آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-11:36م

ملفات وتحقيقات


معايير مزدوجة :الإخوان يصافحون إيران في الكويت ويحاربونها على حدود دمشق!

الثلاثاء - 19 مارس 2013 - 11:18 م بتوقيت عدن

معايير مزدوجة :الإخوان يصافحون إيران في الكويت ويحاربونها على حدود دمشق!
الإخوان في الكويت.. تناقضات تفرضها مصالح

المجلة

تعرض تنظيم الإخوان المسلمين في الكويت خلال شهر رمضان الماضي، لواحدة من أقسى حملات الانتقاد التي واجهها في تاريخه منذ أن تأسس أواسط خمسينات القرن الماضي، كان لافتا فيها أن أعنف نيران القصف لم تكن قادمة من الخصوم، بقدر ما كانت من أتباعه ومحبيه بلا هوادة.

خلال شهر رمضان الماضي، احتفى تنظيم الإخوان المسلمين بالسفير الإيراني لدى الكويت روح الله قهرماني، ضمن حفل استقبال نظمته الحركة الدستورية الإسلامية (الذراع السياسية للتنظيم في الكويت)، وكانت الصورة المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي هي لقطة جماعية لقادة الحركة ونوابها في البرلمان يتوسطهم السفير الإيراني، لكن اللقطة الأهم كانت لابتسامة الترحيب ومصافحة الدكتور جمعان الحربش نائب أمين عام الحركة وممثلها في البرلمان للسفير الإيراني، كونه أحد أكبر معارضي طهران، وأهم دعاة تسليح الجيش السوري الحر وجمع التبرعات داخل الكويت، وواحد من قادة الحراك الشبابي السياسي المناوئ للحكومة.

 

الحربش اعتذر لمنتقديه بأنه تفاجأ بدخول السفير الإيراني لحفل الاستقبال ولم يكن يرغب في مصافحته، وتحت ضغط الانتقادات أنحى باللائمة على شركة توزيع بطاقات دعوة حفل الاستقبال، فكان مثار سخط المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي، كونه برر سبب الدعوة، لكنه لم يستطع تبرير سبب ابتسامته وتوسطه الصورة الجماعية مع ممثل النظام الإيراني، الذي يعتبره الحربش أكبر داعمي الرئيس السوري بشار الأسد، فما كان منه تحت ضغط حدة الانتقادات، إلا أن دعا لاحقا لتنظيم حملة تبرعات جديدة للجيش الحر، حتى يتمكن من مواجهة نظام الأسد، وأن تلك الحملة ستكون بمثابة اعتذار منه لأخوته في سوريا، بعد أن “توضأ” سبع مرات تطهرا من مصافحة السفير الإيراني كما ذكر على صفحته بموقع تويتر، وبعد أن بلغت تداعيات الفضيحة حدود ريف دمشق، حيث كان الجيش السوري الحر يجري عملياته العسكرية ضد قوات الأسد.

 

فضيحة السفير

 

لم تكن حدة انتقادات فضيحة استقبال الإخوان المسلمين للسفير الإيراني في الكويت (أغسطس/آب 2012) تهدأ، حتى خرج رئيس المكتب السياسي للحركة الدستورية الإسلامية المحامي محمد الدلال على شاشة قناة العالم الإيرانية، متحدثا عن الشأن المحلي الكويتي بعدها بشهرين، فناله ما ناله من النقد، الأمر الذي دعاه للاعتذار بنفسه لكل من انتقده شخصيا عبر حسابه بموقع تويتر على مدى يومين.

وتمثل حالة الإخوان المسلمين في الكويت التباسا على المتابعين، إذ يقف الإخوان المسلمون في الكويت موقفا علينا معارضا من طهران، ويحذرون من مخاطر التوسع الإيراني في المنطقة، وينتقدون دورها في سوريا والعراق، لكنهم لا يمانعون في الالتقاء معها في محطات أخرى أبرزها غزة والقاهرة.

