آخر تحديث :الأحد-19 يناير 2025-11:28ص

دور الصحافة الحرة في تحقيق السلام المستدام في اليمن رغم المعاناه والألم

الثلاثاء - 03 مايو 2022 - الساعة 05:02 ص
عبدالرحمن الزبيب

بقلم: عبدالرحمن الزبيب
- ارشيف الكاتب


يحتفل العالم في اليوم الثالث من شهر مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذا اليوم كمحطة يتم فيها تقييم حرية الصحافة والحد من القيود التي تكبلها والانتهاكات التي تسعى لتقليص هامش الحرية  واهميه تعزيز دور حرية الصحافة في ملامسة أولويات الشعوب والمجتمعات و إطفاء نيران الحروب وتحقيق سلام مستدام ..
لن يتحقق السلام المستدام في اليمن اذا ما استمر تغييب الصحافة الحرة واستمرار السرية والكتمان في جهود السلام والمفاوضات والتفاهمات التي تتم تحت الطاولة ويتم التنصل عنها بسبب غياب الصحافة عنها ويتم تغييب الشعب اليمني منها بغياب الصحافة الحرة عنها  ..
السلام المستدام في اليمن لن يتحقق الا بتعزيز الشفافية الشاملة في جهود السلام وكشف المعرقلين والضغط المجتمعي على جميع الأطراف لتقديم تنازلات للوطن لتوقيف الحرب وتحقيق السلام وهذه هي مهمه وواجب الصحافة الحرة.
من اهم أسباب استمرار الحرب في اليمن هو تقليص هامش حرية الصحافة ومحاولة خنقها بشكل كامل وهنا نتحدث عن الصحافة المستقلة المهنية التي تلامس هموم الشعب وتطلعاته في إيقاف الحرب وتحقيق السلام وتسلط الضوء على الاختلالات والفساد وتضع المعالجات والحلول على طاولة أصحاب القرار وتوصل صوت المواطن الذي لم يستطيع ايصاله الى أصحاب القرار والى المجتمع الدولي  ..
ليس هناك أي مصلحة من تحجيم والتضييق على حرية الصحافة في اليمن بل على العكس الجميع متضرر من تغيب حرية الصحافة والتضييق عليها.
السلام ميدان واسع وهام بإمكان الصحافة الحرة المستقلة في اليمن ان تلعب دور إيجابي وهام لتسريع الخطوات للوصول الى سلام مستدام وطرح موقف الشعب ورؤيته للسلام ولكن ؟
الجميع يتساءل هل مازال هناك صحافة مستقلة وحرة في اليمن ام جرفها تيار الانحياز مع هذا الطرف او ذاك ..
هذا التساؤل صعب والاجابة مريرة وبالإمكان ان نجيب عليها بتساؤل اخر ماذا قدمنا للصحافة الحرة المستقلة في اليمن لتقوم بدورها بقوة ...
السلام في اليمن غائب عن الصحافة الحرة المستقلة صوت الشعب غائب عن السلام وصحافة الأطراف هي من توضح رؤيتها للسلام وشروطها ومعاييرها للسلام  وتبرير أي تنصل او رفض لجهود السلام وصوت الشعب غائب بسبب تغييب واضعاف الصحافة الحرة المستقلة.
من الصعب جداً ان تكون صحفي مستقل في اليمن تكتب عن الشعب وهمومه والسلام الحقيقي المستدام  الخالي من أي شروط ومعايير المبني على تحقيق عدالة انتقالية تنصف الضحايا وتحد من تكرار الحروب في المستقبل بتجفيف أسبابها .
صحفي مستقل في اليمن معناه ان تكون هدف لجميع الأطراف لأن كل طرف يقوم مباشرة بتطبيق قاعدة من لم يكن معنا فهو ضدنا و لا يوجد منطقة وسطى اما ابيض او اسود لا يوجد منطقة رمادية ولا يوجد صحافة حرة مستقلة اللون الأبيض والأسود في اليمن يخنق هامش الصحافة الحرة المستقلة حتى أصبحت خط رفيع يذوب وقد يختفي رغم أهميتها .
عندما نتكلم عن دور الصحافة في تحقيق السلام في اليمن يجب ان نتكلم أيضا عن القيود والصعوبات التي قلصت هامش حرية الصحافة في اليمن والمعاناة الذي يتجرعها الصحفيين في اليمن واصبح استمرار العمل فيها مغامرة معقده ..
ان تكون صحفي مستقل معناه الحرمان من أي مصدر دخل يضمن استمرار عملك الصحفي وتستمر في العمل بجهدك وامكانياتك الذاتية حتى تتوقف وتتحول لعمل اخر تحصل منه على مصدر رزق تغطي احتياجاتك  او يجرفك التيار مع احد الأطراف .. او ان تكون انت الضحية والهدف القادم وبدلاً من ان تكتب قصص الضحايا قد تكون انت القصة التالية .
شهدت اليمن خلال السنوات الماضية كثير من الانتهاكات ضد حرية الصحافة من اغلاق مؤسسات إعلامية وحجب مواقع إخبارية والكترونية  وحجز حرية الصحفيين ومنع تنقل الصحفيين في داخل الوطن او خارجه والاعتداء على الصحفيين ومنع تداول الصحف وفتح محاكم التفتيش – نيابة ومحكمة الصحافة – ضد أي صحفي حر مستقل حاول ان يلامس هموم الشعب بصراحة ودون تجميل ودون تأويل ووضع يده على جروح غائرة يعاني منها المجتمع اليمني.
ورغم تلك الانتهاكات الجسيمة لكن ؟
لم يتم فتح تحقيق دولي مستقل في تلك الانتهاكات للتحقيق فيها ومعالجتها والحد من تكرارها ولم يتم اغلاق نيابة ومحكمة الصحافة التي تكبل الصحفيين بقيود مخالفة للقانون ..
