تقرير ...أين يقف الجنوبيين من ثورة (30) يونيو المصرية ولماذا؟

طالما شكلت مصر الشريك الاكبر لكل قطر عربي صغر ام كبير في تراثه وثقافته وازماته وتشكيل وعي ابنائه عن طريق كثير من وسائط هذا البلد الكبير للتأثير في البلدان العربية منها موجة المعلمين المصريين الذين شكلوا وعي الملايين من الاجيال في كم قطر عربي ومنها الاذاعة المصرية "صوت العرب " وصوت احمد سعيد ومنها تراث ضخم من السينما والدراما التي رسخت في اذهان الملايين من العرب ومنها كوكبة كثيرة من الكتاب والمفكرين والروائيين والادباء والفنانين وطالما زينت المجلات المصرية والكتب والروايات ارفاف الكثير من المثقفين العرب وشكلت وعيهم .

وفي السياسة ان سألت اي مواطن عربي عن الزعيم العربي الذي يفضله لن تخرج الخيارات بين عبد الناصر والسادات سوء كان ذلك المواطن في اطراف موريتانيا او على صخرة في جزيرة نائية بجمهورية جزر القمر ولم يخلو بيت عربي من صورة واقول مأثورة "للزعيم الخالد جمال عبد الناصر" كما ان انتكاسات مصر كانت انتكاسة عربية ودخل الحزن وبكى العرب جميعا في نكسة 67م الشهيرة كما هللوا ورفعوا صور السادات في انتصار 73 وذبحت العائلات الريفية في الجنوب الخراف لذلك.

وحول الثورة المصرية المتجددة في الـ(30) من يونيو الماضي التي اذهل المصريين فيها العالم بخروج اكبر طوافان بشري حسب قول جوجل والسي ان ان والبي بي سي للمطالبة بإزاحة حكومة الاخوان ورئيس الجمهورية بعد الفشل في ادارة شئون البلد حقد قول المصريين  واطاحت بالرئيس الاخواني محمد مرسي ووضعته ووضعت كثير من قادة الجماعة في اماكن سرية وجمدت اموال الكثير من القادة في الجماعة كان للجنوبيين رأي بل ما يشبه (الأمل) بانتصار ثورة يونيو لأسباب تخص الجنوبيين وحدهم.

فبالاستناد الى "الوسائط الاجتماعية " سوشال ميديا او ما درج على تسميتها بالشبكات الاجتماعية والى اخذ الرأي مباشرة من الناس بشوارع عدن  خلصنا الى اسباب عدة تدفع الجنوبيين لتأييد الثورة المصرية في يونيو والوقوف ضد حكم الاخوان المسلمين.

ففي الفيس بوك مثلا يلاحظ الباحث عن اخذ استبيان حول الثورة المصرية وجود مؤشر يعطي انطباع اولي حتى قبل قراءة المنشورات التي تخص الشأن المصري وهو وجود كثير من الشباب الذي جعلوا صورهم الشخصي صورة لقائد الجيش المصري "اللواء عبد الفتاح السيسي" كنوع من الاعتزاز به .

الملاحظ كذلك حجم التحول لدى نشطاء وشباب الفيس بوك في الجنوب ففي الجنوب الذي يعيش ثورة متواصلة منذ 2007م يقودها الحراك الجنوبي التحول يظهر في كون القضية الجنوبية باتت ثانوية على صفحات التواصل الاجتماعية وحلت الاحداث المصرية  المتلاحقة محل الصدارة .

ومن يقرأ منشورات الشباب الجنوبي يخرج بانطباع عام ان هناك "فرح" جنوبي بانهزام جماعة الاخوان المسلمين في مصر لأسباب مرتبطة بالجنوب ذاته الذي يعاني من منذ اجتياح من قبل قوات الشمال عام 94م في حرب تصدرتها وجوه اسلامية مرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين ولها ارتباطات وثيقة بالجماعة ومكتب الارشاد بمصر.

تتنوع المنشورات ويقلب عليها طابع اظهار مساوئ جماعة الاخوان المسلمين وابراز اعمال العنف التي تقوم بها ضد الجيش المصري كما يتم تحميل فيديوهات لأعمال عنف تمارسها الجماعة ضد المدنيين المصريين.

