آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

دولية وعالمية


سوريّات يستعدن "نساء طروادة" في عمّان

الأحد - 22 ديسمبر 2013 - 12:59 ص بتوقيت عدن

سوريّات يستعدن "نساء طروادة" في عمّان
النساء السوريات خلال ورشة التدريب

((عدن الغد)) إيلاف

روت مجموعة من اللاجئات السوريات قصص تجربتهن مع الحرب والصراع في سوريا، على خشبة مسرح في عمّان من خلال عرض لمسرحية (نساء طروادة).

 

وتم عرض المسرحية التي كان كتبها المؤلف الإغريقي يوريبيدس عام 415 قبل الميلاد بمشاركة 48 لاجئة سورية، على مسرح المركز الوطني للثقافة والفنون في عمان.

 

وقالت بعض المشاركات في العرض المسرحي إن المسرحية الإغريقية الكلاسيكية فيها كثير من أوجه الشبه بأحداث الصراع في سوريا.

 

وقد أخرج العمل المسرحي المخرج السوري عمر أبو سعدة الذي كان عقد عدة جلسات مع اللاجئات السوريات، لتدريبهن على الأداء والإلقاء على خشبة المسرح.

 

وبلغ إيراد مبيعات تذاكر السرحية وتبرعات المتفرجين في ليلتي عرض نحو 100 ألف دولار ستخصص لدعم اللاجئين السوريين في الأردن.

 

وقال المخرج أبو سعدة أن الأهمية الرئيسة للنسخة الحديثة من (نساء طروادة) تكمن في روايات النساء لتجاربهن الحقيقية، وأضاف: "أهم شي بهذا العمل أن هو عم بقدم وثائق عن اللي صار بسوريا. وثائق حقيقية جدًا.. شهادات من الأشخاص نفسهم وعم بقدمهم على المسرح."

 

روايات السوريات

وقد روت "الطرواديات" السوريات في المسرحية التي عرضت يومي 17 و18 من كانون الأول (ديسمبر) الحالي، روايات مليئة بالمعاناة وفقدان الأهل والبيت وضياع الأمل ومحاولة التعايش مع الواقع المأساوي.

 

حيث روت ريم التي جلست على مقعد فوق خشبة المسرح مأساتها وصدمتها بعد أن فقدت ثلاثة من أفراد أسرتها في وقف واحد وأجبرت نساء العائلة على الخروج من بيوتهن وبلدتهن بالقوة.

 

وقالت رشا "المسرحية بتشبه كل شي بسوريا. سوريا صار فيها خراب وصار فيها دمار وكثير ناس فقدوا أهاليهم.. مثلي أنا فقدت أخواتي وأبي بسوريا. كمان مسرحية طروادة هجموا عليها اليونان وهدموها وحرقوها، وأخذوا الـسيارات وأخذوا الرجال.. فهي كثير كثير بتشبه سوريا. كل شي صار بسوريا بشبه كثير طروادة. في سوريا قتلوا الرجال واغتصبوا النساء، حرقوا البيوت، هدموا البيوت فوق أهاليها. فكتير فيه ترابط بين مسرحية طروادة وبين سوريا الواقع هلأ".

 

أما قمر، فقد روت حكاية من خلال (نساء طروادة) عن رجال مسلحين دخلوا بيت أسرتها ليقتادوا شقيقها عنوة حتى علمت في وقت لاحق من الصليب الأحمر أن شقيقها قد مات.

 

وفي تقديمه لعمله المسرحي قال المخرج عمر أبو سعدة وهو مؤسس مسرح (الأستوديو): "قصص الحرب عادة يرويها الرجال، أما حكايتنا فترويها النساء".

 

وتعالج "الطرواديات" أو "نساء طروادة" ليوربيدس بحواراتها وأحداثها إشكالية الأخلاق في زمن الحرب، هذه الإشكالية التي تطرح نفسها بقوة في كل حرب أو نزاع بين قوى متصارعة في أي زمان ومكان، حتى أنها تبدو إشكالية جوهرية تستوجب الوقوف عندها وتحليل أبعادها ومعطياتها في سوريا اليوم.

 

ويصرّ القائمون على العرض المسرحي، العودة إلى تاريخ كتابة المسرحية في العام 415 ق. م، وذلك لفهم حقيقة ما هو مقصود من استحضارها الآن وهنا ضمن مسار الحرب السورية، حيث كتبها يوربيدس (خلال أحداث الحرب البيلوبونيسية ضد إسبارطة، كاحتجاج على جريمة حرب أثينا.

 

تراجيديا الحرب

وحسب الناقد رضاب فيصل في تحليل نشره موقع (ميدل إيست أون لاين)، من الممكن أن تكون المسرحية أول نص أدبي يركز على النازحين في الحرب. كما أنها تدرّس كتراجيديا تسلّط الضوء على معاناة النساء بسبب منازعات الرجال، فقدان البيت، الأقارب والأحباء، المجتمع والمكانة الاجتماعية. وهي نفس المواضيع التي يعاني منها اللاجئون على مرّ العصور. إلى جانب الوحشية تجاه النساء).

