آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-11:17ص

هل بات المجلس الانتقالي عائقًا أمام القضية الجنوبية؟ خطوات حاسمة أم مصير مجهول؟

الثلاثاء - 14 يناير 2025 - الساعة 09:15 ص
ماهر باوزير

بقلم: ماهر باوزير
- ارشيف الكاتب


القضية الجنوبية تمر بمرحلة دقيقة تتطلب من الجميع مراجعة جادة للمسار السياسي وتحديد الأولويات بعيدًا عن المماطلة والشعارات الفارغة، التحديات التي تواجه شعب الجنوب اليوم لم تعد مقتصرة على الخصوم الخارجيين، بل أصبحت كامنة في الأزمات الداخلية التي تهدد بتقويض مسار القضية، القيادة الجنوبية مطالبة اليوم بالخروج من دائرة التردد والانفراد بالقرار، والاتجاه نحو بناء شراكة وطنية حقيقية تستوعب كل الشرائح المجتمعية دون إقصاء .

شعب الجنوب، الذي طالما رفض ثقافة الاستحواذ والانفراد، بحاجة إلى قيادة تدرك قيمة التنوع وتحوله إلى مصدر قوة، المجلس الانتقالي مطالب اليوم بتمكين هيئاته المختلفة ومنحها الصلاحيات الكاملة لتجاوز حالة المركزية المفرطة التي أضعفت الأداء وأبقت العديد من مؤسساته مجرد هياكل شكلية، الأداء السياسي يجب أن يتجاوز عقلية الولاءات والمحسوبية التي تقوض فرص التغيير الحقيقي، وأن يعتمد على الكفاءة كمعيار أساسي لاختيار القيادات وتوزيع المسؤوليات .

الفساد المستشري في المؤسسات يمثل معضلة كبرى تعيق أي تقدم ملموس، الاعتراف بوجود هذه الظاهرة واتخاذ خطوات جريئة لمكافحتها بات ضرورة لا تحتمل التأجيل، المراقبة الفعالة وتعزيز أدوات الشفافية والرقابة ستعيد الثقة بين القيادة والشعب، وهي خطوة أساسية نحو استعادة الزخم الشعبي للقضية .

على الصعيد الإقليمي والدولي، يجب أن تكون رؤية الجنوب السياسية واضحة، قائمة على المصالح المشتركة والشراكة الاستراتيجية مع الأطراف الدولية والإقليمية، العلاقة مع التحالف العربي، خصوصًا مع المملكة العربية السعودية، بحاجة إلى إعادة صياغة تضمن تحقيق المصالح المتبادلة، الجنوب يمكن أن يكون عامل استقرار وشريكًا فعالًا إذا نجح في تقديم نفسه كقوة سياسية مسؤولة وملتزمة بتحقيق الأمن الإقليمي .

المجلس الانتقالي اليوم يواجه خطر التحول من كونه حاملًا للقضية الجنوبية إلى عائق يهددها، احتكار التمثيل في ظل الجمود الحالي يزيد من تعميق الأزمة ويضع القيادة أمام مسؤولية تاريخية، الجنوب بحاجة إلى قيادة بحجم تضحيات شعبه، قيادة قادرة على اتخاذ قرارات جريئة تتجاوز الحسابات الضيقة وتضع القضية فوق كل الاعتبارات .

شعب الجنوب الذي ضحى بالغالي والنفيس لتحقيق طموحاته الوطنية لا يمكن أن ينتظر إلى ما لا نهاية، الإصلاحات الحقيقية والجذرية ليست خيارًا، بل هي السبيل الوحيد لإنقاذ القضية وتحقيق تطلعات الشعب في الحرية والكرامة والاستقرار، التاريخ لا يرحم، ومن لا يتحرك الآن قد يجد نفسه خارج مسار الأحداث، بينما يمضي الشعب نحو تحقيق حلمه في بناء دولة جنوبية حرة ومستقلة .