آخر تحديث :الثلاثاء-11 فبراير 2025-02:29ص

باب الظلم مفتوح وباب الحق مغلق

الإثنين - 10 فبراير 2025 - الساعة 08:17 ص
مقبل محمد القميشي

بقلم: مقبل محمد القميشي
- ارشيف الكاتب



بدون مقدمات، سنتكلم اليوم عن الصحافة والصحفيين، وخاصة في وقتنا الحاضر، ولا بد من قول الحقيقة في هذا الجانب.


تدهورت كلمة الحق عند الصحافة والصحفيين وأصحاب الكلمة الحرة، والسبب هو عدم إعطاء الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأي الحر مساحة واسعة للتعبير بحرية عن آرائهم، ولما يحملونه من هموم تجاه شعبهم في عموم محافظات الجمهورية. لقد تم تضييق الحركة والكلمة الصادقة على الكتّاب والصحفيين، وعدم قبول الرأي والرأي الآخر من قبل السلطات المتعددة في الشمال والجنوب أيضًا.


إذا حدث النقد عن طريق كاتب، فإنه لا يُقبل بصدر رحب لدى السلطات في البلاد دون استثناء، رغم وجود مساحة واسعة وشاسعة للفساد والمفسدين في جميع أنحاء الجمهورية، دون حساب أو عقاب لهم.


هؤلاء الفاسدون يمكن أن يتعرضوا للنقد من قبل الكتّاب والصحفيين، لكنهم لن يستطيعوا (أي الكتاب) قول ما يحدث من سلبيات في أغلب الأحيان بسبب الخوف على حياتهم، لأن هؤلاء الفاسدين يشغلون مناصب في السلطة، ولا يهمهم رمي أي إنسان في السجن إن انتقدهم في عملهم السيئ، فما بالك إن كان هذا الإنسان كاتبًا صحفيًا.


في كل مناطق اليمن، يجري العبث بكل ما هو جميل على طول البلاد وعرضها، ويتم التلاعب بقوت وحياة الناس، والسبب هو خلل الهيمنة السلطوية المتواجدة في مختلف مناحي الحياة، حتى صارت حياة الناس جحيمًا في جحيم، ولا رادع لكل ذلك. حتى الصحفيون وأصحاب الرأي الحر لم يجرؤوا على قول الحقيقة في أغلب الأحيان، لأن العادة قد جرت على متابعتهم والزج بهم في السجون، وذلك في حال تجرأ أحدهم وقال الحقيقة ضد الفسدة والمفسدين، حتى عن طريق النقد، فلا يستطيع أحد أن يوجه النقد إلى مسؤول في السلطة، وهذا التعسف فعلاً قد حصل في كثير من الأوقات ضد الصحفيين والكتاب.


الكل يعلم أن الصحافة في دول العالم تعتبر السلطة الرابعة، ويؤخذ بما تدونه بمحمل الجد، وهي من تصحح الاعوجاج والأخطاء إن حصلت في سلطة الدولة عن طريق النقد المباشر لأي مرفق أو مؤسسة أو حتى من أعلى هرم السلطة، ويكون للرأي الآخر قبول عند السلطة مهما كان هذا الرأي. وفي بعض الأحيان، تُمنح الصحفيين حوافز وهدايا من قبل كثير من الدول عند تقديمهم النقد في تصحيح شيء ما قد حدث من الخطأ، وهذا متبع ومعروف وواقع لدى الجميع في أغلب دول العالم تقريبًا، بعكس ما هو حاصل في بلادنا من قمع للكتّاب والصحفيين وكل أصحاب الرأي الحر بكل الوسائل، وتكميم للأفواه، وتجهيز للملفات المملوءة بالاتهامات المسبقة والمزيفة.


ومن هنا، إن كنا نريد حرية الصحافة وحرية قبول النقد واحترام الرأي والرأي الآخر، علينا أولًا أن نعلم بأن ذلك لن يحصل دون قيام سلطة ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب، وعلى أن تكون تلك القيادات كوادر مثقفة تفهم معنى النقد الموجه لها في المستقبل، وتفهم كيف تستوعب معنى الرأي والرأي الآخر، ويتم التصحيح في كل المجالات والمؤسسات التي تشوبها الأخطاء.


لكن ذلك لا يعني أننا ككتّاب وصحفيين نقف مكتوفي الأيدي وننتظر حتى تأتي الديمقراطية، فلربما الديمقراطية لن تأتي في بلادنا، بل ميؤوس منها على الأقل في الوقت الحالي، وفي ظل تلك الأوضاع التي تستغل من قبل سلطات هشة ومتعددة الأسماء والاتجاهات، وعديمة التصرف، ولا يهمها سوى مصالحها الخاصة.


