آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-08:55م

ملفات وتحقيقات


(صنعاء) تكرس الانفصال الإنساني.. أسرة من عدن قتل أحد أبنائها وأصيبت شقيقاته في حادثة تحطم طائرة بصنعاء تروي مأساتها مع السلطات اليمنية

الثلاثاء - 11 مارس 2014 - 06:04 م بتوقيت عدن

(صنعاء) تكرس الانفصال الإنساني.. أسرة من عدن قتل أحد أبنائها وأصيبت شقيقاته في حادثة تحطم طائرة بصنعاء تروي مأساتها مع السلطات اليمنية
اطراف الجريحة فاطمة بن بريك عقب بترها - عدن الغد

صنعاء(عدن الغد)خاص:

طالما اصم الشماليون اذاننا بأننا كجنوبيين انفصاليون, وهو مصطلح سياسي لا يتوافق مع الحالة السياسية الجنوشمالية لسبب بسيط هو ان البلدين اللذين توحدا في مايو 1990م, لم يكن بينهما أي ارتباط سياسي, لكن في واقع الأمر والحقيقة المؤلمة، التي تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك ان صنعاء وكل القوى النافذة الرسمية والقبلية والحزبية والدينية تمارس الانفصال الانساني والمناطقي مع الانسان الجنوبي, منذ فجر استقلال الجنوب مرورا بحرب صيف 1994م التدميرية التي قتلت البشر والحجر والشجر , وانتهاء باعمال القتل والتنكيل الذي يتعرض له المواطن في الجنوب منذ العام 2007م وهو عام انطلاق الحركة الوطنية الجنوبية, بذريعة قمع الفعاليات المناهضة لمشاريع صنعاء التدميرية على يد قوات جنودها وجلهم شماليون.

 

من العاصمة اليمنية صنعاء نسرد للقارئ الكريم قصة مؤلمة، واحدة من مئات القصص التي تدمي القلب لمواطن جنوبي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك واعمال التكريس العنصري ضده في شمال اليمن والعاصمة اليمنية.

 

فاطمة يحيى عمر بن بريك شابة من مدينة عدن وشقيقاها حسن وحنان بن بريك، كانوا الثلاثة يعملون في مكتب للسياحة والنقل البري يقع في حي القادسية وسط العاصمة صنعاء, كان حسن وشقيقاته فاطمة وحنان يقضون جل اوقاتهم وكأنهم في المنزل وبين اسرتهم , خصوصا وان صاحب العمل هو خالهم,  لكن السعادة التي كان حسن وشقيقاته ينعمون بها لم تدم طويلا ففي الـ19 من فبراير العام المنصرم , كان موعد بدء مأساتهم التي مر عليها عام كامل وهم لا يزالون يعيشون مرارتها, وفقدان رجل البيت حسن الذي قضى في الحادث الاليم.

 

فاطمة الفتاة المعاقة والتي فقدت اصابعها وكذا شقيقتها حنان التي لم تصب سوى بحروق طفيفة في ارجلها, لكنها اصيبت بحالة نفسية جراء الصدمة من مقتل شقيقها وكذا حال شقيقتها  فاطمة جراء فقدانها اصابع يديها وعدم مقدرتها على الحركة.

 

