حلت امس (الجمعة) ، الذكرى الـ 25 على قيام الوحدة اليمنية في ظل حرب أهلية تهدد هذا البلد بالتمزق وتضع وحدته على المحك ، بحسب ما يرى محللون.
وتوحدت الجمهورية العربية اليمنية "في الشمال" وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية "في الجنوب" في 22 مايو من عام 1990 على أسس القومية اليمنية .
الا ان هذه الوحدة وبعد ربع قرن من الزمن اصبحت مهددة بالتفكك اليوم أكثر من أي يوم مضى.
فاليمن اليوم يعيش حالة الفوضى السياسية على وقع مواجهات بين جماعة الحوثي الشيعية وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة ، واللجان الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي.
وبين هذا وذاك يبقى تحدي تنظيم القاعدة الساعي للتمدد أكثر في البلاد.
وأقام الحوثيون اليوم في صنعاء التي يسيطرون عليها ، عرضا عسكريا في منطقة "التحرير" وشارع علي عبدالمغني وسط العاصمة.
وفي العرض العسكري ، شاركت عدد من الكتائب العسكرية, وعزفت الفرقة الموسيقية العسكرية مرتدية بزات الجيش.
وبدأ مسلحو جماعة الحوثي وقوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في مارس الماضي بالزحف باتجاه المحافظات الجنوبية وسيطروا فعليا على عدد من المدن والمناطق.
فيما تشهد مناطق عدة ابرزها مدينة عدن استمرارا للمعارك بين الحوثيين والقوات الموالية لهم , وبين ما يسمى "اللجان الشعبية الجنوبية".
ومعظم الفصائل في تلك اللجان موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وهو من أبناء محافظة ابين الجنوبية.
وخلفت المعارك منذ مارس وحتى اليوم مئات القتلى والجرحى من الجانبين ومن المدنيين , وادخلت سكان المحافظات الجنوبية خاصة عدن والضالع وابين ولحج وشبوة في وضع انساني في غاية الصعوبة.
وقال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي, ان "الوحدة اليمنية اليوم على المحك في ظل الحرب الاهلية التي يعيشها اليمن".
واتهم التميمي في مقابلة مع وكالة انباء ((شينخوا)) الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتسبب في "دورات الصراع المتتالية" وآخرها الحرب الاهلية التي يشهدها اليمن اليوم.
وحذر من ان الوحدة باتت مهددة بشكل كبير في الوقت الحالي اكثر من أي وقت مضى.
ورأى التميمي ان "دخول قوات التحالف العربي على خط الأزمة ربما سيسهم في إبقاء اليمن في خط التسوية السياسية وفي مسار الوحدة.. لكن الأمر يتوقف فعليا على افق المقامرة التي يمضي فيها صالح والحوثيون".
وتقود السعودية تحالفا عربيا يشن منذ 26 مارس الماضي غارات جوية على مواقع للحوثيين وقوات موالية لعلي صالح دعما لشرعية الرئيس هادي.
وقال محمد الظاهري رئيس مؤسسة (برسنت) لبحوث الرأي في اليمن (منظمة مدنية مهتمة بقياس الرأي العام),ان هناك انقساما في الوسط اليمني اكثر من أي وقت مضى حتى قبل الدخول في الوحدة.
ورأى الظاهري لـ ((شينخوا) ان الوحدة اليمنية تقف اليوم "عارية ومصدومة" امام حشد ممن وصفهم بـ"المنافقين" الذين طالما تحدثوا عنها وهم اليوم يثخنون جسدها بطعنات غائرة.
واضاف قائلا "سياسيون وقيادات الجيش والمليشيا ، والنخب الفكرية والثقافية انكشفت وجوه غالبيتهم , حيث تحولوا الى مجرد باحثين عن منافع شخصية او فئوية او طائفية".
واكد الظاهري "ان انقسام اليمنيين اليوم بهذا الشكل وبهذه البشاعة لم يشهده اليمن حتى قبل الوحدة".
وأشار الى ان "هناك من يستثمر اوجاع اليمنيين لتعزيز الشرخ الاجتماعي وتمزيق المجتمع ويحملون الوحدة كمشروع وفكرة وواقع كل المسؤولية عما يمر به البلد".
ويرى المحلل السياسي اليمني فيصل علي , ان البلد يتجه حاليا الى ما هو أسوأ من انفصال الجنوب عن الشمال, بل هناك "مخاوف من تشظي البلد الى دويلات".
وقال علي لـ ((شينخوا)) ان الوحدة اليمنية اليوم تمر اليوم بظرف هو الأسوأ منذ قيامها نتيجة الشرخ الطائفي الذي احدثته جماعة الحوثي الشيعية في النسيج الاجتماعي بين أبناء الشمال والجنوب.
وأضاف " ما يقوم به الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق من حرب عبثية ضد المدنيين في المحافظات الجنوبية خاصة في عدن أدخلت الوحدة في وضع صعب للغاية وانخفضت معها مؤشرات البقاء في إطار الوحدة اليمنية".
بدوره ، قال الصحفي اليمني والع الجابري , ان الوحدة اليمنية تقف اليوم على مفترق طرق في ظل تنامي دعوات الانفصال خاصة مع التطورات العسكرية الأخيرة.
وأضاف لـ ((شينخوا)) ان "زحف مسلحي جماعة الحوثي لعدة مدن في الجنوب اليمني منذ مارس الماضي,وما خلفته حرب الحوثيين في عدن ومدن أخرى في الجنوب من وضع انساني صعب , تلاشت معه كل عوامل البقاء في اطار وحدة بين الشمال والجنوب".
وتابع قائلا :"هناك تطمينات على المستوى السياسي المنقسم بأن الوحدة ستظل وستتعزز في اطار مشروع الدولة الاتحادية ، الا ان الواقع يقول غير ذلك , فالوحدة التي مر عليها ربع قرن, مهددة اليوم بالتمزق اكثر من أي وقت مضى".