ومن هذا المنطلق، لا بد من التحرك مهما كانت صعوبة الموقف ضد الإعلاميين، ولا بد من العمل كلٌّ بما يستطيع ضد هذا التدهور والتهور غير المسؤول، حتى نعرف كيف يدون التاريخ عمل كل إنسان لصالح مجتمعه ووطنه وشعبه.


الصحافة والصحفيون والكتّاب في المناطق المحررة بحاجة إلى مكون يتناسب مع مهنتهم، ويرفع معنوياتهم، ويدافع عنهم في كل الأوقات، وتكون بينهم وبين السلطة اتفاقية في كل محافظة، على أن تسمح للصحفيين والكتاب بمزاولة مهنتهم الصادقة والصريحة والجريئة ضد أي اعوجاج في سلطة البلاد من قبل أي كان، بحرية مطلقة، وكل ما يمس حياة الناس ومعيشتهم وحريتهم.


المطالبة بعدم وجود حواجز تجاه الصحفيين وأصحاب الرأي الحر في قول الحقيقة، من أجل تصحيح الأخطاء المرتكبة من قبل المسؤولين في السلطة.


الصحافة والصحفيون فرض واقع بموجب ما تفرضه عليهم مهنتهم الشاقة وعملهم الدؤوب، على أن يكون لهم موقع وصحيفة باسمهم، تحمل آرائهم وانتقاداتهم الهادفة، ويكون لها مراسلون في كل المحافظات. يكفي من تكميم الأفواه، ويجب على السلطات معرفة ذلك، والاطلاع على كل ما يصدر في تلك الصحيفة، والعمل به أيضًا، لكونها تمثل السلطة الرابعة في الدولة والوطن.


لا مجال للكتّاب والصحفيين الذين يحملون الطبل والتطبيل والتلميع للمسؤولين الفاسدين، هؤلاء يجب معرفتهم، وبالتالي نبذهم وعدم التعامل معهم، وعدم قبول كتاباتهم في صحيفة الإعلاميين هذه، حتى يعودوا إلى الصواب.


إما أن يكون الإعلاميون وكلمتهم هي الفاصل في إصلاح ما أفسده الدهر عن طريق وضع النقاط على الحروف في كل صغيرة وكبيرة في تصحيح الأخطاء التي ارتُكبت من قبل الحكام، وإلا فلا داعي لأن يحمل الإعلامي صفة صحفي أو كاتب، فهذه المهنة معروفة بأنها مهنة شاقة ومغامرة، ولا تختلف عن الفدائي في وسط المعركة، فلا بد من إعطائها حقها عن طريق كلمة الحق دون خوف.


لا بد من اختيار لجنة تنسيق وتواصل للمحافظات المحررة من الصحفيين والكتّاب، مهمتها التفاهم مع السلطات في تذليل العقبات تجاه الإعلاميين، وأيضًا الدفاع عن من يتعرض للأذى من هذه الشريحة من قبل السلطات، لا سمح الله، أو أي كان.


من الأفضل عقد اجتماع دوري كل ستة أشهر للإعلاميين في المحافظات المحررة، لمناقشة أمور كل محافظة على حدة، وما يحدث خلال الفترة الماضية والحالية، وما بين فترات الاجتماعات أيضًا، وذلك من أجل بحث سلبيات وإيجابيات سير المراحل، على أن يكون هذا الاجتماع الدوري في محافظة تلو الأخرى.


العمل الملموس هو أن نوقف كل فاسد عند حده، ولن يحصل ذلك إلا بتكاتفنا ككتّاب وصحفيين وكل أصحاب الرأي الحر على كلمة سواء، وهي: “الحق يعلو ولا يُعلى عليه”.


يجب أن تعرف السلطات في كل المناطق أن الصحفي هو من ينقذها من الغرق عن طريق النقد والنصح، إن تم قبوله وتصحيحه في بداية الأمر من قبل السلطات.


وأخيرًا، عن طريق تكاتفنا، نستطيع أن نوحد كلمتنا نحو الهدف المنشود، وهو قول الحقيقة ولا غيرها. وبالتواصل فيما بيننا، نعرف حقيقة ما يدور حولنا، وبالوقوف ضد الأخطاء، نستطيع أن نطور مهنتنا وندافع عنها، ولابد من اجتياز الحواجز تجاه رسالتنا، التي هي حق من حقوقنا وحقوق الوطن والمواطن.


مقبل القميشي

9/2/2025