آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-10:59ص

أخبار وتقارير


"عدن الغد " تنفرد بنشر أقوى صور موثقة لعملية اجتياح الجيش اليمني للجنوب في صيف 94 وتنشر تفاصيل عملية النهب وتدمير الممتلكات العامة "1"

الإثنين - 29 أبريل 2013 - 12:18 ص بتوقيت عدن

"عدن الغد " تنفرد بنشر أقوى صور موثقة لعملية اجتياح الجيش اليمني للجنوب في صيف 94 وتنشر تفاصيل عملية النهب وتدمير الممتلكات العامة "1"
أفراد من الجيش اليمني يقومون بطهي الطعام أنثاء الاجتياح في صيف 1994

ماجد الشعيبي:خاص

 

 

يوم 27 إبريل من العام 1994م، يوم لن ينسى في تاريخ الذاكرة الجنوبية، يوم أجتياج الجنوب، ويوم النصر عند الكثير من قوى الفيد في الشمال التي تحتفل كل عام بهذه المناسبة في ذكرى وجع الجنوب وقتله.

في 27 إبريل من عام 94م، أعلن علي عبدالله صالح الحرب صراحة من ميدان السبعين بصنعاء، عندما اندلعت معركة رئيسية بالدبابات في منطقة عمران الشمالية والتي انتهت بملاحقة القوات الشمالية لقوات الجنوب إلى داخل مناطق بكيل، وفي 4 مايو تجدد القتال في ذمار..

 

استمرت "قوات الشرعية" كما كان جيش الحكومة يسمي نفسه، في الضغط والتقدم متجاهلاً طلبات الأمم المتحدة (القرارات 924، 931) ومناشدات السعودية والدول الأخرى لوقف إطلاق النار..

 

سبق ذلك أن حدثت في العشرين من فبراير من ذات العام نشوب اشتباكات بين قوات الشطرين كانتا تعسكران على مقربة من بعضهما في أبين، وفي نفس الأسبوع حصلت سلسلة من المناوشات بين جيش الشطرين في الشمال، ومرة أخرى في نهاية مارس وابريل، بدا أن القادة العسكريين في الطرفين يجهزان للقتال.. ليعلن بعدها "صالح" الحرب صراحة على الجنوب..

 

عدن تحت رحمة القصف واللصوص

يوميات الحرب.. قصف عدن (أنموذج )

 

عدن التي كانت ممتلئة بالنازحين خلال الحرب ووصلت تقديراتهم إلى 500 ألف شخص , كانت تُضرب وتُقصف من قبل القوات الحكومية من 4 مايو حتى 6 يوليو وقد كثفت الحكومة قصفها عندما سحب جيش الجنوبي الكثير من الأسلحة الثقيلة إلى داخل المدينة . بينما كان القصف مقتصراً على منطقة المطار في خور مكسر وبعض الأهداف العسكرية الواضحة ثم بدأ بضرب مناطق المدنيين بانتظام مع اشتداد الحصار على عدن.

 

بعد 19 يونيو وصل معدل التمديد في مستشفى الجمهورية بعدن إلى 150جريحاً في اليوم وحوالي 15- 20 وفاة يومياً , وعلى خلاف المناطق الأخر, فأن الإصابات في عدن يغلب عليها المدنيون , وقدر أحد المصادر المطلعة نسبة المدنيين من الممدين في هذا المستشفى ب 75% . أما أغلب الإصابات بين العسكريين فكانت تعالج في مستشفى عدن العسكري.

 

بحلول 23 يونيو 1500 جريح حرب أدخلوا إلى كل مستشفيات عدن , حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكانت الأيام التالية هي الأسوأ : ففي 23-25 يونيو وعندما كان القصف أكثر كثافة على مناطق واسعة من عدن وصلت تقديرات المعدل إلى 200 جريح و30 حالة وفاة في اليوم . وفي 30 يونيو قدر مستشفى الجمهورية مجموع المرضى بجراح ناتجة عن الحرب ( بما فيهم المرضى الخارجيين ) قد ارتفع إلى 2900إضافة إلى 400 حالة وفاة . ومن هذه الأرقام فأن عدد 405 قتيل و 2707 جريح مدني في عدن ربما يكون استقراء تقريبياً.

