آخر تحديث :الأحد-19 يناير 2025-11:28ص

القضاء العمالي مخالفة القانون يضيع حقوقهم ويعطل الاستثمار

السبت - 21 ديسمبر 2024 - الساعة 07:51 ص
عبدالرحمن الزبيب

بقلم: عبدالرحمن الزبيب
- ارشيف الكاتب


بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

اعلامي مستقل ومستشار قانوني

[email protected]


(على اللجان التحكيمية ان تنهي النظر في الدعوى المرفوعة اليها وتصدر قرارها خلال فترة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ اول جلسة)

(على شعبة قضايا العمل ان تفصل في النزاع بحكم نهائي خلال فترة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ اول جلسة تعقدها للنظر في النزاع)

ماورد أعلاه هي نصوص المواد (137 الفقرة 2 ) و (139الفقرة 3) من قانون العمل رقم 5 لسنة 1995م وتعديلاته والتي أوضحت وجوبية الفصل في القضايا العمالية خلال فترة لاتزيد عن شهر بحكم ابتدائي وشهر آخر بحكم استئنافي بمعنى خلال شهرين يوجب القانون على الجهات المختصة الفصل في القضايا العمالية خلال شهر بحكم ابتدائي وتنفيذه اذا لم يتم الطعن فيه بالاستئناف واذا تم الطعن بالاستنئاف فمحكمة الاستئناف ملزمة بالفصل في الطعن خلال شهر وتمكين العمال من حقوقهم القانونية المنصوص عليها في قانون العمل ...

هذا ما هو ثابت في القانون اليمني ولكن في واقع القضايا العمالية فقضاياهم تستمر منظورة لسنوات دون الوصول الى حقوقهم القانونية وبالمخالفة الواضحة للقانون دون أي تحرك إيجابي من قبل مجلس القضاء الأعلى لضبط ذلك والزام الجهات المختصة بتطبيق القانون وعدم تجاوز نظر قضايا العمال لأكثر من شهرين في حدودها الأقصى بدرجتي التقاضي ابتدائي استئناف.

وبمتابعة بسيطة لمسببات تطويل إجراءات التقاضي في القضايا العمالية هو انعدام الثقة بين القضاء العمالي وبين وزارة الشؤون الاجتماعية ومكاتبها بالمحافظات ورفض القضاء العمالي استكمال إجراءات تلك القضايا من اخر نقطة ومرحلة وصلت اليها الشؤون الاجتماعية وقيام القضاء العمالي بإعادة الإجراءات من الصفر لتطول تلك القضايا بسبب انعدام الثقة بينهما.

استمرار اختلالات القضاء العمالي في اليمن ومخالفته للقانون وخصوصا تطويل إجراءات التقاضي في القضايا العمالية لأكثر من شهر وعدم الفصل فيها خلال الفترة القانونية ثلاثين يوم يضيع حقوق العمال ويعمق معاناتهم ووجعهم وحرمانهم من حقوقهم القانونية والإنسانية وأيضا يجعل اليمن بيئة طاردة للاستثمار بعدم وجود ضمانات لتطبيق القانون ومخالفة القضاء العمالي للقانون واقحام القطاع الخاص في قضايا لسنوات طويله دون فصل مما يشكل ذلك كابوس طويل لانهاية له لشركات القطاع الخاص .

ما يحصل من تجاهل وعدم اهتمام مجلس القضاء الأعلى بالقضايا العمالية واهمال القضاء العمالي يعمق من معاناة العمال في القطاع الخاص الذين يتجرعون حرمانهم من حقوقهم القانونية وذبحها في محراب القضاء بمخالفة القانون .