 

فعلى الرغم من مشاركة نواب الإخوان المسلمين في البرلمان الكويتي باستجواب لرئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، بسبب ما اعتبروه إهمالا جسيما في المحافظة على الأمن الوطني أمام التغلغل الإيراني في البلاد (مايو/أيار 2011)، إلا أنهم لم يصدروا موقفا من تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال زيارته للقاهرة للمشاركة بمؤتمر القمة الإسلامي (فبراير/شباط 2013) استعداد بلاده لدعم مصر ورئيسها محمد مرسي، وهو بالمناسبة نفس الموقف الصامت من دعم إيران لمنظمة حماس في غزة.

وتتضح حالة التباس المواقف والمعايير من دعم طهران للرئيس محمد مرسي ونظام الإخوان المسلمين في مصر، الذي تأتيه عبارات الثناء والتأييد من إخوان الكويت والمقربين منهم، مقارنة مع شكل العلاقة بين الإخوان المسلمين بالكويت والنظام الإيراني في سوريا، إذ سرعان ما يتحول هذا التحالف والغزل إلى عداء معلن على حدود ريف دمشق، حيث يتهم إخوان الكويت طهران بدعم نظام الأسد، بينما يدعمون هم الجيش السوري الحر مع ناشطين إسلاميين كويتيين.

 

ويشكل الفرع الكويتي لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي حالة استثنائية داخل التنظيم، فمواقفه تبين أنه فرع يمتلك أريحية بتطويع مواقفه كيفما يريد، فإن تعارضت مع موقف التنظيم العالمي انسل منه، وإن تلاقت عضدته، وما الحالة الملتبسة من النظام الإيراني إلا خير شاهد على ذلك.

كما يمكن تلمس هذه الأريحية بجلاء بين عامي 2005 و2006، حيث تمكنت الحكومة الكويتية يدعمها النواب الليبراليون بالبرلمان من تمرير قانون يجيز للمرأة المشاركة في العمل السياسي، وهو ما اعترض عليه النواب القبليون والإسلاميون، ومن بينهم ممثلو الإخوان المسلمين الذين استندوا بموقفهم إلى فتاوى مشايخ ورجال دين، وحاولوا قدر المستطاع إفشال القانون، إلا أنهم كانوا أول من استفاد منه وفتحوا اللجان النسائية لاستضافة الناخبات واستمالتهن لدعم مرشحي الحركة الدستورية الإسلامية.

 

واكتسب فرع الإخوان المسلمين في الكويت أريحية تطويع مواقفه في عام 1990، حيث تمكن من تجميد عضويته في التنظيم العالمي، جراء موقفه من الغزو العراقي للكويت، لكن الفرع أبقى الباب مواربا مع التنظيم الدولي، باعتباره جمّد عضويته ولم يلغها نهائيا.

وبحسب الرواية التاريخية فإن التنظيم العالمي لحركة الإخوان المسلمين مال خلال عام 1990 ناحية تأييد الرئيس العراقي صدام حسين بقرار غزوه للكويت، ما دفع بممثلي التنظيم في الكويت إلى تجميد عضوية فرع بلادهم في التنظيم الدولي احتجاجا على ذلك.

 

فضاء رحب

 

على مدى عقدي التسعينيات والألفين ظلت العلاقة ملتبسة بين الإخوان المسلمين بالكويت والتنظيم الدولي، خصوصا فروع الأردن ومصر وتونس، إذ كان الملف العراقي حاضرا في الذاكرة الكويتية ومعه موقف متشدد من الدول والمؤسسات التي أيدت الغزو العراقي عليها، وهو ما حدا بمؤسسات مثل جمعية الإصلاح الاجتماعي واتحاد طلبة جامعة الكويت المقربين من الحركة الدستورية الإسلامية الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الكويت إلى محاولة الخروج من إطار الاحتقان الإقليمي والبحث عن فضاء رحب يعيدها للواجهة الاقليمية، ويمكنها مجددا من استعادة وترطيب علاقاتها التي تضررت جراء الغزو العراقي إلى أن وجدت ضالتها في القضية الفلسطينية.

 

وعلى الرغم من أن موقف أغلب الفصائل الفلسطينية كان مؤيدا لصدام حسين إلا أن قضية النضال الفلسطيني وعروبة القدس كانتا هي الفضاء الأرحب الذي انطلقت منه حركة الإخوان المسلمين بالكويت لترميم علاقاتها الدولية، محاولة إضفاء صفة الدولية على تحركاتها وبياناتها، كونها لا تجد من يعارضها في مجتمع جبل على دعم القضية الفلسطينية، فارتفعت بذلك الحركة عن بقية منافسيها السياسيين بالساحة الذين غرقوا بالشأن المحلي كثيرا، ومن بينهم القوميون العرب والشيعة والقبليون.

