تلعب الثقافة دوراً رئيساً في المجتمع، لما لها من أهمية كبيرة، والتي تكمن أهميتها في بناء شخصيات أفراد المجتمع وتنمية وتقوية قدراتهم الشخصية من خلال تحفيز الخيال والإبداع.
وتتميز محافظة حضرموت بتاريخ ثقافي عريق ومتنوع ممتد عبر العصور منذ ظهور مملكة حضرموت القديمة التي ازدهرت قبل الإسلام إلى وقتنا الراهن الذي أغنى التراث المحلي، مما أثرى تراثها الثقافي والفني لتكون رمزاً للتنوع والتجدد.
موقع "عدن الغد" كان له هذا الحوار مع المدير العام لمكتب وزارة الثقافة بساحل حضرموت الأستاذة عبير محمد الحضرمي، نتابع ذلك الحوار الشيق من خلال ثنايا الأسطر الآتية:
حاورها / عبدالعزيز بامحسون
- ماهي أبرز أنشطتكم الثقافية التي نفذتموها خلال العام الماضي؟
هناك عدد من الأنشطة الثقافية التي نفذت في العام الماضي 2024م، والتي كانت من ضمنها ندوات ثقافية عن أهمية الفنون، وندوات حول الثقافة والفلسفة والأدب، إضافة إلى تنفيذ المهرجان السنوي في المحافظة "مهرجان البلدة السياحي"، الذي شمل عدداً من الرقصات الثقافية والتراثية والفلكلور الشعبي والحِرف، إضافة إلى إصدارات أدبية وروايات منها ديوان "سعادة الروح/ الجسد" للدكتور أبوبكر محسن الحامد، ورواية "عودة المتوَّهين" للأستاذ الأديب صالح سعيد باعامر، وحالياً نقوم بطباعة مجموعة قصصية.
- من الملاحظ أن دور المكتب هو تنفيذ أنشطة وفعاليات موسمية فقط، هل سيستمر الوضع على ما هو عليه؟
أنشطتنا وفعالياتنا ليست صحيحة موسمية كما تقول ــ أخي الكريم ــ بل نعمل على مدار العام، ربما تكون المشكلة في تمويل بعض الأنشطة، ونتواجد طوال العام بأنشطة متنوعة، وكما رأيتم أن المكتب لعب دوراً كبيراً في تنظيم وإقامة مهرجان البلدة السياحي في العام الفائت.
- برأيك لماذا غابت المحافظة عن تنظيم معارض للكتاب منذ عدة سنوات؟
كما تعلمون وبشكل عام أن غياب تنظيم معارض للكتاب في عموم الوطن بسبب ما تتوالى عليه الصراعات منذ عدة سنوات وأيضاً تدهور العملة الوطنية والأوضاع الاقتصادية، صحيح أن الأمن مستقر في حضرموت، ولكن الأمن العام في بلادنا قد يؤثر على المشاركات من خارج حضرموت في إقامة معارض للكتاب، وأيضاً الحالة الاقتصادية لا تسمح للناس بشراء الكتب، ولكن بشكل عام تنظم أجنحة في بعض الفعاليات داخل المحافظة لعرض الكتاب للبيع.
لذا نأمل أن يتحسن الوضع ويتم تنظيم وإقامة معارض للكتاب داخل المحافظة.
- أين يكمن دوركم في إعادة وتأهيل المراكز الثقافية والمسارح التي طالتها أيادي العبث والنهب في محافظة حضرموت؟
حسب ما تعلمون أن مكتب الوزارة بالمحافظة ليس بالمكتب الإيرادي، فليس باستطاعتنا ذاتياً تمويل إعادة وتأهيل عدد من المواقع الثقافية، ولكن دورنا يكمن في مخاطبة الوزارة والسلطة المحلية بالمحافظة لتأهيل وإصلاح تلك المراكز الثقافية التي خُربت، وأيضاً رفع الوعي بأهمية إعادة دور هذه المسارح والمراكز الثقافية لإعادة الحركة الفنية والأدبية في المحافظة.
- يعيش المسرح في حضرموت إلى حالة من الركود، ماهي الأسباب الحقيقية وراء هذا الركود، وما هو دوركم؟
كما أسلفت ذكره أننا نمر في أزمة اقتصادية وبلد يعاني حروب وصراعات وهذا من المؤكد أن البلد غير المستقر دائماً ما يسقط فيه الثقافة والفنون وهذا شيء طبيعي، وهذا ما نأسف عليه بما يحدث حالياً في بلد الثقافة والتاريخ.
ولهذا نأمل أن يعود المسرح في حضرموت إلى وهجه كما كان في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
- توجد في المحافظة العديد من المنتديات الثقافية، إلى أي مدى ترين أنه يمكن أن يخدم النشاط الثقافي في حضرموت؟
بالنسبة لتواجد العديد من المنتديات الثقافية في حضرموت التابعة لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الثقافة والفنون هي معززة بشكل كبير لدور الجهات الحكومية المختصة في المجال نفسه في تعزيز المشهد الثقافي في حضرموت من خلال تنوعها وأفكارها ومجالاتها المتعددة وتحقيق أهدافها والقنوات للوصول إلى الهدف نفسه، فتعدد المنتديات يعزز من إعادة دور آلية الثقافة والفنون، فالدور الذين يقومون به ليس بالسهل ولا بالهين، فهذا يشكر عليه، وهناك تعاون بين المكتب وتلك المنتديات الثقافية، ونقوم بدعم بعض أعمالهم.
