القضاء بشكل عام يمثل أهمية بالغة للدّولة وللشعب، فهو يبُتْ في أمر النّاس ومنازعاتهم ، ويحكُم بينهُم، ويسعى جاهداً للوصُول إلى العدل، والرّحمة، والمُساواة في الحُقوق، والإنصاف، وعقاب المُذنبين. والقضاء والعدل إساس الملك ، واذا كان قضاء الدّولة بخير، فأنّ منظومة الدولة والمجتمع تكون بألف خير.
والقضاء ركن من أركان شريعتنا الاسلامية وجزء محوري من أجزائها، فإذا سقط الركن تصدع البناء واضطرب النظام.
والقضاء أشرف تكليف إنساني، وهو الدعامة الأساس والأهم في أي مجتمع مدني. وقد أولى الإسلام القضاء قدسية عظيمة، وأنزله منزلة لا تدانيها منزلة، إقرارا وتأكيدا لدوره الجليل والأساسي في عمارة الأرض على الوجه الذي أراده الله تعالى للكون والإنسان والحياة.
والقضاء أصبح يشكل هم الإنسانية في جميع المعمورة منذ بدء الخليقة إلى اليوم وسيبقى إلى أن تقوم الساعة مادام القصد منه مرتبطا بالعدل.
وفي بلادنا للاسف الشديد، انقضت حتى الان أكثر من شهرين منذ ان تم تعطيل القضاء والعدل، وتوقف العمل في عموم المحاكم والنيابات والمجمعات القضائية في المحافظات الجنوبية، والبالغة اكثر من مائة محكمة ونيابة عامة بمختلف درجاتها ، واغلاقها اعتبارا من يوم ٤ فبراير ٢٠٢١م، بحسب قرار نادي القضاة الجنوبي في بيانه بيوم ٣ فبراير ،في اعقاب تعيين الموساي نائبا عاما في الجمهورية ،خلافا للدستور بحسب النادي. ويحل علينا الان شهر رمضان المبارك الذي يكون اجازة قضائية ثم يعقبه شوال وذا القعدة وتحل الاجازة القضائية الثانية طيلة شهر ذي الحجة. ويعني ذلك تعطيل الاجهزة القضائية لاكثر من ستة أشهر.
ويوم الاحد الموافق ١١ ابريل ٢٠٢١م التقى الرئيس بمجلس القضاء الاعلى واستبشرنا خيرا بهذا اللقاء، لعله يضع معالجات سريعة لهذه الازمة القضائية في المحافظات الجنوبية، التي عطلت حياة الناس وتسببت في مظالم كثيرة عليهم واختل ميزان العدل في بلادنا واطلت الفتنة والحرابة الاجتماعية براسها بين كل الناس،ولكننا للاسف الشديد صدمنا من نتائج هذا الاجتماع الذي لم يتناول اسباب هذه الازمة
ولم يشر الى أن هناك نية حقيقية في وضع الحلول والمعالجات لإصلاح منظومة السلطة القضائية، ووقف الفساد والعبث المؤدي الى انهيارها بالكامل، واصر على ابقاء مجلس القضاء الاعلى بكل علاته وكذا استمرار التمسك بالموساي برغم عدم دستوريته ، واصر على تجاهل توقف القضاء والعدل في بلادنا ،ولم يكلف نفسه عناء التواصل مع نادي القضاة الجنوبي للتوصل الى حلول وسط لاعادة سير القضاء والعدل في بلادنا.
ويتبين من عدم اهتمام الرئاسة والحكومة ومجلس القضاء، بتوقف القضاء عن العمل لاكثر من شهرين حتى الان ، واحتمالية استمرارة لاكثر من ستة أشهر كما اشرنا اليه، الا ان منظومة الدولة في بلادنا هي عبارة عن دولة ظالمة ، والله لن يكون ناصرا لها، لانه بدون تفعيل القضاء لن يكون هناك عدلا. وبدون العدل تسقط الدول.
واذا كان الحال هكذا فاننا نامل مما تبقى من القيادات الخيرة في الدولة و البرلمان والحكومة والسلطات المحلية، وكذا مشايخ العلم و النخب السياسية والقبلية والمدنية، اضافة الى قيادة التحالف والمنظات الدولية الحقوقية ومنظمات الامم المتحدة ومجلس الامن، للتحرك سريعا للضغط على الرئاسة والحكومة ومجلس القضاء ،لوضع معالجة سريعة لهذه الازمة القضائية والوصول الى حلول توافقية مع نادي القضاة الجنوبي، استنادا للدستور اليمني والقوانين النافذة وحقوق الانسان. فيكفي ماحل بشعبنا من قتل ودمار ومآسي وأزمات في كل مجالاته الحياتية في الخدمات الاساسية وتدهور العملة ونقص الغذاء وانتشار الجوع والعوز وانعدام الامن والامان وتغول الفساد والنهب في كل مفاصل الدولة العليا والتحتية، والان يجري التجهيز على ميزان العدل والقضاء ، لتصبح بلادنا وكانها غابة يأكل فيها القوي الضعيف وتنعدم فيها الدولة بالكامل ويتسيد فيها حكم المليشيات والعصابات الارهابية.اللهم اني بلغت اللهم فاشهد.