ولاتتوقف مخاطر مخالفة القضاء العمالي للقانون وتطويل إجراءات التقاضي بالمخالفة للقانون في الضرر للعمال بل أيضا شركات القطاع الخاص محلية كانت او دولية متضرره أيضا من استمرار قضايا العمال لسنوات طائلة وازعاج وتشويه تلك الشركات وتكبيدها مخاسير باهضه من مخاسير محاماة وغيرها وكان الأفضل والأولى الفصل في القضايا العمالية وفقا للقانون خلال فترة لاتزيد عن ثلاثين يوم بحكم ابتدائي ومثلها بحكم استئنافي ليتنفس بعدها العامل كطرف في تلك القضايا العدالة الناجزة ووصوله لحقوقه القانونية وجبر ضرره خلال شهرين وكذلك تتنفس شركات القطاع الخاص الانعتاق من كابوس القضايا العمالية وتنتهي خلال شهرين قد تخسر الكثير من الشركات اضعاف الحقوق المحكوم بها عليها للعمال كمصاريف محاماة وتقاضي وملاحقة ومتابعة لقضايا العمال والأولى والأفضل الفصل السريع فيها .

لذلك يعتبر التطويل في إجراءات التقاضي بالمخالفة للقانون معيق كبير للاستثمار في اليمن ونابذ لأي مستثمر محلي أو عالمي وتحفز توسيع رقعه البطالة للايدي العاملة في اليمن .

من اهم مايجذب الاستثمار المحلي والدولي في أي دوله ويحفزه هو الايدي العاملة باجور مناسبة وبضمانات قانونية شفافة وإيجابية للعامل ولشركات القطاع الخاص.

والقضاء العمالي هو الضمانة الأكيده لتحقيق ذلك وأي خلل بتسبب في نفور المستثمرين المحليين والدوليين من الاستثمار في اليمن لمخالفة القضاء العمالي للقانون وتطويل إجراءات التقاضي وارهاق اطراف القضايا العمالية من عمال وشركات في إجراءات مطوله وتاجيلات مخالفة للقانون.

رغم خصوصية القضايا العمالية ووجوبية الفصل السريع فيها خلال شهرين وفقا للقانون اليمني ولكن ؟

مازال القضاء اليمني يتعامل مع القضايا العمالية مثل أي قضايا أخرى دون خصوصية ودون التزام بالقانون وخصوصا قانون العمل اليمني المختص بذلك.

هناك تجاهل غير مبرر من مجلس القضاء الأعلى في اليمن للقضايا العمالية ووجوبية الزام الجهات المختصة لتطبيق القانون والفصل فيها خلال شهر واحد لكل درجة قضائية ومن يخالف القانون يستوجب احالته للتفتيش القضائي والتحقيق معه لمخالفته للقانون الذي قيد فترة التقاضي بشهر واحد للابتدائي وشهر واحد فقط للاستئنافي ولكن ؟

مجلس القضاء الأعلى يتجاهل كل ذلك لتستمر مخالفة القانون في القضاء العمالي وتتراكم الالاف ملفات القضايا العمالية دون فصل ودون عدالة ناجزة وبالمخالفة للقانون .

لم يعقد مجلس القضاء الأعلى جلسة واحدة يخصصها لمناقشة إشكاليات القضاء العمالي وطرح المعالجات لتسريع إجراءات التقاضي والفصل في قضايا العمال خلال الفترة القانونية شهرين فقط ولم يصدر حتى تعميم واحد بذلك للقضاء العمالي لانعرف سبب التجاهل هل هو انشغال بالقضايا الأخرى ام عدم اهتمام بشريحة العمال الذي يعتبرون هم أساس بناء الوطن لن يبني الوطن الا عماله ولن يتحقق ذلك الا بقضاء عمالي ناجز يحقق الضمانات القانونية لطرفي القضايا العمالية من عمال وشركات.

عقب صدور قانون العمل اليمني عام 1995م تم انشاء لجان تحكيمية عمالية لنظر القضايا العمالية والفصل فيها وتتكون تلك اللجان من ممثل للعمال وممثل للغرفة التجارية ويرأس اللجنة التحكيمية العمالية ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وأوجب قانون العمل على تلك اللجان الفصل في القضايا العمالية خلال شهر واحد واذا تم الطعن في قراراتها لدى محكمة الاستئناف اوجب القانون الفصل في الطعن خلال شهر واحد فقط ولكن لم تلتزم اللجان التحكيمية العمالية ولا المحاكم الاستئنافية بالفترة القانونية واستمرت القضايا العمالية لدى اللجان والمحاكم الاستئنافية سنوات طويلة دون وصول العامل لحقه القانوني.