 

كانت المدفعية تضرب عدن كل صباح ومن الساعة الخامسة حتى العاشرة مساءً ليلياً خلال أكثر من ثلاثة أسابيع من القصف اليومي المتواصل وخاصة بعدما تجاوزت القوات الشمالية بئر أحمد إلى الشمال من عدن في 24 يونيو، العديد من الفلل والبنايات الأخرى في الضواحي مثل: دار سعد وعدن الصغرى (البريقا) وخور مكسر، والمنصورة، والشيخ عثمان تعرضت لأضرار تتراوح بين أضرار بسيطة إلى التدمير الكامل.

 

وقد هرب سكان هذه المديريات إلى مديريات عدن الداخلية كريتر ، المعلا ، التواهي (الميناء الرئيسي).

 

وعلى الرغم من وعد حكومة الشمال الذي أذيع في إذاعة صنعاء بعدم ضرب المديريات ذات الكثافة السكانية المزدحمة (كرتير والتواهي) إلا أن القذائف سقطت فعلاً هناك.

 

ومن أمثلة الأحداث التي سببت إصابات المدنيين قصف ثلاثة منازل في خور مكسر قرب المطار الذي أدى إلى موت عشرة مدنيين كانوا نائمين , حسب جيرانهم .

 

وقصف سوق الخضرة في كريتر عند قرب نهاية الحرب، وقصف فندق عدن موفمبك في 5 يوليو خلال المعركة في المطار، عندما أصيب طبيب متطوع فرنسي يعمل لدى منظمة أطباء بلا حدود كان في مكتب المنظمة في الفندق وقد أصيب إصابة بالغة .

 

إن نسبة وعدد الإصابات بين المدنيين في عدن ونوع وكثافة القصف على المناطق الحضرية المزدحمة بالنازحين وأيضاً قاطنيها تشير وخصوصاً بعد 29 يونيو بأن القوات (الحكومية) لم تكن ملتزمة باتخاذ المعايير التي تؤدي إلى تجنب إيقاع ضحايا بين المدنيين، وإلى أن هذه الهجمات على عدن كانت عشوائية.

 

التدمير العمد لمنشآت المياه في عدن

 

ترجح الأدلة أن منشئات مياه عدن كانت هدفاً مباشراً للقوات الحكومية، التي تعمدت تحطيم نظام المياه وسببت قطع الماء عن عدن في انتهاك لقواعد الحرب.

 

تعتمد عدن على المياه التي تضخ إليها من حقول عدة خارج المدينة: أبين، بئر أحمد، لحج، بئر ناصر وفي كل حقل تُضخ المياه من الآبار إلى خزانات حفظ، ومن هناك ترسل إلى أحد محطات الضخ في بئر ناصر حيث يُخزن ثم يُضخ إلى عدن وضواحيها، وبئر ناصر جنوب الحوطة محافظة لحج تضخ 90% من مياه عدن.

 

وعندما عاد عمال المحطة بعد 7 يوليو وجدوا المولدات الثلاثة محطمة، وكان واضحاً أنها قد أشعلت فيها النار عمداً؛ ولم تكن قد دُمرت بفعل قصف مدفعي أو قنابل أو قاذفات صواريخ (RBG) وكان هذا هو السبب الرئيس والمباشر لكل انقطاعات ضخ المياه من هذه المحطة.

 

وفي 27 يونيو سقطت بئر ناصر ومحطة الضخ بيد القوات الحكومية، وفي 28 يونيو توقفت المحطة عن العمل وتوقف تدفق المياه نحو عدن.

 

ونتيجة للدمار الذي أصاب نظام تموين المياه بعد سيطرة القوات الشرعية – كما كانت تسمى نفسها - وبدءاً من 28 يونيو فإن نصف مليون شخص اضطروا للاعتماد على بئر تعمل بالمضخات, في المساجد كمصدرهم الوحيد للمياه. وقد اصطف الناس تحت حرارة الشمس للحصول على هذا الماء ولكن الانقطاعات المتكررة للكهرباء جعلت حتى هذه الآبار في النهاية عديمة الجدوى لساعات عديدة، واستمرت حالة الطوارئ في الماء حتى منتصف يوليو؛ وكانت عدن بلا ماء لأكثر من ثلاثة أسابيع أما بعض ضواحيها مثل عدن الصغرى فأكثر.

 

طبقاً للمقابلات وتفتيش الموقع فإن التدمير كان عمداً ولم يكن صدفة ولا نتيجة المعارك بين طرفين كما وجد المراقبون بأنه ليس من المحتمل أن يقوم الجنود الجنوبيون بتخريب معدات تعتبر حيوية جداً لعدن، قبيل تراجعهم إلى داخل المدينة نفسها وهي آخر معقل يتبقى لهم في جنوب غرب اليمن ولا يبدو بأن هناك أي دافع لقطاع الطرق ليخربوا المولدات.

