آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:59ص

أخبار وتقارير


سفينة اليمن.. وضرورة النجاح في استعادة استقراره!

السبت - 28 فبراير 2015 - 01:17 م بتوقيت عدن

سفينة اليمن.. وضرورة النجاح في استعادة استقراره!
دبابة للجيش اليمني استولى عليها الحوثيون في شارع عام بصنعاء - وكالات

كتب: محمد تيمور

الوضع المتدهور في اليمن يشكل تهديدا كبيرا لاستقرار الخليج ومنطقة الشرق الأوسط برمتها، هذا ما يتفق عليه مختلف المراقبين.علاوة على ذلك قد يوفر اليمن مأوى خصبا للإرهابيين إذا استمر تدهور الوضع والخلافات بين قواه المتعددة، ما قد يؤثر على استقرار الممرات الملاحية في خليج عدن والبحر الأحمر بسبب إمكانية تعرضها لمزيد من التهديدات الأمنية مع تفاقم الوضع المضطرب بالشرق الأوسط».
وذلك هو ما يقلق دول المنطقة والولايات المتحدة والدول الأوروبية وما يهدد المصالح الغربية بشكل مباشر.

مع ملاحظة أن منذ تشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في يناير عام 2009، تزايدت الهجمات الإرهابية في اليمن وبعض دول الخليج العربية الأخرى، وتنوعت سبل الهجمات، وامتدت مواقعها من وسط اليمن إلى جنوبه حتى غطت مساحات واسعة منه.بالإضافة إلى ذلك، حول تنظيم القاعدة اليمن إلى موقع استراتيجي له، يهدد أمن دول الجوار..
وفي حال تعاون تنظيم القاعدة مع المتطرفين يبقى استمرار الوضع المتفاقم في اليمن، مع ازدياد حالات تدفق أعداد متزايدة من اللاجئين اليمنيين إلى دول الجوار اليمني، خاصة السعودية التي تتقاسم حدودا طويلة مع اليمن، ما يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا بالنسبة لها.
ويرى المراقبون تواصل عدم الاستقرار في اليمن تبقى صنعاء تتوقع الأسوأ، لأنه لا مساحة لتفاؤل ممكن في ظل اليمن وهو يعيش «حالة» غير مسبوقة، ويتجه نحو النفق المظلم بمباركة فرق الفتن، والجماعات الإرهابية، لدفع الشعب المحبط إلى مجازر تتكئ على الطائفية والقبلية يُمهد لتمزق صريح، وتفتت رهيب، واندلاع أزمة طاحنة للهوية اليمنية المختطفة.
ويصبح اليمن في حالة ركل سياسي طائفي شعبي قبلي، لكرة الصراع السياسي.
وبات الوضع اليمني في مرحلة من الهشاشة لم يسبق أن دخلها، ونخشى أن هذا الوضع يلحق بالتردي والتصفيات والظلام الدامس، مثل العراق وسورية وليبيا، وعليه أن نحسب جيداً لارتدادات الحالة اليمنية.
ولقد أصبح اليمن في النفق المجهول ما دامت انتماءات شعبه للأحزاب والشخصيات السياسية والمصالح.
مع غياب الجدية في معالجة الوضع بشكل حاسم مع الاستشعار للنتائج الخطيرة على اليمن ومحيطه إذا ما انفجر الوضع بشكل أسوأ مما هو عليه الآن. ونحن أمام إعلان الأمين العام بان كي مون أن اليمن ينهار أمام أعيننا .
وهنا يتضح أننا إزاء وضع في غاية الخطورة والتعقيد إضافة إلى أنباء تشير إلى استعدادات لضخ مزيد من الجهاديين من تنظيمات وفصائل مختلفة إلى الساحة اليمنية، وهذا ما يؤشر أن الجحيم حاصل لا محالة، وهذا ما تؤكده كثير من المعطيات ويكون البكاء على الوطن اليمني مسألة وقت ليس إلا… لان سفينة الوطن اليمني أضحت قاب قوسين أو أدنى من الغرق.
ولا يخفي أمر التداعيات الكبيرة التي تؤثر في كينونة اليمن كدولة ومجتمع وكيان سياسي في المنطقة العربية، فمحلياً المكون القبلي يتحكم في معظم مناطق اليمن، وله تأثير كبير وقوي في المشهد السياسي والاجتماعي. ولا بد من الانتباه للحراك الجنوبي، الذي يطالب منذ فترة طويلة بالاستقلال، والذي وجد نفسه في خضم الأحداث التي بدأت تعصف باليمن، في وقت نرى الحراك الجنوبي، أيضاً منقسم، فهناك من يريد الانفصال تماماً والعودة إلى الدولتين، وهناك من يريد الدولة الاتحادية، وإعطاء مزيد من الصلاحيات للأقاليم، وهو ما اقتُرح خلال الحوار الوطني وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وجعل مراقبين سياسيين يعتقدون بأن جماعة الحوثي كانت توحي بأنها تتفهم مطالب الحراك الجنوبي، ولذلك يمكن أن تكون قد كسبت جزءاً من الحراك الجنوبي إلى جانبها في هذه المرحلة. كما أن هناك أحزاباً وقوى سياسية وشعبية تعارض إجراءات جماعة الحوثي، كالحزب الناصري الوحدوي وغيره. ومن الواضح بأنه لا يمكن أن يكون ما يجري في اليمن خارج اهتمام الدول المحيطة به، خاصة دول الخليج العربية، ولذلك تراقب هذه الدول الأوضاع في اليمن بدقة، وترفض رفضاً قاطعاً كل ما يقوم به الحوثي في اليمن، وتتمسك بشرعية حكومة الرئيس عبد ربه هادي منصور، وكذلك بالمبادرة الخليجية وإلغاء فرض سياسة الأمر الواقع.يبدو أن الموقف الدولي تجاه اليمن متناغم مع المواقف العربية، ولاسيما الدول الرافضة للانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثي،
