آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-10:46م

دولية وعالمية


ملك السعودية يواجه مشهداً متغيراً

الثلاثاء - 05 مايو 2015 - 07:01 ص بتوقيت عدن

ملك السعودية يواجه مشهداً متغيراً

اوين بنيت جونز بي بي سي نيوز

لم يكد عاهل المملكة العربية السعودية، الملك سلمان، يكمل مئة يوم في السلطة حتى شن ضربات جوية على اليمن، ورقّى البعض ممن يعرفون بأنهم محافظون، واصدر أوامر ملكية بقيمة 32 مليار دولار (21 مليار جنيه استرليني) لدعم بعض القطاعات، ومهد الطريق لابنه حتى يجلس على العرش في المستقبل.

البداية الحاسمة للملك سلمان بما في ذلك التغييرات الكبيرة التي أدخلت على مجلس الوزراء والتي شهدت تعيين ابن أخيه، وزير الداخلية القوي، الأمير محمد بن نايف، في منصب ولي العهد وابنه، الأمير محمد، في منصب ولي ولي العهد تسجل قطيعة واضحة مع سياسة الحذر المقصودة التي كان ينهجها سلفه الملك عبد الله.

بالنسبة إلى نظام دأب على الحركة التدريجية وإجماع النخبة السعودية، فإن الملك سلمان يظهر أن ثمة طريقة أخرى لممارسة السياسة في السعودية. كما أن الخطوات المبكرة التي اتخذها توحي بأنه يستشعر الحاجة إلى عدم الاكتفاء بمواجهة إيران على الصعيد الإقليمي وإنما مواجهة الضعوط السياسية على الصعيد الداخلي.

من ناحية، لم تعد المطالب بالتغيير في السعودية مسموعة كما كانت. بعدما حاول تنظيم القاعدة الإطاحة بالتراتبية القائمة في السعودية وفشل في ذلك، فإنه أصبح الآن أضعف مما كان عليه قبل عقد من الزمن عندما كان قادرا على شن هجمات مميتة بانتظام.

عندما نستحضر الجانب الآخر من الطيف السياسي، فإن أصوات الليبراليين السعوديين قد خفت. وخلص المطالبون بتوسيع الممارسة الديمقراطية في السعودية، بعدما شاهدوا ما حل بسوريا وليبيا ومصر، إلى أن النظام الذي كانوا يرونه فاسدا ولا يخضع أفراد الأسرة الحاكمة للمساءلة فيه، يظل أفضل من أي بديل يأتي لو سقط النظام.

توترات في العلاقة

وتصور التغطيات الإعلامية تنظيم القاعدة والليبراليين على أنهم أقلية ولا يحظون سوى بدعم محدود في المجتمع السعودي. وعماد الاستقرار في البلد هو التفاهم بين أسرة آل سعود وعلماء الدين الوهابيين.

لكن هناك توترات في العلاقة بين الطرفين إذ إن العديد من الوهابيين ينظرون إلى أعضاء أسرة آل سعود باستخفاف كما يعتبرونهم "فاسدين" وحكاما يميلون إلى العلمانية ولهم علاقات وثيقة مع الغرب.

في الماضي، كان علماء الدين الوهابيون يشعرون بنوع من الرضا لأنهم كان يسمح لهم بنشر نسختهم من الإسلام في الخارج طالما أن ذلك لا يسبب متاعب في الداخل. لكن مع نمو تنظيم القاعدة وظهور ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، فإن الأسرة الحاكمة والكثير من السعوديين يشعرون بالقلق المتزايد بسبب تصدير "الجهاد".

وفي الثمانينيات من القرن العشرين، عندما شاهد الكثير من السعوديين صورا تلفزيونية تظهر أبناء وطنهم وهم يحملون بنادق الكلاشنيكوف في أفغانستان، فإنهم اعتبروهم أبطالا. لكن اليوم، عندما يشاهدون الأمر ذاته يحدث بالقرب من بلدهم في سوريا والعراق، فإنهم يشعرون بالقلق ويتساءلون كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن يتمكن الجهاديون من توسيع خطوطهم الأمامية لتشمل السعودية ذاتها.

الصورة الاقتصادية

الملك سلمان هو ملك السعودية السابع في أسرة آل سعود

لكن بغض النظر عن القضايا الدينية والإيديولوجية المثارة، فإن معظم السعوديين يشعرون بالقلق البالغ إزاء الأمر ذاته الذي يهم الناس في جميع أنحاء العالم وهو الاقتصاد.

ويبدو أن الأسرة الحاكمة في السعودية بفضل المدخرات الهائلة التي راكمتها والبالغة 700 مليار دولار تستطيع بسهولة التغلب على أي أزمات سياسية في المستقبل من خلال تعميم الكرم المالي على أفراد الشعب بهدف كسب ودهم وولائهم.

لكن الإحصائيات المتوافرة ليست وردية كما تبدو لأول وهلة. عندما أراد الملك عبد الله استباق الاحتجاجات التي اقترنت بالربيع العربي حتى لا تصل إلى السعودية، فإنه أغدق 130 مليار دولار على الأقل لدعم بعض القطاعات.

ورغم ذلك، فإن معظم سكان السعودية البالغ عددهم نحو 30 مليون، لا يمكن أن يتوقعوا الحصول على المزايا التي يحصل عليها القطريون والكويتيون. ويقبل السعوديون الذين يواجهون بشكل متزايد البطالة فكرة أنهم قد يجدون أنفسهم مضطرين إلى العمل في المقاهي والمطعام كنادلين وليس كمديرين.

رغم عوائد النفط، فإن سعوديين يعانون البطالة

وتعتمد المعونات المالية التي تغدقها الدولة السعودية على مواطنيها على مداخيل النفط والتي تمثل نحو 90 في المئة من إيرادات الحكومة السعودية. لكن بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، فإن الرياض تعاني عجزا في الميزانية يقدر بنحو 39 مليار دولار.

هناك وجهات نظر متنافسة بشأن النفط في السعودية: فثمة من يرى أن الجمع بين سياسة الأسعار المنخفضة على المدى البعيد والاحتياطات النقدية المبالغ في تقديرها يعني أن السعودية تحتاج إلى أن تكون مستعدة للتعايش مع وضع تقل فيه المداخيل النفطية. بينما يرى آخرون أن السعوديين سيكونون قادرين دائما على إنتاج النفط بأسعار مخفضة مقارنة بالآخرين. وكلما رغب الغرب في شراء النفط، فإن السعودية ستكون من بين الدول التي تمده بهذه المادة النفيسة.

لكن الخطر الحقيقي الوحيد الذي يواجه الإيرادات السعودية بسبب ذلك هو التقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يأتي ببديل عن النفط والغاز. وكما قال وزير النفط السعودي في السبيعينيات من القرن الماضي، الشيخ عبده يماني، فإن "العصر الحجري لم ينته بسبب نقص الحجر، وعهد النفط سينتهي قبل وقت طويل من نضوب النفط".