 

نهب وتدمير الممتلكات المدنية

 

عندما انتهت الحرب كثير من المسئولين الشماليين ، والأجانب ،وغيرهم ذهبوا أو عادوا إلى عدن؛ الذين وصلوا سريعا شاهدوا القوات الشمالية والمدنيين ينهبون. ويقول المراقبون أن مابين 25-30% من النهب كان منظما جدا وعلى مستوى عال. النهابون وصلوا في شاحنات وحملوا المعدات والآلات من الميناء وغيرها، واستخدموا الرافعات لتحميل القطع الثقيلة.وكان عدد من المركبات استخدم لهذا الغرض ((القصد النهب)) برغم وجود نقص في المركبات المخصصة لجلب المياه.

 

تدمير الممتلكات بدا وكأنه يستهدف بصورة رئيسيه سجلات، وممتلكات ، وتعليمات "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" وهذا التدمير سُمح به وغالبا نفذ بواسطة القوات الحكومية الشمالية.

 

في سابقه لتدمير ونهب الأهداف السياسية المعارضة بواسطة القوات الحكومية.. قامت القوات الحكومية بالدبابات والمدفعية بضرب المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي اليمني في صنعاء صباح يوم 5 مايو.

 

وقد اعتقلوا خمسة أو ستة حراس وشخصين كانا يعملان في صحيفة قريبة .العمارة تم نسفها بمفجرات شديدة ودخلها الرجال والأولاد وأخذوا المقاعد، والطاولات ،والأدوات المكتبية ،و أوراق الدعاية الانتخابية.وأخيراً أحاطت قوات الأمن بالمبنى ، تراقبه وهو يحترق.!

 

في نفس اليوم كان هنالك غارات على بيوت خاصة لسياسيين متحالفين مع الجنوب، وقد شملت بيت مجاهد القهالي عضو مجلس النواب الشمالي والذي يمثل حزب التصحيح .ولم يتم اعتقاله والسبب أنه كان في عدن، لكن أقاربه الذكور اعتقلوا وبيته نهب حتى مفاتيح الكهرباء ومواد السباكة.!وقد قيل أنها حدثت غارات مشابهة في أماكن أخرى – بحسب مقابلات مع شهود عيان في صنعاء6 مايو..

 

في عتق ، عاصمة محافظة شبوة ، مثلا ، لم يبق إلا سريران في المستشفى عندما وصل المسئولون الحكوميون .!(الشماليين).كل مستشفيات لحج نهبت ولم تعد قادرة على العمل خلال الحرب. أيضا في المكلأ، حيث لم يكن هنالك لا معارك ولا فراغ للسلطة، تم نهب المكاتب العامة، والمدارس ،العمارات .

 

البيوت الفارغة ، والقرى التي في الخلاء والعمارات التي تحيط بعدن والتي تم قصفها حصل فيها سرقات للأشياء الصغيرة مثل الحلي الذهبية.لكنها لم تعان من نهب منظم .وقد كان من الصعب معرفة المسئول لكل حادث ، ولكن تكرار النهب يشير إلى الفشل في منعه أن لم نقل تشجيعه.!

 

النهب الذي حصل في عدن في أربع موجات مابين 4-14 يوليو بحسب (صحيفة الحياة-لندن 24 يوليو 1994) أول مرحلة من مراحل النهب حدث بواسطة الزعماء والقادة العسكريين الانفصاليين عندما كانوا يستعدون للهرب من المدينة((هذه المزاعم قالها محمد البدري المدعي العام لكاتبات التقرير..والسؤال الذي يطرح نفسه كيف أن هؤلاء الزعماء هاربين لسلامة رؤوسهم وسيقومون بنهب ممتلكات ثم يشحنوها معهم كلام كيف نصدقه..!!))وقد تعرضت عدن للنهب قبل سقوطها حسب قول شهود عيان . مثلا ، صحفيا شاهد الجنود الشماليين والمدنيين ينهبون محلات تجارية خاصة يمتلكها شماليون ،ومن ضمنها فندق جولد مور الضخم والذي أعيد نهبه من قبل القوات الشمالية.

 

في المرحلة الثانية ، الحرس والشرطة في المدينة كلها تركوا أعمالهم ((نوباتهم)) قبل دخول القوات الحكومية في 6-7 من يوليو.الشرطة والحرس الذين كانوا يخدمون الحكومة الاشتراكية بفاعلية ، لم يخافوا فقط من الاعتقال بواسطة جنود الحكومة ، بل وجدوا أنه من الضروري البقاء في بيوتهم لحماية ممتلكاتهم الشخصية من النهابين.

