آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-01:25ص

أدب وثقافة


مسرحية عن العنف ضد المرأة بعدن تحصد إعجاباً ملحوظاً ((صور))

الإثنين - 03 أكتوبر 2011 - 11:17 م بتوقيت عدن

مسرحية عن العنف ضد المرأة بعدن تحصد إعجاباً ملحوظاً ((صور))
بطلة المسرحية تشعل «عود ثقاب» في آخر مشاهد المسرحية-عدن الغد

عدن ((عدن الغد)) خاص

صفق المئات من الجنسين للحظات طويلة داخل قاعة احتفالات في مدينة عدن الساحلية وتخلل التصفيق أصوات تصفير وزغاريد نساء عندما انطفأت الأضواء في إشارة إلى انتهاء مسرحية «عود ثقاب» التي استمرت قرابة 40 دقيقة وأدارت عقب أشهر طويلة من التوقف عجلة المسرحيات في مدينة عدن التي ظلت لعقود طويلة مركز إشعاع مدني في الجزيرة العربية.


وقدمت المسرحية فرقة خليج عدن التي ابتعثت الروح في المسرح العدني خلال ست سنوات من عمل دؤوب ومضني, بمواجهة صعاب كبيرة عطلت المسرح لسنوات طويلة بعد عقود من الريادة.

 

ولم يؤثر غياب مخرج المسرحية وكاتبها الشاب عمرو جمال على انسياب مشاهد المسرحية دون عراقيل وحصدها لإعجاب كبير من المتفرجين عبروا عنه في موجات تصفيق مرتفع خلال فواصل موسيقية صاحبت إطفاء الأضواء للانتقال من مشهد إلى آخر على خشبة قاعة التاج في مديرية التواهي.

 

وكان مساعد المخرج النجم المحبوب «عدنان الخضر» قد قال في كلمة ألقاها قبل المسرحية أن المخرج «عمرو جمال» متواجد في العاصمة المصرية القاهرة لاستكمال إجراءات الحصول على «فيزة» بغرض الانخراط في منحة دراسية بألمانيا, وهو أمر لايبدو أنه ممكن في ظل مشاكل تواجه اليمنيين للحصول على تأشيرات عدة دول.


وقال الخضر أن المسرحية جاءت تحت ظروف صعبة, وتم تأجيلها ثلاث مرات, مشيراً إلى انقطاعات التيار الكهربائي في سياق حديثه.

 

وفي مدينة ساحلية كعدن ترتفع فيها درجة الحرارة ونسبة الرطوبة, يمثل التيار الكهربائي واحداً من أهم ضروريات الحياة, وتفاصيل الحياة اليومية بحدها الأدنى.

 

واستبقت المسرحية بكلمات لكل من أمل عياش وهي المشرفة الميدانية للمسرحية التي وصفت العمل بأنه «يستحق الجهود المبذولة فيه», والدكتور «عبد الله باكدادة» مدير مكتب الثقافة بعدن, وأدارت فقرات التقديم الصحفية «وداد البدوي».

 

وإضافة إلى المتحدثين جذبت المسرحية مثقفين ونشطاء ومهتمين بالمسرح وآخرين من الوسطين الفني والسياسي, بينهم الصحفي المخضرم نجيب يابلي, والمغني فؤاد عبدالواحد الحاصل على لقب نجم خليجي العام الماضي, والأديبة والناشطة السياسية والحقوقية هدى العطاس.

 

ولايعرف المشاهد للمسرحية سبب تسميتها بهذا الاسم إلا في ختامها, وتحكي المسرحية قصة طفلة في الثامنة من عمرها تتزوج قسراً من شخص يكبرها بخمسة وثلاثين عاماً, بعد تعرضها لاغتصاب يتبادل الوالدان اتهامات مسؤولية حدوثه.

 

وشددت إجراءات الدخول على مدخل القاعة وكتب في ملصق كبير خاص بالمسرحية «يمنع دخول الأطفال», وبالرغم من هذا لا تتضمن المسرحية مشاهداً تصنف على أنها للبالغين فقط, ولجأ كاتب المسرحية إلى إيحاءات للإشارة على حدوث الاغتصاب تلته في ترتيب العرض زمنياً دون التصريح به, في خطوة تعود فيما يبدو إلى احترام القيم الدينية.

