بعد تهاوي نظام الأسد الجاثم على أنفاسها ما يزيد عن خمسين عام تعاقب عليها الأب ثم خلفه الأبن ليسير على نفس خطى أبيه تنتصر المقاومة السورية ليلوح في الأفق ملامح مستقبل سوريا الذي ستسلكه القيادة الجديدة خلال الفترة الانتقالية ويتحدد دور الجوار في رسم تلك الملامح مع انفاس المجتمع الدولي الذي يرقب بحذر انطلاق سوري نحو المستقبل والقفز على طوق المصاعب وتركة النظام السابق و دور بقايا النظام السابق مع تخوف الأقليات من تصاعد دور السنة في قيادة السياسة الداخلية والخارجية للبلاد ومدى تاثير هيمنة النظام الجديد على مصالحهم .
لاشك أن خطاب الرئيس الانتقالي لسوريا قد بعث رسائل تطمين للجوار بالتزام سياسة الحياد وعدم التدخل في سياسات الدول الجارة وعلى رأسها تركيا والأردن ولبنان والعراق التزم من خلالها بعدم تحول سوريا إلى بؤرة للمرتزقة ولن تكون ممر لمروق الفوضى والعبث للجوار عبر الأراضي السورية.
ما زال الأفق تخيم عليها الكثير من المغيبات المادية والمعنوية التي تحجب الرؤية بوضوح وتحدد ملامح سوريا الجديدة بعد الأسدين.
سوريا التي تضم طوائف مجتمعية متباينة دينيا وعرقيا وإقليميا مابين عرب وكرد وتركمان وسنة وشيعة وعلويين ونصيرية و نصارى ويهود بكل طوائفهم الدينية .
هذا التحول جعل كثير من الأقليات تتحفز بنظرها للنظام الذي وصل دون تمهيد ليعلو هرم السلطة في سوريا؛ ما جعل تلك الأقليات من غير السنة تستبق المواقف لتضع لنفسها خطوط حمراء حتى لا تمس حقوقها في المواطنة رغم وضوح خطاب القيادة السورية فيما يخص بالمواطنة وحقوق الطوائف من الأقليات التي اجتمعت تحت راية الامم المتحدة في التكوين المسمى قسد.
ولا يخفى تسابق دول الجوار والأقليم في تحديد هوية العلاقة مع النظام الذي شب في سوريا دون سبق إنذار والذي كان ملبيا لطموح السياسة الخارجية التركية مع تخوف مصر والسعودية والإمارات العربية من هوية النظام الناشئ .
من المعلوم أن القيادة السورية الجديدة تحاول لملمة الأوضاع في شتى المجالات على مستوى الداخل السوري والخارج فسنوات الحرب قد دمرت البنى التحتية وخلفت خسائر يحاول النظام وضع الخطط لحل تلك المعضلات والخروج من نفق الإنهزام والاستسلام لمعوقات الماضي الذي مازالت جراحه نازفة ودامية.
فكان خطاب القيادة موجه للداخل حمل في طياته الوعود بمواطنة متوازية لكل الطوائف السكانية دون النظر إلى الهوية والديانة والطائفة طالما هناك أحترام للحقوق والتزام بالواجبات مع التصدي لكل عمل من شأنه المساس بوحدة الأرض السورية من قبل ما تبقى من أذناب النظام السابق مع دعوة كل السوريين لاعادة الاعمار وتثبيت النظام والأمن وتدوير عجلة الحياة نحو مستقبل أمن لكل السوريين.
وكان خطاب محدد كل ملامح السياسة الخارجية ومطمئن للجوار والأقليم باحترام السيادة الدولية والإقليمية والتزام المبادئ والمواثيق للمنظمات والهيئات الاقليمية والدولية.
فهل يستطيع النظام السوري الجديد من ترضية الداخل وكسب ود الخارج والسير نحو سوريا جديدة توافقية مع داخلها ومع الاقليم والعالم.
عصام مريسي