آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:05م

ملفات وتحقيقات


منظمة أطباء بلا حدود .. خدمات إنسانية .. ومعاناة تقف في طريقها

السبت - 18 أبريل 2015 - 01:31 ص بتوقيت عدن

منظمة أطباء بلا حدود .. خدمات إنسانية .. ومعاناة تقف في طريقها

عدن (عدن الغد) خاص :

استطلاع : خالد بلحاج

منظمة أطباء بلا حدود منظمة مستقلة غير ربحية تستجيب للاحتياجات الصحية الطارئة للسكان حول العالم منذ العام 1971م وحتى يومنا هذا لما يقرب من (70) بلد من بلدان ، كمنظمة دولية طبية وإنسانية تقدم أطباء بلا حدود المساعدة الطبية والنفسية  المجانية بحيادية ونزاهة للمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة وتفشي الأمراض , ناهيك عن تقديمها الرعاية الصحية الإنسانية لأكثر مجتمعات العالم فقراٌ وضعفاُ, وبتلك الأعمال الإنسانية حازت سنة 1999م على جائزة نوبل للسلام ، هنا في اليمن بدأت أطباء بلا حدود عملها في العام 1986م بصورة غير مستمرة إلا انها في العام 2007م بدأت تعمل بشكل أساسي في مجال تقديم المساعدات الطبية وكذا رفع مستوى الوعي الصحي , ومنذ اندلاع الاشتباكات في البلاد في التاسع عشر من مارس تعمل وحداتها الجراحية بعدد من مستشفيات الجمهورية في صنعاء وعدن والضالع وحجة وعمران على تقديم المساعدات الطبية اللازمة للجرحى والمصابين والحالات الطارئة الأخرى لكافة الأطراف دون تحيز اوتمييز وفقا للأخلاقيات الإنسانية والطبية رغم ماتعترض طرق عملها الإنساني من صعوبات مثل إيصال الأدوية و المستلزمات الطبية لمشاريعها في اليمن براً و بحراً و جواً إلا أنها وبكل عزيمة وإصرار وانطلاقاٌ من مبادئها الإنسانية تمكنت من تجاوز تلك العراقيل حيث تمكنت عياداتها الطبية منذ اندلاع الاشتباكات من معالجة أكثر من (800) جريح حرب اضافة الى الحالات الأخرى , الاستطلاع التالي يسلط الضوء على تلك الجهود الإنسانية التي تبذلها أطباء بلا حدود وعن معاناة طواقمها الطبية ووحداتها الجراحية يرويها لنا مسئؤلي وأطباء هذه المنظمة وفقا والزمان والمكان لكلاٌ منهما :

  (وصول المساعدات الإنسانية عبر البحر و الجو و ضرورة نقل المزيد من المساعدات)

   عالجت أطباء بلا حدود في اليمن من الفترة بين 19 مارس و حتى الأن أكثر من 800 جريح . و قالت ممثلة منظمة أطباء بلا حدود ماري إليزابيت إنغريس عند وصول أول قارب مساعدات طبية من جبوتي إلى عدن في الثامن من أبريل :" يسرنا وصول الإمدادات والطواقم الطبية بسلام، خاصةً وأن الفريق العامل في المستشفى قد أنهك وكان هناك خطرٌ حقيقي لحدوث نقص في الإمدادات.وان هذه المساعدات التي وصلت ستساهم كثيراً في الحد من المعاناة الإنسانية, الاإن الحاجة ملحة لهذه الإمدادات الطبية التي ستسمح لنا بتحقيق استجابةٍ أفضل للاحتياجات في أنحاء مختلفة من اليمن. لكن ينبغي إبقاء طرق الإمداد مفتوحة للسماح بإيصال المزيد من المساعدات إلى البلاد وتسهيل الوصول من أجل إدخال المزيد من الإمدادات والطواقم الطبية جواً وبحراً". تزن الإمدادات الطبية التي تم إرسالها بحراً و جواً من جبوتي  حوالي 17 طن كما أرسلت المنظمة فريقاً جراحياً مكون من خمسة أفراد إلى مستشفى المنظمة في عدن و أرسلت جراحاً أخر إلى مستشفى السلام بمديرية خمر محافظة عمران. و تعمل المنظمة لإرسال المزيد من الإمدادات خلال الأيام المقبلة كما وتخطط منظمة أطباء بلا حدود إلى توسيع أنشطتها في اليمن استجابةً للاحتياجات الراهنة، لكنها تواجه صعوبات في هذا الشأن.