وفي أكثر من مناسبة في تسعينات القرن الماضي، تردد على الكويت ممثلو حركة حماس واجهة الإخوان المسلمين الفلسطينية، كما تم الاحتفاء بأكثر من منظّر ورمز للجماعة، ومن بينهم أحمد ياسين الذين أقيمت له احتفالية ضخمة على مسرح جمعية الإصلاح الاجتماعي بتنظيم من اتحاد طلبة جامعة الكويت، كما فتحت لهم صفحات مجلة المجتمع التابعة لجمعية الإصلاح.

 

وبناء على صحيفة “الطليعة” الكويتية (تمثل اليسار القومي المعارض) فإن حزب الإخوان المسلمين الكويتي عاد إلى تنشيط عضويته في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عام 2004.

وبينت الطليعة ان “أزمة احتلال العراق للكويت سنة 1990 كادت تعصف بالتنظيم، فالإخوان انقسموا تماما: إخوان الأردن كانوا الأكثر تطرفا، وواحد منهم وصف صدام بأنه خليفة المسلمين. وأن إخوان مصر حاولوا إمساك العصا من المنتصف، إلا أن المستشار مأمون الهضيبي، وكان وقتها نائبا للمرشد، تبنى موقف إخوان الأردن، فاجتمع إخوان الكويت وقرروا تجميد عضويتهم في التنظيم الدولي، احتجاجا على تلك المواقف، والتجميد استمر فترة طويلة، وبعد جهود حثيثة عادوا، ولكن ليس بالقوة نفسها، وهناك أنباء تشير إلى أنهم نُصحوا بأن يحافظوا على كونهم إخوان الكويت، من دون أن تكون لهم صلة بالتنظيم الدولي”.

ويعد موقف تنظيم الإخوان المسلمين من الغزو العراقي، علامة فاصلة أيضا بتعاطي الجماعة مع الكويت، فبينما كان تمويل عدد من مشروعاتها يتم بأموال من الكويت، إلا أنها مع ذلك فضلت الوقوف في صف صدام حسين، بل إن عددا من قياديي التنظيم الكويتيين كان لهم موقف ملتبس من الغزو العراقي، وأن منهم من سعى جاهدا لعدم مشاركة الولايات المتحدة الأميركية بتحرير العراق واستبدال قوات التحالف الدولية بأخرى إسلامية.

 

وكشفت الطليعة في عدد لها صدر العام ذاته عن حدثين شهدهما الغزو العراقي على الكويت عام 1990 من زاوية حزب الإخوان المسلمين الكويتي، الذي اعتبرت مواقفه سلبية تقاطعت مع الموقفين الرسمي والشعبي الكويتي تجاه الغزو، الأول: اجتماع وفد حزب الإخوان المسلمين الكويتي مع أحد مساعدي وزير الخارجية الأميركية عام 1990، حيث عبروا عن رفضهم للتدخل الأميركي في طرد الجيش العراقي من الكويت، أما الحادثة الأخرى فإنها تمثلت في الوفد الذي شكله حزب الإخوان المسلمين الكويتي لحضور أحد المؤتمرات الإسلامية في لاهور في باكستان إبان الغزو أيضا، حيث وقعوا على البيان الختامي للمؤتمر الذي يدين تدخل الولايات المتحدة في طرد الجيش العراقي من الكويت.