لكن موقف الإدارة الأمريكية، يبدو أنه غير واضح تماماً، وهو ما يؤثر في الموقف الدولي، فالإدارة الأمريكية لم تحزم موقفها علماً أن الإدارة الأمريكية تخشى أن يصبح اليمن مناخاً جيداً للقاعدة، بسبب الفراغ السياسي الذي سببه الوضع الحالي، ولهذا يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تزال في مرحلة حسابات الربح والخسارة حول ما يدور في اليمن، آخذة في الاعتبار مفاوضات الملف النووي الإيراني.
في ذات الوقت لا بد من التأكيد على أن الأحزاب والقوى السياسية تمتلك اليوم فرصة تاريخية للتصالح وإعادة الثقة بينها وبين جماهيرها الفاقدة لمصداقيتها .. وذلك من خلال الوقفة الجادة والسعي بشكل منطقي للملمة وحل الأزمة الخطيرة التي تكاد تعصف بالوطن والخروج بالوطن اليمني نحو بر الأمان ..
ولهذا فإن الأحزاب مطالبة بالتحرك الفوري والسريع لردع الفتنة، والعمل على استعادة وحدة الصف اليمني، وهو أقل ما يمكن أن تقوم به وما يتطلبه من واجب الوطن عليها .
وقد حذر أكاديميون من خطورة الوضع السياسي الراهن للوطن إذا لم تتدارك القوى والمكونات السياسية ضرورة العودة إلى الحوار والتفاوض لحل جميع الإشكاليات والأزمات السياسية، خاصة بعد وصول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الى عدن واعلانه عودته عن الاستقالة من منصبه، وقيامه بالفعل بممارسة مهامه من مدينة عدن، ودعوة ممثل الامم المتحدة جمال بن عمر لنقل الحوار بين الأطراف اليمنية الى خارج صنعاء، مؤكدين- الاكاديميون والمراقبون- أن المخرج المتاح والسليم للبلد يتمثل في العودة إلى الالتزام بالمبادرة الخليجية وتنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية، كون اﻻﺗﻔﺎﻕ ﺑﻤﺠﻤﻠﻪ يعد ﺧﺎﺭﻃﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠيه ﻣﻦ ﻳﺤﺐ اليمن، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ أن ﺗﺒﺬﻝ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ الصادقة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴذه، ﻭأﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﻤﺎﺣﻜﺎﺕ السياسية ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻗﻞ أي ﺟﻬﺪ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭأﻥ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻠﻨﻪ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺎﺕ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀاﺕ المختلفة ﻟﻜﻞ ﻣﻜﻮﻥ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ، ولا بد من العمل ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻖ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟيمن ﻣنذ ﻣﺪة طويلة، وتغليب مصالح اليمن العليا على المصالح الذاتية والشخصية والحزبية والمناطقية. وتحقيق تطلعات وأمنيات الشعب اليمني في الاستقرار والأمن والسكينة والهدوء والطمأنينة في دولة مكتملة السيادة.
ولا بد كذلك من التركيز على انه لا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﺮﺝ اليمن ﻣﻦ أزمته إﻻ ﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻬﺪﻡ ﻃﺮﻑ ﻣﺎ ﺑﻨﺎﻩ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍلآﺧﺮ.
ولا بد الأخذ بنظر الاعتبار أن اليمن يمثل موقعاً جيواستراتيجياً أو جيوسياسياً مهماً. بمعنى أن اليمن من الدول التي تحتلّ مثل هذا الموقع المزدوج، فهو من جهة يمثل موقعاً جيواستراتيجياً كونه يتحكم في مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. ويحتلّ موقعاً جيوسياسياً مهماً كونه يقع على تخوم الدول الخليجية حيث الثروة النفطية والمصالح الغربية الضخمة، ولأنّ اليمن يمثل أكبر تجمّع سكاني في منطقة شبه الجزيرة العربية، فإنه مهيّأ موضوعياً لأن يلعب دوراً مهماً في أحداث المنطقة، لا سيما أنّ القوى المؤثرة والفاعلة فيه ليست قوى منضبطة بالسياسة الغربية.
فالحراك في اليمن الجنوبي يسعى إلى إحياء دولة الجنوب، وهناك تنظيم «القاعدة» الذي يشكل تهديداً لدول الخليج العربية  وهو يسيطر على أجزاء واسعة من الجنوب.
ومن المعلوم أن اليمن بلد عُرف عنه تاريخياً أنه عصيّ على الغزو الخارجي، سواء الغزو العثماني أو الغزو الأوروبي، وغيره.
في ضوء كلّ ذلك فإنّ جميع الخيارات التي تواجه المجتمع الدولي هي خيارات صعبة، وبالتالي فإنّ العالم أمام امتحان عسير في اليمن. ولكن لا مفر من النجاح فيه في النهاية.