 وأضافت إنغريس: "إن إيصال المساعدات إلى داخل البلاد ليس إلا جزءاً من التحدي. فنظراً للقتال وغياب الأمن في البلاد، نواجه أيضاً صعوبات في تقييم الاحتياجات ونشر الطواقم والإمدادات في المناطق التي تكون الحاجة فيها على أشدها". لكن فيما يستمر العنف في التسبب بأعداد كبيرة من الجرحى فإننا نحتاج إلى مزيد من الإمدادات والطواقم الطبية"

دعم مستشفى حرض في حجة

وفي الشمال الغربي من اليمن، يقوم أحد فرق المنظمة بدعم جناحٍ للطوارئ في مستشفى حرض الذي تلقى 34 جريحاً جراء القصف الذي طال منطقة مخيم المزرق للنازحين، إضافةً إلى 19 شخصاً كانوا قد توفوا قبل وصولهم إلى المستشفى. حيث كان قد وصل قبل الحادثة  ما يقارب من 500 عائلة جديدة إلى المخيم هرباً من القصف الذي يطال المنطقة الغربية من صعده,,

 

 تفاقم حاجة المصابين والنازحين

 

 قال مدير العمليات في المنظمة الدكتور غريغ ألدر في الأول من أبريل:" أدت الاشتباكات الدائرة في أنحاء البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، إضافةً إلى الغارات الجوية التي بدأت في 26 مارس/ آذار، إلى تفاقم حاجة المصابين والنازحين جراء النزاع إلى المساعدات الطبية في أجزاء عديدة من البلاد. لكن إغلاق جميع المطارات الدولية في صنعاء وعدن والحديدة، والقيود الصارمة المفروضة على الموانئ البحرية، تعيق إيصال المساعدات الإنسانية. ليس باستطاعة أطباء بلا حدود في الوقت الحالي نشر المزيد من الطواقم الطبية المتخصصة في الطوارئ في أكثر الأماكن حاجةً إليها. ونحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى إيجاد سبلٍ لإيصال مساعدات الإغاثة الإنسانية وطواقمها إلى داخل البلاد". ويتابع الدكتور ألدر: "يجب علينا توفير الدعم لفرقنا الميدانية التي أنهكت وتعمل فوق طاقتها. فحتى بلوغ أكثر المناطق حاجةً في اليمن يعد أمراً صعباً، إذ أن رحلات الطيران المحلية قد ألغيت وأضحت الحركة داخل البلاد محفوفةً بالمخاطر"

 ضرورة احترام العاملين في المجال الصحي و سيارات الإسعاف و عدم أعتراض الجرحى

 تنادي أطباء بلا حدود جميع الأطراف إلى احترام المركبات والطواقم الطبية، والامتناع عن إيقاف سيارات الإسعاف أو اختطافها أو إطلاق النار عليها، أو تهديد العاملين الصحيين أو الهجوم عليهم أو إعاقتهم عن أداء واجباتهم الطبية. و قالت المنظمة في أحد بياناتها الصحفية في الثالث من أبريل بأن التعرض لسيارات الإسعاف و إعتراض الطواقم الطبية تسبب بعدم وصول الجرحى إلى المستشفيات حيث تلقت المنظمة عدداً قليلاً جداً من المرضى  في مستشفاها الواقع في عدن بالنسبة للعشرة أيام الأولى للإشتباكات ، نظراً لأن الطرقات مغلقة وسيارات الإسعاف تعرضت للاختطاف والإيقاف والهجوم, وايزاء ذلك فان المنظمة تعبرعن قلقها حيال صعوبة وصول المرضى إلى المستشفى، كما أنها قلقة على العاملين الصحيين وسلامتهم.  مشيرة الى ان عاملين صحيين اثنين قد قتلا  وهما داخل سيارة إسعاف، فيما أبلغت وزارة الصحة عن فقدان سبع سيارات إسعاف.

 شهادات الطاقم المحلي

 يقول أنيس ديان،  أحد ممرضي مستشفى أطباء بلا حدود في عدن:   " يجب علينا أن نكون مستعدين لأي حالات إصابات جماعية، خاصةً وأننا وحدةٌ صحيةٌ للحالات الطارئة حيث استقبلنا الكثير من الحالات منذ أن بدأت أطباء بلا حدود بالعمل هنا في 2012 ولكن الوضع لم يتأزم كما هو الآن. في خلال أسبوعين، وأضاف: استقبلنا الكثير من حالات الإصابات الجماعية [سبع إصابات جماعية - أكثر من 600 جريح]. وشكلت هذه الأعداد الهائلة من المرضى صدمة هائلة بالنسبة لنا. ومع ذلك كنا قادرين على التحكم بالوضع والتصرف بمسؤولية كبيرة وتدبير الأمور, كنت حزيناً جداً حيث كنا نستقبل أشخاصاً من الحي الذي تقع فيه الوحدة الجراحية التابعة للمنظمة وآخرين من الحي الذي أسكن فيه، إضافةً لأشخاص تربطني بهم معرفة شخصية. كنا نستقبل كل تلك الإصابات الجماعية ونفكر في عائلاتنا... لقد تغيرت الأمور بين ليلة وضحاها وكان الأمر صعباً بالنسبة لنا"