 

وأشار سفير الكويت السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية الراحل الشيخ سعود الناصر (توفي 2012) إلى تلك الحادثة في برنامج إضاءات عبر قناة “العربية” مع تركي الدخيل عام 2005، وجاء في إفادة الناصر، أحد شهود الغزو العراقي وعلاقة الكويت بالولايات المتحدة الأميركية نظرا لدوره وموقعه خلال الأزمة الأشهر بتاريخ الكويت، باعتباره سفير الكويت لدى واشنطن عام 1990، أن ثلاثة من قيادي حزب الإخوان المسلمين الكويتي وهم إسماعيل الشطي وطارق السويدان وعبد الله العتيقي قابلوه في واشنطن أكتوبر (تشرين الأول) 1990 وطلبوا منه 50 مليون دولار لدعم هيئة أنشأوها لمناصرة الكويت للتحرك في أوساط المراكز الإسلامية والمساجد في الولايات المتحدة الأميركية من أجل كسبها، وبعد أن استوضح الشيخ سعود أكثر من الوفد، أجابه إسماعيل الشطي أن الشعار الذي سيطرحونه في هذه المراكز هو: “وجوب مقاتلة الوجود الأميركي في المنطقة”، وقال الشيخ سعود إن الشطي زاد في كلامه لتوضيح موقفهم بأن قال: “إنهم لا يريدون قوات أجنبية، وإنه يجب أن تستبدل هذه القوات بقوات إسلامية لتحرير الكويت”، وهو ما نفاه لاحقا العتيقي والشطي والسويدان.

 

كما تحدث الناصر كذلك عن دور خطير قام به اتحاد الطلبة في أميركا الذي يسيطر الإخوان المسلمون أثناء الغزو، حينما سعى أعضاؤه لتخريب قيام السفارة الكويتية في واشنطن بتوفير مترجمين مرافقين لقوات تحرير الكويت عن طريق وزارة الدفاع الأميركية، حيث استطاعت السفارة توفير 600 مترجم من الطلبة الكويتيين في أميركا لموافقة الجيش الأميركي، تربص أعضاء اتحاد الطلبة بالدفعة الأولى من مواطنيهم المترجمين، وحثوهم على “عدم التطوع مع النصارى واليهود” تحت حجة إفهام الطلبة لأمور دينهم.

 

 

 

عبد العزيز العلي المطوع.. مؤسس “إخوان الكويت”

 

في عام 1947 أسس عبد العزيز العلي المطوع، أولى خلايا لجماعة الأخوان المسلمين في الكويت. وبتوصية من حسن البنا المؤسس والمرشد العام للإخوان المسلمين أصبح المطوع ضمن أعضاء المجلس التأسيسي للجماعة. ويذكر الشيخ محمد محمود الصواف في كتابه “من سجل ذكرياتي”، أن المطوع “كان على صلة كبيرة بإخوان مصر ومع الإمام البنا”. المطوع كان تعرف في منتصف الأربعينيات على البنا خلال دراسته في القاهرة كما التقاه لاحقا في مكة المكرمة.

تمكن المطوع من تأسيس أول بناء للإخوان المسلمين في الكويت على شكل شعبة، ثم تقرر أن تكون التسمية مختلفة عن اسم الجماعة الأم فنشأ ما يعرف بجمعية الإرشاد الإسلامية لتكون واجهة اجتماعية لنشاط الإخوان المسلمين التنظيمي.

تم انتخاب المطوع كأول مراقب عام لجمعية الإرشاد في حين تولى رئاسة الجمعية الشيخ يوسف بن عيسى القناعي. كانت الأهداف المعلنة تتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وبعث روح التدين وعرض الإسلام على أنه عقيدة ونظام عالمي صالح لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

تزامن تاريخ تأسيس جمعية الإرشاد الإسلامي مع توافد أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبقية فروع الإخوان في المشرق العربي والعالم الإسلامي إلى الكويت بهدف العمل سواء في السلك التعليمي أو في المرافق الأخرى.

وفي شهر أغسطس من عام 1953 أصدرت جمعية الإرشاد مجلة (الإرشاد) لنشر فكر الجمعية وتوجهاتها، ولتكون ناطقة باسمها، وتولى عبدالعزيز العلي المطوع رئاسة تحريرها، ثم تولى تحريرها في ما بعد عبد الرزاق المطوع، وشاركت شخصيات إسلامية في الكتابة فيها، مثل أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان، وأبو الحسن الندوي، ومحمد يوسف النجار، وشاكر النتشة من فلسطين، ومصطفى السباعي، المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا وغيرهم، واستمرت المجلة تصدر شهريا حتى توقفت نهائياً بعد أزمة الإخوان المسلمين في مصر منتصف الخمسينات.