 

عدم وجود عائق للسرقة ، جعل بعض النازحين وسكان عدن يعبثون بالمخازن في الميناء وغيرها، لقد أخذت الطاولات والكراسي من المدارس والتي كانت تستخدم كبيوت للنازحين.

 

حوالي 7000 طن من المواد الغذائية تم نهبها بواسطة الجنود والمدنيين من مخزن الأمم المتحدة في دار سعد قبل انتهاء الحرب،وفي 10 من يوليو شاهد احد موظفي الإغاثة بدون أن يستطيع عمل شيء النساء الأطفال وهم يأخذون 1000 طن وهو ما تبقى من زيت الطبخ.

 

المرحلة الثالثة كانت من 7 يوليو إلى 10 أو 11 :في هذه المرحلة تدفق إلى عدن ،ألوف من جنود الحكومة ، والمتطوعين ،ونهابين من خارج المدينة والعاشقين للذكريات .وقد جاء بعضهم إلى عدن "كقافلات أغذية" كل شاحنة كانت تحمل عدد قليلا من الأغنام وعشرة مسلحين على الأكثر والذين استخدموا هذه الأغنام كرشوة في نقاط التفتيش حتى يسمح لهم بالدخول.(80.في 21 من يوليو ، كان يوجد 11 سجينا في سجن المنصورة قرب عدن ؛ كلهم كانوا متهمين بالنهب.

 

واحد منهم قال أنه وخمسة آخرين من محافظة إب. جاءوا إلى عدن بعد انتصار الحكومة. وبرغم أنهم كانوا مسلحين لم يجدوا مشكلة عند المرور في نقاط التفتيش.)خلال هذه المرحلة لم تصدر أي أوامر لوقف النهب .ولم تتخذ أي إجراءات من قبل الحكومة لأستعاد ة النظام والتي كانت تسيطر على المدينة ، برغم أنه كان يوجد كثير من المسئولين الشماليين في عدن.

 

مثلا،القاضي الهتار من المحكمة الجزائية في صنعاء ورئيس منظمة حقوق الإنسان اليمنية،-هذه المنظمة حكومية- وصل إلى عدن بعد يوم من سقوط المدينة وبقي هناك لثلاثة أيام ،حيث شاهد الشرطة وجنود الحكومة ببدلاتهم العسكرية وهم ينهبون الممتلكات العامة ، حتى الباصات التي كانت ملك المستشفى.

 

في هذه الموجة، الجنود كانوا متورطين في عمليات نهب وتخريب واسعة النطاق،وقد استهدفت بشكل خاص المكاتب الحكومية، وشركات ومؤسسات القطاع العام ،ومكاتب الحزب الاشتراكي اليمني والصحف، ومكاتب المنظمات الدولية الفارغة((من الموظفين)).كل هذه المكاتب والشركات والبنيات تعرضت للنهب والتخريب عندما اخذ الضباط والجنود المعدات والمفروشات ،والنوافذ وصناديق القواطع الكهربائية أيضا. وتم تخريب للملفات عن عمد .مثلا في المقر الرئيسي الضخم للحزب الاشتراكي اليمني ، كانت الأرض مغطاة بأوراق الصحف ،وقرارات الحزب القديمة ، والتقاويم ، وشريط من فلم غير مطوي، والزجاج كان مثقوبا والذي قد يكون من أثر طلقات نارية.

 

خلال المرحلة الرابعة و الأخيرة ،والتي انتهت بين 11و14 يوليو ، أطلق الجنود النيران على قليل ممن تبقى من النهابين ،وقاموا بوضع عدد من نقاط التفتيش حول المدينة وعلى الطرق المؤدية إليها ،وفي الأخير أعطوا أوامر لمصادرة أية أغراض أو أسلحة غير مرخصة . إنما في بعض الأحيان ، الحرس في نقاط التفتيش سمحوا بمرور نسبه من الغنائم .مثل الأسلحة ،والمركبات ،والمكيفات ،والطاولات ، ومفروشات البيوت والفنادق والمكاتب والأغراض الشخصية، وقد تدفقت إلى الراهدة والأسواق الأخرى شمال الحدود السابقة.

مصادر :تقرير عن منظة هيومن رايتس واتش

 

نقلا عن مشروع تخرج الزميل ماجد الشعيبي صحيفة "الارتباط "