرياض لندن، ذهاباً وعودة، لاحظت "العربية" مشاهد جديدة، إذ اختصر الوفد عدداً، فكل وزير أو مسؤول حضر معه سكرتير واحد، يلاحقه بالملفات والأوراق، وطوال ساعات التحليق في الأجواء، تحلق الوزراء حول بعضهم، في نقاشات سياسية، وبين فترة وأخرى يبتعد أحدهم بسكرتيره لمراجعة الملفات وإمضاء الأوراق، ووضع الشروحات. وهذا سلوك حديث في اختصار العدد والوقت، وتحقيق سرعة الإنجاز.

في لندن، اختار الوفد فندقاً واحداً، حيث مجمع الفنادق في حي ماي فير، بمسافة أمتار عن السفارة السعودية، فتحول "فورسيزن" إلى مسرح سياسي، إذ عقد فيه رئيس الوفد أحد أهم اجتماعاته مع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون.

وعندما لا تكون هناك لقاءات لرئيس الوفد، يتسرب الوزراء والمسؤولون إلى لقاءات أخرى، بعضها زيارة عمل إلى مؤسسات، وأخرى في اجتماعات ثنائية.

الانطباع العام الذي رصدته "العربية" بين الجانبين السعودي والبريطاني، حال الرضا العام عن الزيارة، إذ سجلت أهداف عدة، بينها تقديم الفريق السعودي الجديد إلى صناع القرار الدولي، وتثبيت مواقف المملكة في التعاون الدولي لتحقيق السلم والأمن العالمي، والتأكيد على عدم تبدل سياستها، سواء باستحداث فريق سياسي شاب يمتلك أدوات حديثة.

كذلك رأى الطرف السعودي أنه نجح في شرح الوضع الإقليمي، وسخونة منطقة الشرق الأوسط، عبر خمس دول ملتهبة، ومن جانبه لم يكن الطرف البريطاني بعيداً، وثمن الرؤية السعودية للحلول.

ويعرف صناع القرار البريطاني الأمير محمد بن نايف جيداً، عبر خمسة عشر عاماً من التعاون الأمني، لذا لم تكن رؤيته السياسية لحلول الأزمات السياسية مفاجأة لهم، خاصة أن أزمتي الإرهاب والتطرف طغتا على أزمتي الاقتصاد والسياسة في اليمن والعراق وسوريا وليبيا.