لم يتم مناقشة موضوع حرية الصحافة في أي مفاوضات او تفاهمات وتم تغييب هذا المحور الهام  وربما يتم فقط اصدار بيانات ادانه واستنكار في يوم حرية الصحافة  ليعود الصمت ليسود ويتم اغلاق هذا الملف طوال أيام السنه ويتم فتحه فقط في يوم حرية الصحافة ..
ورغم الصعوبات مازال هناك صحفيين مستقلين احرار يعملون في الداخل اليمني بإصرار لتغيير الواقع وإيقاف الحرب وتحقيق السلام المستدام وتحفيز الأطراف للوصول الى نقاط التقاء لتحقيق السلام وإيقاف الحرب والدمار وتحشيد المجتمع اليمني نحو السلام مازال هناك صحفيين احرار مستقلين يرفعون أصواتهم ضد الفساد والاختلالات وضد انتهاكات حقوق الانسان ويرفعون مطالب الشعب بصوت عالي لتحقيق العدالة الحقيقية والانصاف وتحققت الكثير من الإنجازات رغم الصعوبات والألم ..
الصحفي المستقل الحر في اليمن مثل الشمعة تذوب لتضيء للآخرين لا يفكر احد في ضمان استمرارية مصدر الضوء الصحفي المستقل الحر مثل الشجرة المثمرة يهتم الجميع للثمرة ويهمل الشجرة حتى تموت ...
تنتشر كل فترة وأخرى اخبار صحفية عن صحفيين تم حجز حريتهم بسبب عدم قدرتهم على دفع ايجارات منازلهم او تراكم الديون عليهم وصحفيين تم حجز حريتهم بسبب مقال او راي في موقع او سيلة اعلام ويتم النظر الى تلك المواضيع بشكل شخصي والسعي لمعالجات فردية لتلك المشاكل الذي يعاني منها الصحفي الحر المستقل دون الخوض في معالجات شاملة وجذرية  للجميع .
لكل طرف  في اليمن صحافة واعلام وجيش عريض من الصحفيين والإعلاميين لتوضيح رؤيته وتحسين صورته والرد على أي معلومات يلقيها الطرف الاخر سواء كانت صحيحة او خاطئة وتبرير المواقف  ولكن ؟
اين الصحافة الحرة المستقلة التي تعبر عن صوت الشعب الذي يتعطش لسلام مستدام يبحث عن الخدمات الذي عطلها الفساد يسعى للحصول على راتب موظف انقطع بسبب اختلالات إدارية في البنك المركزي اليمني و سلام يتعطل لتستمر الحرب و الكثير من الهموم والمشاكل الذي تسعى الصحافة الحرة المستقلة لطرحها .
تذوب الصحافة الحرة المستقلة في اليمن مثلما تذوب قطعه بسكويت في شاي ساخن لتغرق في قاع المجتمع او تنحاز لاحد الأطراف والانتقال من مربع النقد البناء وصحافة الحلول الى صحافة التبرير للاختلالات والفساد ..
في اليمن نحتاج لتقييم مهني يشخص المشاكل التي تخنق حرية الصحافة في اليمن وإيجاد المقترحات اللازمة لمعالجة تلك المشاكل والحد من القيود والانتهاكات التي تكبلها وتحجم دورها الهام ..
من اهم مهام واهداف الصحافة الحرة تقييم الوضع العام واحتياجات الشعب وتسليط الضوء على الاختلالات والفساد وتشخيص أسبابها ومقترحات المعالجة لها كصحافة حلول إيجابية تشخص المشكلة ليس لتأجيج الوضع العام والدخول في أسطوانة مشروخة من العناد والاستفزاز وانما لمعالجة المشاكل وتحريك المجتمع نحو مخاطر تلك الاختلالات والفساد وللأسف الشديد ان فاقد الشيء لا يعطيه فالصحافة في اليمن لم يتم تقييمها ولايتم تقييمها ولامناقشة أسباب انكماش هامش حرية الصحافة في اليمن .
وفي الأخير :
نتقدم  بالتحية والتقدير في يوم حرية الصحافة العالمي الى كل الصحفيين اليمنيين في الداخل اليمني الذين يتجرعون ألم الحرمان والعمل في بيئة صعبه وكذلك الصحفيين اليمنيين في الخارج.
ونأمل ان يكون يوم حرية الصحافة محطة لتقييم دور الصحافة الحرة في تحقيق السلام المستدام في اليمن وتحديد المعيقات التي تعرقل ذلك الدور الهام والمعالجات المقترحة لها .
وان يكون أيضا محطة لتشخيص معيقات الصحافة الحرة المستقلة في اليمن والبدء بإجراءات جادة وإيجابية لتفعيلها والحد من القيود التي تكبلها ومنها نيابة ومحكمة الصحافة التي تكبل الصحفيين في الداخل وتقلص هامش حرية الصحافة.
يجب ان يكون هناك دور إيجابي فاعل ومستمر لتفعيل حرية الصحافة في اليمن في تحقيق سلام مستدام مبني على عدالة وانصاف ونقد بناء صادق وتوسيع هامش الحرية بخطوات بسيطة و متسارعة بإعداد مصفوفة للانتهاكات والقيود على حرية الصحافة واسبابها ومقترحات المعالجة لها وان يكون هناك حشد مجتمعي لتوسيع هامش حرية الصحافة وأيضا ضغط دولي للحد من القيود على حرية الصحافة والانتقال من مربع الشجب والاستنكار الى مربع العمل للمعالجة والتفعيل
ونؤكد على أهميه دور الصحافة الحرة في تحقيق السلام المستدام في اليمن رغم المعاناة والألم.
#اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة