آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-10:54ص

بين تصريحات عيدروس الزبيدي وتوجهات ترامب.. قراءة في التوقيت والمغزى السياسي

الأربعاء - 22 يناير 2025 - الساعة 11:49 ص
ماهر باوزير

بقلم: ماهر باوزير
- ارشيف الكاتب


تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي التي دعا فيها الغرب إلى استهداف قيادة الحوثيين المدعومة من طهران جاءت في توقيت حساس، بالتزامن مع تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، هذا التزامن يثير تساؤلات حول أبعاد هذا التصريح ومدى ارتباطه بالسياق السياسي المحلي والدولي، خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة لم تكن قد وضعت بعد أولوياتها تجاه الملفات الدولية المعقدة، ومنها الصراع في اليمن .

التوقيت الذي اختاره الزبيدي للتصريح يعكس رغبة واضحة في استغلال اللحظة وطرح المجلس الانتقالي كلاعب رئيسي يمكنه أن يكون جزءًا من الحلف الدولي ضد الحوثيين وإيران، ومع ذلك، فإن هذا التسرع يفتقر إلى قراءة دقيقة لتحولات السياسة الأمريكية التي تحتاج وقتًا لتتبلور، خاصة مع إدارة جديدة منشغلة بإعادة ترتيب أولوياتها داخليًا وخارجيًا .

يمكن النظر إلى تصريح الزبيدي على أنه يحمل رسالة مزدوجة، الرسالة الأولى موجهة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن المجلس الانتقالي الجنوبي مستعد للعب دور محوري في أي جهود إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض النفوذ الإيراني في اليمن، أما الرسالة الثانية، فهي داخلية، تهدف إلى تعزيز صورة المجلس كصاحب قضية وطنية وممثل للجنوبيين أمام العالم، في وقت يواجه فيه الانتقالي تحديات سياسية وميدانية في الجنوب، فضلاً عن المنافسة مع أطراف جنوبية أخرى .

الموقف بدا أيضًا وكأنه محاولة للرهان على توجهات ترامب المعلنة خلال حملته الانتخابية، حيث تبنى مواقف متشددة تجاه إيران، وهو ما دفع الزبيدي ربما إلى تصور أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستتحرك بشكل سريع وقوي ضد الحوثيين بوصفهم حليفًا إيرانيًا، ومع ذلك، فإن هذا الرهان المبكر قد يتسم بالمخاطرة، خاصة أن سياسة ترامب تجاه اليمن لم تكن قد تحددت بعد، كما أن الملف اليمني قد لا يكون على رأس أولويات الإدارة الجديدة في ظل انشغالها بقضايا داخلية وترتيب علاقاتها مع الحلفاء التقليديين في الشرق الأوسط .

إضافة إلى ذلك، فإن الغرب، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، قد ينظر إلى مثل هذه التصريحات المبكرة بحذر، كونها تبدو محاولة لاستباق الأحداث أو استغلال التحولات السياسية لتحقيق مكاسب محلية، هذه الخطوة قد تفسر على أنها مؤشر على استعجال سياسي يفتقر إلى نضج دبلوماسي، وهو ما قد يؤثر على مصداقية المجلس الانتقالي أمام الأطراف الدولية .

في ضوء ذلك، كان من الأفضل للمجلس الانتقالي أن يتبنى خطابًا أكثر دبلوماسية، يركز على الاستعداد للتعاون مع الإدارة الجديدة في إطار رؤية شاملة تتناسب مع التحولات الدولية، بدلًا من توجيه رسائل تحمل طابع التصعيد أو الاستعجال، التريث كان سيمنح المجلس فرصة لتقديم نفسه كشريك مسؤول في أي عملية سياسية أو عسكرية قد تتبناها واشنطن تجاه الملف اليمني .

تصريح الزبيدي في هذا التوقيت يكشف عن استراتيجيات متعددة الأبعاد، لكنه يعكس أيضًا ضعفًا في قراءة المشهد الدولي الذي يتطلب حساسية أكبر تجاه التوقيت واللغة المستخدمة، الخطاب السياسي الذي يعتمد على التريث وبناء التحالفات تدريجيًا غالبًا ما يكون أكثر فعالية من الرسائل الحادة التي قد تفقد تأثيرها بسبب التوقيت أو السياق غير المناسب .

ختامًا، يمكن القول إن تصريحات الزبيدي حملت دلالات سياسية واستراتيجية مهمة، لكنها جاءت في وقت مبكر للغاية، ما يجعلها أقرب إلى مخاطرة سياسية قد لا تحقق النتائج المرجوة ، مثل هذه التصريحات تحتاج إلى دراسة أعمق للسياق الدولي والإقليمي، مع مراعاة أن التوقيت والخطاب الدبلوماسي هما عاملان حاسمان في بناء علاقات قوية ومستدامة مع القوى الدولية الفاعلة .