الضالع مدينة منكوبة

مررت امس قادما من صنعاء في طريقي الى عدن عبر الضالع بوابة الجنوب وموطن الثوار وعصب الحراك السلمي وأكثر المحافظات الجنوبية التي قدمت قوافل من الشهداء منذ حرب ١٩٩٤ وحتى اليوم .. الضالع المحافظة التي أنجبت خيرة ثوار ومناضلي الجنوب على مر المراحل السابقة ، مررت وانا اسلم على قراها المتناثرة ، قرى عنتر وشائع ومصلح وعلى الشارع الرئيسي في المحافظة البائسة صعقت من هول الإهمال وتردي أوضاعها.

منذ خروجي من صنعاء مررت على محافظات شمالية مختلفة لم تصدمني من حالتها ، طرقات مسفلتة محلات نظيفة ، فروع لبنوك كبيرة ومكائن السحب الآلي ومباني راقية لجامعة مثل ذمار وفنادق كبيرة في دمت ويريم .. تمر بكافة قرى الشمال مسفلتة بشكل رائع حتى تصل نقيل قعطبة المصمم والمسفلت بأحدث المواصفات .. وما تدخل سناح والضالع حتى ترى البؤس في مبانيها المهملة وشوارعها المحطمة والوعرة .. أتساءل أين محافظ المحافظة وهو من أبناء الضالع ، أين اهتمامه بأوضاع المدينة التي بفضلها وصل الى هذا المنصب .. مخيف ما شاهدته في الضالع من إهمال في الطرقات وحالة متردية جداً في النظافة وشباب في عمر الزهور يفترشون الطرقات .. مناطق تفوح منها رائحة الدم من ضحايا المجازر التي ارتكبها المجرم ضبعان في سناح. 

مررت بالضالع في صباح يوم رمضاني خيم عليه الهدؤ .. المحلات مغلقة والناس لم تبدأ عملها بعد .. مدينة لا تصدق انها اخرجت خيرة المناضلين في الجنوب تولوا مناصب عليا في الدولة أهملوا أنفسهم ومحافظتهم لأنهم حملوا هم وطن وسهروا على بناءه .. يعتصر القلب الما وحسرة وانت تشاهد بؤس المدينة في وجوه ابنائها .. تمنيت ان أقابل محافظها لكي أواجهه بسؤال ماذا تعني لك الضالع ؟ .. واواجهه برد على اي مبرر يطرحه .. الضالع لا تعني لك شيء سيدي الكريم الا منصب توليته لانتمائك اليها .. وأموال تبعثرها باسمها .. وصمتك اكبر عار على الضالع من الجرائم التي يرتكبها ضبعان باسم الحفاظ على الأمن والسكينة .. صمتك جريمة على الأوضاع المنهارة في الخدمات العامة وقتل الأطفال والشباب .

لم يخرج أبناء الضالع في كل المنعطفات السياسية قبل وبعد الوحدة الا من اجل بناء الدولة وحياة افضل لمواطنيها ، ومن يرى المدينة يشعر بغضب كبير من هول الصدمة والمعاناة في الخدمات التي يحتاجها المواطن .. لا اصدق وما شاهدته من أوضاع وانا عابر فقط ان يكون المحافظ ينتمي اليها ، او يحمل في قلبه ذرة من الحب للمحافظة التي يعيش على حساب معاناتها .. نقيل الضالع وهو المنفذ الوحيد الذي يربط الضالع بحالمين والحبيلين ولحج وعدن بات مهددا بالإغلاق من كثرة تشققات الأسفلت والسيارات التي أصيبت باعطاب وبقيت هياكلا تأخذ مساحة من الطريق الذي يواجه أيضاً انهيارات من الجبال عليه .. تشعر ان الضالع مدينة منكوبة في كل شيء الا الانسان الذي يتطلع فيها الى حلم الدولة والنظام والقانون ويستطيع ان يتكيف معها كما كان في عهد دولة الجنوب قبل الوحدة.

من يريد ان يرمم معاناة الجنوبيين ويتصالح معهم عليه ان يبدأ من الضالع .. فوضعها إنسانيا وبيئيا وصحيا وخدماتيا ينذر بكارثة اذا لم تستفيق السلطة ولم يلتفت اليها الرئيس عبدربه منصور هادي بشكل عاجل .. بل وعاجل جدا.

* من لطفي شطارة