 ومضى يقول: "بيتي قريب نوعاً ما من المستشفى حتى أنني أذهب سيراً على الأقدام. أنا من محافظة أبين وعائلتي ليس لديها أحد غيري يعتني بها. الكثير من أقاربي في أبين يتصلون بي ويلومونني لأني أترك عائلتي وأذهب للعمل، لكني لا أستطيع ألا أكون في المستشفى. أنا ممرض وهنا بالضبط يأتي دوري. من الصعب علي ترك عائلتي لمدة 12 ساعة لكن يصعب عليّ أيضاً ألا أكون ممرضاً يعمل في المستشفى في مثل هذه الأوقات",,,

يقول أحد الصيادلة في أطباء بلا حدود و أسمه نبيل باصم :عندما بدأت الاشتباكات في 19 مارس/ آذار كنت في المستشفى وكان بيتي يقع على مقربةٍ من المنطقة التي جرت فيها الاشتباكات. لم أستطع أن أعود إلى المنزل إلا عند الساعة التاسعة ليلاً. وحين وصلت إلى البيت، كانت زوجتي وطفلاي في حالة من الرعب إذ أنهم كانوا وحيدين في المنزل. كانت الاشتباكات عنيفة وكنت في حيرة من أمري ولا أعلم ما الذي يتوجب علي فعله في اليوم التالي. هل أبقى معهم أم أذهب للمستشفى؟ كنت أقلق عليهم كلما ذهبت إلى المستشفى، فلم أكن أرغب في تركهم، لكن عملي يحتم علي هذا.

استقبلنا الكثير من حالات الإصابات. كان وجودي ضرورياً طوال الوقت لتزويد المستشفى بالمستلزمات الضرورية من الصيدلية. وعلى الرغم من أننا كنا مستعدين إلا أن عدد الجرحى الكبير كان يتطلب مني أن أهرع إلى صيدلية المستشفى كي أحضر المستلزمات الضرورية للأطباء. كنا نعمل على الدوام في المستشفى وعندما كنت أذهب للبيت لم يكن الوضع هادئاً فقد كنت أسمع أصوات إطلاق رصاص.

في أحد الأيام حين كنت عائداً إلى البيت الذي كنت قد استأجرته في مكان قريب ولم يكن يعرفني كل من في الحي، استوقفني بعض المسلحين قرب منزلي وصوبوا سلاحهم نحوي.. عندها فقط تعرف علي رجل كبير في السن ثم أخلوا سبيلي. بعد تلك الحادثة، أخذت أسرتي إلى محافظة أبين حيث يعيش أقاربي هناك.. شعرت أنهم سيكونون بخير فهناك من سيعتني بهم. كنت خائفاً في طريق العودة، لكنني والحمد لله رجعت سالماً إلى عدن وأنا الآن في المستشفى.