- يعاني الكثير من مثقفي وفناني حضرموت من التجاهل وخصوصاً منهم المرضى الذين يرغبون في العلاج خارج الجمهورية، أين دوركم الإنساني تجاه هؤلاء أستاذة عبير؟
كلمة "تجاهل" هي حقيقة "مجحفة" في حقنا نحن لا نتجاهل أحد، ولكننا قدمنا لعدد من رموز المحافظة في مجال الثقافة والفن بما نستطيع، ولكن كمكتب لا يمكن أن نقدم لعدد كبير منهم لتمويل سفر العلاج إلى الخارج بسبب عدم توفر الإمكانات المادية المخصصة، ولكن بقدر الإمكان عندما يتوجه إلينا أحد الفنانين نقوم بأخذ أوراقه ومتابعة بعض الجهات الرسمية المعنية ومحاولة معالجة الأمر ، ولكن كلمة "تجاهل" تعني أننا لدينا المبالغ اللازمة والمرصودة ولا نقوم بصرفها لمستحقيها، ولكن أتفهم إن كان البعض يحاول استخدامها للتعبير عن الوضع الحاصل اليوم، ونحن لا نريد أن يرمى أحد لنا بأي اتهامات.
- يوجد في المحافظة شباب مبدعين وموهوبين في الفن التشكيلي والغنائي والرسم والخط، كيف يمكن أستاذة عبير الأخذ بأيديهم لتطوير ذواتهم الفنية والثقافية؟
بالنسبة للشباب المبدعين من الجنسين في هذه المجالات نحاول بقدر الإمكان أن نساعدهم على تطوير أعمالهم ونشرها والترويج لها خصوصاً خلال الندوات والفعاليات والأنشطة، وأيضاً الوقوف إلى صفهم في هذا الشأن لكي يقوموا بتطوير ذواتهم الذاتية.
- كيف يضطلع المكتب على النشاط الثقافي النسوي؟
حقيقة نحن في مكتب الوزارة بالمحافظة نهتم بكلا الجنسين، فالكل لدينا سواسية سواء بدعمهم أو الاهتمام بهم، ولا هناك تفضيل ذكر على أنثى ولا فئة على أخرى، والعكس صحيح، فالكل يستحق منا الاهتمام والرعاية.
- كيف تقيمون المشهد الثقافي في مناطق ومدن ساحل حضرموت؟
لا شك أن حضرموت هي محافظة غنية بالموروث الشعبي والثقافي والأدبي، وأنني أرى أنها في تعافي كبير إذا قورنت بمحافظات أخرى، وذلك بفضل تعاون السلطة المحلية بالمحافظة على إنجاح الكثير من الفعاليات الثقافية التي تقام في حضرموت، وبتعاون وشراكات محلية مع بعض المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، فالمجتمع في حضرموت متقبل للثقافة والفنون، فنحن شعب دائماً وأبداً محب للفنون.
- ما حجم التعاون بين المكتب والمؤسسات والمراكز الثقافية في المحافظة؟
كما ذكرت لكم سلفاً، أن هناك تعاون كبير ووثيق بيننا وبين المؤسسات والمراكز الثقافية من خلال الشراكات والاتفاقيات في إقامة العديد من الأنشطة الثقافية والفنية ودعمها.
- ما هي خطة المكتب للعام الحالي 2025م؟
بالنسبة لخطة المكتب للعام الحالي 2025م، نحن نتجه لطباعة الكتاب الورقي بأكبر قدر ممكن وخصوصاً كتب الأطفال، والاهتمام بالشباب المبدعين.
- ما هي الرسالة التي تحبي توجيهها في حضرموت من أجل إحياء وتراث الآباء والأجداد؟
الرسالة الذي أود توجيهها في حضرموت قد تكون على قسمين؛ أولاً بالنسبة لنا كحضارم أن نهتم على الحفاظ بموروثنا وعدم عمل أي مسببات دخيلة، أو أي أفعال قد تؤدي إلى مسح الموروث واندثاره كالحفاظ على العادات والتقاليد القديمة في الأعراس، والملبس، والتراث الشعبي.
أما القسم الثاني أود أن أوجه كلمة للباحثين والمختصين والعاملين بشكل عام في مجال الثقافة أن يرفعوا الوعي أكثر بإبراز الموروث الثقافي والحفاظ عليه والاهتمام به.
- ما هي التحديات التي واجهتيها خلال توليك إدارة الثقافة بالمحافظة؟
بالنسبة للتحديات التي قد أكون واجهتها وهي من أبرزها المشاكل التي تمر بها المنطقة حالياً، فالشخص اليوم كل همه وجُلَّ تفكيره كيف يؤمن لقمة عيش كريمة له ولأسرته، وهذا ما يجعله لا يهتم أكثر بالثقافة والفنون، ويراها مجرد رفاهية وليس وقتها الآن، ولكن نحن نراها بالعكس فالثقافة والفنون يفترض أن تكون متواجدة في كل وقت وحين، والمحافظة على موروثنا، فبغياب الثقافة والفنون تغيب الكثير من الإرث التي تتميز به حضرموت، وأيضاً هناك غياب الوعي الثقافي.
- كلمة أخيرة تودين قولها في ختام هذا اللقاء؟
في الأخير لا يسعنا إلا أن نشكر قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة في محافظ محافظة حضرموت الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي ومعالي وزير الإعلام والثقافة والسياحة الأستاذ معمر الأرياني على ما يقدمونه من دعم لإعادة إحياء الحركة الفنية والثقافية في حضرموت، كما أشكركم أنتم في موقع "عدن الغد" على اهتمامكم بإبراز الجوانب الثقافية.