وفي عام 2021م صدر حكم من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا قضى بعدم دستورية اللجان التحكيمية العمالية كونها حسب حيثيات الحكم تعطل على العامل وشركات القطاع الخاص حقهم القانوني في درجتي التقاضي ولتراكم مشاكل اللجان التحكيمية العمالية وتطويل إجراءاتها واستفحال مخالفتها للقانون لعدم وجود الخبرة القضائية والقانونية للفصل العاجل في قضايا العمال .

عقب صدور الحكم الدستوري تم انشاء قضاء عمالي مستقل ومتخصص في القضايا العمالية لمعالجة اختلالات اللجان التحكيمية العمالية ولسرعة الفصل فيها خلال شهر واحد فقط واذا تم الطعن في الحكم الابتدائي يتم الفصل بحكم استئنافي خلال شهر اخر فقط بمعنى خلال شهرين يصدر حكم نهائي ويتم تنفيذه بشكل عاجل ووفقا لقانون العمل .

وكان الجميع متفائل بهذه الخطوة الإيجابية ولكن ماحصل في الواقع عكس ما توقعناه حيث انتقلت مشكلة تطويل إجراءات التقاضي من اللجان التحكيمية العمالية الى القضاء العمالي لتخالف القانون وتستمر في نظر القضايا العمالية دون فصل لسنوات ولاتلتزم بالقانون الذي حدد لها حد اقصى للفصل في القضايا العمالية شهر واحد فقط لتستمر معاناة العمال دون معالجة ويتخوف الاستثمار من دخول اليمن لفقدان اليمن ضمانات قانونية للعمال وللمستثمرين في حال نشوب نزاع عمالي لمخالفة القضاء العمالي للقانون اليمني وعدم الفصل في القضايا العمالية خلال شهر واحد فقط وفقا للقانون.

ماأوضحناه سالفا هي توضيح وتشخيص لمشكلة القضايا العمالية ومخالفة القضاء العمالي لقانون العمل اليمني ونوجز هنا الحلول والمعالجات المقترحة لتلك المشكلة بما يحقق الحماية القانونية للعمال وأيضا يشجع الاستثمار في اليمن في ظل قانون واضح وشفاف وقضاء يلتزم بالقانون نوجز تلك الحلول في النقاط التالية :

1- وجوبية عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماع عاجل لمناقشة مشكلة مخالفة القضاء العمالي للقانون وعدم الالتزام بالفصل في القضايا العمالية خلال شهر وفقا للقانون وإصدار تعاميم بذلك وتزول التفتيش القضائي للقضاء العمالي للتحقيق في تلك المخالفات وعقد اجتماعات مكثفة مع الجهات ذات العلاقة من غرفة تجارية واتحاد عمال اليمن ووزارة شؤون اجتماعية لتحقيق التزام القضاء العمالي بالقانون وتعاون الجميع لتحقيق ذلك في واقع القضاء العمالي .



2- إيلاء مجلس القضاء الأعلى اهتمام كبير بالقضاء العمالي ورفده بالقضاه المتخصصين والمؤهلين في القضاء العمالي باعتباره قضاء له خصوصية هامه تستوجب استعجال الفصل في القضايا العمالية وعدم تطويل إجراءاتها.


3- عقد دورات تدريب وتأهيل مستمرة للقضاة وموظفي القضاء العمالي في قانون العمل وإجراءات القضاء العمالي وعدم تعيين قاضي او موظف في القضاء العمالي الا بعد عقد دورة تأهيل وتدريب له.


4- وضع القضاء العمالي تحت رقابة التفتيش القضائي واهتمامه وانزال حملات تفتيش دورية وطارئة الى القضاء العمالي وفتح تحقيقات عاجلة مع المخالفات القانونية المرتكبة في القضايا العمالية سواء في تجاوز الفترة القانونية المخصصة للفصل فيها خلال شهر وفقا لقانون العمل او أي مخالفات أخرى وتوقيف كل من يخالف القانون واتخاذ إجراءات رادعه وقانونية في مواجهته.