كيان سياسي محلي

 

انعكست علاقة الإخوان المسلمين مع الكويت سلبا خلال الفترة التي تلت تحرير الكويت من الغزو العراقي، بحكم تداعيات موقف الإخوان المسلمين من الغزو، وهو ما دعا التنظيم إلى تغيير جلده، وأنشأ ذراعه السياسية: “الحركة الدستورية الإسلامية” (تأسست 1992) وحرص على تدعيمها برموز الإخوان المسلمين مع تأكيده بأنها مجرد كيان سياسي محلي لا يتبع تنظيم الإخوان المسلمين، لأن العلاقة مع التنظيم العالمي مجمدة، وأن دور الحركة سيكون مجرد المساهمة في الحياة السياسية عبر المشاركة بالانتخابات البرلمانية والتفاعل مع الأحداث المحلية.

ورغم محاولات كثير من قادة الإخوان المسلمين في الكويت نفي ارتباطهم بالتنظيم الدولي، وإصرار مسؤولين في جمعية الإصلاح الاجتماعي على عدم ارتباطهم بالإخوان المسلمين، إلا أن موقع الجمعية الالكتروني، هو الموقع الوحيد لجمعية نفع عام بالكويت يخصص جزء منه لعرض “رسائل الإمام حسن البنا”، كما كشف أحمد عبد العزيز المطوع في لقاء نشر أخيرا عن نقطة ارتباط الجمعية بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

 

فقد تحدث المطوع في لقاء مع صحيفة “السياسة” الكويتية عن ذكرياته مع والده وعمه، والده عبد العزيز علي المطوع أحد مؤسسي العمل التطوعي الخيري في الكويت وعمه عبد الله علي المطوع رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت، حيث أكد أحمد المطوع أن والده سمع بالشيخ حسن البنا وهو في بغداد وأعجب بمبادئه، وقصد السفر إلى القدس، ثم ذهب إلى مصر واجتمع بالشيخ حسن البنا، وذهبا معا إلى مكة المكرمة للعمرة، وأعجب الشيخ البنا بطريقة فكر الوالد وأسلوب كلامه، وخلال وجودهما في مكة سأل أحدهم الشيخ حسن البنا في أمر يحتاج إلى فتوى، فطلب الشيخ من والدي أن يفتي في الأمر، وعندما أفتى والدي في الأمر أعجب الشيخ حسن البنا بفتواه وطريقة فهمه للدين، وبعد عودته إلى الكويت قام عبد العزيز المطوع بنقل أفكار الشيخ حسن البنا إلى الكويت، وأنشأ جمعية الإرشاد برئاسة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي مع بعض الإخوة الأفاضل من الناشطين الاسلاميين، وهم عبد العزيز العلي المطوع مراقبا عاما للجمعية، وبعضوية كل من رئيس مجلس الأمة الأسبق محمد العدساني ورئيس المجلس البلدي الاسبق أيضا عبد العزيز العدساني وأحمد الجسار وزير الأوقاف حينذاك، وخالد المسعود وزير التربية، ويوسف الرفاعي وزير الدولة، وعبد الرحمن العتيقي وزير المالية، وخالد العيسى وزير الكهرباء”.

 

وأضاف المطوع في حديثه “بدأ الوالد يتحدث عن فكر الإرشاد، وجرى بالفعل تأسيس جمعية الإرشاد مع هذه المجموعة وآخرين في شهر رمضان عام 1371 هجري الموافق 1952 ميلادي، وسميت جمعية الإرشاد في الكويت، وكان شعار الإرشاد هو المصحف المفتوح مكتوب عليه “واعتصموا بحبل الله جميعا”، ومن أسفله غصنا زيتون رمزا للسلام، واستمرت لسنوات بهدف تعريف الفرد المسلم بسماحة الدين الحنيف، وكان الهدف دينيا بحتا وليس هناك أي أهداف سياسية.