 

واكتظت القاعة بنحو «400» متفرج استنفذوا الطاقة الاستيعابية واحتشد آخرون في مداخل القاعة, ودخل بعضهم بمشادات مع حراسة يقفون على البوابات حاولوا إقناع المحتشدين بالمغادرة لعدم إمكانية استيعابهم.


وأدى الممثلون وهم ستة أشخاص مشاهد المسرحية وهي من إنتاج مؤسسة شركاء المستقبل للتنمية وبتمويل من الحكومة الهولندية, باللغة العربية البسيطة.

 

وهذا النص المسرحي الجريء للمخرج والكاتب المسرحي الشاب «عمرو جمال» هو محاولة لتسليط الضوء على قضية شائكة تدور حول العنف ضد المرأة وزواج القاصرات في مدينة عدن التي زخرت بتاريخ سابق يصون حقوق المرأة.

 

واستقطب الترويج للمسرحية جمهوراً من النساء والفتيات زاد عددهن عن عدد الرجال والفتيان داخل قاعة العرض, ومن بين الحاضرات ناشطات مخضرمات في مؤسسات المجتمع المدني بعضهن عاصرن حقباً تاريخية سابقة لم تشهد التدهور الحالي في قضايا حقوق المرأة.


وتتضمن المسرحية مشاهداً بتقنية «فلاش باك» تديرها بطلة المسرحية أحياناً للتأكيد على أن «الحقيقة يراها كل طرف من وجهة نظره» أو لإظهار جوانب عنف تعرضت لها من والديها في صغرها قبل زواجها, وتدخل عقب تذكرها هذه المشاهد في شجار مع أمها التي تصفها بعاصية الوالدين, وفي هذه المشاهد يوجه الخطاب من أبطال المسرحية إلى الجمهور في محاولة من كل طرف من أطراف القصة لإقناع الجمهور بصدق روايته عن ماجرى في الماضي.

 

وتؤدي دور بطلة المسرحية «أمل» الممثلة الشابة «سالي حمادة», وهي حفيدة الموسيقار العدني الراحل «أحمد قاسم», وتشاركها طفلتان في تأدية مرحلتين عمريتين لشخصية «أمل».

 

وحين تتعرض بطلة القصة «أمل» للاغتصاب يصرخ والدها الذي يؤدي دوره الممثل المخضرم «فؤاد هويدي» في وجه أمها التي تؤدي دورها «فاطمة عبد القوي» قائلاً: «الموت أشرف لي ولك ولها من الفضيحة», لكنه يسعى عقب ذلك لعرضها أمام صديقه بائع القات الذي يؤدي دوره الممثل القدير «أحمد عبد الله حسين» عند زيارة الأخير له في بيته لطلب سداد الديون المتراكمة بسبب شراء القات يومياً.

 

ويظهر السيناريو والد الفتاة في شخصية غير مبالية تقتات من دخل توفره والدة الفتاة عبر عملها لسنوات طويلة في الخياطة, وتعيد والدة الفتاة تذكيره دائماً بهذا الأمر وبخاصة في المشادة التي تنشأ بينهما عقب تعرض ابنتهما للاغتصاب.

 

وتتسبب حادثة الاغتصاب للفتاة بحالة نفسية يفاقمها زواجها من شخص يكبرها بأكثر من ثلاثة عقود تصفه أمها في عدة مشاهد بأنه «زير نساء», وتصرخ الفتاة في وجهه بأحد المشاهد وهو يضربها بأنها تعرف ما يفعله في كل ليلة, وبأنها تشاهدهن يخرجن من غرفته, وتشم رائحتهن حتى على جسده, في إشارة إلى «مومسات» يقضي زوجها أوقاته معهن.

 

وتنتهي المسرحية باجتماع زوج الفتاة مع والديها عقب هربها من بيت زوجها, ويتبادل الطرفان تحميل الآخر مسؤولية هروبها, لكنها تظهر أمامهم وفي يدها صفيحة مملوءة بسائل شفاف تصبه فوقهم ولايعرفون ماهو إلا بعد أن تشعل «عود ثقاب» أمامهم.

 

تقرير: أنيس البارق

تصوير: خالد سفيان وياسر عبد الباقي