5- الزام والتعميم على القضاء العمالي بالفصل في القضايا العمالية باحكام قضائية خلال شهر من رفع الدعوى او الطعن وفقا للقانون ووجوبية جدولة القضايا السابقة ومنح القضاء العمالي فرصة شهر واحد للفصل في جميع القضايا المنظورة لديه خلال شهر وعدم تجاوز الفترة القانونية في القضايا الجديدة من تاريخ التعميم.


6- تعزيز وتفعيل التعاون الإيجابي والثقة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومكاتبها بالمحافظات مع القضاء العمالي واحترام القضاء العمالي لجهود الشؤون الاجتماعية من استقبالهم للشكاوى وتحقيقها ورفع تقارير قانونية للمحاكم العمالية بكل ماتم لديها ولدى مكاتبها بالمحافظات ليقوم القضاء العمالي باستكمال الإجراءات من اخر نقطة وصلت اليها الشؤون الاجتماعية لا أن يتم التنكر وتجاهل تلك الجهود والابتداء في القضايا العمالية من الصفر واعتبار إجراءات وتقارير الشؤون الاجتماعية في القضايا العمالية تقارير ومحاضر رسمية لايطعن فيها الا بالتزوير واعتبار تقارير الشؤون الاجتماعية تقارير خبراء تخصصيه هامه في القضايا العمالية.


7- مواكبة إعلامية للإجراءات التصحيحية للقضاء العمالي والتزامه بالقانون والفصل في القضايا العمالية خلال فترة لاتتجاوز ثلاثين يوم وفقا للقانون وبما يعزز ثقة المستثمرين اليمنيين والدوليين في الاستثمار في اليمن .


وفي الأخير :


نؤكد على وجوبية اصلاح وتصحيح اختلالات القضاء العمالي في اليمن وبما يضمن حقوق العامل وتسليمه حقوقه خلال شهرين من تاريخ المنازعة العمالية وأيضا بما يضمن حقوق الشركات الخاصة المحلية والدولية بانهاء النزاعات العمالية مع عمالها خلال شهرين و الحد من التطويل غير القانوني الذي يثقل كاهل تلك الشركات بقضايا لسنوات وما يتضمن ذلك من نفقات باهضة وتكاليف محاماة ومتابعة ونزاعات ومشاكل متعددة بسبب التطويل في إجراءات القضاء العمالي.

استمرار اختلالات القضاء العمالي وتطويل إجراءات التقاضي فيها بالمخالفة للقانون ولأكثر من شهرين يتسبب في تعطيل الاستثمار في اليمن فمن المستحيل نجاح أي مشاريع استثمارية دون ايدي عاملة مناسبة وبضمانات قانونية لطرفي المعادلة العامل والشركة وهذا يتسبب في انتشار رقعه بطالة الايدي العاملة والبحث لها عن عمل خارج اليمن .

ورسالتنا الأخيرة نوجهها لمجلس القضاء الأعلى باعتباره هو الجهة الرسمية المختصة بتفعيل القانون والزام القضاء العمالي بالفصل في القضايا العمالية خلال شهرين بدريجتي التقاضي الابتدائي والاستئناف وفقا للقانون اليمني وضبط والتحقيق مع كل من يخالف القانون وتأهيل وتدريب القضاة وموظفي القضاء العمالي على إجراءات القضايا العمالية وفقا للقانون المختص بها وهو قانون العمل اليمني كون القضاء العمالي قضاء ذو خصوصية ويحتاج القضاة وموظفي القضاء العمالي لتأهيل وتدريب تخصصي وبالتزامن مع ذلك انزال التفتيش القضائي حملات تفتيش للتأكد من التزام القضاء العمالي بالقانون وعدم تطويل إجراءات قضايا العمال بالمخالفة للقانون الذي حددها بثلاثين يوم فقط للفصل فيها بحكم من تاريخ تقديم الدعوى فيها .

ووجوبية ان يكون هناك تعاون إيجابي بين جميع اطراف القضايا العمالية من مجلس قضاء اعلى وغرفة تجارية واتحاد ونقابات العمال ووزارة شؤون اجتماعية ومجلس قضاء اعلى لتفعيل قضايا العمال وتطبيق القانون فيها دون تجاوز ودون مخالفه لما رسمه القانون .

ونؤكد بأن مخالفة القضاء العمالي للقانون يضيع حقوق العمال ويعطل الاستثمار.