يواجه المجلس الانتقالي الجنوبي تحديات كبيرة في إدارة العلاقة مع الشارع والمكونات السياسية المختلفة، بسبب تعثر أدواته السياسية وضعف قنوات التواصل الفعّال، لجان الحوار، التي أُطلقت في وقت سابق لإحداث تقارب داخلي وتوحيد الصفوف، توقفت دون نتائج ملموسة، اقتصارها على لقاءات مع أنصار المجلس دون إشراك الأطراف الأخرى أفقدها قيمتها السياسية وحوّلها إلى نشاط داخلي يُكرّس الانغلاق بدلًا من بناء جسور الثقة .
بالتوازي، تحوّلت لجان التواصل والتوعية السياسية إلى مظاهر شكلية تقتصر على لقاءات جماهيرية لا تتجاوز إطار الخطابة من المنصات، مما يطرح تساؤلات حول جدوى هذا النهج الأحادي، إن التواصل السياسي الحقيقي يتطلب الاستماع المباشر لقضايا الناس والتفاعل معها، وليس الاكتفاء باستعراضات خطابية تزيد الفجوة بين القيادة والمواطنين .
الشارع الجنوبي اليوم أكثر وعيًا، ولن تُقنعه الشعارات أو الكلمات المرتفعة من المنصات، هو بحاجة إلى رؤية واضحة وحلول واقعية تخفف من وطأة الأزمات المعيشية والاقتصادية التي يواجهها، استمرار الجمود الحالي يُهدد بفقدان الثقة الشعبية ويفتح المجال لقوى أخرى لاستقطاب الحاضنة الجنوبية .
إصلاح أدوات الحوار والتواصل لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحّة لإعادة بناء جسور الثقة مع الشارع، على المجلس أن يتبنى نهجًا جديدًا يستوعب الجميع دون استثناء، ويستمع بصدق لصوت المواطن، فالتباطؤ في إدراك هذا الواقع قد يُكلفه الكثير، خاصة في ظل المتغيرات المتسارعة التي لا تحتمل مزيدًا من التأجيل .
هل يدرك المجلس الانتقالي هذه الحقائق؟ وهل يملك الإرادة السياسية للقيام بخطوات جادة تُعيد الأمل للشارع؟ الإجابة تتطلب أفعالًا ملموسة تعكس الشفافية والجدية في وضع المواطن في صدارة الاهتمام .