ويلاحظ عبارات حماسية تربط الشعارات التي تردد في التظاهرات الجنوبية بما يحدث بمصر  وكان الامر يعني الشباب الجنوبي مباشرة مثل" والله ورب العرش ما نخضع للظالم المرسى وإخوانه" وهو مقطع من اغنية للفنان الجنوبي المعروف عبود الخواجة .

من الانصاف القول ان هناك اصوات مؤيدة لجماعة الاخوان المسلمين من شباب جنوبي على الفيس وتسمي ما حصل بمصر "بالانقلاب العسكري" وهي اصوات قليلة وتتماهى مع اصوات تنتشر كلما كان الشخص من المناطق الشمالية باليمن حيث التأييد هناك كبير لجماعة الاخوان حتى من النخب المسيطرة هناك.

ويأخذ الجنوبيين على جماعة الاخوان المسلمين دعمها الكبير لمراكز قوى شمالية يكن لها الجنوبيين العداء "لدورها في نهب الجنوب" كما كتب في منشور حمل صورة للرئيس المعزول مرسي وهو يستقبل الملياردير الاخواني اليمني حميد الاحمر الذي يره الجنوبيين "الناهب الاكبر للجنوب" كما كتب في تعليق على الصورة.

وبعد ان اعلنت الناشطة الاخوانية ورئيسة قطاع المرأة في حزب التجمع اليمني للإصلاح "الفرع الاخواني باليمن" توكل كرمان توجهها الى مصر لمساعدة معتصمي "رابعة العدوية" وهو الميدان الذي يعتصم به عناصر جماعة الاخوان المؤيدين للرئيس المعزول مرسي ضج الفيس بوك بعبارات الاحتقار والادانة من قبل النشطاء الجنوبيين للسيدة التي تحمل جائزة نوبل للسلام واتهموها "بالمزايدة على مصرية المصريين " كما استغلت الكلمات الجارحة التي قالتها مذيعة بقناة الفراعين المصرية بحقها للتندر على رحلة الناشطة اليمنية الى مصر  فقد اهتمتها المذيعة بالذهاب الى مصر لأجل "جهاد النكاح الذي افتى به شيوخ الاخوان".

وفي شوارع عدن وتحديدا في مدينة الشيخ عثمان سألنا عدد من المتسوقين قبل مغرب يوم امس عن رأيهم في الثورة المصرية وقد كانت الاجابات متطابقة تقريبا .

ففي البداية التقينا بالأستاذ عبدالله احمد موظف بالتربية مدرس قال: "شف في مصر يكذب الي يقولك ان ما حدث انقلاب عسكري كيف انقلاب ونحن رأينا وشهد العالم كله كيف خرج الشعب بالملايين الى شوارع القاهرة.

كما اخذنا راي الحاج صالح ناصر الذي يحمل بيده كيس به تفاح قال" ياابني الاخوان المسلمين يدمروا اي دولة يوجدون فيها حافظ الاسد قتلهم كلهم في الثمانينيات والان عادو يدمروا سوريا وفي مصر قدك تشوف ايش يفعلوا وعندنا حزب الاصلاح سبب البلاء والسرقة والنهب الله بينصر السيسي والشعب المصري عليهم وحنا ندعي لهم بعد كل صلاة.

وواصلنا اللقاءات بأخذ رأي مالك محل لبيع الاقمشة حيث قال" كل ما يجري مؤامرة على الجيش المصري ياخي دمر الغرب جيش العراق والان تقريبا دمروا الجيش السوري باقي الجيش المصري جابوا له الاخوان لكن ربنا باينصر الجيش المصري .

في الاخير ملاحظ ان هناك نفس جنوبي جماعي يساند الثورة المصرية في يونيو ليس حبا في القوى التي قامت بالثورة ولا حتى تأييد لملايين المصريين الذين خرجوا بقد ما هو شماتة جنوبية في جماعة الاخوان المسلمين التي يمثلها حزب الاصلاح في اليمن رأس الحربة في الحرب على الجنوب والذي يشكل رموزه "الشخصيات الاكثر شيطنة في الجنوب".