 

ويقول: عند الحديث عن نقاط قوة النص في الوقت الحاضر باستعادته لمأساة اللاجئين والمهجرين، يروي فريق عمل "نساء طروادة" ما قالته إحدى الممثلات اللاجئات لدى قراءتها للمسرحية: "هناك خطاب لهكوبا عندما تنظر إلى طروادة للمرة الأخيرة، غمرني البكاء، لأنني عندما تخطيت الحدود الأردنية، قال لي زوجي: انظري إلى سوريا لآخر مرة، لأنها قد تكون المرة الأخيرة".

 

ويستعيد العرض مأساة مجموعة من اللاجئات السوريات في اختبارهن لتفاصيل الحرب، بكل ما تحمله من مشاعر متناقضة ومتصارعة، من خوف وأمل وقهر وألم وغير ذلك، بعد ورشة تدريبية استمرت 6 أسابيع، 5 أيام في الأسبوع، 4 ساعات في اليوم، اختبرت بدورها نقاط الاختلاف والالتقاء بين القصص المروية من قبل نساء سوريا الطرواديات، فاتحةً المجال أمامهن للتعبير كوسيلة مبدئية للتخلص من آثار نفسية وأخرى جسدية ربما، كانت قد خلفتها الحرب لديهن.

 

آلية الورشة

وعن آلية عمل الورشة ومرحلة التوصل إلى نص العرض النهائي، قال عمر أبو سعدة مخرج العرض: "عند بداية الاشتغال على نص الطرواديات، لم نكن نتخيل المغامرة التي تنتظرنا، خصوصاً وأننا نعمل مع مجموعة من النساء اللواتي لم يقفن على خشبة مسرح من قبل. وهكذا بدا العمل بأكمله رحلة لاكتشاف النص واكتشاف شخصيات النساء المشاركات ولاكتشاف العملية المسرحية مجدداً".

 

ويضيف أبو سعدة: "قمنا بقراءة النص بطرق متعددة وناقشناه مع المجموعة، كما اخترنا مقاطع محددة وجربنا العمل عليها. وكانت المفاجأة بحجم التقاطعات الكبيرة مع النص الإغريقيط.

 

ويتابع: "حاولنا تفسير النص على ضوء اللحظة الراهنة وحاولنا تفسير ما يمر بنا الآن على ضوء النص. وفي النهاية توصلنا لرؤية واحدة مشتركة، كان النص بمثابة شهادات من النساء الطرواديات عن الحرب المؤلمة التي تعرضت لها مدينتهم، وثائق تأتي من أزمنة بعيدة، وأردنا أن نكتب نصاً موازياً يوثق شهادات النساء السوريات اليوم، تجاربهن، قصصهن، كلماتهن، أغراضهن، وذكرياتهن. وهكذا ولد نص جديد مختلف، وثيقة تحاول أن تحكي ما حصل في سوريا من أصوات مغايرة لم تعطَ مساحة كافية، هي أصوات النساء".

 

صعوبات ومفاجآت

ومن جهتهتا، تروي ناندا محمد، الممثلة السورية التي كان لها مهمة تدريب النساء على التمثيل على الخشبة، كيف اكتشفت معهن الصيغة النهائية للعرض، فتقول: "كان من المدهش مراقبة التحولات الصغيرة التي طرأت على كل سيدة من هذه المجموعة الرائعة. أذكر تماماً يومنا الأول معاً، كنّ يتلقين باستغراب ما كنت أطلبه منهن أثناء التمارين ومع ذلك كانت عيونهن تلمع فرحاً وفضولاً".

 

وتضيف ناندا محمد: "قمت بالعمل معهن يومياً لمدة شهر وأسبوع على تمارين يقوم بها الممثل المسرحي المحترف، بعض هذه التمارين صعب للغاية وكان مفاجئاً مدى حرصهن على إتقانها رغم أنها التجربة الأولى في المسرح بالنسبة لهنّ، أعتقد أنهنّ مميزات فعلاً، تجربة العمل معهن كانت غنية .. إنسانياً وفنياً".

 

وتؤكد سينوغراف العرض، بيسان الشريف، خصوصية هذا العمل عن غيره من ورشات وعروض المسرح التفاعلي التي كان لها فرصة التواجد فيها، وتوضح أن الخصوصية تكمن في التجارب والقصص التي روتها لهم كل امرأة من النساء اللواتي عملوا معهن، في مقدار شجاعتهن ونشاطهن، إقبالهن على العمل بحيوية وتقديمهن للاقتراحات الذكية.

 

وتقول الشريف: "لقد شاركننا بكل حب بمعاناتهن، وبالفعل كل واحدة مرت بمحنة أكبر وأصعب من الأخرى خلال السنوات الثلاثة الماضية، ونحن من ناحيتنا دعوناهن للمشاركة في تصميم العرض المسرحي الذي هو حصيلة عملنا معهن".

 

وتختم الشريف: "لأول مرة تشارك المتدربات بكل تفاصيل العرض وهذا هو التفاعل بعينه، حتى أنهن شاركن في تحديد البعد الجمالي له. وقد قمنا بإجراء التمارين في محاولة لتوريطهن في اختيار الأزياء والرؤية البصرية للعرض وقد نجحن بالامتحان.. إنها تجربة هامة على المستوى الإنساني والعملي".