ويستكمل المطوع حديثه لصحيفة السياسية الكويتية (منشور بتاريخ 21/1/2013 ص 8 ـ 9) عن انقلاب جمال عبد الناصر على الإخوان في مصر، كونه تسبب في خلاف فكري بين والده عبد العزيز المطوع وبعض جماعة الإرشاد أنفسهم في الكويت، وأن السبب في ذلك كان إخوان مصر وعبد الناصر، وبالطبع ذلك لم يرق لعبد العزيز المطوع الذي كان يدعو إلى البعد عن الأمور السياسية وعدم خلط الدين بالسياسة، ولكن الإخوة في جمعية الإرشاد طالبوا بضرورة مساندة إخوانهم في مصر ضد عبد الناصر، ورغم أن والدي كان هو صاحب فكرة تأسيس الإرشاد، وكان مقرها بيت والده وينفق عليها من ماله الخاص، فقد تقدم باستقالته من جمعية الإرشاد حتى لا يصطدم مع بعض الشباب الذين كان لهم فكر سياسي بجانب الدعوة، وقال وقتها نحن أتينا لترسيخ الدعوة الدينية فقط بعيدا عن العمل السياسي، فهي جمعية دينية وليست سياسية، هذا هو فكر عبد العزيز المطوع.

 

وبين أحمد المطوع مستكملا رواته التاريخية عن تأسيس الإخوان المسلمين في الكويت أن والده المرحوم عبد العزيز المطوع بعد تقديمه استقالته من جمعية الإرشاد كتب له أعضاء الجمعية رسالة، يرجونه فيها أن يعدل عن استقالته، ولكنه أصر عليها وترك الإرشاد وبعد بضع سنوات جاء المغفور له الأمير الشيخ عبد الله السالم وأغلق جميع جمعيات النفع العام ومنها جمعية الإرشاد، ومن ثم جاءت بعد ذلك جمعية الإصلاح والتي أسسها العم عبد الله العلي المطوع شقيق الوالد عليهما رحمة الله لتكون امتدادا لجمعية الإرشاد.

 

اشكالية محرجة

 

ويواجه الإخوان المسلمون في الكويت اليوم اشكالية محرجة سببتها تداعيات الأحداث المصرية بعد وصول الرئيس محمد مرسي، تضاف بدورها لسلسلة الاشكالات التي حاصرتهم جراء ارتباطهم/انفصالهم عن التنظيم العالمي، فقد راحوا يؤيدون قرارات الرئيس مرسي حتى ما تعلق منها باستخدام القوة في وجه المتظاهرين بالشوارع، لكنهم في نفس الوقت يقودون احتجاجات داخل المناطق السكنية ضد الحكومة الكويتية، ويعارضون استخدامها القوة ضد المحتجين.

تاريخ الإخوان المسلمين في الكويت يعود إلى أواسط خمسينيات القرن الماضي، تخلله صعود نجمهم حينما احتضنتهم السلطة، وسيطروا على مفاصل الدولة منذ نكسة 1967، حينما قدموا نفسهم بديلا عن القوميين العرب، وكانت ذروة تسيدهم المشهد في ثمانينات القرن الماضي، إلا أن بريقهم بدأ يخفت في التسعينات، واستمر كذلك حتى قرروا ترميم شعبيتهم، فانتقلوا من الموالاة إلى المعارضة عام 2008، وبعدما كانوا يشاركون في كل حكومة بوزير أو اثنين، أصبحوا يشاركون في الاستجوابات التي تقدم للوزراء ورئيس الحكومة، ثم أصبحوا قادة للحراك المعارض المطالب بتغيير النظام السياسي بالكويت، وتقليص صلاحيات الأمير الدستورية، وتحويل البلاد إلى النظام البرلماني الذي يشكل فيه البرلمان الحكومة وليس رئيس الدولة.

 

إن استعراض أبرز المحطات السياسية التي عبرها تنظيم الإخوان المسلمين في الكويت وارتباطاته الدولية ومواقفه المحلية، تؤدي بشكل أو بآخر لفهم منطق تعاطي الإخوان مع الأحداث، وإن كان يغلب عليه ازدواج المعايير والانتهازية في أكثر من منعطف، فبعد دعم الحكومة الكويتية تحولوا إلى رأس حربة معارضيها، ومن رفض مشاركة المرأة بالعمل السياسي إلى أبرز دعاة إدماجها في العمل السياسي، ومن معاداة طهران في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى احتفاء بالسفير الإيراني خلال حفل استقبال، لا ضير من تطييب خاطر العاتبين بعبارة اعتذار لا تضر مصلحة التنظيم العليا.

*من احمد العيسي