بدأت مأساة اولاد يحيى بن بريك حين كانت طائرة (سوخوي) من سلاح الجوي اليمني تمر فوق الحي الذي يعمل فيه اولاده, وكانت تلك الطائرة تتوعد سكان الحي وكل من يعمل فيه بكارثة انسانية وكان لفاطمة وشقيقيها النصيب الأكبر من الحادث. بثت وسائل الاعلام خبرا عاجلا يفيد بمصرع العشرات في حادث تحطم طائرة عسكرية بصنعاء, هرع صحفيون الى مكان الحادث عقب دقائق من نقل مركبات اسعاف للضحايا , كانت فاطمة احد من تم نقلهم الى مستشفى الكويت بينما شقيقها حسن يصارع الموت وسط الشارع بعد ان تسبب الحادث بقذفه الى خارج المكتب, كان احد مراسلي وسائل الاعلام يصور الشارع الممتلئ بحطام الطائرة والمنازل كان الشارع شبه خال من الضحايا والمصابين, غير ان شابا كان جثة هامدة والنار تشتعل فيه, انه الشاب حسن بن بريك ترك وحيدا في الشارع ولم يتم اسعافه الى ان التهمت النار كل ما تبقى من جسده النحيل بينما شقيقته فاطمة في غيبوبة طويلة ولم تفق إلا على خبر وفاة شقيقها في الحادثة، والاخرى (حنان), كانت تنظر بصدمة للضحايا وهم يدخلون الى المستشفى فلم يشفع لها، ولم تنج من الحادث وان كانت قد اصيبت في ارجلها, لكن عندما شاهدة شقيقها حسن جثة متفحمة في باحة المستشفى بدأت حياتها التي تتمنى ان تنتهي في اي لحظة, تقول فاطمة ان شقيقتها حنان مصابة بحالة نفسة من جراء الحادث الاليم والمفزع.

 

وتروي حنان قصتها مع الحادث "ذهبت الى دولة الأردن الشقيق واجريت لي هناك عدة عمليات وكان مقررا لي العودة مرة اخرى بعد ثلاثة اشهر, لكن عدت الى صنعاء, وخرجت في معاناة البحث عن مصاريف العلاج وكذا تكاليف العودة الى الأردن, تم اخذي الى وزارة الدفاع اليمنية والى السلطة المحلية واستكملت كل اجراءات استلامي تكاليف علاجي في الأردن, ولكن تلك الى اليوم لم يتم صرف لي أي تعويض او مصاريف شهرية كما فعلت السلطات مع الضحايا الباقين وهناك صرف لي مبلغ وقدره 500 الف ريال يمني فقط لا غير وهو مبلغ التعويض عن اخي الذي استشهد في الحادث, وطلب مني المسئولون هناك الذهاب.

 

وأوضحت فاطمة في حديثها عبر الهاتف من صنعاء للمحرر قائلة: "ذهبت الى وزارة الدفاع وقابلت هناك مسئولين وجهوا لي بـ500 الف ريال يمني وقالوا خلوها تروح، وهو مبلغ تعويض عن شقيقي حسن".

 

وقالت "انا الآن معوقة واصابع يدي تعرضت للبتر وفقدت اخي وشقيقي حسن في الحادث, وكذا شقيقتي، والسلطات لم تعوضنا مثلما عوضت من اصيبوا او تضرروا من حادث سقوط الطائرة".. مشيرة الى ان صاحب منزل تعرض سور خارجي لمنزله لضرر طفيف تم تعويضه بـ800 الف ريال يمني, وعندما سألته كيف عوضوك, كان رده علي بان لديه وساطة وقوة تقدر تأخذ حقه، اما نحن ابناء عدن, فليس معنا ما يمتلكه المواطن هنا في صنعاء من قوة ونفوذ وجاه، ولا حول ولا قوة الا بالله".

 

واكدت بن بريك انها لم تحصل على حقها في العلاج, وكذا في مصاريف شهرية اسوة بضحايا الحادث نفسه".

 

وأوضحت قائلة " لم احصل على مصاريف علاج ومصاريف الشهرية اسوة بالبقية رغم متابعتي المستمرة على مدى ستة اشهر ماضية".. مشيرة الى ان الكثير من المسئولين كلما ترددت عليهم استغربوا: هل لا تزالين تتابعين موضوع تعويضك لدى السلطات؟!, انا لله وانا اليه راجعون!, بهكذا حديث يقابلني كل مسئول خلال مروري على مكاتب الاختصاص لمتابعة اجراءات صرف المصاريف الشهرية وكذا التعويض المستحق".

 

وأكدت فاطمة " بعت كل ما تملك اسرتي من ذهب وغيره ,  واصبحنا لا نملك شيئا وليس لدينا حتى قيمة الايجار للمنزل ناهيك عما اعانيه من مضاعفات لآلامي وكذا شقيقتي حنان التي تعاني من حالة نفسية.