الدكتور/ علي ضاحي احد الاطباء الذي يعملون مع منظمة أطباء بلا حدود في الضالع :" في هذه الأثناء وفي محافظة الضالع حيث تدعم أطباء بلا حدود أجنحة الطوارئ في مستشفى النصر  هناك كثير من الأشخاص بحاجةٍ إلى مساعدة طبية من شأنها أن تنقذ حياتهم لكنهم لا يقدرون أن يصلوا إليها في الوقت المناسب,مشيرا الى انه مر عليهم يومان أو ثلاثة أيام من الهدوء النسبي الأسبوع الماضي، لكن عاد مجدداً إطلاق النار الكثيف والقصف إلى مدينة الضالع,مؤكدا أنهم يتلقوا يومياً اتصالات من مرضى حالتهم حرجة - بعضهم من جرحى الحرب فيما يعاني آخرون من مشاكل صحية خطيرة – ولا يستطيعون الوصول إلى المستشفى,مشيرا الى انه حدث خلال الأسبوعين الماضيين أن تلقينا ثلاث مرات مكالمات من نساء يعانين من مضاعفات مخاض تهدد حياتهن وهن على نقاط التفتيش التي أغلقت نظراً لخطورة الطرق المؤدية إلى مستشفانا. توفيت اثنان منهن وأحد الأجنة، فيما كن ينتظرن إعادة افتتاح نقاط التفتيش كي يعبرن, مضيفا ان هناك حالة أخرى كانت هناك امراءة  بحاجةٍ إلى عملية قيصرية اسعافية لإنقاذ حياتها وحياة جنينها، لكن الطريق كانت خطيرة جداً على سيارة الإسعاف لإحضارها إلى مرفقنا الصحي، كما أن السيدة الحامل لم تتمكن من الوصول إلى أي مرفق آخر من شأنه أن يجري مثل هذه العملية. والخيار الوحيد كان أن تضع مولودها بمساعدة وإشراف طبيب في القرية، والنتيجة كانت ولادة طفل ميت ونجاة الأم, ومضى يقول: "اننا نقوم بإحالة الحالات الخطيرة إلى مرافق أخرى توفر رعاية تخصصية كلما استطعنا، وهذا يتم أحياناً بعبور خطوط الجبهات حيث تمكنا خلال اليومين الماضيين من إحالة ستة مرضى من مدينة الضالع إلى مستشفى أطباء بلا حدود في عدن، حيث نملك هناك قدرات جراحة أفضل بكثير إضافةً إلى وصول طاقم جراحي جديد وإمدادات طبية يوم أمس. لكن اشتداد المعارك على الطريق يجبرنا على إبقاء المرضى الذين يجب إحالتهم في مرفقنا الطبي في الضالع، في انتظار اللحظة التي يمكن نقلهم فيها بسلام. يمكن لهذا أن ينجح أحياناً، لكن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً في معظم الأحيان",مؤكدا فرار نحو 60بالمائة من سكان مدينة الضالع إلى المنطقة المحيطة بها والتي هي أفضل حالاً بقليل من الناحية الأمنية مقارنةً بالمدينة التي باتت مغلقة وثمة نقص في الوقود والكهرباء، وبالتالي نقصاً في المياه التي لا يمكن ضخها. وهذا يعد مشكلة بالنسبة للمستشفى، لكن مدير المستشفى تمكن من تأمين صهريج مياه سيكفينا في الوقت الحالي, مشيرا ان

مستشفيات وزارة الصحة القريبة منهم فقد بدأت إمداداتها بالنفاذ. وتتبرع منظمة أطباء بلا حدود بالمواد حيثما استطاعت، لكننا بحاجةٍ للمزيد من الإمدادات, لافتاٌ الى  نفاذ مخزون وزارة الصحة من أدوية الأمراض المزمنة، وهذا ما يهدد بوقف علاج المرضى الذين يتطلبون متابعة طويلة الأمد كمرضى السل. وبالنسبة لهذا المرض بالتحديد، يشجع هذا الوضع على ظهور السل المقاوم للأدوية، الأمر الذي يصعب علاج المرضى على المدى الطويل, مشيرا ان ذلك فوت الكثير من الأطفال للقاحاتهم، خاصةً وأن انقطاع التيار الكهربائي يحول دون إبقاء اللقاحات مبردة، وهذا ما يفضي إلى مخاطر طويلة الأمد لأمراض يمكن تجنبها, ناهيك ان هناك أيضاً نقص في الغذاء في المنطقة,مضيفاٌ اننا قمنا بعلاج أكثر من 150 جريح حرب في الضالع منذ تصاعد العنف, لكن هذا العنف يؤدي أيضاً إلى تدهور صحة الناس الذي علقوا في منطقة النزاع. وينبغي تسهيل وتسريع عملية إيصال الطواقم والمواد الطبية إلى اليمن ,,,,

 

لنا كلمة :

 

جهود مضنية تقوم بها هذه المنظمة الإنسانية في سبيل تقديم المساعدات الطبية للجرحى والمصابين عبر وحداتها الجراحية المتواجدة بعدد من مستشفيات الجمهورية إيمانا منها بعظمة ذلك العمل الإنساني دون تحيز أو تمييز لأي طرف , فعلينا جميعا ان نهيئ الظروف ونقدم لهم جل مساعداتنا لها لتواصل خدماتها الإنسانية الجليلة , ألف تحية وتحية لأولئك الجنود المجهولين الذي ضحوا براحتهم وراحت أسرهم  من اجل إنقاذ حياة إخوانهم الجرحى والمرضى في ميادين القتال.