آخر تحديث :الأحد-19 يناير 2025-10:59ص

حكاية القضية الجنوبية

الجمعة - 04 أغسطس 2023 - الساعة 02:46 م
علي سالم بن يحيى

بقلم: علي سالم بن يحيى
- ارشيف الكاتب


 يبدو المشهد السياسي الجنوبي بين مد وجزر تتقاذفه الأمواج العاتية يمنة ويسرة، وفي صراع غريب، وبين ذا وذاك مازالت الاختلافات العميقة سائدة كحال جنوبي بحت، تنفذه زعاماته بكل امتياز. 

يقف المواطن الجنوبي مشدوهاً، وهو يرى تلك التباينات والخلافات، ومع ذلك يواصل الهتافات، ولم يسمح لنفسه الوقوف ولو لمرة واحدة، للتفكير مليٌا حيال قادته وزعاماته، والمناضلين الجدد، وإلى أين يقودون بوصلة أحلامه، وثبت أن كثيرين منهم امتطوا (الحصان) لتحقيق مصالحهم المريضة على حساب جثث ودماء الأبرياء، ومن لبس (قميص عثمان) كفرصة مواتية لركوب الموجة ورفع علم الجنوب عالياً كـ (نفاق) عالي الجودة، وفي قلبه عداء وضغينة! 

وهناك من كان صادقاً وقتله الواقع الجنوبي المرير، ومنهم مازال يشدو ويتغنى...!.

عندما انتهت حرب صيف 94 بانتصار نظام الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، وهزيمة نائبه علي سالم البيض ومشروعه، تم استبعاد الجنوب من طرف المعادلة السياسية، وأفرزت الحرب نتائج كارثية على الجنوبيين، وأرادت السلطة تحويل الجنوب إلى جغرافيا بلا ناس ولا تاريخ، فتم إقصاء العسكريين والمدنيين، وطال التهميش كل شيء جنوبي إلا من بقي عازفا ومطبلاً بحياة (الزعيم)!.

انتظر الجنوب على مضض، كي يظهر من يعيد له الأمل باستعادة دولته، أو حتى رفع الضيم عنه، فلم يسمع صوت المنادين - بعد الحرب مباشرة- بفكرة إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة (محمد حيدرة مسدوس، حسن باعوم، وعبد الرحمن الوالي).

بينما الليل الطويل يجثم على دعاة التحرر جنوبياً، يبزغ صوت حركة (موج) من لندن، برئاسة السيد عبد الرحمن الجفري، في شهر نوفمبر 1994م، حينها تثاءب من به خمول وكسل، وتفاءل من كسر ظهره، وفي خضم ذلك بدأت حركات احتجاج في الضالع، ومعارضة ومسيرات مناهضة للنظام الحاكم في المكلا (96/ 97/ 1998م) هزت بنيانه وجبروته وسلطانه بفعل التنسيق بين أحزاب المعارضة وهيئاته (الاشتراكي، الرابطة، والتجمع الوحدوي اليمني)، برز السيد عبد الرحمن الجفري، كبطل قومي، وزعيم يتغنى به دعاة التحرر، لدرجة إنني اعتبرته من سيخلص الجنوب من كارثته وسينتشله من بوابة (باب اليمن)، ويعيد الرسمة والبسمة على الشفاه الجنوبية المتعطشة للفرحة في وطنه مجدداً، لكن الحلم لم يستمر طويلاً، إذ تحول إلى كابوس، بمجرد دعوة من الرئيس صالح، لطي صفحات الماضي والبدء بصفحة جديدة، والإيعاز إلى حزب الرابطة بلعب دور سياسي ومحوري، أو بصريح العبارة (احتلال) مكان الاشتراكي في السلطة، تمت الهرولة سريعاً، ومعها الانتكاسة، ولم ينل الرابطي بلح السلطة، ولا عنب المصالحة، فتفرقت أيادي المعارضة، وانتهت صورة من يعيد للجنوب كيانه!.

كان أخي وصديقي الثابت ناصر ثابت العولقي- رحمه الله- متفائلا، ويؤكد أن الأمل قادما، فبقي (الزعيم) حسن باعوم مقاوماً، مناضلاً، نبراساً، فرفعت صوره، وهتفت الجماهير بحياته، وأجلسته على أريكة المجد والسؤدد لسنوات، ثم يأتي الخلاف الجنوبي على الزعامة والبطولة وتعدد الأهداف والغايات، فتنتكس الصورة، ليجري البحث عن أخرى في زمن الشتات والقحط والبحث عن زعامات، وكم كان ذلك الباحث صادقاً عندما اخبرني أن الجنوب بتاريخه كان فقيراً في فرز قيادات سياسية يتكىء عليها، إذ لم تتجاوز ثلاث شخصيات فقط، بحسب وصفه ودرايته، منهم من قضى نحبه، بفعل دورة الدم الجنوبية.

يتبع................