 

 وعن رحلتها مع العلاج منذ اسعافها والاهمال الذي لاقته في المستشفى , قالت: "ادخلت المستشفى الجمهوري قسم الحروق وهناك اجريت لي العديد من العمليات لجسمي المحروق وتركت يدي اللتين كانتا بحاجة لعمليات جراحية سريعة، حتى اصبت بالغرغرينا".. مشيرة الى انها طلبت من اطباء في المستشفى اجراء عملية ليديها بدلا من تقطيع جسمها, لكنهم رفضوا واصروا على اداخلها غرفة العمليات , وذات مرة رفضت دخول غرفة العمليات لان جسمي كان يؤلمني, لكن الاطباء هددوا بإعطائي خروجا نهائيا من المستشفى".

 

وقالت ان " تأخر الاطباء في المستشفى الجمهوري بصنعاء في علاج اصابعي ادى الى اصابتي بالغرغرينا وبالتالي الى بترها".

 

وتابعت فاطمة في رواية حكايتها مع الاصابة ومراحل العناء بحثا عن الشفاء: " نقلت الى الاردن لاستكمال علاجي  وهناك , وبخني اطباء على تأخري في اليمن وعدم سفري الى هناك للعلاج وخصوصا اطرافي التي كان الاطباء قادرين على علاجها قبل بترها".

وذكرت انه كان من المقرر ان تعود بعد ثلاثة اشهر الى الاردن لاستكمال العلاج , لكنها فشلت في ذلك بعد تنصل المسئولين في صرف التعويضات وكذا تكاليف العلاجات رغم ان كل الاجراءات الخاصة بالصرف كانت جاهزة منذ اشهر.. موضحة " ستة اشهر ماضية كانت رحلة بحث التعويضات والمستحقات انتهت بالفشل, وعدت الى منزلي اصارع الألم وكذا مع اسرتي التي اصبح وضعها يصعب يوما عن اخر في ظل مرض شقيقتي النفسي".

 

حملت فاطمة بن بريك الفتاة الجنوبية العدنية , وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء وكذا السلطات العليا مسئولية ما لحق بها وبأشقائها (حسن المتوفى وحنان المريضة نفسيا) من هول الحادث".. متسائلة , لماذا لم اعوض اسوة ببقية الضحايا الذين حصلوا جميعهم على مصاريف شهرية من الدولة يقدر اقلها بـ 35 الف كل يمني يصرف لهم شهريا".. لماذا تم تعويضنا عن شقيقي الشهيد 500 الف ريال يمني بينما الضحايا الاخرون من جرحى ومتوفين وصل اعلى مبلغ للتعويض الى عشرة ملايين واقل جريح  5 ملايين ريال !!, لم نحن لم نعوض؟ لماذا لم تهتم بنا الدولة التي كانت السبب والمسئول الأول عن الحادثة ؟ , ما هي الاسباب التي جعلت من السلطات ان تعوض كل ضحايا حادث سقوط الطائرة إلا نحن؟".

 

 

وناشدت الجريحة فاطمة بن بريك الرئيس اليمني التوافقي عبدربه منصور هادي التدخل ومحاسبة معرقلي اجراءات مواصلة علاجي في الخارج وكذا التعويض الذي استلمه غيري؟

وقال يا رئيس هادي " نحن في صنعاء ونسكن في منزل ايجار ونفد كل ما لدينا من اشياء ثمينة الذهب والاموال , وبعنا اللي تحتنا واللي فوقنا , ولم يتبق امامنا إلا ان نناشدكم صرف مستحقاتنا كاملة اسوة ببقية من تم تعويضهم , ومحاسبة المقصرين؟

 

(عدن الغد) بدورها تضع  قضية الجريحة فاطمة وشقيقتها حنان على طاولة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وكذا على طاولة وزير الدفاع اليمني والقوات الجوية والنائب العام في اليمن والمنظمات الحقوقية والانسانية ورجال الخير للوقوف مع هذه الاسرة المنكوبة".

 

*من صالح أبوعوذل