آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-09:03م

أخبار وتقارير


الكل يريد أن يصبح مديرا في اليمن

الأربعاء - 17 أبريل 2013 - 11:06 م بتوقيت عدن

الكل يريد أن يصبح مديرا في اليمن

اذاعة هولندا

نسب بطالة عالية جدا وسط الشباب في وقت لا يتوفر فيه إلا القليل جدا من العمال المهرة. هذا ما يحدث عندما تحصر التركيز على التعليم الاكاديمي فقط، الامر يشبه الرهان على الحصان الخاطئ. اليمن فعل ذلك.

 

بلد المليون مدير

"الكل يريد ان يكون مديرا" اجاب احد الاصدقاء عندما سئل عن عدم وجود سباكين جيدين في المنطقة. كل واحد يريد ان يكون صاحب العمل، او المدير، او المشرف على العمل. الجميع يرغب بالدراسة الجامعية. وقلة هم من يريدون القيام بوظائف اكثر عملية.

 

عبدالله (22 عاما) هو واحد منهم، درس التصميم الداخلي في معهد المجتمع صنعاء وهو بديل عملي للجامعة، ويقع في احدى ضواحي المدينة المتربة. " لم يكن الامر سهلا. عائلتي لم تقدم لي الدعم اللازم ، لانهم غير مقتنعين انني سأكسب عيشي من التصميم الداخلي. لديهم قناعة ان الناس يمكنها ان تقوم بالتصاميم الداخلية بنفسها".

إن التعامل باستخفاف مع كل ما هو اقل من الشهادة الجامعية، منتشر على نطاق واسع في اليمن. ووفقا لمنظمة الاحصاءات العامة لعام 2009 (لا يتوفر احصاء حديث) كان هناك 200 الف طالب مسجل في الجامعات الحكومية و60 الف طالب في الجامعات الخاصة. ولم يتجاوز عدد الطلاب في برامج التدريب المهني والتقني 6500.

 

 

 

جامعات فائضة عن الحاجة

يقول كايس فان مارسفين مدير المشروع الدولي في مشروع التعليم المهني العالي " تعتقد الناس ان التعليم الجيد يعني الكثير من النظريات والاختبارات والامتحانات. هذا الامر يبدأ من المدرسة الابتدائية ويستمر حتى المرحلة الثانوية وما بعدها. لذلك ليس من المستغرب ان يُعتبر التعليم المهني اقل شأنا".

 

يواجه عبدالله المشكلة نفسها "ترى عائلتي ابناء العائلات الاخرى يذهبون الى الجامعة وتعتقد ان هذا افضل ما يمكن القيام به. لكنني اريد ان ادرس شيئا احبه". هذا هو السبب وراء إختياره الدراسة في المعهد التقني والمهني، رغم ما يعتقده اهله، بالإضافة الى اسباب اقتصادية اخرى.

 

فان مارسفين يقول "من اجل التنمية الاقتصادية لا يحتاج المجتمع الى اكثر من 6 % من الاكاديميين، ويتم اختيار الاشخاص الاكثر تميزا. البقية تحتاجها في التعليم المهني". لكن ما يحصل في اليمن هو العكس من ذلك. هذا هو السبب وراء ازدحام سوق العمل بالاكاديميين العاطلين عن العمل، وفي الوقت نفسه، يفتقر السوق الى المهارات التقنية المهنية.

 

عزيز (20 عاما) يدرك هذا الشيء. ولذلك يدرس هندسة الكومبيوتر "لدينا حظ في سوق العمل" وفي الوقت عينه هو يحب العمل الذي يقوم به "انظر، انا اتعلم بالممارسة التطبيقية، في الجامعة تبدأ التعلم بعد التخرج من الجامعة. اما هنا نحن نتعلم اشياء اخرى مفيدة، مثل اللغة الانكليزية. لكن عزيز قلق ايضا "ليس لدينا مواد جيدة او مدرسين وعدد الاستاذة غير كاف".

 

 

 

تغيير الميول

الاستخفاف- او عدم الاهتمام- بالعمل المهني لا يشكل مشكلة على صعيد العائلة فقط. إذ لسنوات طويلة ركزت الحكومة على بناء الجامعات، الواحدة تلو الاخرى، وخلقت جيشا هائلا من الاكاديميين العاطلين عن العمل.

 

يغضب عزيز من ما يراه في بلاده "يجب علينا ان نقوم بالأعمال بأنفسنا، ولا نترك الهنود او الماليزيين يقومون بذلك". العديد من الوظائف في المستشفيات والفنادق وتدبير المنازل يقوم بها العمال الاجانب، اليمنيون لا يستطيعون القيام بها او لا يرغبون بذلك. يقول فان مارسفين "تدرك ان بلدا لديه مشاكل عندما ترى العمال الاجانب في المستشفيات والفنادق".

 

لا يستورد اليمن العمال فقط، بل ايضا معظم السلع الاستهلاكية. البلاد بالكاد تنتج شيئا ما "نأمل ان يأتي اليوم الذي لا نعود فيه مضطرين على استيراد كل شيء من الصين، وان نقوم بذلك بانفسنا" تقول فتيات تدرسن تصميم الازياء.

 

هذا الصباح يقمن بتصميم الباتيك والتطريز والرسم. والتدرب على كيفية خياطة سحاب على تنورة. بكل فخر يعرضن ثيابا للأطفال من تصميمهن. " ليست للبيع" تقول الفتيات ضاحكات "لكن يمكنك العودة وسوف نخيط لك ثيابا جديدة".

 

تسعى وزارة التعليم الفني والتقني وبمساعدة المنظمات الدولية الى تغيير ميول الناس، لكن المشاكل المالية بالإضافة الى مشاكل ملحة اخرى في البلاد تجعل هذه المهمة صعبة. ناهيك عن حقيقة ان كل واحد يريد ان يصبح مديرا.